LOGIN
اللقاءات
alshirazi.org
"سماحة المرجع الشيرازي دام ظله:"
تحمّل المشاق وتجاوز المشاكل فيهما الموفقيّة والنتيجة المرجوّة
رمز 18578
نسخة للطبع استنساخ الخبر رابط قصير ‏ 24 شوال المكرّم 1438 - 19 يوليو 2017
قام بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، جمع من طالبات العلوم الدينية، من مدرسة ميثم التمّار رضوان الله عليه من مدينة الكوفة، وذلك في بيت سماحته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، في الثاني والعشرين من شهر شوال المكرّم 1438 للهجرة (17/تموز/2017م)، واستمعن إلى إرشاداته القيّمة، حيث قال سماحته:

مدينة الكوفة هي مدينة أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وهكذا وصفت في أحاديث أهل البيت صلوات الله عليهم وفي رواياتهم، بالنسبة لتخيّر المكلّفين والمكلّفات من المسافرين والمسافرات في الصلاة، عند القصر والتمام، في أربع مدن، حيث قالوا صلوات الله عليهم: (مكّة حرم الله، والمدينة حرم رسول الله، والكوفة حرم أمير المؤمنين، وكربلاء حرم الحسين) صلوات الله عليهم أجمعين. فأهل البيت صلوات الله عليهم وصفوا الكوفة بأنها حرم الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

وقال سماحته: لا شكّ، أنّ النجف الأشرف هي مزار أمير المؤمنين صلوات الله عليه، ولكن التسمية بالحرم ذكرتها الروايات بالنسبة للكوفة. ولذا يقول الفقهاء بأن المسافر في النجف الأشرف، إذا لا ينوي إقامة عشرة أيام، يجب عليه القصر في الصلاة، ولا يجوز له الإتمام في الصلاة. ولكن في الكوفة يخيّر بين القصر والتمام.

وشدّد سماحته بقوله: ينبغي وبكل تأكيد أن يكون ما وصفه أهل البيت صلوات الله عليهم بحرم أمير المؤمنين صلوات الله عليه، بمستوى أمير المؤمنين صلوات الله عليه. فأمير المؤمنين صلوات الله عليه الآن ليس بيننا، ولكن يوجد بيننا طريق أمير المؤمنين، وسيرة أمير المؤمنين، وأسلوب أمير المؤمنين صلوات الله عليه. وقد قال الإمام الحسين صلوات الله عليه يوم نهض نهضته العظيمة والمباركة: (أسير بسيرة جدّي رسول الله، وسيرة أبي علي بن أبي طالب) صلوات الله عليهما وآلهما. فالسيرتان واحدة، لا تختلف إحداهما عن الأخرى. فسيرة رسول الله هي هي سيرة أمير المؤمنين، وسيرة أمير المؤمنين هي هي سيرة رسول الله صلوات الله عليهما وآلهما. وحتى في أحاديث ظهور مولانا بقيّة الله عجّل الله تعالى فرجه الشريف وصلوات الله عليه توجد أحاديث صحيحة تقول بأن الإمام الحجّة عجّل الله تعالى فرجه الشريف يسير بسيرة جدّه رسول الله وسيرة جدّه أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما.

وبيّن سماحته: لقد جاءني هنا أحد من المراسلين والصحفيين الغربيين (1)، فقلت له: كان عندنا في التاريخ، رجل اسمه عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه. وهذا الرجل حكم قبل ألف وأربعمائة سنة، حيث كانت الدنيا كلّها ديكتاتورية. وكان هذا الرجل رئيس حكومة في بلد إسلامي، وكانت حكومته أكبر حكومة على وجه الأرض، فقد امتدّت حكومته على الشرق الأوسط كلّه، وقسم من أوروبا وإلى عمق أفريقيا. وفي طول حكومته لم يكن عنده قتيل سياسي واحد، ولا سجين سياسي واحد، ولا منع حتى شخص واحد من الخروج على الدولة. ولن يستخدم السلاح أبداً في الردّ على من هاجمه بسبّ أو بكلمة أو كلام اعتراض وماشابه ذلك. وكان صلوات الله عليه يسمح بالمظاهرات السلمية ضدّه، بدون رخصة مسبقة. وفي حكومة عليّ صلوات الله عليه لم يوجد شاب لم يتزوّج لأنه لا مال له، ولا بنت لم تتزوّج لأنها لا مال لها. وفي طول حكومة الإمام صلوات الله عليه لم يوجد شخص واحد استأجر داراً للسكنى، بل كل الناس كانوا أصحاب بيوت. وفي تاريخ حكومة عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه كانت الأراضي مباحة للجميع أي بالمجان، لمن يزرع ويبني ويسكن فيها.

وعقّب سماحته: هذه السيرة المباركة، لا يعلم بها حتى الشباب والفتيات في العراق وغيره، جملة وتفصيلاً. وهذه السيرة المباركة لو بلغت للعالم، لتسابقت الحكومات بالعالم إلى اعتناق هذه السيرة التي هي سعادة الدنيا والآخرة.

بلى، هذه السيرة بحاجة إلى مقدّمات، وعمدتها اتقان العلوم الخمسة التي تُدرّس كمقدّمات في الحوزات العلمية، وهي: النحو، والصرف، والمنطق، واللغة العربية، والبلاغة. وأنتنّ النساء كالرجال أيضاً، مسؤولات، كل بمقدار إمكانها وقدرتها، في ممارسة التبليغ للإسلام، وليس في العراق فقط ولا للمسلمين فقط، بل في العالم وللعالم كلّه. فقد خاطب الله تبارك وتعالى النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله، بقوله: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) سورة الأعراف: الآية158.

وأوضح سماحته، قائلاً للضيوف: يجب أن يصل للبشر كلّه، الإسلام الصحيح، إسلام رسول الله صلى الله عليه وآله الذي مثّله الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه بسيرته المباركة. فحاولوا أن تتحمّلوا المشاقّ. والأجر بقدر المشقّة لا بقدر الراحة، والدرجات بقدر التحمّل. والكل مسؤولون، كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله: (كلكم راع وكلكم مسؤول)، أي رجالاً ونساء، كل بمقدار طاقته وتمكّنه. فحاولوا أن تفرغوا مسؤوليتكم في هذا المجال لترقية الشباب والفتيات معرفة بثقافة أهل البيت صلوات الله عليهم وسيرتهم وتبليغها للعالم، حتى النساء الكبيرات أيضاً.

وأردف سماحته: لا ينحصر الواجب في أن يبلّغ الإسلام ويصل فقط، بل أن يكون بالبلاغ المبين الذي أشار إليه القرآن الكريم. فالبلاغ يعني الإيصال والوصول، والمبين يعني الظاهر، ويعني أن يكون بمقدار مقنع. وإذا تحقّق هذا في العالم، بالنسبة لسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسيرة أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وهما سيرة واحدة، فسيتسابق الملايين من البشر من غير المسلمين إلى هذه السيرة الواحدة من هذين المعصومين صلوات الله عليهما وآلهما.

وأكّد سماحته مخاطباً الحاضرات: لا تقصّروا في هذا المجال، وأفرغوا طاقاتكم بالمقدار الممكن في مجال تربية أكبر عدد ممكن من الفتيات والنساء، على تربية رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما، فهي الإسلام الصحيح، وليس ما يسمّى اليوم بالإسلام وهو إسلام مشوّه، كإسلام بني أمية وبني مروان وبني العباس وأمثالهم. وختم دام ظله إرشاداته القيّمه بقوله: أسأل الله تعالى أن يواصل توفيقه لكنّ ويزيدكنّ توفيقاً.

جدير بالذكر، أنّ أحد الفضلاء من المرافقين للوفد الزائر، قدّم تقريراً موجزاً لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله، عن مدرسة ميثم التمّار رضوان الله عليه العلمية، فكان مما قاله: سيدنا هذه المدرسة بدأت في بدايتها في بيت إحدى الأخوات الحاضرات وبعدد معدود من الطالبات، وبمرور الأيام وبفضل الله تعالى وأهل البيت صلوات الله عليهم، انتقلت إلى مكان آخر خاصّ بها، وبلغ عدد طالباتها سبعون طالبة، وهذه المدرسة مستمرة في عملها، لكنها تواجه معوّقات، فنرجوا أن نسمع من سماحتكم ما يعيننا على المعوّقات.

فقال سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: إنّ سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله، وسيرة أمير المؤمنين صلوات الله عليه، خير درس للجميع، في تحمّل شتّى أنواع المشاق، حتى يوفّق الإنسان. وأما إذا أراد الإنسان أن لا يتحمّل المشاقّ، فإما لا يوفّق أو يوفّق أقلّ.

كما إنّ الله عزّ وجلّ قال في مجال العمل الاجتماعي والعمل الثقافي، وفي كل مجال يرتبط بتربية الآخرين وتزكيتهم، قال: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) سورة المؤمنون: الآية96. وهذا يعني أنه على الإنسان أن يردّ على المسيئ له بالقول والعمل، بالأحسن، وهذه هي الفضيلة، كما كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وآله. فقد اتهموا رسول الله صلى الله عليه وآله، والعياذ بالله، بالجنون والسحر والكذب وبأنواع التهم، ومع ذلك، لم يذكر التاريخ أنه صلى الله عليه وآله، حتى في مورد واحد، ردّ التهمة، أو دافع عن نفسه، بل بالعكس كان صلى الله عليه وآله لا يدعو على الذين يؤذونه، بل يدعو لهم بقوله صلى الله عليه وآله: اللهم اهد قومي.

وختم سماحته، بقوله: إذا عزم الإنسان على تحمّل المشاكل وصبر عليها وغفر ويغفر، أي يتجاوز، فإن هذا من عزم الأمور، أي الذي يعطي النتائج، كما في قوله تبارك وتعالى: (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) سورة الشورى: الآية43. فإذا هكذا كنتم، توفّقون أكثر، وإلاّ فالصبر لوحده، وبدون تجاوز المشاكل يقلّل التوفيق.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1): إعلامي مسيحي من بلجيكا التقى بسماحته في العشرين من شهر ربيع الأول 1438للهجرة (20/12/2016م). ولتفاصيل أكثر عن هذا اللقاء انقر على الرابط التالي:  http://arabic.shirazi.ir/shownews.php?Code=12429

 
 

  • لا يوجد تعليق لهذا الخبر