LOGIN
اللقاءات
alshirazi.org
"بتوجيهاته القيّمة بطلبة من بغداد"
سماحة المرجع الشيرازي دام ظله يبيّن مسؤولية رجال الدين بالعراق اليوم
رمز 19241
نسخة للطبع استنساخ الخبر رابط قصير ‏ 2 ذوالقعدة الحرام 1439 - 16 يوليو 2018
في يوم الأحد، غرّة شهر ذي القعدة الحرام1439للهجرة (15/7/2018م)، قام بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، وفداً من مدرسة السيدة الزهراء صلوات الله عليها من مدينة الشهيد الصدر قدّس سرّه في العاصمة العراقية بغداد. وضمّ الوفد مسؤول المدرسة حجّة الإسلام الشيخ أحمد البديري وجمع من طلبة المدرسة.

بعد أن رحّب سماحة المرجع الشيرازي دام ظله بالضيوف، قرأ الآية الكريمة التالية: (كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) سورة الطور: الآية21، وقال:

هذه الآية الكريمة هي رجاء لبعض، ورعب لبعض. فما كسب الإنسان من خير فهو رجاء، وما كسبه من شر فهو رعب.

وقال سماحته: المؤمنون الذين عاشوا زمن نبيّ الله نوح، على نبيّنا وآله أفضل الصلاة والسلام، وحسب ما ذكر التاريخ، انّه مرّ على زمنهم قرابة سبعة آلاف سنة. ولكن ربما يستفاد من القرآن أنّه أكثر من ذلك، حيث يقول جلّ وعلا: (وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا) سورة الفرقان: الآية38. وعلى كل حال، فإنّ المؤمنين الذين كانوا في زمن نوح النبيّ عليه السلام، هم الآن في البرزخ منذ سبعة آلاف سنة أو أكثر، فماذا يفعلون هناك؟ وهل هم منعّمون أم لا؟ والجواب هو: انّهم يعيشون فيما أعدّوا لأنفسهم حينما كانوا في الدنيا، على اختلاف درجاتهم، واختلاف أعمالهم. وسيأتي يوم نكون نحن وأنتم مثلهم، يمضي علينا سبعة آلاف وربما أكثر في البرزخ.

إذن فمن الآن علينا أن نفكّر ونعدّ العدّة ونتهيّأ، لكي لا نتحسر هناك كثيراً، فالحسرة ستنتاب الكل، ولابدّ منها، كما في قوله تعالى: (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) سورة مريم: الآية39.

وبيّن سماحته: إنّ الدنيا خير مكان لأولياء الله تعالى، وهي لهم متجراً. فعلى الإنسان، وخصوصاً أهل العلم، أن يحلّوا مع أنفسهم كلمة واحدة، ويفتحوها ويسيطروا عليها، بالتأمّل وبالاستعانة بالله عزّ وجلّ، وبالتوسّل بأهل البيت صلوات الله عليهم، وبالعزم وبالسعي، وبالسيطرة عليها، وهذا ممكن وباستطاعتنا، فإن قمنا بذلك فسنمضي أشواطاً كثيرة. وهذه الكلمة هي: (الأجر على قدر المشقّة)، ولا بقدر الراحة. فلا نبحث عن الراحة، بل نعزم ونصمّم أنّه ماهي مسؤوليتنا، وما هو واجبنا، بمقدار ما آتانا الله تعالى من فهم، كل بحسبه.

وأضاف سماحته: لقد أعطى الله سبحانه كل إنسان، بمقداره، بصيرة، كما ذكر القرآن الكريم، فعليه أن يستفيد من بصيرته، وما يشعر ويقدر عليه، ولو بزحمة، ولو بتعب، ولو بنُصب، وعليه أن يبحث عن الفضيلة والأفضل، ولو بمشقّة، ولو بزحمة.

وذكر سماحته نموذجاً عمّن تحمّل المصاعب والمتاعب في حياته، وقال: الشاعر دعبل الخزاعي رحمه الله، أحياناً كان ينتقد بني العباس، ونتيجة هذا الانتقاد، كان يقول كلمة نقلتها التواريخ، وهي: (أنا أحمل خشبتي على ظهري منذ أربعين سنة). ومقصوده من خشبتي هي خشبة الإعدام. أي كان يتوقّع في كل لحظة الاعتقال والقتل. وهذه هي المشقّة، وهنيئاً لدعبل رحمه الله. وهذا يعني انّ كل ما كان لله تعالى ولأهل البيت صلوات الله عليهم فهو الفوق والفوق وبالأعلى.

وتطرّق سماحة المرجع الشيرازي دام ظله إلى الأوضاع بالعراق اليوم، وقال موضّحاً: العراق اليوم هو ليس عراقي أنا وليس عراقكم أنتم فقط، بل هو عراق أمير المؤمنين، وعراق الإمام الحسين، وعراق الإمامين الكاظم والجواد، وعراق الإمامين الهادي والعسكري صلوات الله عليهم أجمعين، وعراق مولانا بقيّة الله الأعظم عجّل الله تعالى فرجه الشريف وصلوات الله عليه، وعراق أبي الفضل العباس، وعراق مسلم بن عقيل، وعراق سبع الدجيل عليهم السلام، وعراق الفقهاء، عراق الشيخ المفيد، وعراق الشيخ الطوسي، وعراق المقدّس الأردبيلي. وشباب العراق اليوم هم بناة المستقبل للعراق، وعلماء المستقبل، وتجّار المستقبل، فمن لهؤلاء؟

وأردف سماحته، قائلاً: الغربيون يؤدّون دورهم الفاسد اليوم في إضلال شباب العراق، وكذلك الوهابيون والعلمانيون والشيوعيون والبعثيون، وهؤلاء لديهم تعبئة بالمليارات وليس بالملايين، للإضلال في العقيدة والأخلاق. ولذا، كل واحد منكم يمكنه أن يكون من كبار العظماء، وهذا ما عليكم التفكير به والبحث عنه، والعمل لأجله، واتركوا الراحة، ولا تهمّكم المشكلات.

وقال سماحته: رحم الله الشيخ عبد الزهرة البديري. وأنا قد رأيته وعشت معه، وقد لقي رحمه الله ما لقي، مما لانعلمه ولا يعلمه إلاّ الله تعالى. وأنتم الآن وغيركم من أقرانكم في المدرسة التي أسّسها هو.

جاءني ذات مرّة إلى مدينة كربلاء المقدّسة، وكان قد خرج من السجن لتوّه، حيث سجن عدّة مرّات، وتعرّض للتعذيب مرّات عديدة، وكان لا يمكنه المشي بشكل عادي، حيث كان يعاني من آلام. وهو قال لي: لا أقدر على المشي، ولا أقدر أن أنام، بسبب الآلام التي أعاني منها. ولكن هذا الرجل المؤمن المجاهد الصابر انتهت حياته، وبدأ فضل الله تعالى عليه. وهكذا ستنتهي حياتنا نحن وأنتم في يوم، وسوف نعيش فيما عملناه في الدنيا.

وشدّد سماحته، قائلاً: إنّ الراحة في الدنيا كالسراب، والله تعالى قال في الحديث القدسي: (إنّي جعلت الراحة في الجنّة، والناس يطلبونها في الدنيا، فلا يجدونها).

إذن على الإنسان أن يعزم ويصمّم، كما يقول القرآن الكريم: إ(ِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) سورة لقمان: الآية17، وذلك لانتشال الشباب في العراق كلّه، بالأخصّ شباب العاصمة بغداد، التي لها تواريخ رفيعة وجيّدة، ولها تواريخ بالعكس أيضاً.

وأكّد سماحته، بقوله، مخاطباً الضيوف الكرام: فاهتمّوا، كل واحد منكم، بعقله وبتعبه وبالمشقّة. واعلموا انّ أهل البيت صلوات الله عليهم قد لقوا ما لقوا من المشقّة، وكلّهم صلوات الله عليهم قد قتلوا، وذلك لأنّهم لم يعمدوا إلى الراحة. ومن البديهي أنّ الذي يجلس في بيته لا يتعرّض للأذى ولا للمشقّة. فأهل البيت صلوات الله عليهم قد أسّسوا أساساً للتشيّع مثل الكونكريت المسلّح، تأتيه الأهواء والعواصف والمشكلات ويتعرّض لها، ولكن (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) سورة الأعراف: الآية128.

وختم سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، توجيهاته القيّمة، بقوله: إنّني أشكركم فرداً فرداً، وأدعو لكم كواجب ومسؤولية عليَّ، ولكن أقول اهتمّوا أكثر، وخصوصاً بالشباب، كلّهم، بنين وبنات، وفي كل مكان وفي كل مجال، في العراق. واعملوا على تربيتهم وفق تربية أهل البيت صلوات الله عليهم، وأهمّها هي أخلاق أهل البيت، وعقائد أهل البيت صلوات الله عليهم.

أسأل الله تعالى الذي وفّقكم لهذا التوفيق، مع كل المشكلات التي توجد لكم، أو يواصل توفيقه لكم ويزيد فيه. وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

جدير بالذكر، انّه اعتمر العمامة على يدي سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، جمع من طلبة مدرسة السيدة الزهراء صلوات الله عليها العلمية. وأوصاهم سماحته بالتقوى والأخلاق الفاضلة، وقضاء حوائج الناس، وتبيلغ الإسلام وثقافة أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم.

كما التقى مسؤولوا وطلبة المدرسة المذكورة، بنجل سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، حجّة الإسلام والمسلمين السيد حسين الشيرازي واستمعوا إلى كلمته القيّمة.

  • لا يوجد تعليق لهذا الخبر