LOGIN
المقالات
alshirazi.org
الحريّة.. قيمة منتجة
رمز 102
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 19 ديسمبر 2012
المواقف النبيلة التي كانت في نهضة الإمام الحسين صلوات الله عليه جعلت من كربلاء مدرسة للحياة وقيمة إنسانية عليا، تعيش في ضمائر الناس، وتشحذ عقولهم، وتحرّك عواطفهم. وما زالت كربلاء تحرّك الشعوب لنيل حريّتها، ففي كربلاء رفع سيّد الشهداء صلوات الله عليه شعار: (كونوا أحراراً)، داعياً إلى تحرير العقل من الاستلاب، والإنسان من سلطة الاستبداد، والدين من فقهاء السلطة والجاه، فخرج صلوات الله عليه إلى كربلاء وهو عالم بأنه سيلقى ما لقيه على رمضاء كربلاء. حيث شاءت إرادة الله عزّ وجلّ أن تكون دماء الإمام السبط صلوات الله عليه وسيلة لاسترداد وعي الأمة المستلب، واسترجاع الدين المختطف، وقد هزّت دماء عاشوراء ضمير الأمة، وكشفت مآل الانحراف عن الدين، والمساومة على الحريّة مقابل العيش وإن كان ذليلاً.

لقد أكّدت كربلاء ضرورة الحريّة التي بها يحيا الإنسان ويتديّن، ولما للحريّة من قوّة تخرج المجتمع من دائرة الصراعات الدينية والفكرية والقومية إلى فضاء التعارف والتعاون وإعمار الأرض، ولما للحريّة من قدرة تدفع الشعب تجاه بناء نظام حكم يحترم كرامة الإنسان، وإنتاج مجتمع يحفظ قيم العدل والخير والسلام.

وفي كربلاء كتب سيد الشهداء صلوات الله عليه منهج التحرّر الذي به ينتصر الإنسان على نفسه لنفسه ومجتمعه، فـ(الحرّ من ترك الشهوات). وفي هذا المنهج الحسيني إن من حريّة الإنسان ألاّ يتلاعب بعقله جاهل أو مخادع، وإنّ من حريّة الشعب ألاّ يتناهب مقدّرات بلده مستبدّ أو فاسد، وإنّ من أولويات الحريّة، ممارسة النقد والمساءلة التي تبدأ من الذات وتشمل الجميع، فليس لأحد حصانة.

يقول المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله: (الإنسان كائناً من كان يطغى, أو في معرض الطغيان), لذلك فإن عملية التغيير والإصلاح والإعمار والبناء لا تعتمد على أحد دون آخر، بل هي مسؤولية الجميع فـ(كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته). وإن ذكرى عاشوراء لم تكن مناسبة للندب والتعزية فحسب، بل كانت وما زالت وقفة لوعي الدروس والتأسّي بها، والاقتداء بمواقف الأبطال وقيمهم.
المصدر: