LOGIN
المقالات
alshirazi.org
الرحمة جوهر الإسلام في النهج النبوي
رمز 237
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 15 يناير 2015
شبكة النبأ المعلوماتية: ثمّة مآسي كبيرة يعيشها العالم الإسلامي اليوم، بسبب ابتعاده عن النهج الأخلاقي التربوي لنبيّ الرحمة، محمد صلى الله عليه وآله، فهناك من ينتمي للإسلام ويتّخذ منه ديناً بالاسم فقط، ولا يعمل بتعاليمه الصحيحة، ولا يتّخذ من السيرة النبويّة منهجاً له، وكأنه يكتفي بالاسم فقط، ولا تعنيه الأخلاق الإسلامية بشيء!!، والسبب أننا أصبحنا بعيدين كل البعد عن عن الرحمة والرأفة التي كان نبيّنا الكريم يتّخذ منها طريق حياة فعلي وأخلاقي وتربوي، فيكسب بذلك جميع القلوب، حتى أعداءه لا يجدون سبباً واحداً يجعلهم يستمرون في معادة الإسلام، كونه دين الرحمة والإنسانية الحقّة.

وهنا يتساءل سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في إحدى كلماته التوجيهية القيّمة، قائلاً: (لماذا نفقد التعامل الأخلاقي الراقي؟ لا شكّ ان السبب في ذلك هو ضعف اتّباعنا لنبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله). نعم إن المشهد الراهن يثبت أن هناك ممن ينتسب للإسلام، أساء بسلوكه وأفكاره للمسلمين وللإسلام على حدّ سواء، فصار بعيداً كل البعد عن التعامل الرحيم مع الآخرين، مناقضاً بذلك أهم ما تمخضّت عنه السيرة النبويّة المباركة، ألا وهو الرحمة والرأفة والعفو.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في كلمته المذكورة نفسها: إنّ (التعامل الراقي لنبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله، الذي عمل به المجدّد الشيرازي الكبير، أي الرأفة والرحمة مع الجميع والكلّ، حتى مع الأعداء، يمكنه أن يحكم العالم ويديره بأقلّ ما يمكن من إراقة للدماء).

لذا بدلاً من العنف والتطرّف والعمل على إراقة الدماء، هناك أسلوب آخر لاسترداد الحقوق أو الحريّات وسواها، هذا الأسلوب ينبع من النهج النبوي نفسه، حيث الرحمة والرأفة، هما طريق وأسلوب ناجع للتعامل مع الآخرين، مؤيّدين أو مخالفين، بمعنى حتى الأعداء لا يصحّ التعامل معهم وفق منهج العنف وإراقة الدماء، كما تقوم الآن بعض الجماعات التي تدّعي انتسابها للإسلام ودفاعها عنه، بأسلوب الذبح أو التفجيرات وما شابه.

لذا يتساءل سماحة المرجع الشيرازي في كلمته هذه، هل هذا الأسلوب المتطرّف له علاقة بنهج النبيّ صلى الله عليه وآله، ويسأل سماحته المسيئين للإسلام: (هل من الإسلام أن يقوم طفل أو أطفال في غير الحرب، بذبح الأشخاص مع ترديد هتاف الله أكبر؟!).

مظاهرات مناهضة للإسلام

تُرى أين تكمن مصلحة المسلمين والإسلام، وأين المنهج النبوي من موجات التطرّف التي تغذّيها جهات خفية ومعلنة، وتنفّذها جماعات وأفراد تتّخذ من العنف طريقاً لها، فتسيء بذلك للإسلام والمسلمين، فتؤدّي إلى تأجيج حالات العداء في الغرب ومعظم دول العالم ضدّ الإسلام!!، تُرى هل هذا هو الأسلوب الصحيح الذي يمكن أن يدافع به المسلمون عن دينهم؟، ولماذا يبتعدون في سلوكهم هذا ويناقضون النهج النبوي الذي استطاع أن يكسب حتى الاعداء، ألم يكن لهم درساً عفو النبي الكريم قائد دولة الإسلام عندما أصبح أهل قريش ومكّة تحت رحمة جيش المسلمين، ألم يقل لهم قائد الإسلام صلى الله عليه وآله (اذهبوا فأنتم الطلقاء)؟، علماً انهم طيلة عشرين عاماً قاتلوا المسلمين ونهبوا بيوتهم وشرّدوهم واستولوا على أملاكهم وعذّبوهم، ومع ذلك كانت الرحمة والرأفة من نصيبهم!، أليس هذا هو المنهج النبوي الإسلامي الصحيح؟ أم تأليب الأعداء ومضاعفتهم ضدّ الإسلام هو الصحيح؟ فتقوم المظاهرات احتجاجاً على العنف والتفجير والذبح باسم الإسلام وهو منه براء.

يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الجانب: (لقد أُقيمت مظاهرات عديدة في دول الغرب، مناهضة للإسلام، وطالب المتظاهرون برفض الإسلام ورفض بناء المساجد في بلدانهم. وسبب هذا الرفض هي الصورة المشوّهة التي يراها العالم اليوم عن الإسلام من بعض المتلبّسين باسم الإسلام).

تٌرى هل يصحّ هذا المنهج المتطرّف في دعم الإسلام، وهل قام المسلمون بما يكفي في توضيح الصورة المشرّفة للإسلام وبيان النهج النبوي الكريم القائم على التراحم والرأفة والعفو؟ ألم يكن من أبسط الواجبات الملقاة على عاتق المسلم، أنه يسعى لتوضيح النهج الصحيح للإسلام، ويرفض ويعرّي زيف المتأسلمين زوراً وبهتاناً.

هنا يتساءل سماحة المرجع الشيرازي بوضوح تام قائلاً: (أليس من الجدير أن يتصدّى المؤمنون، رجالاً ونساء وشباباً، لهذه المسؤولية المهمّة، وهي أن يعلنوا للعالم ويبيّنوا له بأنه: ياأهل العالم هذه التصرّفات، الذبح والتفجيرات وغيرها، هي ليست من الإسلام، والإسلام منها براء). نعم هذه التفجيرات وجميع أعمال العنف لا تمت بصلة لمبادئ الدين الإسلامي، وليست لها علاقة من بعيد أو قريب بالنهج النبوي القائم على العفو والتسامح والعقلانية.

هذه هي مهمة من يؤمن بالإسلام الحقّ، ومهمة من يؤمن بالسيرة النبوية الشريفة، وبالمنهج النبوي الذي تعامل وفقاً له النبي الكريم صلى الله عليه وآله، فثبّت بذلك أركان الإسلام، ونشر تعاليمه في مجتمع كان قائماً على التعصّب والتطرّف والجهل، فصار بعد الإسلام من المجتمعات الراقية التي بنت دولة تضاهي أكثر دول العالم آنذاك تطوّراً وتقدّماً واستقراراً وحريّة وقوّة.

مسؤوليتنا تجاه الإسلام

استناداً إلى ما تقدّم، حول ما ورد آنفاً عن التطرّف والمحاولات المستهجَنة والمستمرة التي يقوم بها، أفراد وجماعات تحاول الإساءة للإسلام وتشويه صورته وجوهره، لذا لابد للمسلمين الذين يؤمنون بالمنهج النبوي الشريف القائم على الرحمة والرأفة والأخلاق الحسنة، أن يقوموا بدورهم، ومسؤولياتهم إزاء ما يحدث من تشويه لجوهر الإسلام، وأن يتصدّوا لمحاولات التشويه، والقيام بتوضيح النهج الأصيل للإسلام، وهو إسلام النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله القائم على الأخلاق الإنسانية والتسامح والعفو.

ويذكِّر سماحة المرجع الشيرازي المسلمين بالمنهج النبوي، ذاكراً هذا المثال المأخوذ من سيرة الرسول الأكرم مع أشدّ أعدائه من المشركين، بعد فتح مكّة وأسر هؤلاء الأعداء، فماذا كان مصيرهم؟؟، يقول سماحة المرجع الشيرازي في كلمته نفسها: (يجب علينا أن نبيّن للعالم، كيف تعامل نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله بعد فتحه مكّة، مع المشركين الذين مارسوا أشدّ أنواع الأذى مع نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله ومع المسلمين طيلة عشرين سنة، من قتل وتهجير ومصادرة للأموال والممتلكات والمقاطعة الاقتصادية والاجتماعية وغيرها. فليعرف العالم ان نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله قد عفا عنهم جميعاً، وعن كل ما صدر منهم).

يجب أن يعرف العالم أجمع، هذا هو النهج النبوي المستمَّد من تعاليم الإسلام الصحيح، وليس ما يقوم به المتطرّفون من حالات ذبح وتفجير وما شابه من أعمال لا علاقة لها بتعاليم الإسلام السمحاء، لذلك تقع علينا جميعاً مسؤولية توضيح الجوهر الحقيقي المشرق للإسلام، بالوسائل المتاحة كافّة، كل من موقعه، وحسب قدرته، مستخدمين وسائل التوصيل والإعلام كافّة، لتقديم البديل الأسلم والأصح للإسلام، مقابل ما يفعله ويقدّمه من يدّعون الانتساب للدين الإسلامي وهو منهم براء، بسبب أفعالهم وتعصّبهم الذي لا يمت للمنهج النبوي الرحيم بأيّة صلة.

لذلك يدعو سماحة المرجع الشيرازي جميع المسلمين المؤمنين بالنهج النبوي الشريف، إلى التصدّي لهذه المسؤولية الكبيرة والقيام بها على أكمل وجه بالسبل السلمية المتاحة، وكل حسب قدراته مهما كبرت أو صغرت، قائلاً سماحته في هذا المجال: (علينا أن نبيّن للعالم، رأفة الإسلام، ورحمة الإسلام، وأخلاق الإسلام. ولنقم بهذه المسؤولية من هذه الساعة ومن هذا اليوم، كل بمقدار إمكانه واستطاعته، وبكل السبل الشرعية والسلمية والحديثة، من خطابة وتأليف وإذاعة وتلفاز وقنوات فضائية وما شابه ذلك، وغيرها).