شبكة النبأ: قبل كل شيء قد لا يعرف بعضهم، رسالة عاشوراء والقيم التي تحملها، وهؤلاء ربما لم يطلعو على التاريخ الإسلامي بصورة صحيحة، وقد تكون مصادرهم محرّفة، بالإضافة إلى أنهم قد يرون صورة الإسلام وجوهره من خلال جماعات التطرّف والإرهاب، الذين ينسبون أنفسهم للإسلام، ويعلنون للعالم بأنهم ثوّار، في حين أنهم ينفّذون مخطّطات أعداء الإسلام لتخريبه، كما فعل الطغاة الأمويون من قبلهم.
رسالة عاشوراء باختصار، هي الطرف النقيض للتطرّف والتكفير والإرهاب، وهي مجموعة القيم الإنسانية التي تسعى لبناء مجتمع مثالي يوازن بصورة دقيقة بين الحاكم والمحكوم، واستناداً إلى هذا الهدف، تعدّ رسالة عاشوراء ثورة فكرية معنوية عملية ضد الطغاة والظالمين، وهي في الوقت نفسه، منهل ينهل منه الإنسان قيم الخير والحق والحرية والجمال.
ومثل هذه الأهداف التي تضمّها رسالة عاشوراء، تحتاج إلى جهود مضاعفة من أجل وضع مضامينها موضع التنفيذ، ولابد من أناس مؤمنون أشدّاء يتصدّون لهذه المهمة الضخمة، وليس هناك أكثر قدرة على الشروع بها من الشباب، بسبب قدراتهم العضلية وتحمّلهم للمشاق والمصاعب التي قد لا يقوى على تحمّلها كبار السن، لذلك يعدّ الشباب الحسيني من أهم الذين يسعون ويعملون على إيصال رسالة عاشوراء للعالم، وكثير منهم تعهّد بذلك، لذا لا يجوز التخلّي أو التراجع عن وضع هذا العهد موضع التنفيذ.
لذا يحذّر سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، الناس جميعاً والشباب أيضاً من التخلّي عن معاهدة الإمام الحسين صلوات الله عليه، عندما يقول سماحته في إحدى كلماته التوجيهية: (ليحذر الإنسان الذي عاهد الإمام الحسين صلوات الله عليه، من أن يخون نفسه أو يجني عليها، ويخسر دنياه وآخرته).
ويرى سماحته أن الشباب هم أهل لهذه المهمة فيقول: (الشباب يمكنهم أن يقوموا بالفعاليات - الحسينية- بنحو أفضل، علماً بأنه عليهم أن يستفيدوا من تجارب الكبار، أيضاً). ويؤكد سماحته على أن الفرصة بأيدي شباب الشيعة وكبارهم أيضاً، لتوصيل رسالة عاشوراء ومضامينها الإنسانية إلى عموم العالم، فيقول سماحته حول هذا الجانب: (علينا أن نعرف بأن مقدّمات إتاحة مثل هذه الفرص - الحسينية- هي في أيدينا نحن الشيعة، ولا فرق بين الشاب منّا وكبير السنّ، مع ان الشباب يتمتعون بنشاط أكبر).
الكفاءات ونشر قيم عاشوراء
ولا شك أننا نحتاج إلى خطط ووسائل لتنفيذ هذا الهدف الكبير، ألا وهو نشر قيم عاشوراء عالمياً، وإيصال أهداف الإمام الحسين صلوات الله عليه إلى أبعد نقطة في المعمورة، وهي مهمة ليست سهلة بطبيعة الحال، ولكنها في الوقت نفسه ليست مستحيلة، خاصة إذا شرعت الكفاءات العلمية والمهنية والفنية بالتصدّي لهذه المهمة بإيمان.
علماً أن شباب الشيعة فيهم كفاءات تضاهي خبرات عالمية كبيرة، يدعمها الإيمان بجوهر الفكر الحسيني، وبالفحوى الإنساني لأهداف عاشوراء، وشعوراً من الشباب الشيعي المسلم، بأن الوفاء للحسين صلوات الله عليه والانتصار لدمه، والوقوف معه، يتمثّل بنشر أهدافه على الملأ في عموم العالم، وهذه هي رسالة سيد الشهداء للشيعة والمسلمين والإنسانية، فلا بأس أن يتم الاستفادة من التكنولوجيا لإنجاز هذا الهدف الكبير.
لذلك يقول سماحة المرجع الشيرازي بوضوح حول هذا الجانب: (علينا أن نستفيد من التكنولوجيا الحديثة أيضاً، في نشر وتعريف أهداف الإمام الحسين صلوات الله عليه إلى العالمين). ويصرّح سماحته أيضاً بوجود طاقات وكفاءات كبيرة، يمكن استثمارها بصورة جيدة لنشر المضامين الحسينية في العالم.
ويضع سماحة المرجع الشيرازي أمام المعنيين بإيصال رسالة عاشوراء إلى العالم، خطوات ومقترحات مهمة تتميز بسهولة التنفيذ، إذا ما تم اعتمادها لنشر الفكر الحسيني في عموم العالم، ومنها على سبيل المثال، حتمية توظيف الطاقات الموجودة في المؤسسة الجامعية، بالإضافة إلى ما تزخر به الحوزات العلمية من كفاءات وطاقات شبابية وخبروية هائلة، يمكنها أن تسهم في هذا المجال بصورة فعّالة.
فهناك شباب من الشيعة يدرسون في الجامعات، ولديهم قدرات متميّزة لتنفيذ هذا الهدف، وذلك بمساعدة خبرات الكبار الذين سبقوهم في التجربة العملية، كذلك هناك رجال الدين والعلماء الأفاضل، فهم لديهم الكثير من الخبرات في هذا المجال، وإذا تعاضدت هذه الجهود والطاقات فيما بينها، فلا شكً أن كثيراً من الصعوبات سوف يتم تذليلها.
لذا يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الموضوع: توجد (لدينا في العالم، العشرات والعشرات من الحوزات العلمية الشيعية والجامعات الشيعية التي يدرس فيها الشباب الشيعة، وفيها الكثير من العلماء الشيعة. فيجب الاستفادة من الأشخاص الفاعلين في هذين المركزين المهمّين، ممن هو حريص ويحترق قلبه على الإسلام).
شمّروا عن سواعدكم أيها الشباب
وكما يتضح مما سبق، أن هذا الهدف ليس بالسهل، ولكنه ممكن التحقيق، ولكن بعد بذل ما يكفي من الجهود، والتخطيط والتنفيذ والعمل الدؤوب بإصرار وإرادة لا تلين، ولابد أن يكون هدف توضيح وإظهار المبادئ التي ثار من أجلها الإمام الحسين صلوات الله عليه على رأس قائمة الأهداف، فكثير من سكان الأرض ومنهم من المسلمين لا يعرفون لماذا انتفض الإمام الحسين عليه السلام ووقف بوجه يزيد.
وهنالك كثيرون يجهلون الأهداف التي دفعت بالإمام الحسين صلوات الله عليه الخروج من الحجاز إلى العراق، وبعضهم لا يزال يعتقد أن السلطة هي التي تقف وراء هذه الخطوة، ولا يعرفون بالضبط لماذا ضحّى الإمام الحسين صلوات الله عليه بنفسه وذويه وأصحابه.
إنهم مثلاً لا يعرفون ماذا قال الحسين صلوات الله عليه عن وقفته بوجه يزيد، ومنهم من لم يسمع بأقوال الحسين صلوات الله عليه، ولم يستمع كثيرون إلى صوت الحق، بل كان للتضليل الإعلامي دور كبير لتجهيل الناس وخداعهم، لذلك لابد أن يفهم العالم أجمع ما هي رسالة عاشوراء، وما هي الأهداف التي أعلنها الإمام الحسين صلوات الله عليه وهو يتوجّه إلى العراق.
لهذا السبب تحديداً يقول سماحة المرجع الشيرازي في كلمته هذه: (يجب أن نوصل للدنيا كلّها بأنه كان هدف الإمام الحسين صلوات الله عليه من الذهاب إلى كربلاء، هو ما بيّنه هو صلوات الله عليه، بقوله: «أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي محمّد وأبي علي بن أبي طالب». ويجب أن تعلّم وتعرف الدنيا كيف كانت سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله والإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، اللتين استشهد من أجلهما الإمام الحسين صلوات الله عليه).
ولكن هل سيسمح أعداء الإسلام بتوصيل كلمة الحق إلى العالم؟، حتما ان هؤلاء الأعداء كانوا ولا يزالون يعملون بكل ما في وسعهم لكي يمنعوا أتباع الحسين صلوات الله عليه من توصيل رسالته إلى العالم، إذاً هو صراع بين الإسلام الحقيقي وأعدائه ممن يدّعون الإسلام ومن يعاونهم في ذلك، ومن له مصلحة في تشويه الإسلام، لأن الإسلام الحقيقي هو ما سعى إليه سبط الرسول الأكرم، وهو الامتداد الشرعي للرسالة المحمدية.
لذلك على الشباب أن يشمّروا عن سواعدهم في هذا الصراع، وأن يعملوا كل ما في وسعهم لتوصيل الرسالة الحسينية إلى العالم، كما يؤكّد سماحة المرجع الشيرازي هذا الأمر قائلاً: (أنتم أيها الشباب، عليكم أن تستفيدوا من تجارب وأعمال الأكبر سنّاً منكم، وشمّروا عن سواعدكم. واعلموا أنه إذا لم تبادروا إلى هذا العمل، فسيسبقكم إليه غيركم من أقرانكم الشيعة، وعندها ستنتابكم الحسرة).