LOGIN
المقالات
alshirazi.org
شباب كربلاء سيصنعون المستقبل الأفضل
رمز 287
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 1 ديسمبر 2015
شبكة النبأ: قبل أيام قليلة وتحديداً بتأريخ الثاني من شهر صفر الأحزان1437 للهجرة 15/11/2015م. ورد في كلمة قيّمة جديدة لسماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، تنبّؤ مهم جدّاً لسماحته، عندما قال إن شباب كربلاء سوف يصنعون المستقبل، وإنهم سوف يكونوا أساتذة جامعات وأدباء وربما يصبحون قادة سياسيين، فالمستقبل الأفضل معقود عليهم وعلى قدراتهم المتميّزة المتجدّدة.

وورد أيضاً تأكيد لسماحته على أهمية الهداية في حياة الناس، وأهمية أن يتصدّى العلماء والمفكّرون والنخب الأخرى لهذا الدور، لاسيما أن الرسل والأنبياء والأئمة المعصومون، بذلوا كل ما في وسعهم وقدّموا الكثير من أجل تحقيق هذا الهدف.

إذ أكّد سماحة المرجع الشيرازي في كلمته القيّمة على أن: (هداية الناس، هو الهدف الأكبر الذي سعى من أجله الأنبياء والرسل والأئمة المعصومين (صلواتُ الله عليهم أجمعين).

وبعد غياب الأنبياء والأئمة المعصومين، لا يزال هذا الهدف قائماً ومطلوباً، بل بات جميع الناس معنيون بتحقيق الهداية ونشرها بين الجميع، كونها الطريق الضامن لحياة سعيدة مستقرّة متوازنة، مع ضمان مرضاة الله تعالى على الإنسان، وهذه الهدف المزدوج المتمثّل بحياة أفضل وآخرة مضمونة، لا يمكن أن يتحقّق من دون ضمان هداية الناس وهي مسؤولية جسيمة ينبغي أن يتصدّى لها الجميع من دون استثناء.

كما يؤكّد على ذلك سماحة المرجع الشيرازي قائلاً: (ونظراً لأهمية الهداية، فلازال الهدف مطلوباً منّا إلى يومنا هذا، رغم غياب المعصومين عن الناس، لأن الهداية من مسؤولية الجميع بلا استثناء، كما في الحديث النبويّ الشريف التالي: كلّكم راع وكلّكم مسؤولٌ عن رعيته).

ولكن تبقى هناك درجات من حيث حجم المسؤولية، بمعنى لا يمكن أن يتساوى المفكّر أو عالم الدين مع الإنسان البسيط في هذا الدور، فالأول له قصب السبق في القيام بهداية الناس وتطوير وعيهم، وفتح الآفاق الواسعة للهداية أمام أفكارهم لكي تتحسن وتنضبط أفعالهم خدمة للناس كافة، أما الثاني أي عامة الناس فإنهم مسؤولون أيضاً ولكن بدرجة أقل، ولهذا يكون الجميع مشمولون بهداية الآخرين بلا استثناء.

كما يؤكّد ذلك سماحة المرجع الشيرازي بقوله: (لكنّ الدور الأكبر في هداية المجتمع يكون على عاتق العلماء والمفكّرين والنُخب وكبار السّن من المؤهّلين لهداية الناس، أكثر من غيرهم، فيقع عليهم مسؤولية هداية الشباب في الدرجة الأولى، لأن الشباب هم رأس مال المجتمع والطاقة التي يتحرّك بها البلد نحو الأمام).

التضحيات الكبيرة لأهل البيت عليهم السلام
لا أحد يمكنه إحصاء ما قدّمه أئمة أهل البيت من تضحيات، لأنهم صلوات الله عليهم منذ أن ظهرت وانتشرت الرسالة النبويّة، وظهر الذين يعادونها، بدأ صراع الخير والشر، وكانت مهمة أئمة أهل البيت مقارعة أرباب الظلم وجبابرة الطغيان، فكانت التضحيات كبيرة، بل لم يسلم أئمة أهل البيت من القتل بشتى الطرق، والشهير منها موت الإمام المعصوم مسموماً، من خلال أوامر الطغاة وتواطؤ المتعاونين، وكان السبب الأول لاستهداف أئمة أهل البيت هو دعوتهم لهداية الناس.

وهذا بالضبط ما كان يرعب الحكّام الطغاة وكل الظالمين بمختلف مشاربهم، فالهداية تعني معرفة الحق والصراط المستقيم والمضي فيه من دون تردّد أو خوف، وهذا مضاد للحكّام ومآربهم، وهو بالتالي يقف بالضد من مصالحهم، لذلك ركّز الأنبياء على أهمية هداية الإنسان كونها تمثّل بوابة الدخول إلى الإيمان والتضحيات بالغالي والنفيس.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في كلمته حول هذا الموضوع: (إنّ النبي الأكرم صلوات الله عليه وآله، قد ركّز في حياته على أمرين مهمين، هما: (تزكية النفس، وهداية المجتمع).

إنّ هداية الناس كانت الهدف الأول للأئمة المعصومين عليهم السلام، ولذلك كان الحاكم الظالم يدخل في حالة من العداء معهم، حتى يصل الأمر إلى تدبير الموت لهم من خلال السمّ أو القتل أو العزل عن الناس، والدلائل على ذلك لا تعدّ ولا تحصى، وتأريخ الإمام الكاظم عليه السلام، شاخص أمام البصائر والأبصار، فهو مثال لحرب الحكّام الطغاة ضد أئمة أهل البيت بسبب قيامهم بدورهم في توعية المسلمين على حقوقهم، وحثّهم على سبل الهداية والإيمان، وهو أمر لا يروق للحكّام ولا يقبلون به، كونه يهدّد عروشهم.

ولذلك نلاحظ أن الحكّام الطغاة على مرّ التاريخ يقارعون الهداية وأصحابها، ويصادقون ويؤدّون ويدعمون الرذيلة والفسق، ويمنحون الفاسدين حماية وأغطية مختلفة، كونهم يساهمون في إضعاف المجتمع وتدمير إرادته على مقارعة ظلم الحكّام، ولهذا دأب الحكّام الظالمون على معاداة الأئمة المعصومين ومن يواليهم ويؤيّدهم، مخافة هداية الناس التي تعدّ حجر الزاوية في تهديد عروش الطغاة وإسقاطهم، وهو ما دفعهم لقتل الأئمة المعصومين عليهم السلام.

يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الجانب: (من يراجع سيرة المعصومين الأربعة عشر صلوات الله عليهم وسيرة خاتمهم مولانا الإمام المهديّ الموعود عجّل تعالى فرجه الشريف، يجد أنهم قالوا: - ما منّا إلاّ مسموم أو مقتول-. وإذا سأل أحدنا أنه لماذا كلّ هذه التضحيات؟ فسيكون الجواب هو: إنّ هذه التضحيات قُدّمت من أجل هداية الناس إلى الخير والصلاح).

حديث الثقلين
من هذه النقطة، ومن هذه الحقيقة، ونعني بها حقيقة الهداية، يستشرف سماحة المرجع الشيرازي مستقبل العراق وكربلاء المقدسة، ويتنبّأ سماحته بمستقبل واعد متميّز لهذه المدينة ولهذا البلد المعطاء، وذلك على أيدي شبابها الحسينيين المؤمنين الموهوبين، الذين سوف يقودونها إلى أرقى المراتب، من خلال الهداية والإيمان، ومن ثم القدرة على التميّز والعطاء في مجالات البناء والإدارة والإبداع، فكربلاء المقدّسة تضجّ بالشباب الحسيني المؤمن، وهم قادة المستقبل الأفضل، إذا ما تمّ تأهيلهم إلى هذا الدور الكبير منذ الآن.

وهي مهمة ينبغي أن يتحمّل مسؤوليتها العلماء والمثقّفين والمفكّرين والخطباء ورجال الدين، حتى سيصل هؤلاء الشباب إلى المستوى المطلوب من الهداية التي تؤهّلهم لكي يميّزوا بين الحق والباطل، ولكي يكونوا منذ الآن إلى جانب الحق والخير ورفض الظلم مسترشدين بالقيم الحسينية الخالدة التي ثبّتها ونشرها الإمام الحسين صلوات الله عليه بدمه وتضحياته بالغالي والنفيس من أرواح ودماء ذويه وأبنائه وأصحابه الأطهار سلام الله عليهم، وهكذا سوف يكون شباب كربلاء في الصدارة ويتحمّلوا مسؤولية بناء المستقبل الأفضل.

كما يؤكّد ذلك سماحة المرجع الشيرازي بقوله: (أتصوّر أن شباب كربلاء وشباب العراق عامّة هم من سيصنعون المستقبل ويعيدون بناء البلد. فهؤلاء الشباب سيكونون في المستقبل أدباء وأساتذة جامعات بل ولعلّه ممن يصلون إلى الحكم والحكومة).

وهذا يستدعي أن ندرّبهم ونرعاهم ونوفّر لهم جميع مستلزمات النجاح، وأولى هذه المستلزمات الهداية والإيمان، حيث تكون المنطلق نحو بناء المستقبل، على أن يتم توجيه وتنبيه الشباب إلى حديث الثقلين الشريف، وهذا ما أوصى به النبي الكريم صلى الله عليه وآله، حتى يكون الشباب على استعداد دائم لتحمّل المسؤولية وقيادة الأمة إلى الأمام دائماً.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في كلمته نفسها حول هذا الموضوع: (علينا اليوم أن نوجّههم وننبّههم إلى حديث الثقلين الشريف الذي أوصى به النبيّ صلى الله عليه وآله، الأمّة الإسلامية، وهو: إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضِلّوا بعدي أبداً).