LOGIN
المقالات
alshirazi.org
الإصلاح العام هو الهدف السامي للإمام الحسين صلوات الله عليه
رمز 36
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 15 يناير 2012
شبكة النبأ: ونحن نعيش ذكرى أربعينية الإمام الحسين صلوات الله عليه، ونتعطّر بعبير دمه الزكي الذي شرَّف تربة كربلاء، بل أرض العراق، بل الأرض كلّها، لابد لنا في هذه المناسبة العظيمة، أن نستذكر الهدف العظيم الذي جعل الإمام سيد الشهداء صلوات الله عليه يقدّم روحه وذويه وأصحابه الأطهار، فداء لتحقيق ذلك الهدف، ولعل الإصلاح كلمة تردّدت كثيراً على أفواه العلماء والخطباء والمثقّفين والمعنيين عموماً، ولكنها في جوهرها تعني عملية إنقاذ واسعة للمسلمين من الدرك الخطير، الذي تهاوت فيه أمة كانت تتقدم العالم أجمع، لتتحول بفعل الشر والأشرار، إلى أمة تقبع في أسفل أدراج الجهل والتخلّف والحرمان، ليس لشيء سوى تركها للمبادئ الإسلامية الإنسانية العظيمة، وانزوائها في الزوايا المادية المظلمة للنشاط البشري عموماً، فوصلت بذلك إلى الدرك الأسفل، فيما تتوافر فرص عظيمة ومتكررة لانتشال الاُمة من واقعها المزري، لتعود إلى دورها المتصدر في قيادة العالم (المحتقن) إلى مرافئ الاستقرار والتراحم والتقارب، والعيش في ظل مبادئ إنسانية جلّها الإنصاف والعدالة وحماية حقوق الآخر قبل حقوق الذات.

الحاجة إلى عملية إصلاح شاملة
لذا فإن عملية الإصلاح الشاملة لابد أن تتفعّل دائماً في مثل هذه المناسبات العظيمة، استرشاداً بالهدف الأعظم للإمام الحسين صلوات الله عليه, وهو القيام بعملية إصلاح واسعة وشاملة للنفوس والقلوب والنوايا والأفعال.

وقد جاء في كلمة توجيهية لسماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، بمناسبة زيارة أربعينية الإمام الحسين صلوات الله عليه، حثَّ فيها المسلمين على استذكار الهدف السامي، الذي قدّم من أجله الإمام أسمى ما يملك، فقد ورد في كلمة سماحة المرجع الشيرازي بهذه المناسبة: (لقد كان الإصلاح العام هو الهدف السامي للإمام الحسين صلوات الله عليه الذي بذل الدم والمال والجاه والأولاد والأعزاء في سبيله، وعالم اليوم حائر يصطلي بنيران الأزمات، تطحن عظامه وسائل العنف والبغضاء والإرهاب ويختنق بآلام الكآبة والأمراض النفسية، فما أحوجه إلى مبادئ إصلاحية متألّقة، كاحتياجه إلى الهواء والغذاء، ومبادئ الحسين صلوات الله عليه الإنسانية والأخلاقية العظيمة، التي رواها بدمه الزكي ودماء أهل بيته وأصحابه الأبرار، هي البلسم لجراح كل الدنيا، فضلاً عن الأمة الإسلامية المستهدفة بسهام الطائفية، وتيارات الإرهاب التكفيري، والفضائيات الموبوءة، والمحن القاسية، والتناحرات الجاهلية).

السعي المتواصل لتحقيق الهدف
إن وسائل النهضة لا يمكن أن تتوافر من دون السعي المتواصل والمخلص لتحقيقها، ولا بد للعمل والتخطيط السليم أن يأخذ دوره في هذا المجال، ولابد من مواكبة العصر واستثمار وسائله لخدمة القضية الحسينية ومبادئها، خاصة ما يتعلق بوسائل الاتصال الحديثة، وأهمية توظيفها في نشر الفكر الحسيني ومبادئه الخلاقة، والكفيلة بنقل أمة الاسلام بل العالم أجمع إلى مرفأ الاطمئنان والسكينة والسلام، لذا يحثّ سماحة المرجع الشيرازي على الاستفادة القصوى من وسائل الإعلام قائلاً: (ينبغي الاستفادة من التكنولوجيا الجديدة، المتيسّرة اليوم للجميع، أحسن وأفضل استفادة، في إيصال ثقافة عاشوراء إلى البشرية كافة، بمختلف لغاتهم. وعلينا أن لا ننسى بأن العمل الإعلامي هو نصف القضية والنصف الآخر والمكمّل لها بل والأهم هو الدفاع والحماية، فإن العمل على توسيع رقعة إقامة الشعائر الحسينية المقدّسة بحاجة إلى الحماية والدفاع من قبل الجميع، وبالخصوص الشباب), و(كذلك نحن بأمس حاجة إلى المسارح والمعارض والإعلام المقروء والمسلسلات التخصصية التي تخاطب عقول الشباب، والنساء، والأطفال، والمثقّفين، والفلاّحين، والعمّال، ورجال الدين، وبأمس حاجة أيضاً إلى منظمات شبابية حسينية مثقفة، تدرك أهداف النهضة المقدّسة، وإلى المعاهد والجامعات والمكتبات العامة).

أهمية توفير المناخات المطلوبة
إن عملية الإصلاح تتعلّق بتوفير المناخات المناسبة لتفعيل النهضة الفكرية المطلوبة، فمن دون زيادة سعة الوعي لدى المسلمين وتوسيع آفاق تفكيرهم، وتنمية قدراتهم على التعامل مع العالم الحديث، فإن الأمر يبقى في غاية الصعوبة، وأن الجهل سيبقى مستشرياً بين أوساط المسلمين، وأن اللحاق بالركب المتطوّر قد يصبح مستحيلاً، وهنا لابد من معرفة أن التطوّر لا يعني الجانب المادي فحسب، إنما لابد من تحقيق التطوّر الوحاني بالتساوي مع المادي إن لم يفوق عليه، لأن الروحي يحقّق التوازن المطلوب في تحييد الغرائز البشرية وجعلها أقرب إلى الحكمة والإصلاح، لهذا فإن النهضة تحتاج إلى جهود مخطّط لها مسبقاً، إذ يقول سماحة المرجع الشيرازي بهذا الخصوص: (إن هذه النهضة الفكرية هي من مسؤولية المؤمنين والحسينيين، ولاسيما النخبة من العلماء والمفكّرين) ويقترح سماحته في هذا السياق أيضاً (أن يشتري الزائر كتاباً واحداً ويقرؤه، ويهديه لأبنائه وأخوته وأصدقائه، وكذلك أن يسعى لطبع نسخة واحدة من كتاب إسلامي توعوي، فلو فعل خمسة عشر مليون زائر ذلك معناه: كم ستطبع من الكتب، وكم ستتحرك العقول وتستنير).

ولابد أن يتنبّه القائمون على نشر النهضة الحسينية، إلى أهمية فهم واستيعاب المبادئ الحسينية من لدن الوسط الإنساني المستهدَف، وهذا يتطلّب حملة تثقيفية واسعة ومتواصلة ومنظّمة أيضاً، أي لا تخضع للعشوائية التي لا تجدي نفعاً في تحقيق الأهداف الفكرية الضخمة، لذا يقول سماحة المرجع الشيرازي: (من بنود هذه الحركة الفكرية: فهم واستيعاب مبادئ وعبر النهضة الحسينية، ومحاولة نقلها إلى الآخرين، وتربية الجيل الجديد عليها عبر التثقيف العائلي والجامعي وضمن المناهج التربوية العامة لطلاّب المدارس، والمعاهد، والحوزات، والجامعات).

أهمية مصادر التمويل وتنظيمها
وكما هو معروف للجميع أن الأهداف الفكرية الضخمة، تتطلّب تمويلاً يوازيها في الضخامة والسعة، وهو أمر لابد أن يكفله المعنيون بالأمر، إذ ليس من الصحيح أن تترك الجوانب المالية للصدفة، أو للمتبرّعين حسب رغباتهم، بل لابد أن يكون هناك تخطيط مالي ناجح في هذا الصدد، له القدرة على تحقيق الوفورات المالية اللازمة، لتحقيق الهدف الفكري الإسلامي الإنساني الكبير، لذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي بكلمته التوجيهية في هذا المجال قائلاً: (لرفد الحركة الثقافية الإصلاحية يجدر تأسيس أوقاف خاصة بها، أوقاف معتبرة ذات عائد غزير يسد شطراً من النفقات، كالعمارات والأسواق والفنادق والأرصدة البنكية والمصانع. ومن وسائل هذه النهضة الثقافية أيضاً تركيز وتطوير الخطاب المنبري كماً وكيفاً، وتخطيطاً لإنتاج جيل من الخطباء الأقوياء العلماء، بلغات مختلفة، وأساليب عمل متطورة وتخصصات حيوية، وتأسيس ميثاق يرشد رجال المنبر إلى الأولويات والمسؤوليات وبيان الخطوط الأساسية للعمل الخطابي، وإقامة مؤتمرات وندوات وتأسيس معاهد وإصدار دوريات تخصصية).

وهكذا يمكن أن تتحقق الحركة الإصلاحية الحسينية الشاملة، من خلال تشارك الجهود كافة، في الجوانب الفكرية والإرشادية والمالية والتنظيمية وغيرها.