شبكة النبأ: إن قانون الإثابة الإلهي أو حتى البشري بيّن وواضح كل الوضوح، ولا يحتاج إلى تدقيق أو تشكيك أو حتى شرح لفهمه واستيعابه، فإن من يزرع سوف يحصد، مع أهمية أن يرفق عملية الزرع بالعمليات المرافقة للبذر واللاحقة له كاختيار الأرض والسقي وما إلى ذلك، وما أروع وأضمن وأثمن الزراعة حين تكون في خمائل الحسين وأرضه الطاهرة وزيارته المقدسة ومنها وأضخمها زيارة الأربعين المقدسة، فمن يزرع زرعهُ في أرض سيد الشهداء (عليه السلام) سيلمس بيده ونفسه قبل غيره عَظَمَة وضخامة حصاده.
ولا شك أن الإنسان يتمنى الربح ويسعى لضمان سعادة الدارين، وليس محالا عليه بلوغ هذا الهدف رغم صعوبته، فما عليه سوى السير في طريق الحسين عليه السلام، والالتزام بفكره ومبادئه التي رفضت ولا تزال وستبقى المنكر بكل أشكاله وأحجامه ومصادره، وتسعى صوب الإصلاح وتثبيت ركائز المعروف والفضيلة، وتطبيقها عمليا، فإن سعى الإنسان (المسلم وحتى غيره) في هذا الطريق القويم (طريق سيد الشهداء)، فإنه لا ريب سوف يحصد ما يزرع، لأن التربة التي أودع فيها بذوره ضامنة له وفرة وجودة الحصاد في الكمّ والنوع مكافأة له على ما اجتهد وقدّم.
سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) يقول عن هذا الأمر في الكتاب القيم (من عبق المرجعية:
(على المؤمنين اتّباع الإمام الحسين سلام الله عليه في التحلّي بالفضيلة، والالتزام بها في كافّة ممارساتهم في الحياة الاجتماعية مع جميع الناس).
وتأكيدا لضمان الحصاد النوعي الوفير، ينبغي لمن يزرع في أرض الحسين صلوات الله عليه أن لا يترك زرعه دونما مداراة، فالنبتة تحتاج إلى السقي وما إلى ذلك، ومجازا نقول إن من يقيم الشعائر الحسيني ويلتزم بها ويضاعف منها، فإنه يحتاج إلى دعم هذا السعي بتطبيق المبادئ الحسينية في حياته العملية التطبيقية، فهذا التطبيق العملي للفكر الحسيني الإصلاحي ينبغي أن يرافق أداء الشعائر ليس فقط في حينها، وإنما على طول الوقت، حتى يضمن الإنسان الموالي والسائر في خط الحسين عليه السلام، حصاد زرعه بوفرة وجودة عالية كمكافأة على زرعه وغرسه في التربة الحسينية.
لهذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) على:
(إن مما يرضي الإمام الحسين سلام الله عليه، هو أن نصحب الشعائر التي تقام باسمه بالفضيلة والأخلاق الإسلامية في كافّة المجالات).
ماذا سيجني من يعارض الحسين؟
لقد رأينا بأم أعيننا ذلك التوافد الأربعيني الهائل وهو يغذّ الخطى جماعات جماعات فيما يشبه السيل العارم، وهو يتدفق حثيثا نحو سيد الأحرار عليه السلام، وشهدنا في نفس الوقت ما يقابل مسير الزائرين المليوني، حيث المواكب التي نصبت على جوانب الطرق وهي تقدم كل ما يحتاجه الزائر الكريم، ولاحظنا الحسينيات والمساجد وما وفّرته من حاجيات الزائرين، ولا ننسى بيوت الأهالي التي شرّعت بيوتها كاملة لكي يدخلها الزوار متباركين بهم، ومتنافسين عليهم للفوز بهم، حيث يتسابق الأهالي بالفوز قبل بعضهم البعض بالزوار، ولكن قد يكون هناك من هو متقاعس، أو منكفئ على نفسه ربما دون قصد، لا يجتهد في ذلك، والأكثر والأخطر حين يجرؤ بعضهم جهلا وحقدا لإلحاق الأذى بـ(المشاية) كما يفعل الإرهابيون التكفيريون، كذا الحال حين منعت الأنظمة الدكتاتورية الخرقاء أو حاولت ذلك لكنها باءت بالفشل، وكيف لا، فإن كل من يقف ضد المنهج الحسيني سيلقى جزاءه في الدارين حتما.
يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(إن كل من يعارض طريق الإمام الحسين سلام الله عليه، بقصد كان أم بغير ذلك، فإنه يلقى جزاء عمله في الدنيا قبل الآخرة).
لذلك ينبغي أن يتنبّه الجميع إلى أن مبدأ المكافأة والحساب حاضر في زيارة الأربعين وفي سواها من الزيارات والشعائر، فحذار من الوقوف ضد الخط الحسيني وصوته الهادر، لأن جميع من سار ضد الحسين حكومات وحكام وأفراد، كانت عاقبتهم بالغة السوء، ونالوا جزاءهم العادل في الدنيا قبل الآخرة التي لا ريب سوف تواجههم أفعالهم الشنيعة هناك، وأما من سار على النهج الحسيني فإنه أيضا حصل على المكافأة التي تليق بمحبي أبي الأحرار الحسين عليه السلام وهي نوال الدرجات الرفيعة.
كما يؤكد سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) ذلك في قوله:
(إذا سرنا على نهج الإمام الحسين سلام الله عليه فسننال الدرجات الرفيعة، وإذا ابتعدنا قليلاً والعياذ بالله عن ذلك فإن العاقبة ستكون بالعكس تماماً. وإن أقلّ تقصير بحقّ الإمام الحسين سلام الله عليه يكون سبباً لغضب الله تعالى، وعاقبته الخسران في الدنيا والآخرة).
بين بسط العدالة ونشر الظلم
ولابد للناس أن يفرقوا بين نقيضين فكريين، وكل ذي عقل قادر على التمييز بينهما، فشتان بين النهج الحسيني، ونهج الطغاة الظالمين الفاسدين، لذلك كان أعظم وأول الأهداف الحسينية وأكثرها سطوعا وحضورا هو (بسط العدالة) بين الجميع وهو مبدأ محمدي استمده الإمام الحسين عليه السلام من مدرسة جده، وأبيه الإمام علي عليه السلام، واستمر ذلك مع جميع الأئمة المعصومين عليهم السلام، وصولا إلى الإمام الحجة المنتظر (عجل الله فرجه الشريف) الذي سيملأ الأرض عدلا وقسطا.
وكان واضحاً أن هدف الإمام الحسين عليه السلام أن يكون النهج الحكومي مشابها لحكومة جده الرسول صلى الله عليه وآله، ولحكومة أبيه الإمام علي عليه السلام بكل ما تحمله تلكما الحكومتان من مواصفات تكتنز بالعدل واللين وحق الرأي والمعارضة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على العكس تماما من النهج الأموي القائم على الظلم وقمع الحريات ومصادرة حقوق المسلمين، لهذا كانت ثورة الإمام الحسين وكان خروجه من الحجاز صوتا للحق رافضا لانحراف مسيرة الإسلام على يد الطاغية يزيد، لهذا شتان بين نهج الإمام الحسين عليه السلام المستقى من نهج جده محمد صلى الله عليه وآله، وأبيه علي بن أبي طالب عليه السلام، وبين نهج يزيد المنحرف.
يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(إن الإمام الحسين صلوات الله عليه بقيامه كان يهدف إلى بسط العدالة. وأن يكون الحكم على أساس حكومة رسول الله صلى الله عليه وآله والإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وأما معاوية ويزيد فإنهما قد غيّرا وحرّفا، وأبدلا ذلك بالظلم والعدوان وبارتكاب المجازر، وتبعهم في ذلك حكّام بني العباس).
لذلك ينبغي على المؤمنين وكل من يجد في الفكر الحسيني ضالته، أن يحذو حذو إمامه في محاربة المنكر ودعم ونشر المعروف في القول والعمل، وهذا هو الحصاد الأفضل من كل حصاد على مر الزمن، من هنا يدعو سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) لنا جميعا أن نكون ممن يبارك بهم الله ويجعلهم من الناصرين للإمام الحسين عليه السلام في الفكر والمبادئ والتضحية، وفي تطبيق المبادئ الحسينية في تفاصيل حياتنا المختلفة، فمن ينتسب للخط الحسيني من أهم الاشتراطات التي يجب عليه الالتزام بها، أن يُقرِن الشعائر والتنظيرات المبدئية والفكرية بما يقوم به من أفعل وأعمال تطبيقية في طوال حياته، فوزا بالحياة الأبدية والخلود الأزلي من خلال خدمة إمامنا سيد الشهداء الحسين عليه السلام.
يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):
(أسأل الله تبارك وتعالى أن نكون جميعاً من الناصرين لمولانا الإمام الحسين صلوات الله عليه ولأهل البيت الأطهار الأخيار صلوات الله عليهم أجمعين. وأسأل الله تعالى لكم بالتوفيق في خدمة أهل البيت« وخدمة القضية الإلهية التي تفيض بالخلود والحياة الأبدية على خدّامها وهي قضية مولانا الإمام سيد الشهداء صلوات الله عليه).