LOGIN
المقالات
alshirazi.org
مسؤولية الناخب في صنع القرار
رمز 131
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 18 أبريل 2013
شبكة النبأ: من المظاهر الجميلة التي استجدّت في حقل الحريّات، هي قيام العراقيين بعدّة دورات انتخابية لاختيار نوّاب البرلمان، وأعضاء مجالس المحافظات، وقد اكتسب هذا الفعل السياسي الحقوقي طابعاً جديّاً كونه جعل لصوت الناخب العراقي قيمة كبيرة تتحكم في اختيار الأعضاء المذكورين لإدارة البلد، وقد تكالب المرشّحون على استرضاء المواطن وكسبه والتقرّب إليه لأنه أصبح قادراً على اختيار هذا الشخص وإبعاد غيره ممن لا يستطيع كسب ثقة الناخب.

من هذا المنطلق تضاعفت مسؤولية المواطن المشمول بالتصويت بخصوص العمر، حيث بات صعود القادة السياسيين إلى دفّة الحكم يتعلّق به هو تحديداً، وهذا الأمر لم يكن متاحاً في الأنظمة الدكتاتورية السابقة، أما الآن فليس هناك حجّة أو عذر للمواطن لأن صوته واختياره اليوم، هو الذي يحدّد طبيعة قادة البلد وكفاءتهم ونجاحهم في إدارة الدولة أو إخفاقهم.

لذا ينبغي على الجميع المشاركة في الانتخابات، لأن الصوت الانتخابي بات اليوم يمتلك قدرة التغيير والاختيار الأفضل، وعلى الناخب أن يقوم بدوره على أكمل وجه وعليه ضمان حقّه الانتخابي وعدم التخلّي عنه، أو التقاعس، أو إبداء عدم الاهتمام واللامبالاة، لأن الابتعاد عن صناديق الاقتراع سيجعلها عرضة للاحتيال والتزوير فضلاً عن انها ستكون مجيّرة لأشخاص أو جهات حزبية فاشلة، من هنا تظهر أهمية مشاركة الناخب في الاقتراع.

يقول سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في كتابه الموسوم بـ(إضاءات) حول دور المواطن في الانتخاب: (يلزم على جميع العراقيين الكرام، المشاركة في تسجيل أسمائهم للانتخابات، ومن ثَمّ المشاركة العامة فيها).

خطورة المرحلة الراهنة
تمرّ الشعوب والأمم في مراحل مختلفة تتعلّق بتطوّرها أو بقاءها تراوح في مكانها أو تتراجع إلى الوراء، والمرحلة الراهنة التي يمرّ بها العراق بالغة التعقيد، كونها تؤسّس لتجربة سياسية جديدة على العراقيين، فضلاً عن التغييرات الكبرى في المجالات الأخرى، لهذا ينبغي السيطرة على هذه المرحلة والتحكّم بمساراتها حتى لا تذهب في الاتجاهات الخاطئة، خاصّة في قضية الانتخابات ومسؤولية المواطن في هذا الجانب، كما ان أيّ خطأ يحدث في هذه المرحلة، لا ينحصر ضرره في الموجودين حالياً، بل سيمتد إلى أجيال لاحقة يصيبها الضرر، من هنا تم وصف هذه المرحلة بالصعبة والمعقّدة.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال بكتابه المذكور نفسه: (إن العراق الجريح يمرّ بفترة صعبة، وفي نفس الوقت مصيريّة، قد يتحدّد على ضوئها مستقبله لفترة طويلة، وإنّ أيّ تفريط في الحقوق في هذه الفترة سيكون له نتائج مؤلمة على الأجيال القادمة ـ لا سمح الله ـ. فينبغي للجميع، تحملّ المسؤولية الشرعيّة والتاريخية الملقاة على عواتقهم، والمساهمة الجادة الإيجابية في الانتخابات المترقّبة).

إنّ قضية المشاركة في الانتخابات باتت مهمّة لأنها تسهم في صنع النظام السياسي الأفضل، خاصّة إذا جاء الانتخاب عن معرفة مسبقة بكفاءة ومؤهّلات وقدرات المرشّح الذي سيتم منحه الصوت الانتخابي، يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الجانب: (يلزم الاشتراك ترشيحاً وتصويتاً وكذلك لزوم المحافظة على نزاهتها وسلامتها إن شاء الله تعالى، ودليل لزوم ذلك واضح لأن المشاركة في الظرف المعاصر هي من أفضل السبل الموجودة في الأنظمة السياسية).

وتظهر أهمية صوت الناخب في تحديده لصلاحية الحكومة ونجاحها من عدمه، لأن الحكومة ينبغي أن تتوافر فيها مقوّمات النجاح المعروف، يقول سماحة المرجع الشيرازي بكتابه المذكور نفسه: (إنّ الحكومة يجب أن تتوفر فيها عدّة مقوّمات حتى تكون مرضية, منها: أن يختارها الشعب عبر إنتخابات حرّة ونزيهة وبعيدة عن الضغوط الأجنبية).

شرط نزاهة الانتخابات
عندما يتمّ التأكيد على أهمية صوت الناخب، وانه في البلدان المتقدّمة يتحكّم بصنع القرار عبر صناديق الانتخاب، فإن هناك جانب آخر ينطوي على أهمية كبيرة، يتعلّق بنزاهة الانتخابات، إذ لا فائدة من المشاركة الكبيرة في عملية الاقتراع، عندما تكون هناك خروقات كبيرة لها، وعندما تتعرّض للتزوير والانتهاك، فإنّ صوت الناخب يصبح لا قيمة له.

يؤكّد سماحة المرجع الشيرازي على الأهمية القصوى لنزاهة الانتخابات, قائلاً في هذا الصدد: (يلزم أن تكون الانتخابات بإشراف ومراقبة دوليّة نزيهة، إضافة إلى القوى الدينية والسياسية والعشائرية العراقية، لضمان نزاهة الانتخابات، وحريّتها، واشتراك الجميع فيها). ولابد من اتخاذ الخطوات المطلوبة والإجراءات الفعّالة من لدن الجهات المعنية الحكومية وسواها من المنظّمات، لكي تتم حماية نتائج الاقتراع من الاختراق الذي قد يقوم به أصحاب التزوير، أولئك الذين لا يعنيهم البلد ولا المواطن بقدر ما تعنيهم مصالحهم وجيوبهم.

لهذا يؤكّد سماحة المرجع الشيرازي قائلاً في هذا المجال بكتابه نفسه: (يجب توفير المناخ السليم كي لا تتمكن الجهات المشبوهة من التلاعب والتزوير في الانتخابات، وينبغي الاستفادة من أحدث التقنيات والأساليب التي تمنع من التزوير, كل ذلك بإشراف الخبراء العراقيين والدوليين النزيهين).

وهناك حالات شاذة قد يكون الناخب مصدرها، مثل بيع الأصوات وما شابه, وحينما سئل سماحة المرجع الشيرازي عن حكم من يبيع صوته في الانتخابات لصالح جهة معيّنة مقابل المال سواء كانت: جهة معادية للخط الإسلامي أوجهة علمانية أو جهة مجهولة؟، أجاب سماحته: (لا يجوز ولا يصحّ منه البيع ـ في فرض السؤال ـ).

أما فيما يتعلّق بأهمية ووجوب المشاركة في الانتخابات، فقد أكّد سماحة المرجع الشيرازي في معرض ردّه عن سؤال بهذا الخصوص: إنّ (المشاركة لازمة لأنها تعبير عن الاهتمام بأمور العراق الجريح).

وهكذا يتّضح عمق وأهمية شعور الناخب بدوره وصوته وقدرته على المشاركة في صنع القرار، من خلال اختياره السليم لأعضاء البرلمان ومن ثم الحكومة التي سوف تدير شؤون البلاد.