LOGIN
المقالات
alshirazi.org
شهر رمضان المبارك شهر بلوغ الكمالات
رمز 147
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 13 يوليو 2013
شبكة النبأ: مرة أخرى نستظل بفضائل هذا الكريم، شهر رمضان المبارك، ونقطف ثماره، ونسترشد بمصابيح الإيمان التي تضيء نهاراته ولياليه، هذا الشهر الذي سمّي بـ(شهر الله) لقيمته الكبيرة وفضائله التي لا تحصى، حيث تُفتَح أبواب الرحمة على مصاريعها للجميع، كي يصحّحوا الأخطاء وينظّفوا الأنفس ويغسلوا الأدران، وإذا سعوا سعياً صحيحاً ومباركاً في هذا الشهر العظيم، ربما يبلغون الكمالات، وهي من أعلى المراتب التي يتمنّى الإنسان أن يصل إليها.

وقد اعتاد المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، أن يستقبل هذا الشهر الكريم، بتوجيهات كريمة يلقيها على مسامع المسلمين والمؤمنين الذين يزورون سماحته قادمين من عموم الدول الإسلامية وأمريكا وأوروبا، إذ التقى سماحته بهذا الجمع المبارك من المسلمين، وقدّم لهم عصارة أفكاره ورؤاه فيما يتعلّق بالواقع المأزوم الذي يعيشه العالم والمسلمون عموماً، وما يتعرّض له الشيعة من انتهاكات وجرائم يندى لها جبين الإنسانية، كما حدث مؤخراً في مصر، حيث تعرّض عدد من الشيعة وأوّلهم الشيخ المرحوم (حسن شحاتة) إلى هجوم بشع وقتل وتمثيل بالجثث وسحل في الشوارع، في سلوك همجي لا يمت على الإطلاق إلى الإسلام ومبادئه الكريمة التي تحثّ على الوئام والسلام والتكاتف وحبّ الإنسانية جمعاء.

فرصة لتحصيل الكمالات
وهكذا يبقى هذا الشهر المبارك فرصة مفتوحة ومتاحة للإنسان، كي بلغ ذروة الكمال الروحي والمعنوي وحتى الجسدي، عندما يسلك طريق الحقّ والإيمان، ويبتعد عن طريق الشيطان، ويتمسّك بمبادئ الإسلام وبالأحاديث النبوية الشريفة وأحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام، ليستقي منها سبل السلامة في القول والسلوك معاً.

لذلك ركّز سماحة المرجع الشيرازي، على أهمية أن يصلح الإنسان والمسلم نفسه في هذا الشهر الكريم، بل عليه أن يسعى بجديّة لبلوغ الكمالات، التي لا تكون حصراًَ بفئة دون غيرها. فقد جاء في الكلمه القيّمة المهمة التي ألقاها سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك (1434 للهجرة): (شهر رمضان المبارك فرصة جيّدة لتحصيل الكمالات الإنسانية، وأن يكون الإنسان نموذجاً راقياً).

وحثّ سماحته الجميع على استثمار هذا الشهر المبارك، وتصويب الأخطاء التي ربما تعرّض لها طيلة الشهور الماضية، وقال سماحته: (يجب على الإنسان أن يسعي ويجدّ بأن يكون إنساناً صالحاً ونافعاً. وعليه، إن كان سائراً في طريق التكامل، أن يجدّ ويسعى كثيراً إلى التقدّم في هذا الطريق أكثر، وأن يقوّي ويرسّخ خطاه أكثر. وهذه الحالة نجدها في سائر طبقات المجتمع كالعلماء والفقهاء والمدرّسين وأئمة الجماعة والتجّار والكسبة والعمّال والموظّفين وغيرهم، وهذه الموهبة يستلزمها العزم الحقيقي والجاد).

وحينما يبتعد المسلمون عن أجواء هذا الشهر، إنّما يخسرون فرصاً كثيرة للتصحيح، لذلك اعتبر سماحة المرجع الشيرازي: (إنّ مايجري اليوم في العالم الإسلامي من مآسي مفجعة هو نتيجة للأحداث المؤلمة والمرّة التي حدثت بعد استشهاد مولانا النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله حيث ظهرت ثقافة في الأمة الإسلامية، يذكرها التاريخ ويصفها بالمظلمة والمخزية، وهي ثقافة القتل والذبح والحرق وسحل الناس، ومن المؤسف أن بعض الحكومات في البلاد الإسلامية التي تحكم باسم الإسلام نرى أنها قد شوّهت الصورة الحقيقية للإسلام بتصرّفاتها).

لذلك لابد من العودة إلى النهج النبوي في التعامل مع الأحداث، والعلاقات المتبادلة، لذلك أكّد سماحة المرجع الشيرازي على أهمية عمل العلماء ورجال الدين بسيرة أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم، وقال: (على أهل العلم أن يحذروا من الانحراف في مسيرتهم نحو الكمال، وأن لا يغرّوا أنفسهم بالعرفان الكاذب والسير والسلوك الناشئ من غير أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم، كي لا يقعوا في الضلال والظلمات). وأضاف سماحته: (أُؤكد وأقول: حذارى من الابتعاد عن خطى أهل البيت صلوات الله عليهم، لأن الطريق المستقيم والصحيح هو قول أهل البيت وفعلهم صلوات الله عليهم. فتأمّلوا وابحثوا في أحاديث أهل البيت صلوات الله عليهم، وانظروا بماذا أوصوا شيعتهم من وصايا ثمينة، بالنسبة إلى نيل الكمال. فكل وصية من وصاياهم هي مفتاح لحلّ مشاكل العباد جميعاً).

شرط الإنسانية النموذجية
لكي تكون إنساناً نموذجياً، هناك مزايا يجب أن تكتسبها وتتحلّى بها، وتسير في هديها قولاً وعملاً. ومن دون الحصول على تلك المزايا التي هي بمثابة الشرط لتحقيق الإنسانية النموذجية، فإن أمر الإنسان والمسلم على وجه الخصوص، يبقى مشكوكاً فيه، لذلك لابد أن يصل الإنسان إلى هذا الشرط الذي يتمثّل بانتهاج طريق أهل البيت عليهم السلام، وهو طريقة السلام والوئام والإنسانية النموذجية.

لذلك قال سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال: (إن الشرط في أن يصبح الإنسان انموذجاً وكاملاً هو أن يمتثل لتعاليم أهل البيت صلوات الله عليهم، وليس في اتّباع سلوكيات غيرهم، الفاقدة للأسس النبوية والعلوية).

ولا يكفي الحديث عن سيرة أهل البيت عليهم السلام، بل يجب تطبيق ما جاء فيها، أولاً على المتحدّثين بها من الخطباء وسواهم، لكي يكونوا قدوة لغيرهم، لذلك خاطب سماحة المرجع الشيرازي الخطباء والوعّاظ قائلاً: (يجب على الخطباء والوعّاظ أن يعملوا بالموعظة ويمتثلوا للنصيحة، قبل أن يقولوها للناس وقبل أن يأمرونهم بها. فمن يعمل بهذا الأمر لا شكّ يرى العون من الله تعالى. فيجب على الجميع أن يكونوا نموذجاً ومثالاً، وهذا يعني التصميم على العمل للوصول إلى الغاية، كل حسب مستواه ومكانته).

وهكذا ينبغي أن يكون هذا الشهر فرصة للجميع، وأن لا يقتصر الأمر على الوعظ الخالي من التطبيق، وأن يتم استثماره بلوغاً للكمالات، وهو وارد لكل من يسعى إليه لاسيما في شهر رمضان المبارك.

وقد ختم سماحة المرجع الشيرازي كلمته بقوله: (أسأل الله تبارك وتعالى بفضله، وفضل أهل البيت صلوات الله عليهم، وبرعاية مولانا بقية الله عجّل الله تعالى فرجه الشريف، أن يوفّقنا جميعاً، وجميع المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات في أن نكون في مأمن من الحوبة في الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك).