LOGIN
المقالات
alshirazi.org
أخلاقيات التغيير.. الأخلاق جوهر الدين
رمز 173
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 24 ديسمبر 2013
حيدر الجراح

شبكة النبأ: (حقيقة الإسلام وواقع الدين الإسلامي هو حقيقة الأخلاق الإنسانية، وواقع الآداب الاجتماعية الرفيعة، انهما توأمان لا ينفكّان، بل هما حقيقة واحدة لمعنى واحد، إذ لم يشذ شيء مما حبّذته الأخلاق عمّا أمر به الإسلام، ولم يفلت أمر حثّت عليه الآداب مما حثّ عليه الإسلام وندب إليه، فكل أحكام الإسلام وتعاليمه من عبادات ومعاملات وغير ذلك مبنية على أسس أخلاقية رفيعة، وقواعد آدابية رصينة، لذا أمر الإسلام بواجبات، ونهى عن محرّمات، وحذّر من مساوئ الأخلاق، وندب إلى الفضائل والآداب). سماحة المرجع الشيرازي/من عبق المرجعية.

لا ينفك سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله عن طرح درسه الأخلاقي في جميع ما يكتبه، لأن الأخلاق لديه وكما وعاها في سيرة النبيّ (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) هي عماد الدين وركنه المشيد..

في كل ما كتبه أو حاضر فيه، (السياسة ـ الاقتصاد ـ الفقه ـ العقائد ـ السيرة) يركّز على الدرس الأخلاقي للإسلام وللدين.. وهو يقيم هذه التفرقة بين الإسلام وبين الدين من خلال جوهر الإسلام ويشير إليه بـ(الحقيقة) والتطبيق العملي لما ندب إليه الدين ويشير إليه بـ(الواقع).

ماهو الإسلام وما هو الدين؟

الأول يعني (الاستسلام والانقياد - إخلاص العبادة لله).

واصطلاحاً هو (مجموع ما أنزل الله سبحانه وتعألى على رسوله محمّد صلى الله عليه وآله من أحكام العقيدة والأخلاق والمعاملات والإخبارات في القرآن والسنّة).

وشرعاً يعني: الامتثال لأوامر الله ونواهيه.

أما الدين وحسب ورود لفظه في القرآن الكريم فيحمل هو الآخر عدّة دلالات منها:

(الملك والسلطان ـ الطريقة ـ الحكم ـ القانون الذي ارتضاه الله لعباده ـ الذل والخضوع ـ الجزاء).

أما اصطلاحاً فهو: ما شرّعه الله لعباده من أحكام.

والدين في تعريف علماء الكلام:

(اسم لجميع ما يُعبد به الله ـ وضع إلهي لأولي الألباب يتناول الأصول والفروع ـ ما يدان به من الطاعات مع اجتناب المحرّمات ـ وضع إلهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى ما هو خير بالذات ـ وضع الهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى الخير بالذات قلبياً كان أو قالبياً، كالاعتقاد والصلاة).

أما الأخلاق فتعريفها (جمع خُلُقٍ، وهو السجية والطبع).

والخلق في الاصطلاح: (سلوك يسلكه الإنسان في ميدان الفضائل أو الرذائل ويصبغ صاحبه بالحسن أو القبح).

وهي أيضاً (حالة نفسية تترجم بالأفعال)، أي أن الأخلاق، لها جانبان؛ (جانب نفسي باطني، وجانب سلوكي ظاهري) فالسجايا هي الطباع. والسلوك هو الفعل المترجم لهذه الطباع. وهي في المعجم الوسيط (حال للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال من خير أو شر من غير حاجة إلى فكر أو روية، ومجموعها أخلاق).

وللأخلاق علمها الخاص بها ويعرّف بأنه: (العلم الباحث عن محاسن الأخلاق ومساوئها والحثّ على التحلّي بالأخلاق الحسنة والتخلّي عن الأخلاق السيّئة).

وعلم الأخلاق الإسلامية: هو علم الخير والشر، والحسن والقبيح.

التصوّر الإسلامي للأخلاق لا ينفصل عن واقع الإنسان في (المبدأ والغاية والهدف).

والأخلاق الإسلامية هي جميع محامد الأخلاق التي يجب أن تقوم على أُصول وقواعد وفضائل وآداب مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعقيدة والشريعة الإسلامية، وهي في جوهر الدين وروحه.

ويمكن تقسيم الأخلاق الإسلامية إلى:

الأخلاق الاجتماعيّة - الأخلاق الفردية - الأخلاق العبادية.

أو هي حسب تقسيم الفلاسفة الذين اهتموا بدراسة الأخلاق:

الأخلاق النظرية وهي التي ترسم المثل الأعلى للسلوك الإنساني كما يجب أن يكون.

والأخلاق العملية وهي جملة القواعد التي تقوم عليها الإنسانية لتكون صالحة.

والحكمة الأخلاقية وتعني تلافي النظر بالعمل فلا يوجد عند الحكيم نظر دون عمل أو عمل بدون نظر.

حقيقة الإسلام وواقع الدين هو حقيقة الأخلاق الإنسانية، كما يذهب سماحة المرجع السيد صادق الشيرازي دام ظله، ويؤكّد ذلك في كل كلماته، وهو ينظر إلى واقع المجتمعات الإنسانية التي تفشّت فيها تلك (العدمية الأخلاقية) التي بشّر بها الفيلسوف الألماني (نيتشة) والتي قصد بها غياب القيم العليا.

وسبب هذه العدمية كما يذهب الكثير من الباحثين عن معنى الوجود الإنساني هو هذا الهدم المستمر لكل المعاني والدلالات، وهو الاعتقاد بأنه لم يعد هناك شيء يهمّ حقّاً، لأنه لم يعد هناك شيء ذو معنى حقّاً. ليس لدينا منظومة معتقدات أو قيم يمكنها أن توجّهنا. منظومات المعتقدات القديمة كالدين والأخلاق لا تزال موجودة، ولكننا في أفضل الأحوال نتبعها بنصف إيمان، وفي أسوأها نعتقد أنها لا تحمل معنى مع ذلك. إنها موجودة فقط على حواف حيواتنا ووعينا. ولكن ليس العالم فقط هو الذي لم يعد يحمل معنى، نحن أنفسنا لم نعد نحمل معنى لأنفسنا).

لا يقتصر الأمر على ماذهب إليه هؤلاء الباحثين بل يعود ذلك في عمقه إلى ماكتبه سماحة المرجع السيد صادق الشيرازي دام ظله في موضع آخر من كتابه حيث يقول: (إذا لم يكن الإنسان يرى الله وينكر ذاته، تراه يسحق أحكام الله ولا يبالي، ويولّي ظهره لله ولأنبيائه ويتّخذ نفسه إلهاً من دون الله).

لا يتقوّم الإسلام والدين إلاّ بوجود الأخلاق التي هي لبّه وجوهره، وهذا التقويم لا يتمّ إلاّ عن طريق المعرفة، (معرفة الله والقيام له ونكران الذات التي هي أساس كل فضيلة)، كما يشير سماحة المرجع السيد صادق الشيرازي دام ظله، في باب الأخلاق من كتابه (من عبق المرجعية).