LOGIN
المقالات
alshirazi.org
من الدين وضده
رمز 33
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 27 ديسمبر 2011
خصوصية آل محمّد صلوات الله عليهم أنهم امتداد طبيعي وحقيقي للرسالة المحمّدية بحسب قول رسول الله صلى الله عليه وآله: (يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا :كتاب الله وعترتي أهل بيتي). لكن أتباع المنهج الأموي ما زالوا يحاربون كل ذكر لـمحمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم، ولعل محاربتهم تلك تكثفت في مجال عداء دام لنهضة الإمام الحسين صلوات الله عليه منذ أن انطلقت من كربلاء عام 61هـ وإلى يومنا هذا، إما من خلال نهج فقهي مريض مال إلى الطغاة كما في قول البعض أن (الحسين قد قتل بسيف جده) أو من خلال قراءة مشوّهة لما جرى في كربلاء فيقول قائل أن (أهل العراق هم من تسبب في قتل الحسين عليه السلام), والمقصود بأهل العراق الشيعة. وهنا تبرز تساؤلات: إذا كان أهل العراق هم من تسبّب في قدوم الإمام الحسين صلوات الله عليه إلى العراق وبالتالي مقتله، إذن لماذا لم يخرج أهل مكّة والمدينة معه وهم الذين يعرفون منزلة الحسين صلوات الله عليه ومقامه؟! وأين ردّهم وفعهلم حين سمعوا بقتل الحسين صلوات الله عليه وأهل بيته وأصحابه في عاشوراء فالثورات التي رفعت اسم الحسين صلوات الله عليه كان مصدرها العراق واكتفى الآخرون بالسكوت أو الرفض القولي؟!

دأب أتباع المنهج الأموي على إلصاق التهم بالشيعة وبالذين يحيون ذكرى عاشوراء بالخصوص حيث يتهمونهم بأنهم إنما يحيون هذه الذكرى، لأنهم يحملون حقداً على غير الشيعة ويريدون قتلهم ثأراً للحسين صلوات الله عليه منهم! بينما يتساقط الآلاف من الشيعة في كل عام ما بين قتيل وجريح في أفغانستان أو باكستان وبشكل أكبر في العراق، وعلى الرغم من أعداد المشاركين في زيارة الأربعين التي تصل إلى أكثر من عشرة ملايين لم نسمع أن واحداً من هذه الملايين استغل هذه الفاجعة الأليمة متقوياً بكثرة الأنصار المتأججة عواطفهم والمتوثبة إراداتهم فبادر إلى قتل مخالف في المذهب أو من لا يمثل له استشهاد الإمام الحسين صلوات الله عليه أية خصوصية، وعلى مدى تسع سنوات تعرّض شيعة العراق إلى مجازر وحشية، وكان الإرهابي الزرقاوي يقولها بصراحة دونما تحوير وتدوير بأنه يتقرّب إلى الله بقتل الشيعة إلاّ إنه لم نر استهجاناً على المستوى الشعبي لهذا المنهج الإرهابي فلم تخرج مظاهرة واحدة مؤلفة من عشرة أشخاص في أي بلد مسلم تستهجن هذه الجرائم، بل على العكس من ذلك، فحين هلك الزرقاوي أقيمت له مجالس العزاء في العديد من دول المسلمين، بينما لا تتردد هذه الشعوب في الخروج بتظاهرات مليونية للتنديد برسام كاريكاتوري فاشل أساء إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، ولا حاجة لنا هنا لتأكيد إدانة فعل شنيع لرسام مغمور، ولكن ألا ينبغي قراءة الواقع كما هو واستكشاف سبب انطباع صورة مشوهة في أذهان الغرب عن الإسلام؟! حيث لا يكفي أن نقول (الإسلام دين السلام والإرهابيون لا يمثلون الإسلام). مع أنه لم يحصل تنديد حقيقي للإرهاب الذي وقع في العراق، كما أن كثيراً من المسلمين ما زالوا يباركون الإرهاب الذي يفتك بالشيعة، فكيف يتسنّى للمجتمعات الغربية أن تقتنع بأن الإسلام دين السلام والمحبّة، وأن التفجيرات التي وقعت في لندن ومدريد ونيويورك هي أعمال إرهابية وفق أحكام دين المسلمين؟!.

أكثر اتهامات أتباع المنهج الأموي للشيعة تتجه نحو البنية الفكرية للمذهب الجعفري، أنها من تأسيس الفرس، بذريعة أنهم دخلوا إلى الإسلام وابتدعوا هذا الفكر عداءً منهم للصحابة وخاصة للثاني انتقاماً منه لفتحه بلاد فارس، والحقيقة أن هذا الاتهام الأغرب من بين الاتهامات العديدة، والسبب في ذلك أن أصحاب هذا الرأي يتهمون الشيعة بأنهم هم من قتل الحسين صلوات الله عليه ولهذا فإن بكاءهم هو تكفيرهم تجاه الحسين صلوات الله عليه، وفي هذا اعتراف صريح بأن الشيعة يعود وجودهم - على الأقل - إلى زمن الرعيل الأول من الصحابة إذا لم نقل إلى عهد الرسول صلى الله عليه وآله، حيث لا بد أن تكون جذور التشيع تمتد إلى فترة أطول من عاشوراء، ومن المعروف أن التشيع قد ساد في إيران قبل نحو 500 سنة تقريباً بعد أن كانت على المذهب السنّي، وهذا تناقض معرفي واضح. بموازاة ذلك، يبنغي أن يبين أصحاب هذا الرأي: هل المشكلة تكمن في كون أصل هذا الشيعي فارسياً؟! فإذا كان الأمر كذلك فإن جذور المذاهب الحنفية والشافعية والمالكية أيضاً فارسية، وكذلك الأمر ينطبق على أصحاب ما يعرف بالصحاح الستة إذ أن كلاً من البخاري ومسلم والنسائي والسجستاني والترمذي هم من الفرس، فلماذا لم تمتد فارسيتهم إلى تلك المذاهب في الوقت الذي نجد أن أصول أئمة الفقه الجعفري عربية هاشمية قرشية بحتة. وأخيراً: من يدّعي أن الشيعة قد كذبوا على الإمام جعفر الصادق صلوات الله عليه في الأحاديث التي نسبوها له فعليه إظهار فقه الإمام الصادق الحقيقي الذي يزعمون؟!.

المصدر: نشرة أجوبة المسائل الشرعية: العدد 171.