LOGIN
المقالات
alshirazi.org
القنوات الفضائية وتعميم الخطاب الإصلاحي
رمز 186
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 1 أبريل 2014
شبكة النبأ: شارفت نفوس العالم على سبعة مليارات أو فاقت ذلك، وهذا الرقم الضخم من البشر الذي يتوزّع أرجاء المعمورة، ينقصه الكثير مما ينتمي إلى الإصلاح، قولاً وفعلاً، فثمّة الحروب والتجاوزات وانتهاكات الحقوق والحدود والأعراف، بين الأمم والدول والجماعات لتصل إلى مستوى الأفراد أيضاً، حيث تُنتَهَك الحقوق، وتضيع الحدود بين الحقّ والباطل، ويستأسد القوي على الضعيف من دون وجه حقّ، ويسود خطاب الظلم والفسق والقوة والطغيان، على خطاب الرحمة والعدل والإصلاح والمدنية، فيشتعل العالم بالكراهية والحقد، وغالباً ما تكون النتائج الخطيرة، من حصّة الفقراء والضعفاء دائماً وغالباً.

ما يحتاجه الإنسان اليوم، على المستوى العالمي، هو تعميم خطاب معتدل متوازن إصلاحي، يسعى إلى رأب الصدع بين النفوس، ويقرّب بين أفكار وعقول ونفوس الناس جميعاً، من خلال نشر خطاب الإصلاح، وقيم الخير، بين عموم البشر، بغضّ النظر عن طبيعة انتمائهم، فالناس تجمعهم الأخوة الإنسانية، والإنسان نظير لأخيه الإنسان بالخلق، كما قال الإمام علي عليه السلام، لذا من الأهمية بمكان، أن يتمّ إصلاح الإنسان أولاً وترويض النفس نحو الصواب، وسحبها إلى جانب قيم الخير، من خلال ضخّ الخطاب الإصلاحي، عبر القنوات الفضائية، ونشره في البقاع التي ربما لم تصل إليه بذور الهداية وأنوار كلمة الحقّ.

بهذا المعنى فإنّ هداية الإنسان في عموم المعمورة، أصبحت تمثّل واجباً، يعني الجميع، أو يشمل الجميع، فطالما هناك قدرة للإنسان على إطلاق وتوصيل خطاب الإصلاح لمن يحتاجه، فعليه أن لا يتردّد ولا يتقاعس في هذا العمل، لأنه نوع من الواجب، أي عندما يشعر ويعرف الإنسان أن هناك بشراً وأناساً يحتاجون إلى الهداية والتوجيه نحو سبل الحقّ والقيم الفاضلة، عليه أن يسعى لمساعدتهم، واليوم لم يعد الأمر صعباً، طالما أنّ صوت الحقّ وخطاب الإصلاح، يمكن أن يتم إرساله إلى آخر نقطة من العالم عبر الفضائيات.

يقول سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في كلماته التوجيهية القيّمة حول تأسيس القنوات الفضائية لهداية الناس: (اليوم يجب هداية الناس في كل مكان وفي كل نقطة من العالم).

الهداية واجب على الجميع

وهكذا يصبح نشر الخطاب الإصلاحي من الواجبات التي تقع ضمن العمل الإنساني، كي يرتفع بوعي الإنسان، ويهديه إلى كلمة الحقّ، وتعاليم الإسلام، وأفكار ومنهج آل بيت النبوّة عليهم السلام، كونها مصابيح متوهّجة بنور الكلمة الحقّ، ولابدّ من توصيل هذا الخطاب إلى أبعد نقطة في الأرض، لأن هناك من يحتاج إلى هذا الخطاب دائماً.

يقول سماحة المرجع الشيرازي، في هذا المجال: إنّ (هداية الناس واجب، ومقدمات وجودها واجبة أيضاً، وإذا لم يوجد من يقوم بهما على نحو الكفاية، تصبح واجبة على الجميع. فنفوس البشرية اليوم بالعالم هم قرابة سبعة مليارد، فكم منهم يعرف الإسلام؟ وكم منهم يعرفون أهل البيت صلوات الله عليهم؟ والجواب على ذلك هو: قليل منهم يعرف ذلك).

نعم هناك حاجة فعلية لنشر خطاب الإصلاح، في أوسع رقعة ممكنة من الأرض، وقد بات هذا ممكناً، في ظلّ التقنيات الهائلة التي توفّرت في مجال البثّ التلفازي الفضائي، حيث الأثير ينقل الصورة والكلمة إلى أبعد نقطة في الأرض، الأمر الذي يعني انتفاء الذرائع والأسباب التي قد تعيق من نشر الخطاب الإصلاحي، عبر العالم أجمع، وقد تبدو هذه المهمة أو هذا الهدف عسيراً بالنسبة للبعض، لأسباب تتعلّق بالقدرات والإمكانيات والظروف وما شابه، لكن من يتمكّن ويستطيع توصيل الخطاب الإصلاحي إلى الاخرين، عليه أن لا يتردّد لحظة واحدة في ذلك، لأنه بهذا العمل إنما يسهم في صناعة عالم أفضل، وبشرية أكثر وعياً وصلاحاً، وهذا هو الهدف الذي يسعى إليه الإسلام وآل بيت النبوّة الأطهار صلوات الله عليهم.

لذلك عندما يكون الإنسان قادراً على نشر الإصلاح، فلا عذر له عندما يتلكّأ في ذلك، أما إذا لم يكن قادراً لأسباب مقنعة، فإنّه معذور بطبيعة الحال، كما يؤكّد ذلك سماحة المرجع الشيرازي في قوله: (في أداء الواجبات يكون الإنسان معذوراً بمقدار ما لم يتمكّن على أدائه، ولكنه غير معذور فيما يتمكّن عليه). نعم لا عذر للإنسان عندما يكون قادراً على إطلاق وتوصيل كلمة الحقّ لمن يحتاجها، ولا يسعى في ذلك تحت حجج واهية.

خاصّة ان وسائل النقل الصوتي والصوري باتت قادرة على الوصول إلى أبعد نقطة في العالم، لذلك لابد من الشروع في توصيل أفكار أهل البيت عليهم السلام عبر الفضائيات إلى كل من تنقصه تلك الأفكار الإنسانية في منطوقها وجوهرها، فالفضائيات أصبحت قادرة على القيام بهذه المهمة، كما نقرأ في قول سماحة المرجع الشيرازي:

إنّ (القنوات الفضائية لها الأثر البالغ في عملية تسريع تحوّل الناس واستبصارهم بنور أهل البيت صلوات الله عليهم).

الوصول إلى العالم أجمع

قد يتعذّر الوصول إلى الناس فرداً فرداً، لإبلاغهم بمبادئ الخير والسلام والصلاح، لأسباب معروفة تتعلّق بالسفر وما ينطوي عليه من معوّقات، مثل تأشيرات السفر، والمنع، فضلاً عن القدرات المالية وضيق الوقت وما شابه، لكن يبقى هدف الإصلاح ماثلاً أمام الجميع، وواجباً على كل من يستطيع الإسهام في نشر فكر الاعتدال والرحمة والعدل والخير والحقّ والحريّة في ربوع الأرض كلّها، من الواضح أن مثل هذا الهدف الإنساني الجوهري، يستدعي قدرات وإمكانيات كبيرة، ولكن تبقى الإرادة تتقدّم على كل شيء، فإذا كان الإنسان ذا نيّة خالصة وإرادة فاعلة، في نشر مبادئ الإسلام وكلمة الحقّ وفكر أهل البيت عليهم السلام وكل ما ينتمي إلى إنسانية الإنسان، فهذا يكفي لكي يكون قادراً على المشاركة في تحقيق هذا الهدف.

يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الجانب: (قد لا يمكن وليس بالإمكان الوصول إلى الناس في كل العالم، لكن بالإمكان العمل عن طريق القنوات الفضائية، حيث بهذه الوسيلة الإعلامية يمكن الوصول إلى العالم كلّه. ومن مقدّمات هذا العمل هو المال، والأفراد، والعزم والتصميم، والنشاط والجهد، ونحو ذلك، وهذه كلّها واجبة).

وهكذا أصبح واضحاً، أن الجميع له دور في مجال نشر الخطاب الإصلاحي، ولو كان ذلك، عبر الفضائيات، فلا يصحّ التقاعس في هذا الجانب، خاصّة لمن هو قادر من حيث المال والقدرات الأخرى التي تتعلّق بالجوانب الفنيّة، أو القضايا الفكرية وكيفية توصيلها، وهو أمر يمكن معرفته ووضع الحلول اللازمة له، بالمعرفة والتخطيط والتنفيذ السليم، ولكن لابدّ من توافر إرادة التنفيذ والمشاركة قبل كلّ شيء.

والحقيقة إنّ الإنسان مطالب أن يعمل كل ما في وسعه في هذا الجانب الإصلاحي، كونه يتعلّق في توعية الناس وتنويرهم، لذلك يؤكّد سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، قائلاً في هذا المجال: (كل ما تقدرون عليه ولم تعملوا به فإنكم ستكونون مسؤولون عنه يوم القيامة. فاسعوا إلى هذا العمل شيئاً فشيئاً).