LOGIN
المقالات
alshirazi.org
الشباب الشيعة على طريق أهل البيت
رمز 235
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 4 يناير 2015
 
شبكة النبأ المعلوماتية: قد يتساءل الشاب المسلم لِمَ خلقهُ الله لهذه الدنيا؟، بل كثيراً ما يتساءل الإنسان على وجه العموم، عن السبل التي ستقوده إلى الحياة الأخرى، وطالما آمن الإنسان بهذا الانتقال الحتمي من دار الدنيا إلى دار الآخرة، فلا شكّ أنه سوف يحتاج إلى قنطرة، تنقله من ضفة الدنيا، إلى ضفة الدار الأخرى، ولا شكّ أن بين الضفتين بحار من الأعمال والنوايا، لابدّ للإنسان أن يحسن التعامل معها، بما يرضي الله تعالى، ويحفظ حقوق الناس وحرمتهم، في جميع الظروف والأحوال.

في هذا الصدد يؤكّد سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في إحدى كلماته التوجيهية للمسلمين على: (إنّ الله سبحانه وتعالى خلق الناس للدنيا، يعيشون فيها كل بمقدار من العمر، ثم ينتقلون إلى الآخرة ويعيشون فيها أيضاً).

وفي هذه الحالة تكون الدنيا نفسها الجسر الذي ينقل الشباب وغيرهم إلى ما بعدها، ولابدّ لهم أن يعبروها بالطريقة التي تؤمن سلامة وصولهم إلى ما يبتغون من النجاح والتوفيق، وهذا يتطلّب منهم وعياً وإيماناً متميّزاً حقيقياً، وطريقاً مضموناً يساعدهم على الوصول إلى ضالتهم بأمن وسلام، ولاشكّ أن الشباب يحتاجون إلى من يساعدهم في هذا المجال، هنا ستظهر الحاجة جلية إلى أئمة أهل البيت عليهم السلام، كونهم الطريق الآمن بنقل الشباب الشيعة وغيرهم من الفئات العمرية، إلى ضفة الآخرة.

كما نلاحظ ذلك في قول سماحة المرجع الشيرازي في كلمته نفسها: إنّ (الدنيا كالجسر، كما في الحديث الشريف عن النبيّ عيسى على نبيّنا وآله وعليه الصلاة والسلام: ((إنّما الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها)). والإنسان يحتاج للقنطرة لمدّة قليلة ربما لفترة دقيقة أو أقلّ. فهكذا يجب على الإنسان أن يستفيد من الدنيا).

ويصوّر سماحة المرجع الشيرازي حياة الإنسان وتنقّله من سوق إلى آخر بأنها تشبه الأسواق المختلفة التي تضمن معيشة الإنسان، إذ يؤكّد سماحته قائلاً في هذا الصدد: (توجد في الدنيا أسواق مختلفة لمعيشة الإنسان، ومنها سوق الذهب، والسجاد، والفاكهة، والأقمشة، وغيرها. ويعمل الإنسان في إحدى هذه الأسواق، فإذا لم يوفّق في أحدها تراه ينتقل إلى سوق ثان وآخر وهكذا إلى أن يوفّق). لذلك يبقى الإنسان في حركة مستمرة، وبحث دؤوب عن السبل الأفضل التي تؤدّي به إلى ضمان الأحسن، والأكثر قدرة على مساعدته في تحقيق ضالته بالنجاح.

أهل البيت ضمان لنا
نتفق جميعاً على أن اجتياز قنطرة الحياة الأولى بسلام، ليست هدفاً سهلاً أو متاحاً للشباب على وجه الخصوص، ولا هو مرور مضمون في كل الأحوال، بل يتعلّق الأمر بما يقوم به الإنسان من أعمال وأفعال، وبما يقدّمه من أفكار وفوائد للإنسانية، وبما يؤكّد إنسانيته وصلاحه في التعامل مع الآخر، وهذه المبادئ تحتاج إلى دليل وطريق سليم خاصة لمن هم في مقتبل العمر، وليس هناك أكثر سلامة من طريق أهل البيت عليهم السلام، فهو الطريق المضمون الذي يقود الشباب وسلام إلى الدار الأخرى، شريطة الالتزام بمبادئ أهل البيت عليهم السلام، ووصاياهم في كل المجالات، كونها المعيار الذي يضع حاجزاً واضحاً بين الخير والشر، لذلك يحتاج الإنسان أن لا يخسر هذا الضمان الأكيد.

لذا يقول سماحة المرجع الشيرازي في كلمته المذكورة: (إذا لم يوفّق الإنسان في سوق أهل البيت صلوات الله عليهم بالآخرة، فأين يولّي وجهه؟ لذا على كل واحد أن يصرف كل حياته في سبيل أهل البيت صلوات الله عليهم). وإذا كان عمل الشباب مناقضاً لهذا الطريق، ولا يلتقي مع المبادئ الإسلامية الإنسانية لأهل بيت النبوة عليهم السلام، فإنّ الخسارة هنا ستكون كبيرة، والحسرة سوف تملأ الصدور.

كما نقرأ ذلك في قول المرجع الشيرازي عندما يقول سماحته بوضوح: إنّ (العمل في غير سبيل أهل البيت صلوات الله عليهم، هو باطل ويورث حسرة وحسرة عظيمة، ويقول القرآن الكريم: ((وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ)) سورة مريم: الآية 39). وطالما كان هناك إنذار واضح، فليس أمامنا سوى التمسّك بهذا الطريق المضمون، لاسيما أنه يلتقي بالخير في أوسع أبوابه وفضاءاته، ويقدّم للإنسان حلولاً ناجعة لتحصيل النجاح في الدنيا أولاً، ومن ثم يقوده بصورة مضمونة إلى النجاح في الدار الأخرى، وهو هدف عظيم ونتيجة أعظم، يسعى إليها جميع الناس في المعمورة كلها.

وهناك قضية أخرى تتعلّق بتشجيع الجميع على سلوك طريق أهل بيت النبوة عليهم السلام، ومنهم الشباب كونهم عرضة للتغرير والانحراف، حتى يكون الخير عميماً يشمل الجميع شيباً وشباباً، خاصة ان هناك شرائح معيّنة تحتاج هذا التشجيع والتنوير والتحريض أيضاً، وهذه مهمة الكبار أولاً، ثم من يليهم، لغرض كسب أكبر عدد من الناس من كل الفئات العمرية لاسيما الشباب، وتوجيههم نحو الطريق الأضمن والأفضل.

لملمة الشباب الشيعة
لاشكّ أن عقلية الشباب لها مواصفات معيّنة، وملامح قد تختلف عن عقليات الفئات العمرية الأخرى، فالشباب كما هو معروف، غالباً ما يكون متحمّساً مندفعاً لتحقيق أهدافه، وهذا الأمر مقترن بطبيعته الفسيولوجية، العمرية، فضلاً عن البيئة والحاضنة التي ينشط فيها، لذلك إذا كانت البيئة غير سليمة والحاضنة تنطوي على مشاكل أو شيء من سبل الانحراف، فإنّ الأمر المطلوب في هذه الحالة، بخصوص الشباب الشيعة، هو توجيههم نحو الطريق السليم، ومساعدتهم على الاستدلال والتوجّه السليم، فالشباب الشيعة دائماً بحاجة إلى حالة من التوازن تجعلهم قادرين على رؤية الجادة الصواب، وهي القنطرة التي يحتاجه الجميع، للعبور بأمان من محطة أولى شائكة قلقة ممثّلة بالدنيا الزائلة، إلى دار يتمثّل فيها الثبات والديمومة وهي الدار الأخرى، لذلك حتى أئمة أهل البيت عليهم السلام، أكّدوا بأنفسهم على أهمية لملمة الشباب، وحمايتهم من التشرذم والتشتّت والغموض في الرؤية.

يقول سماحة المرجع الشيرازي، بكلمته نفسها، حول هذا الموضوع: إنّ (المسألة المهمّة عند أهل البيت صلوات الله عليهم، التي كرّروها وأكّدوا عليها كثيراً، هي مسألة شباب الشيعة. فاسعوا إلى لملمة شباب الشيعة، وهذه مسؤولية كبيرة على الكبار بالنسبة إلى الشباب، وعلى الشباب بالنسبة إلى نظرائهم).

إذاً هناك مسؤولية واضحة في تحقيق هذا الهدف، تبدأ بالكبار عمراً وتجربة وعلماً، وصولاً إلى الشباب أنفسهم، فالشاب الملتزم بطريق الأئمة عليهم السلام، وبالمبادئ الإنسانية الخلاّقة لمدرستهم، عليه واجب تنوير نظرائه من الشباب ممن لم يتمكّن من هضم ومعرفة هذا الفكر الإنساني الخالد لأيّ سبب كان، وعندما يتم إصلاح شاب واحد، هذا يعني ان هناك شباباً آخرين سوف يلتحقون في هذا المسار الإنساني الإسلامي المضمون، وهي نتيجة يطمح لها الشباب دائماً، لكنهم بحاجة إلى المساعدة والتنوير في هذا المجال.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الشأن: إنّ (صلاح شابّ واحد في العقيدة يصلح الكثير من الشباب، والعكس بالعكس يصدق أيضاً. فحاولوا أن تصبّوا طاقاتكم وقدراتكم في لملمة شباب الشيعة، وفي تربيتهم على الأمرين التاليين: عقائد أهل البيت، وأخلاق أهل البيت صلوات الله عليهم). وعندما يضمن الشباب الوصول إلى هذين الأمرين، ويتم تحقيقهما، فإنهم سوف يمتلكون القدرة على عبور قنطرة الحياة الشائكة، بأمن وسلام ونجاح.