LOGIN
المقالات
alshirazi.org
ولادة الإمام المهدي وتجديد إرادة الحقّ قولاً وفعلاً
رمز 261
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 6 يونيو 2015
شبكة النبأ المعلوماتية: طريق الحقّ، يعدّ أقصر الطرق نحو حياة متوازنة مستقرّة تنطوي على شروط التقدّم كافّة، وفي الوقت نفسه، هو طريق العبور من الحياة الأولى إلى الأخرى بنجاح، وهذا يعني أن من يسلك طريق الحقّ، سوف يضمن النجاح في الدارين، وهذا الهدف يعدّ أصعب الأهداف قاطبة بالنسبة للإنسان، لأن الإنسان بتركيبته النفسية والتكوينية غالباً ما يواجه اختباراً عسيراً في النجاح بالدارين معاً، فهناك من يضعف ويتمسّك بالدنيا وإغراءاتها وما ينتج عن ذلك من رفض للحقّ واصطفاف مع الباطل، الأمر الذي يجعل الإنسان رابحاً في الدنيا الزائلة مقابل خسارته للدار الأبقى، وهي الدار الآخرة، وهناك من يطلّق الدنيا ويرفض ملذّاتها، غير ملتفت لما تتطلّبه الحياة من عمل وبناء وما شابه، مع أن حياتنا المعاصرة تستدعي من الإنسان الموازنة بين متطلّبات الدارين، الأولى والثانية.

لذلك فالإنسان مطالب بحالة التوازن بين متطلّبات الحياة التي يعيشها الآن، وما تستدعيه من سعي وكدّ وتعب وبناء مادي ومعنوي متواصل، وبين ما تريده الحياة الأخرى من أعمال فاضلة تسجّل في سجلّ الإنسان وتحسب له يوم الحساب، لذلك ليس أمام من يريد النجاح سوى التمسّك بطريق الحقّ، وهو طريق الإمام المهديّ عجّل الله فرجه الشريف، فضلاً عن كونه طريق الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، فلا فرق بين الطريقين، ولابدّ لنا من التواضع والتمسّك بالحقّ إذا كان هدفنا حياة أفضل وآخرة مضمونة المراتب، من هنا علينا أن نتواضع للحقّ.

يقول سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في الكتاب الموسوم (من عبق المرجعية) في هذا المجال: (بتواضعنا للحقّ يتحقّق رضا الإمام عجّل الله فرجه الشريف عنّا). وهذا الطريق يتطلّب إرادة قويّة وصادقة، ويستدعي الثبات فيه مهما كانت المصاعب التي ينطوي عليها، فطريق الحقّ يعد من أصعب الطرق كما نقرأ ذلك في قول الإمام علي صلوات الله عليه وهو يدعونا لسلوك طريق الحقّ: (لا تستوحشوا طريق الحقّ لقلّة سالكيه).

ولكن سلوك طريق الحقّ، هو السبيل لخلاص الإنسان، وهو الذي يمهّد لنجاحه في الاختبار الدنيوي الشاق، ويمنحه الدرجة التي تؤهّله للحصول على الرضوان الإلهي في الدار الآخرة، ولا شكّ أن من يدخل طريقاً صحيحاً ويمضي فيه قُدُماً، فإنّه سوف يصل إلى هدفه طال الوقت أم قصر.

كما نقرأ في قول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الجانب: (لنعاهد الله في ذكرى مولد الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف على أن نبدأ بسلوك طريق الحقّ؛ فلعلنا نبلغ المقصود بعد زمان طال أو قصر، فإن من سلك الطريق لا بدّ وأن يصل).

السعي لتحصيل رضا الإمام
ولا شكّ أن سلوك الإنسان المؤمن في طريق الحقّ، سوف يقوده في النهاية إلى تحصيل رضا الإمام عجّل الله فرجه، والحقّ هنا يستدعي القيام بالواجب كما تنص عليه مبادئ الإسلام وضوابط العقيدة، ومن يتسنّى له السير في هذا الطريق، متجنباً العثرات والزلل، فهو حتماً سوف يبلغ المرتبة التي يستحقّها، من سعى وواصل سعيه في طريق الحقّ، متمسّكاً بأداء واجباته، مهتدياً بما تنصّ عليه عقيدته روحاً وشكلاً وجوهراً.

لذلك يدعونا سماحة المرجع الشيرازي إلى تجديد الإرادة والرأي قولاً وفعلاً، بمناسبة ذكرى مولد الإمام الحجّة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، كي نرتقي بأخلاقنا وأقوالنا وأفعالنا تحصيلاً لرضا الإمام كوننا سلكنا طريق الحقّ من دون خوف أو مجاملة أو تردّد، خاصة اننا نعيش في عالم المصالح القائمة على البراغماتية والمنفعة الظالمة، فهناك من يقف مع الظلم مجاملاً الظالم من أجل مصلحته مع الظالم، وهذا خلاف الحقّ، لكنه للأسف موجود في مجتمعنا، الأمر الذي يتطلّب التنبّه لهذا الخطأ الجسيم، وتصحيح سلوك الإنسان وفكره في هذه المناسبة الجليلة، بما يجعله سائراً في طريق الحقّ ومتواضعاً له.

لذا ينصح سماحة المرجع الشيرازي بأن نتّخذ من ذكرى مولد الإمام المهديّ عجّل الله فرجه الشريف، نقطة شروع وبداية صحيحة، لتصحيح الخطأ والسير في طريق الحقّ، أملاً بالحصول على رضا الإمام عجّل الله تعالى فرجه، كما نقرأ ذلك في قول سماحته بالكتاب المذكور نفسه: (لنحاول في مناسبة مولد الإمام الحجّة عجّل الله فرجه الشريف تحصيل رضا الإمام فإنّه رضا الله، ورضا الإمام هو في أن نعمل بواجبنا وعقائدنا).

لاسيما أن الإمام المهديّ يعدّ مرآة كاملة للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، لذا فإننا مطالبون بالسعي الدائم، باستثمار الفرصة لكي نجدّد السير في طريق الإمام عجّل الله فرجه الشريف، وخاصة في هذه الأيام المباركة التي تشهد ولادته الشريفة، إذ يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال: إن (الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه، مرآة كاملة المظهر للرسول صلى الله عليه وآله في كل شيء، ما عدا مقام نبوّته). ويضيف سماحته قائلاً حول الموضوع نفسه: (على كل شخص مكلّف أن يتعلّم ويعرف ما هي الواجبات والمحرّمات عليه وعلى الآخرين للعمل بها وتعليمها والأمر بها حتى الوصول إلى حدّ تتحقّق فيه الكفاية، فهذه هي المسؤولية، وهذا ما يسرّ مولانا الإمام الحجّة عجّل الله تعالى فرجه ويجعله يرضى عنّا).

إقامة أركان العدل
من السبل الداعمة لطريق الحقّ، العدل، لذلك فإنّ إقامة أركان العدل مهمة سوف يقوم بها الإمام الحجّة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه، كي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، بعد أن ملئت ظلماً وجوراً، فقد عاث بها الفاسدون والمفسدون والظالمون والطغاة فساداً، وصاروا أقوياء على الضعفاء وانتهكوا حقوق الفقراء، وظلموا الإنسان الذي كرّمه الله أحسن تكريم، عندما خلقه حرّاً، وجعله سيّداً على الكائنات، وهذا ما سيفعله الإمام المهديّ عجّل الله فرجه الشريف، وحكومته العادلة التي ستثبّت أركان العدل في أرجاء المعمورة كافّة.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال بالكتاب نفسه: (إنّما جاء الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف أصلاً لإقامة أركان العدل، العدل الذي يشكّل مطلباً طبيعياً وفطرياً للإنسان). وهذا ما يحتاج له الإنسان فعلاً، أي تثبيت العدل من خلال تثبيت أركانه كافّة، وهذا هو الذي يتوافق مع فطرة الإنسان تماماً.

علما أن نهج الإمام الحجّة المنتظر عجّل الله فرجه الشريف لا يقوم على الشدّة، ولا على العنف، إنما على العدل الذي يقترن باللين والرحمة، فمنهج اللين هو الذي يتقدّم المناهج في إدارة شؤون الناس كافّة، ولكن هذا لا يعني غياب العدل، وعدم السير في طريق الحقّ، بل على الإنسان والمسلمين على وجه الخصوص، أن يقوموا منذ الآن بالاستعداد لعصر الإمام الحجّة عجّل الله فرجه، وذلك من خلال تمسّكهم بالحقّ، وترجيحهم لكفّة العدل دائماً، فهذه هي القاعدة التي يقوم عليها منهج الإمام الحجّة، وعلينا جميعاً أن نتمسّك بها لنحصل على رضاه، ونكون من مؤيّديه ومحبّيه وأنصاره.

من هنا يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الجانب: (لا يقيم الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف أساس حكمه على قواعد الشدّة والعنف، وإنما على العدل واللين والرحمة والحسنى).