LOGIN
المقالات
alshirazi.org
الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف ورؤية ما وراء السطور
رمز 311
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 19 مايو 2016
شبكة النبأ: ونحن نفكّر ونخطّط ونتحرّك ونتكلّم كي ننجز شيئاً ما، فإن هناك من يقرأ أفكارنا، ويكتشف نيّاتنا ويعلم بمخطّطاتنا، ويرى حركاتنا ويسمع كلامنا، باختصار هناك من يرى ما نبطن ونظهر على حد سواء، وإذا كان الظاهر معروفاً، فإن الباطن كما نظن سيبقى خافياً، ولكن هنا من لا يخفى عليه شيء، إنه يرى من وراء (السطور)، فمن يمتلك مثل هذه القدرة على كشف بواطن الإمور؟؟، إنه المنقذ المخلص والحجّة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

يقول سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، في الكتاب الموسوم (من عبق المرجعية)، إنّ الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف: (يرى كلامنا وأجسامنا وكل ما يظهر منّا، ويرى كذلك ما وراء الكلام والسطور، ويرى الفكر والنوايا، فهو يرى الشيء الذي نفكّر فيها عندما نتكلّم أو نكتب).

وتأسيساً على هذا القول، تُثار تساؤلات عديدة في منتهى الأهمية، أهمها من له القدرة على رؤية ما يبطن الناس، ويتمكّن من قراءة النفوس، ويعرف مسبقاً ماذا تخطّط العقول؟، ويحدّد مسبقاً مسارات الخير والشر لهذا الإنسان أو ذاك، انها أشبه بالمعجزة وهي هبة إلهية لا يمنحها الله تعالى إلاّ لمن يستحقّها، ومن يحصل على هذه المكانة فإنه مخوّل بالارادة الإلهية للقيام بمهام عظيمة، منها نشر العدل في الأرض، وتعويض الفقراء والمحرومين، ومقارعة الجبابرة والظالمين، تُرى من له كل هذه القدرات العظيمة، غير الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف؟

لذلك يقول سماحة المرجع الشيرازي في الكتاب المذكور نفسه: (لنحاول في مناسبة مولد الإمام الحجّة عجّل الله فرجه الشريف تحصيل رضا الإمام فإنه رضا الله، ورضا الإمام هو في أن نعمل بواجبنا وعقائدنا).

لقد أراد الله سبحانه، أن يرعوي الإنسان، وأن يكون عادلاً وفاعلاً على الأرض، فمع الحركة والانتاج وتقابل الإرادات والمصالح والطموحات وحالات الجشع والطمع، هناك مبدأ عظيم اسمه العدل والمساواة، بغياب هذا العدل ينتشر الظلم، ويزداد الفقر، ويعاني أناس كثر من هذا الظلم، في حين تبقى أقليّة طاغية تتنعم بحقوق الفقراء تجاوزوا على ما يدعو إليه الله والإسلام والرسول الكريم صلى الله عليه وآله وأئمة أهل البيت صلوات الله عليهم، علماً أن الأنبياء الذين أرسلهم سبحانه إلى الأمم كان الهدف دائماً هو إصلاحهم ووضع أقدامهم على الجادة الصواب، وإذا بقي هذا الهدف غير مكتمل، فإنّ الإمام الحجّة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، هو الذي سيقوم بدور الاكتمال التام لإرادة الله.

يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الموضوع: (سيحقّق الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف، وكما وعد الله سبحانه، النتيجة النهائية التي أرادها الله تعالى من وراء بعثة الرسل والأنبياء كلهم، من لدن آدم حتى النبي الأعظم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).

مضاعفة المطالعة العميقة
كيف يفهم الإنسان العادي، هذه المهام المهدوية الكبيرة، وكيف يطّلع على هذه الأمور الكبيرة في جوهرها، إنّ عملية الإصلاحات سينهض بها الإمام المهديّ صلوات الله عليه كبيرة وعظيمة وتحتاج إلى معرفة كبيرة واستعداد وفهم كبير وعميق، ولذلك لابد أن يطّلع جميع الناس المؤمنين بدور الإمام المهدي المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف ويتدبّروا هذا الأمر بصورة جيّدة ومكتملة، كي يعرفوا ويطّلعوا على طبيعة المهام التي يقوم الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف، بعد ظهوره، وما هي طبيعة التمهيد المطلوب في هذا المجال، فهناك كتب كثيرة وموثوقة تقدّم مثل هذه المعلومات الكبيرة لجميع الناس، منها على سبيل المثال كتاب (لماذا الغيبة) لمؤلّفه الفقيه السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي (أعلى الله درجاته) وهو في عليين.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال بالكتاب المذكور نفسه: (إنّ موضوع الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه من المواضيع العميقة والواسعة، والمتشعّبة الجوانب، والكثيرة الفروع، الأمر الذي يتطلّب منّا أن نزيد من مطالعاتنا، وبتدّبر، في هذا الموضوع الهام).

ولأن الله تعالى أوكل مهمة الإصلاح الأبدية إلى الإمام الحجّة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، فهذا يعني أن الإمام يرى أعمالنا ويعرف ما في نفوسنا وإن لم نعلن أو نُظهر ذلك، فكل الأعمال التي نقوم فيها على وجه البسيطة بأدقّ تفاصيلها ظاهرة للإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف ويعرفها بالتفاصيل.

يقول سماحة المرجع الشيرازي عن هذا الجانب: (إنّ الإمام صاحب العصر والزمان عجّل الله فرجه الشريف يرانا ويرى أعمالنا، كما ورد في تفسير قول الله تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).

الإمام مؤيّد بروح القدس
إنّ الإمام الحجّة عجّل الله تعالى فرجه الشريف مؤيّد بروح القدس، ولذلك له قدرات كبيرة منحها الله تعالى له، كي يقوم بالدور الإصلاحي الذي يكون قادراً على تحقيق ما عجز عنه قادة البشر، فمبدأ الإصلاح يحتاج إلى العدل والمساواة والقدرة على استبطان ما تضمره النفوس والعقول والقلوب من أفكار ونوايا وأعمال، لذلك يرى الإمام في كل ساعة بل في كل لحظة، أدقّ التفاصيل ويسمع الكلام ويقرأ ما في أعماق الإنسان.

كما يؤكّد ذلك سماحة المرجع الشيرازي قائلاً في هذا المجال: (الإمام المهديّ عجّل الله فرجه الشريف، وكما في الروايات، مؤيّد بروح القدس، وبينه وبين الله عزّ وجلّ عمود من نور يرى فيه أعمال العباد، وكل ما يحتاج إليه، فهو يرى كلامنا وأجسامنا وكل ما يظهر منّا، ويرى كذلك ما وراء الكلام والسطور، ويرى الفكر والنوايا، فهو يرى الشيء الذي نفكّر فيها عندما نتكلّم أو نكتب، وفيما إذا كانت نيّاتنا وأفكارنا لله؟ أو لكي يقول الآخرون عنّا أننا نجيد الكلام أو الكتابة وأن مواضيعنا أفضل من غيرنا؟ هذه الأمور يراها الإمام أيضاً.. يراها منّا في كل ساعة وفي كل لحظة).

لهذا على الإنسان المؤمن أن يستعدّ لدوره في الحياة بصورة جيّدة، وعليه أن يبتعد عن التجاوزات والمحرّمات، وأن يسهم في صناعة الحياة التي ترتكز على مقومات الخير والسعادة وكل القيم التي ترضي الله ورسوله وإمام العصر الحجّة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، ولا يوجد أحد غير مشمول بهذه الواجبات المهمة، فطالما يبلغ الإنسان المسلم سنّ التكليف، فإنه يدخل ضمن الناس المشمولين بالواجبات التي وضعها الشرع، وأرادها الله تعالى ورسوله، وأكّد عليها أئمة أهل البيت صلوات الله عليهم.

أما دور الإمام الحجّة المنتظر فهو رؤية ما هو مخفي من الأفكار والنوايا والأعمال، ورؤية ما وراء السطور، فلا شيء يقوم به الإنسان ويبقى طي الكتمان، فلابد أن يظهر ويخضع للحساب، لذلك على الإنسان المسلم أن يفهم هذا الأمر جيّداً، ويستعد الاستعداد التام ليوم الحساب، فضلاً عن أن الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف يرى أعمالنا حتى ما نخفي منها، ويقرأ سطورنا التي لا تظهر للآخرين، لذلك علينا الالتزام بالعمل الصالح الذي يرضي الله ورسوله وأئمة أهل البيت والإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف، لكي ننال رحمتهم في الدنيا والآخرة، ولكي نسهم في بناء حياة متطوّرة لعموم المسلمين.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الصدد: (على كل شخص مكلّف أن يتعلّم ويعرف ما هي الواجبات والمحرّمات عليه وعلى الآخرين للعمل بها وتعليمها والأمر بها حتى الوصول إلى حدّ تتحقّق فيه الكفاية، فهذه هي المسؤولية، وهذا ما يسرّ مولانا الإمام الحجّة عجّل الله تعالى فرجه ويجعله يرضى عنّا، فإن من أدّى مسؤوليته بصورة صحيحة كان مرضياً عند الإمام، أما من لم يؤدّ مسؤوليته فليس بمرضي عنده صلوات الله عليه).