LOGIN
المقالات
alshirazi.org
تجريم فقه الإرهاب.. ضرورة ملحّة
رمز 39
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 30 يناير 2012
من جديد، شهدت الزيارة الأربعينية حضوراً مليونياً باهراً في مواقف الزائرين الإيمانية والعاطفية، وفريداً بنبل المشاركين وكثافة عددهم. ومن جديد تؤكّد الوقائع أن استمرار الزيارات الحسينية الحاشدة من دعائم حفظ الدين والسبيل لترسيخ قيم العدل والحريّة والسلام والمحبّة والتعاون، وبالتالي فإن اندفاع الناس إلى المشاركة فيها من صالح الأعمال، كما أن العمل على توفير أمن المشاركين فيها مسؤولية كبرى. وفي الزيارة الأربعينية لهذا العام - كما في الأعوام السابقة – استشهد وجرح المئات من زوّار سيد الشهداء الإمام الحسين صلوات الله عليه جرّاء العمليات الإرهابية. كل هؤلاء الضحايا وقعوا رغم العمليات الأمنية الاستباقية التي أجهزت على عشرات الشبكات الإرهابية التي أعدّت عدّتها وانتحارييها للقيام بعمليات ضد الزائرين. كل هؤلاء الضحايا وقعوا رغم إفشال الأجهزة الأمنية لعشرات العمليات الكبرى, ومنها إفشال عملية انتحارية لتفجير صهريج يحمل 30 ألف لتر بنزين وسط حشود الزائرين. وهذا يعني أن هؤلاء الإرهابيين - وهم من أتباع جماعة مذهبية معروفة - لو سنحت لهم فرصة قتل الملايين من هؤلاء الزوّار لما تردّدوا لحظة، وبالتالي كأن مجتمعاتنا تعيش وسط قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في أيّ لحظة.
يشير مراقبون إلى أن الخطورة التي تداهم البلدان العربية - اليوم - هي أن الجماعات المتطرّفة باتت تعمل علانية لاستقطاب الشباب الذين يرون فيها البديل عن الديكتاتوريات العلمانية. بموازاة ذلك، ليس هناك تنديد فقهي واضح وواسع بالفقه الإرهابي سوى آراء فردية تصدر من هنا وهناك، وهي آراء غالباً ما تكون مجتزأة، بينما في كل يوم تنعق فضائيات التكفير بدعاوى الفتك وصراخات الهتك. وفي كل يوم تصدّر فتاوى تحثّ على قتل الرافضة، وكان أخيرها وليس آخرها دعوة أحد السلفيين في تونس إلى عدم ترك (الروافض يحكمون العراق)، مبيّناً أن في (المجاهد) الذي يقاتل الروافض فإنه (يحقّق فرضاً من الفروض وهي نصرة المسلمين ومقاتلة أعداء الدين). مؤكّداً أن الإرهابي الذي قاد المجموعة التي قامت بتفجير مرقد الإمامين العسكريين صلوات الله عليهما في سامراء المقدّسة والذي أعدم في العراق مؤخراً هو من خيار (السلفية الجهادية) داعياً (المؤمنين) إلى التشرّف باستقبال جثمان هذا المجرم معتبراً تكريمه (واجب ديني).
إزاء هذا الاستهتار بدماء الشيعة ومقدّساتهم لم يقف المجتمع الدولي - حتى اليوم - بمسؤولية أمام هذه الهجمات الوحشية التي يتعرّض لها الشيعة في العالم وخاصة في العراق منذ عقود طويلة، حيث لابد من موقف حازم حيال دول تدعم الإرهاب، ومؤسسات تكفيرية وجمعيات (خيرية) تموّل التطرّف، ووسائل إعلام تروّج ثقافة القتل والكراهية، وجميع هذه الأطراف معروفة، لاسيما وأن فتاوى التكفير باتت في انتفاخ واتساع، وهو ما يلزم بتجريم دولي ومجتمعي لفتاوى التكفير، حيث إن تجريم التكفيريين بات ضرورة ملحّة وعاجلة. كما أنه وفي ظل تفاقم التحدّيات الإقليمية على الشيعة في العالم لابدّ لبعض الشيعة من النظر للمصلحة العامة وعدم الاستغراق بالقضايا الضيقة والمصالح الخاصة، وتعزيز اللحمة الوطنية وقيم العيش المشترك، والسعي للارتقاء بواقع المجتمع إيمانياً وحياتياً، والعمل بـ(حكمة وحزم) لتأمين حياة أبنائهم وسلامة بلدانهم.
 
المصدر: نشرة أجوبة المسائل الشرعية: العدد 172.