LOGIN
المقالات
alshirazi.org
نظام الحكم الإسلامي ومواصفات الحاكم
رمز 81
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 6 سبتمبر 2012
شبكة النبأ: معظم الأنظمة السياسية في العالمين العربي والإسلامي، تضع في دستور الإسلام ديناً رسمياً لدولها، ولكن المشكلة الكبرى تكمن في عدم التزام هذا الأنظمة بجوهر الإسلام، أي ان الحكّام وأنظمتهم في الدولة الإسلامية، يعلنون شيئاً، وينتهجون سبلاً اخرى تظلم شعوبهم، وتسلب حقوقهم، ويحمون عروشهم بالحديد والنار والقتل والسرقة وما إلى ذلك من أساليب، انتهجتها الأنظمة المستبدّة، التي تدّعي الإسلام وهي بعيدة عنه كل البعد.

النقص في تطبيق الإسلام
تتعمد الحكومات الدكتاتورية على غبن الشعب، فتعمد إلى تطبيق الإسلام بصورة شكلية لا جوهرية، وحسب مصالحها، فمثلاً تطبّق جلد الزاني وتقطع يد السارق فقط لا غير، وكأن الإسلام يكمن في هذه العقوبات فقط!!، بل الإسلام دين راقي ومنهج حياة كامل، ولكن التهرّب من تعاليم الإسلام يتم من لدن هذه الأنظمة لأنه يساوي بين الحاكم والمحكوم في الحقوق والواجبات.

يقول سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في كتاب (من عبق المرجعية): (تطبيق الإسلام بصورة ناقصة يعطي صورة مشوّهة عن الإسلام، وهذا هو حال بعض الدول الإسلامية اليوم المتبجّحة بتطبيق الإسلام مع أنها لا تطبّق إلاّ جَلْد الزاني وقطع يد السارق، فهل هذا هو الإسلام وحسب؟).

لذا يؤكّد المرجع الشيرازي، ان الإسلام ليس أقوال فقط، بل تعاليم تتجسّد في الأعمال والأفعال، لاسيما في إدارة الدولة وشؤون الشعب، حتى لو أعلن الحاكم انه مسلم، وحتى لو أعلنت الدولة إسلامية، هذا وحده لا يكفي، يجب أن يتم تطبيق الإسلام بمبادئه وتعاليمه لضمان حياة عادلة وجيّدة للجميع، لذا يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال: (الدولة غير الإسلامية هي الدولة التي لا تحكم بالإسلام أي لا تطبّق قوانين الإسلام، وإن كانت تسمّي نفسها إسلامية، فليس المهم الاسم بل التطبيق والعمل).

الحاكم بين الواقع والظاهر
إنّ الحاكم الذي يعلن نفسه إسلامياً، ويعلن دولته إسلامية، عليه أن يلتزم بتعاليم الإسلام، وإلاّ فإن الإعلان وحده لا يكفي، ولا يصحّ أن يتبجّح الحكّام بالدين كأقوال فقط، أو انتساب بالاسم فقط، الإسلام منهج حياة يضمن حقوق الجميع، وعلى الحاكم وحكومته تطبيق الإسلام لضمان حياة أفضل للناس.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الخصوص: (كل حكم لا ينتهي إلى الله فهو غير مشروع وغير إسلامي وإن كان صادراً عن دولة تسمّى إسلامية؛ لأن المهم الواقع وليس الظاهر، فلو صنعت من الكارتون شكلاً على هيئة إنسان فهل يصبح إنساناً مع أنه لا روح فيه ولا يتكلّم ولا يرى ولا يفكّر؟ أم أن الإنسان هو هذا الكائن الذي يتحرّك ويريد ويقوم ويقعد ويفكّر).

لذلك, القول واللفظ وحده لا يكفي أبداً ما لم يدعمه الفعل الواقعي على الأرض، حتى لو أعلن انتماءه للإسلام، إذ يضيف سماحة المرجع الشيرازي قائلاً في هذا المجال: (لا يكفي للحاكم أن يقول: إنني حاكم إسلامي، بل لا بد أن يكون مستنداً إلى القرآن والسنّة، فما لم يؤيّده القرآن والسنّة والمعصومون سلام الله عليهم ويقولون أنه من عند الله، فهو في واقعه غير إسلامي وإن تسمّى بالإسلام).

ولهذا يجب أن نرفض اسلوب الشعارات الجيّدة في مضمونها، ولكنها لا تنفّذ على الأرض، فالعمل الحقيقي هو الذي يطبّق فعلاً لا قولاً فقط، لذا يقول سماحة المرجع الشيرازي في الكتاب المذكور نفسه: (إننا لا نسير خلف الأسماء والشعارات بل خلف الواقع).

الإسلام وادارة شؤون المجتمع
ثمة منهج في الإسلام يناسب حياة الناس، كونه يراعي جميع الظروف الإنسانية المحيطة بالإنسان، وتنحو التعاليم الإسلامية إلى تحقيق العدل والمساواة والرفاه، وتدعيم الجانب الأخلاقي لدى الناس عموماً، يقول سماحة المرجع الشيرازي في كتاب من عبق المرجعية: (لا شكّ أن الإسلام له نظام خاص للحكم، وإدارة شؤون المجتمع، كما لا شكّ في أن هذا النظام الإسلامي الخاص قد طُبّق في البلاد الإسلامية طيلة ثلاثة عشر قرناً حتى سقوط الدولة الإسلامية قبل أكثر من نصف قرن، سواء أكان التطبيق تامّاً أم ناقصاً).

لذا فالحكم الإسلامي لا يشبه الحكم الجمهوري، إنما هو حكم استشاري غير مستبد، كما نلاحظ ذلك في قول سماحة المرجع الشيرازي بهذا الخصوص: (الحكم في الإسلام لا جمهوري ولا ملكي، بالمعنى المصطلح لهما في قاموس عالم الغرب اليوم، بل استشاري، ويصحّ أن نطلق عليه هذا الاسم باعتبار الاستشارية اسم.. لـ(الجمهوري)، فإنه ليس الحكم في الإسلام ملكياً وراثياً).

أما بخصوص مواصفات الحاكم الإسلامي يقول سماحة المرجع الشيرازي: إن (مواصفات الحاكم الإسلامي: أنه رجل مؤمن، متفقّه في الدين تماماً، يعرف شؤون الدنيا، ويتحلّى بالعدالة التامة، فمتى ما توفّرت في الإنسان هذه الشروط, ورضي به أكثر الناس صار حاكماً، وإذا فقد إحدى هذه الشروط عزل عن منصبه فوراً، ولكن إذا لم ترض الأمة ببقائه رئيساً حقّ لهم تبديله إلى غيره ممن جمع الشرائط).

لقد أدّى التناقض بين أفعال الحكام وقراراتهم، وبين جوهر الإسلام، إلى تخلّف الدول الإسلامية عن الركب العالمي، والسبب هو عدم اعتماد الأنظمة السياسية لمبادئ الإسلام، كالعدالة وإحقاق الحقّ، ورفع الحيف والظلم عن ضعفاء القوم، وهكذا تتحوّل شعارات الأنظمة الفاشلة إلى أقوال ناصعة جميلة، ولكنها تبقى أقوال فقط ولا تتجسد إلى عمل ملموس، لذا يقول سماحة المرجع الشيرازي: إن (السبب فيما نراه في البلاد الإسلامية اليوم من نواقص، ومشاكل، يعود إلى أنها إسلامية بالاسم فقط، والشعار فحسب، وليس أكثر من ذلك).