LOGIN
المحاضرات
shirazi.ir
"سماحة المرجع الشيرازي دام ظله:"
عليّ نور الله
رمز 17223
نسخة للطبع استنساخ الخبر رابط قصير ‏ 15 ذوالحجّة الحرام 1434 - 21 أكتوبر 2013
أعزاءنا!
إليكم نصّ كلمة قيّمة، للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، كان سماحته قد ألقاها في الثمانينيات بمناسبة عيد الله الأكبر، عيد الغدير الأغرّ، في بيت الإمام الشيرازي، بمدينة قم المقدّسة، بجمع من الفضلاء والمؤمنين:

 

 
 

 تعريب: علاء الكاظمي
بسم الله الرحمن الرحيم

 قال الله تعالى في كتابه الحكيم: (يُريدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) سورة التوبة: الآية 32.

معنى الآية الكريمة: ان الناس يريدون إطفاء نور الله بواسطة الفم، والله القادر على كل شيء، يأبى إلاّ أن يكمّل نوره ويبلّغه للناس وإن كره الكافرون ذلك. فهنا مثّل الله تعالى للكفّار وللظالمين ولأفعالهم التي يبغون بها إطفاء نور الله، مثّله تعالى بالنفخ بالفم.

النور شيء، والنار شيء آخر. فالنار يمكن إطفاؤها، أما النور فلا يمكن إطفاؤه. على سبيل المثال: الشمس هي نار، والشعاع الذي يأتي منها هو نورها. فهل من الممكن مع وجود الشمس إطفاء نورها؟

الجواب: لا شكّ، أنه لا يمكن ذلك. فلو اجتمع كل أهل الأكوان على أن يطفئوا نور الشمس بوجودها، فهذا لا يصير أبداً.

إذا كان هذا الأمر لا يمكن بالنسبة لنور الشمس، فكيف بنور الله تعالى؟

مَن هو نور الله؟

إنّ نور الله في هذه الآية الكريمة هو عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه. وهذا ليس قولي بل هو قول علماء المذاهب الأربعة (أي الحنفي والمالكي والحنبلي والشافعي) وموجود في كتبهم.

فكما ان نور الشمس يهدي إلى الشمس، أي يكون سبباً لمعرفتها. فإنّ عليّ بن أبي طالب نور الله، يهدي إلى الله، ويكون سبباً لمعرفة الله تعالى.

لقد أراد الناس أن يطفئوا هذا النور، أيّ عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه، بالأفواه وبالأكاذيب وباختلاق الأحاديث، ولكن هل انطفأ نور الله؟

ذكر التاريخ: ان رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو سمرة بن جندب، هذا الرجل باع دينه بالدنيا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله. وفي حياة رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن سمرة من الطيّبين، بل كان يشاكس مع رسول الله ويقف بوجه رسول الله صلى الله عليه وآله، وإذا قال له النبيّ شيئاً كان يعاند مع النبيّ. وبعد استشهاد رسول الله صلى الله عليه وآله، جمع معاوية حوله من الأشخاص أمثال سمرة ومن هو على نمطه.

بعد أن قُتل الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، بعث معاوية إلى سمرة وقال له: هنالك آيتان في القرآن، إحداها في الطيبين والأخرى في الظالمين. فأريد منك أن تصعد المنبر وتقول سمعت بأذني من رسول الله، ان رسول الله قال بأن آية الظالمين نزلت في علي بن أبي طالب، وان آية الطيّبين نزلت في قاتل عليّ، أي في عبد الرحمن بن ملجم. كما في الرواية التالية:

(روي أن معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم حتى يروي أن هذه الآية نزلت في عليّ عليه السلام: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ)، وأن الآية الثانية نزلت في ابن ملجم وهي: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ). فلم يقبل، فبذل له مائتي ألف درهم، فلم يقبل، فبذل له ثلاثمائة ألف، فلم يقبل، فبذل أربعمائة، فقبل).

إنّ معاوية أراد أن يطفئ نور الله بالفم وباللسان، أي بالحديث الكاذب، لكن ماذا صنع الله تعالى؟

إن سمرة استلم على كذبه مئات الألوف من الدراهم، ولكن انظروا بعد مرور وانقضاء ألف و400 سنة ترى التاريخ يسبّ سمرة لوضعه هذا الحديث المكذوب.

وانظروا أين معاوية؟ وأين سمرة؟ وأين الألوف من الدراهم؟

وأين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه؟

إنّ علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، حتي أعداؤه مجبورون على مدحه.

لاحظوا البخاري محمد بن اسماعيل صاحب إحدى الكتب الصحيحة عند العامّة والذي يعبّرون عنه بأنه أصحّ كتاب بعد كتاب الله. ويقولون إن المريض إذا جعل كتاب البخاري بجنبه فإنه يُشفى. ويذكرون له ما يذكرون.

البخاري كان في زمن الإمامين الهادي والعسكري صلوات الله عليهما، وكان له أساتذة تتلمذ كثير منهم عند الإمامين الصادق والكاظم صلوات الله وسلامه عليهما. ويحتوي البخاري على أكثر من عشرة آلاف حديث. والبخاري يروي هذه الأحاديث عن رجال ثقاة كما يدّعي هو. حيث قال: إنّي آخذ الأحاديث من مائة (ناقل)، فاستخرج منها عشرة أو خمسة لأني استخرج صحاح الحديث.

هذا البخاري يروي عن الخوارج الذين يسبّون عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه، ومنهم عمران بن حطان الذي كان في زمن الإمام الصادق صلوات الله عليه. وهذا عمران قد مدح ابن ملجم ومدح ضربته لعليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه، حيث قال في شعر له:

يا ضربة من تقي ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

إني لأذكره حينا فأحسبه أوفى البرية عند الله ميزانا

لكن أحد العلماء المؤمنين قلب الشعر وهكذا نظّمه:

ياضربة من شقيّ ما أراد بها * إلاّ ليبلغ والشيطان نيراناً

إنّي لأذكره يوماً فأحسبه * أوهى البرية عند الله ميزاناً

هذا البخاري يروي الحديث عن عمران الخارجي ويقول عنه بإنه رجل ثقة عدل! ويروي البخاري الحديث أيضاً عن عمر بن سعد، قاتل الحسين صلوات الله عليه، ويقول عنه إنه رجل ثقة لأنه لم يثبت أنه تولّى قتل الحسين!

لكن انظروا إلى كتاب البخاري من أوّله إلى آخره، فلن تجدوا فيه أنه روى عن الإمام الصادق صلوات الله عليه، أبداً. علماً بإن أساتذة البخاري الذين كانوا من تلامذة الإمام الصادق صلوات الله عليه، قد نقلوا للبخاري أحاديث عن الإمام الصادق صلوات الله عليه وعن غيره. فكان البخاري يطرح أحاديث الإمام الصادق صلوات الله عليه، ويكتب أحاديث غيره. فقالوا للبخاري أنت تروي عن عمران الذي مدح قاتل عليّ، وتروي عن عمر بن سعد قاتل الحسين، فلماذا لا تروي عن حفيد رسول الله وهو الإمام الصادق؟ فقال: لم تثبت عندي وثاقته! وفي النفس منه شيء!

إن ما قام به سمرة بن جندب، وما عمله البخاري مع أحاديث أهل البيت صلوات الله عيهم، هو من محاولات إطفاء نور الله تعالى.

فتعالوا لنرى ماذا صار بنور الله؟

إنّ القرآن الحكيم قد خصّص 500 آية في الأحكام والمسائل الشرعية من الغسل والوضوء والصلاة والحجّ والخمس والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإرث والنكاح والطلاق والديات والقصاص والنذر والبيع والشراء. فالمسائل الشرعية، أي الفروع وليس الأصول، في الحلال والحرام هي قرابة 100 ألف مسألة، نرى انّ القرآن قد خصّص لها 500 آية.

فتعالوا وانظروا كم ذُكر عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه في القرآن؟

إنّ القرآن الكريم قد ذكر الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه بالصفات والكنايات وليس بالصراحة. وأنا شخصياً قمت ولسنوات بالبحث عن الآيات القرآنية التي ذكرها علماء أهل العامّة في فضل عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه. وجعلت أجمع الآيات التي كتب علماء العامة بأنها في فضل عليّ صلوات الله عليه. فأحصيت من آيات القرآن النازلة في فضل عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه من كتب غير الشيعة، فكانت 700 آية.

إنّ الله تعالى جعل لكل أحكام الإسلام في القرآن 500 آية، ولكن جعل لعليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه وفي فضله من آيات القرآن 700 آية، وهذا جاء من لسان أشخاص لا يعترفون بعليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه، وليس من لسان محبّي وموالي أهل البيت صلوات الله عليهم!

فكم أخفوا من فضائل عليّ صلوات الله عليه، طوال 1400 سنة؟ لكن مع ذلك كلّه، ظهر هذا المقدار من الفضائل. وهذا يعني أن الفم لا يستطيع إطفاء نور الله.

يقال ان رجلان، كان أحدهما من محبّي عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه، والآخر كان من مبغضيه. فقال الأخير للمحبّ: إنّ الله تعالى كان صديقاً لعليّ بن أبي طالب، ولهذا مدحه في القرآن، وإلاّ ليس المدح من باب إيمان عليّ وعمله الصالح.

فقال المحبّ: ما هو؟ قال المبغض: إنّ عليّ بن أبي طالب تصدّق بخاتم واحد في الركوع فأنزل الله قرآناً بحقّه وهو قوله تعالى: (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) سورة المائدة: الآية 55. وان الرسول قال أحاديث في ذلك أيضاً. ولكن غير عليّ بن أبي طالب، أيّ شخص آخر، قد تصدّق في ركوعه بأربعين خاتم، أربعين مرّة، فلم تنزل بحقّه حتى آية واحدة.

قال المحبّ: بلى إن الله تعالى أنزل آية فيه (أي على الذي تصدّق أربعين مرّة). فقال المبغض: ما هي هذه الآية؟ قال المحبّ: أنزل الله تعالى فيه: «لا صدّق ولا صلّى ولكن كذّب وتولّى».

الواقع والحقيقة أن نور الله باق، لأن الله تعالى أراد ويريد ذلك، ولا يمكن لأي أحد أن يفعل تجاهه أيّ شيء. كما ان رسول الله صلى الله عليه وآله قد دعا وقال: (اللهم اخذل من خذله). فكل من يخذل عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه، فإنّ الله يخذله.

 

  • لا يوجد تعليق لهذا الخبر