LOGIN
المحاضرات
shirazi.ir
النصّ الكامل لكلمة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، بمناسبة ليلة الحادي عشر من شهر محرّم الحرام 1442 للهجرة
رمز 29162
نسخة للطبع استنساخ الخبر رابط قصير ‏ 27 ذوالقعدة الحرام 1443 - 27 يونيو 2022

تعريب: علاء الكاظمي

بسم الله الرحمن الرحيم

عظّم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بالإمام الحسين صلوات الله عليه، وجعلنا وإيّاكم من الطالبين بثاره مع وليّه الإمام المهدي من آل محمّد صلى الله عليه وآله وعجّل الله تعالى في فرجه الشريف.

أرفع التعازي للمقام الرفيع والمنيع للولاية الكبرى والإمامة العظمى مولانا بقيّة الله الأعظم الإمام المهدي الموعود عجّل الله تعالى فرجه الشريف، وأسأل الله عزّ وجلّ أن يعجّل بالظهور الشريف للمنقذ الأعظم عجّل الله تعالى فرجه الشريف، لكي على يديه الشريفيتن ترتفع وتزول المشاكل والصعوبات التي لفّت العالم كلّه والعالمين أجمع.

كما أعزّي المؤمنين والمؤمنات كافّة بهذه المناسبة الأليمة، وكذلك كل المظلومين والمضطهدين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وحتى عائلياً.

الإمام الحسين سند القرآن

نقرأ في إحدى زيارات مولانا الإمام الحسين صلوات الله عليه: (كنت للرسول ولداً وللقرآن سنداً). ويدلّ التعبير الوارد في الزيارة انّ الإمام الحسين صلوات الله عليه كان المساند للقرآن والمحامي عنه، وأنّه كان من المحافظين على أحكام القرآن وإرشاداته وهداه. وبعبارة أخرى: كان صلوات الله عليه يسعى إلى إبقاء الإسلام حيّاً، أي الإسلام الذي مات من ذلك اليوم وإلى يومنا هذا.

التاريخ العار

لقد كان لبني أميّة، هدفين، وسعوا إلى تحقّقهما بلا رحمة، ومن خلال المئات والألوف من نماذج أقوالهم وتعاملهم، يتبيّن بوضوح انّ أحد هدفيهم، كان إزالة القرآن. وهذا الأمر سعوا إليه من كبيرهم أبو سفيان ومعاوية ويزيد ومن اتّبع خطّهم، أي بني مروان وبني العباس. ففي واقعة فتح مكّة، قال أبو سفيان للعباس عمّ النبي صلى الله عليه وآله: (لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيماً. فقال العباس له‏:‏إنّها النبوة‏). وفي زمن حكم عثمان بن عفّان، ‏مرّ أبو سفيان بقبر سيّد الشهداء سيّدنا حمزة بن عبد المطلب عليهما السلام، (وضربه برجله، وقال: يا أبا عمارة، إنّ الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمس في يد غلماننا اليوم يتلاعبون به). ومن فضائح بني أمية وعارهم الذي سجّله التاريخ، ويبيّن مدى تجاسر وعداء معاوية الشديدين للإسلام، هو أنّ معاوية عندما كان يسمع صوت المؤذّن وقوله (أشهد أنّ محمّداً رسول الله)، كان يقول وبصوت عال: (لا والله إلاّ دفناً دفناً).

بعد استشهاد مولانا الإمام الحسين صلوات الله عليه، أفصح يزيد بن معاوية وبالعلن، عمّا كان يختلج في باطن أبيه وجدّه، ونطق بكل وقاحة وتجاسر على الإسلام والرسالة الإسلامية التي جاء بها النبي الكريم صلى الله عليه وآله وقال: لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحيّ نزل). فقد كان أهل بيت هذه الأسرة المخزية والعار، يسعون بجدّ إلى تحيّن كل الفرص والاستفادة منها للقضاء على الإسلام.

استغلال الإسلام للتسلّط

كان الهدف الثاني لبني أمية، القضاء على أهل البيت صلوات الله عليهم. ففي يوم عاشوراء، صاح أحد جنود جيش عمر بن سعد وقالها بصراحة: اقتلوهم ولا تبقوا لأهل هذا البيت باقية ـ ويقصد أهل بيت الإمام الحسين صلوات الله عليه ـ واقتلوا أصحابه وحتى الطفل منهم. فسعوا إلى الهدفين المذكورين بكل جديّة، ولم يتوانوا ولم يقصّروا لأجل الوصول إليه عن أي ممارسة وفعل. ويجب أن نعرف جيّداً، أنّ بني أمية كان يريدون استغلال الإسلام بعنوان وسيلة وعامل لتحقيق أهدافهم المشؤومة، ولترسيخ وتثبيت قدرتهم وحكمهم، ولم يتحمّلوا الإسلام الحقيقي الأصيل الذي مثّله نبي الإسلام صلى الله عليه وآله، قولاً وعملاً، وبلّغه ونشره، وهكذا عمل من بعده مولانا الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه في زمن خلافته الظاهرية وطبّقه، بل وحاربوا هذا الإسلام وتصدّوا له. ولشديد الأسف، فقد نجحوا في الوصول إلى هدفهم، أي القضاء على الإسلام الحقيقي وتشويه صورته الحقيقية.

حال الأحكام الإسلامية اليوم

ليس خافياً على أحد، أنّ من مظاهر الإسلام وشعائره المهمّة هي الصلاة والصيام والحجّ. وهذه الأحكام كانت موجودة في زمن معاوية ويزيد وبني مروان وبني العباس، وكان يعملون بها. وبمراجعتنا للمصادر الفقهية كالرسائل العملية، وغيرها التي في مستوى ارقى وأشمل، مثل كتاب الشرائع، وهو كتاب جامع ومبسوط، وغيره الذي هو في مستوى أكبر مثل كتاب جواهر الكلام، نعرف جيّداً أن كل الأحكام العبادية الموجودة في تلك المصادر، مثل أحكام الصلاة والصيام والحج، وبحث الطهارة، كالوضوء والغسل والتيمّم، لا تصل نسبتها إلى عشرة بالمئة. فجميع المصادر الفقهية تبيّن الإسلام وأحكامه، كأحكام المعاملات، والحدود، والقصاص، وقاعدة لا ضرر ولا ضرار، وعدم التعسير والتصعيب في الإسلام، أي قاعدة لا حرج، وغيرها من الموارد الأخرى. وبقليل من الدقّة والتأمّل، ندرك جيّداً أنّ هذه الأحكام الإسلامية، لا توجد في الدول الإسلامية، ولا يذكرونها حتى مرّة واحدة بالسنة.

ضرورة البحث والتبليغ

بالصدد المذكور، أذكر نموذج من مئات النماذج، وذكرها هو واجب كفائي، وكذلك الحثّ والتشجيع على ذكرها، هو واجب كفائي، ولكن بما انّه لا يوجد من فيه الكفاية، أي من له القدرة الكاملة على ذكرها وتبيينها للناس، تبدّل هذا الواجب الكفائي إلى الواجب العيني، ويجب على الجميع أن يهتمّوا به. أي كل من له القدرة والاستطاعة، عبر التأليف والخطابة، والاستفادة من الفنون الحديثة كالهاتف المحمول الذي هو اليوم في متناول الكثير، عليهم أن يبلّغوا ويوصلوا تلك النماذج للجميع. ومنها: واحدة من مئات الموارد التي ذكرها نبي الإسلام صلى الله عليه وآله، وعمل بها وطبّقها، ونقلتها روايات الخاصّة والعامّة، أذكرها لكم، وقد ذكرها المرحوم الكليني في كتابه الشريف (الكافي) وذكرها المرحوم العلاّمة المجلسي في موسوعة بحار الأنوار، وكذلك مذكورة في الكتب والمصادر الفقهية. وإن تم تنفيذ هذه الرواية الواحدة فقط في الدول الإسلامية ويُعمل بها مع لوازمها وما يجب معها، فسوف لا ترى في الدول الإسلامية، حتى جائع واحد، ولا مستأجر ولا من هو بدون مأوى، ولا مريض ولا متألّم بسبب فقره المالي المحروم من العلاج، ولا أعزب واحد بسبب فقره المالي، ولا من يقدم على الانتحار أو يقتل غيره بسبب مشاكل اقتصادية. والمطلب الذي أريد أن أقوله لكم، عليكم جميعاً وبالأخص أهل العلم والثقافة وهواة المطالعة والكتب، أن تبحثوا وتتابعوا وتحقّقوا حوله.

ألدّ أعداء الإسلام

إنّ المشركين، كانوا أول من عادى رسول الله صلى الله عليه وآله، وناوؤوه وحاربوه، وليس اليهود. فاليهود كانوا قد قرؤوا في كتبهم أنّ النبي الأعظم المصطفى محمّد صلى الله عليه وآله سيحكم يثرب (المدينة المنوّرة) على أساس الشريعة الإلهية، ولذا وفدوا من مناطق مختلفة على المدينة، وبنوا البيوت في أطرافها والقلاع، وسكنوا فيها، لكي يكونوا في خدمة النبي الذي سيأتي إلى المدينة. وقد بيّن القرآن الكريم أحوالهم بقوله: (فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به). فعندما علم اليهود انّ النبي صلى الله عليه وآله ليس من قومهم، أعلنوا رفضهم وعادوه وضادّوه. وقبل اليهود، هبّ مشركوا مكّة إلى مضادّة النبي الكريم صلى الله عليه وآله، منذ أن بدأ بتبليغ الإسلام، وبيّن القرآن الكريم مدى خصومة ومعاداة اليهود والمشركين لنبي الإسلام صلى الله عليه وآله، ووصفه لليهود بأنّهم أسوأ من المشركين، وهو قوله عزّ من قائل: (لتجدّن أشدّ الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا). فقد شجّع اليهود، المنافقين والمشركين على اغتيال رسول الله صلى الله عليه وآله، وقلب النظام الإسلامي، وبعدها دخلوا هم الحرب مباشرة مع رسول الله صلى الله عليه وآله، كحرب الخندق، وامتلأت قلوبهم بالحقد الكثير على النبي صلى الله عليه وآله جرّاء خسرانهم وانكسار جيوشهم في حروبهم معه صلى الله عليه وآله. وازدادوا حقداً بعد ما فتح مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قلاعهم وحصونهم.

من رحمة الإسلام

بعد فتح مكّة وسيطرة المسلمين عليها، قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذاكراً ثلاثة أمور، نقلها الخاصّة في كتاب (الكافي) الشريف عن مولانا الإمام الصادق صلوات الله عليه، ونقلها العامّة أيضاً في صحاحهم، وكذلك مذكورة في مصادر فقهاء الإسلام. فقد قال صلى الله عليه وآله: (من مات وترك دَيْناً فلورثته). فوفقاً لهذا القول، كل من يموت في ظل الحكومة الإسلامية وحكم رسول الله صلى الله عليه وآله، فأمواله لورثته، ولا يطالب النبي صلى الله عليه وآله حتى بمقدار ذرّة بضرائب من أموال الميّت.

كما قال صلى الله عليه وآله: (ومن مات وترك دَيْناً أو ضَياعاً فإليَّ وعليَّ) أي هو صلى الله عليه وآله يؤدّي ديون الميت ويرعى عائلته من زوجة وأبناء. وأكّد النبي صلى الله عليه وآله في قوله، على أنّه يجب على الدائن أن لا يطالب ورثة الميّت بديونه، حتى لو كان الميت صاحب ثروة! وكذلك بيّن صلى الله عليه وآله أنّه إذا لم يترك الميّت لورثته شيئاً وكانوا يفتقرون للمال والثروة، فعليهم أن يراجعوه صلى الله عليه وآله، وذلك لأنّهم وحسب وجهة نظر الإسلام، بلا معيل، ويتكفّلهم الإسلام ونبيّه صلى الله عليه وآله.

من مهام الحاكم الإسلامي

لا شكّ أنّ الصلاة والصيام والحجّ وسائر الأعمال العبادية الأخرى، ليست هي الوحيدة من مسلّمات الإسلام، بل إنّ تلك القوانين الثلاثة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وآله هي من مسلّمات الإسلام أيضاً. فعدم تعلّق الضريبة على مال الميّت (وخلاف هذا العمل كان من قوانين الجاهلية، وجذوره كانت في الشرك وسلوك المشركين)، وأنّه صلى الله عليه وآله يؤدّي ديون المديون حتى لو كانت عائلته صاحبة ثروة، وأنّه صلى الله عليه وآله يتكفّل مصاريف ومعيشة زوجة وأبناء المتوفّي الذي لم يخلف ولم يترك شيئاً وورثته من المحتاجين ـ لأنّه يجب أن تؤدّى ديون الميّت الذي لم يترك شيئاً من قبل شخص ما ـ فإنّ كل ما مر ذكره هو (حذف المتعلّق يفيد العموم). ووفقاً لهذا المعنى، حتى لو كان ذوي المتوفّى أصحاب ثروة طائلة، فلا يحقّ للدائن أن يطالبهم بديونه، لأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد صرّح بقوله الذي مرّ ذكره انّه مأمور من قبل الله تعالى بتسديد ديون الشخص المتوفّى الذي لم يترك ولم يخلف شيئاً، وأنه صلى الله عليه وآله يتكفّل عياله المحتاجين من بعده. وهذه المسؤولية تقع على عواتق أولياء أمور المسلمين والحكّام ورؤوساء الدول الإسلامية، أيضاً. وبإلقائنا نظرة على الدول الإسلامية اليوم نرى بكل وضوح عدم وجود القانون الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وآله وطبّقه، أبداً. ولذا يمكن القول بكل جرأة أنّ هذا الإسلام وهذا الاقتصاد، ليسا بإسلاميين.

ذلك القول لنبي الإسلام صلى الله عليه وآله، نقله الخاصّة والعامة، ومن مسلّمات تاريخ الإسلام ويجب اتّباعه. وكذلك أمر القرآن الكريم المسلمين باتّباع رسول الله صلى الله عليه وآله، بقوله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة). فالله تعالى أمر ودعا الجميع، بالأخص الحكّام والرؤوساء ومسؤولي الدول الإسلامية إلى اتّباع رسول الله صلى الله عليه وآله والاقتداء به، لأنّه يجب الاقتداء بمؤسّس أول حكومة إسلامية.

سبب إسلام اليهود

لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك القول وكان عمر الإسلام قرابة 22 سنة، وقبل سنة من استشهاده صلى الله عليه وآله، وفي هذه الفترة كان اليهود يعادون رسول الله صلى الله عليه وآله أشدّ العداء، ويحقدون عليه كثيراً. وكما ذكره كتاب (الكافي) الشريف عن مولانا الإمام الصادق صلوات الله عليه، بعد أن ذكر ذلك القول من رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: (وما كان سبب إسلام عامّة اليهود إلاً من بعد هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وآله). إي إنّ ذلك القول من النبي كان السبب الوحيد لإسلام اليهود. فاليهود طلّاب المال والذهب وماشابههما، ووفقاً لما قاله القرآن الكريم هم أشدّ أعداء الإسلام، فبعدما سمعوا قول النبي صلى الله عليه وآله، صاروا يأتون في جماعات تتألف من عشرة ومئة وألف وأفواجاً وأفواجاً ويعلنون إسلامهم. لأنّهم علموا عندما يصبحون من المسلمين ويعيشون في ظل حكم الإسلام الحقيقي، وتطبّق تلك القوانين الثلاثة التي سنّها رسول الله صلى الله عليه وآله، فسيضمنون أنفسهم وعوائلهم ومستقبلهم، ويسهل المستقبل الاقتصادي لورثتهم، لأنّه ووفقاً لقانون الإسلام، إنّ أموال المتوفى ترجع للورثة ولا ضرائب عليها، وإن توفّى وهو مديون ولم يترك شيئاً، فنبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله هو الذي يؤدّي ديونه، وكذلك إن كان ورثته من المحتاجين، فسيتكفّل رسول الله صلى الله عليه وآله سكنهم وزواجهم وباقي شؤون حياتهم. وقد شهد التاريخ أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد طبّق ونفّذ تلك القوانين.

حل المشاكل الاقتصادية

لا شكّ، إذا عمل رؤوساء وقادة الدول اليوم، بقول رسول الله صلى الله عليه وآله الذي ذكرناه، وينفّذونه، فسينجو العالم من المشاكل الاقتصادية التي ملأت كل نقاط العالم، ومع شديد الأسف تراها أكثر وأكثر في الدول الإسلامية. وكذلك ستتحسن أوضاع الناس. فهل يجوز أن نعتبر أساس كل المشاكل الموجودة اليوم والأزمات هو الإسلام؟ ففي ظل الظروف الراهنة في المجتمعات، إذا لم تطبّق سيرة وطريقة نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وقوانينه، فسوف لا يرى الفقير حتى بصيصاً من الأمل ولا أيّ حل، ولا يساعده أحد، ولا يقرضه أحد. فيجب معرفة السبب. وأغلب الناس يسعون إلى عمل الخير وحل مشاكل الآخرين وإنقاذهم من الضغوطات، ولكنهم في قلق من انّهم لو أقرضوا الفقير، ومات ولم يؤدّي قرضه ودينه ولم يترك مالاً ولا ثروة فلا يوجد من يوفّي إليهم أموالهم ويرجعها إليهم. ولكن الحاكم الإسلامي والقائد المسلم الذي يكون بيت مال المسلمين وخزينة الدولة تحت إمرته وباختياره، إذا أعلن أنّه يوفّي ديون المتوفّى للدائن عبر تقديم الوئاثق والمستمسكات التي تثبت الديون على المتوفّى، وترجع الأموال إلى أصحابها، فسوف لا يُردّ طلب من يريد القرض ويطلب الدَين. وهذه الأمور ستكون من النقاط الإيجابية لصورة الإسلام المشرقة، وتبهر العالمين.

قد يسأل أحد منّا: كم من المسلمين يعرفون مثل تلك الأمور التي مرّ ذكرها؟ ومن يرغب بمعرفتها عليه مراجعة كتاب الكافي الشريف. ففي كتاب الكافي وبعد رواية الإمام الصادق صلوات الله عليه، ذكر انّ ما صدر من رسول الله صلى الله عليه وآله هي ليست من خصائصه، وقد صرّح بذلك القرآن الكريم وقال: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)، وهذا يفيد العموم، في حين انّ الاختصاصات بحاجة إلى دليل خاص. وبعد قول رسول الله صلى الله عليه وآله، قال الإمام الصادق صلوات الله عليه: (فعلى الإمام إثمه) أي على من لم يعمل بقانون رسول الله صلى الله عليه وآله. فمما يؤسف له أن الاقتصاد غير السليم والمتأزّم الموجود اليوم في الدول الإسلامية، ليس من الإسلام، وناشئ من إدارة غير متطابقة مع الإسلام، ويجب على المسلمين أن يعوا ذلك، وأن يطّلعوا على برامج الإسلام بهذا الخصوص، وأن يوصلون حقيقته وماهيته إلى غير المسلمين، وأن يفهموهم بأنّ الإسلام الحقيقي لا وجود لأي مشكلة فيه، وإذا رأيتم مشكلة فسببها الإدارة.

علامات الأزمات

بالخصوص المذكور، سعى بنو أمية كثيراً إلى القضاء على الإسلام وعلى أهدافه السامية والإنسانية، ولم يتوانوا عن أي فعل. فإذا تم تنفيذ القوانين الثلاثة الاقتصادية التي أسّسها رسول الله صلى الله عليه وآله، في الدول الإسلامية وبقيادة الروؤساء والزعماء المسلمين، فستزول الأزمات، وستقلّ أرقام وأعداد حوادث الانتحار، والقتل، والاختطاف، والاغتيال، والتفجيرات، والحرائق المتعمّدة، وغيرها، وتشهد المستشفيات حالات أقلّ من مراجعات مرضى الأعصاب والنفس، وربما تفرغ منهم وتعطّل.

إذن، يجب أن نعرف جيّداً أن نسبة كبيرة من المشاكل الاقتصادية الموجودة اليوم في الدول الإسلامية ستحلّ إذا تم العمل بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وتم تطبيقه، وسوف لا يحتاج أحد إلى دَين، وإن وجد فسيقوم الكثير بإعطائه الدَين. وإذا أراد أحد شراء بيت سكن له وليس لديه إلاّ مئة دينار مثلاً، وسعر البيت مئة مليون، فسيسرع أصحاب البرّ والإحسان والأثرياء إلى إعانته، ويأخذون منه المواثيق البسيطة والتواقيع ويلبّون حاجته لشراء البيت، لأنّهم يعلمون انّ الحاكم والرئيس الإسلامي سيدعمهم ويرجع إليهم أموالهم إن لم يقدر المستدين على تسديدها، وهذا يعني راحة بالهم واطمئنانهم. علماً أنّه يجب على الحاكم الإسلامي أن يفي بوعوده، وإلاّ سوف لا ترى من يقرض الآخرين ولا من يحلّ مشاكلهم. وهذا الأمر يجري في مجال الزواج والأبناء أيضاً. فولي العائلة يلبّي احتياجات عائلته ويؤمّن معيشتهم طالما هو حي. ولكن بعد وفاته ورحيله عن الدنيا، يجب على الحاكم الإسلامي أن يسدّ فراغ المتوفّى، أي وليّ العائلة، وإن لم يعمل، فسيولّي أفراد العائلة وجوههم صوب الأعمال الخطأ، كالسرقة، والفساد وغيرها، وتكون عواقب أعمالهم السجن والمعتقل.

إلى الشباب المسلم

في ما مرّ ذكره من قوانين الإسلام، لو يقوم الشباب المسلم الغيارى بتعريف تلك القوانين الإسلامية فقط، للعالم ولغير المسلمين ويطلعونهم عليها، فسيكفي لتعريف وتبيين الصورة الناصعة والمشرقة للإسلام الحقيقي. وسيذكّرون الشعوب غير المسلمة أنّه إن حصلت لكم مشاكل اقتصادية كالتي مرّ ذكرها، فسببها عدم وجود قوانين نبي الإسلام صلى الله عليه وآله التي نفّذها وعمل بها. ويجب إفهامهم بانّه إن تريدون الخلاص من المشاكل الاقتصادية ومن الوضع المزري الموجود فتمسّكوا واعملوا بتلك القوانين الثلاثة التي سنّها نبي الإسلام صلى الله عليه وآله. والمشاكل الاقتصادية وأمثالها هي كثيرة، ومما يدعو إلى الأسى أنّ بني أمية قد نجحوا في فرضها على المسلمين، وساقوا المجتمع إلى الضياع والظلام بتحريفهم للاقتصاد. وهكذا حصل بالنسبة للسياسة وسائر الأمور الأخرى، حيث سيقت إلى الضياع، وهذه الفتنة وهذا الانحراف بدأ من أبي سفيان، واتّبع هذا الهدف المشؤوم معاوية ويزيد.

المحاولة الثانية لبني أميّة

الهدف الثاني الذي هدف إليه بنو أميّة، تضييع وهدر دم الإمام الحسين صلوات الله عليه، ولكنهم لم ينجحوا في هذا المجال أبداً، لأنّ نبي الإسلام صلى الله عليه وآله قد وعد بأنّه لا يمحى، وكذلك أعمال الصالحين والخيرين من أتباع أهل البيت صلوات الله عليهم، صارت مانعاً أمام تحقّق هدف بني أميّة المشؤوم. وإن رأينا بعض التقصير والتواني، فهي بسبب تواني وتقصير الحكومات وكذلك بسبب من يقصّر في العمل أيضاً وهو يقدر على العمل. فيجب أن تعلموا وتعرفوا أنّ كل ما ترونه اليوم من معالم وعلائم الإسلام، فهي من نتائج وثمرات استمرار الشعائر الحسينية المقدّسة، وهي التي حافظت عليها.

الإمام الحسين في كلام النبيّ

يقول سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وآله: (حسين منّي وأنا من حسين). وقد بيّن الأكابر معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله بأنّه لولا واقعة عاشوراء والتضحيات العظيمة للإمام الحسين صلوات الله عليه في كربلاء، وحادثة الطف الدامية، لقضى بنو أميّة على كل شيء، وكما لم يبقى اسم الكثير من الأنبياء، لما بقي حتى اسم نبي الإسلام صلى الله عليه وآله.

كما قال سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وآله حول الإمام الحسين صلوات الله عليه وكان عمر الإمام أربع أو خمس سنوات، قال أنّهم سيقتلون الحسين صلوات الله عليه، ولكنه أضاف وبيّن: (وليجتهدنّ أئمة الكفر وأشياع الضلالة في طمسه فلا يزداد إلاّ ظهوراً وأمره إلاّ علوّاً).

شهادة التاريخ المعاصر

أنا شخصياً عاصرت خمس حكومات حكمت العراق، وكانت كل واحدة أسوأ من الأخرى، وتعاملوا بأسوأ التعامل تجاه الشعائر الحسينية المقدّسة وحاربوها بشدّة. وسجنوا الكثير من الناس، وعذّبوهم، ووضعوا قوانين قاسية لمنع الشعائر الحسينية المقدّسة. ولكن مع كل ما فعلوه ووضعوه من عراقيل وضغوطات تجاه القضية الحسينية المقدّسة، لا زالت هذه القضية خالدة وقائمة. فحرف اللام في كلمة (ليجتهدنّ) هي لام القسم، وحرف النون في آخرها هي نون التوكيد الثقيلة، وقد استعملها رسول الله صلى الله عليه وآله في كلمة (جهد).

كذلك في العراق، بالسنة الجارية، شهدنا بعض العراقيل، وخلقوا لها الحجج، ولكن وكما رأينا ورأى الجميع وعرفوا واطّلعوا، أنّ عزاء ومأتم صباح عاشوراء كان كالسيل في كربلاء لكثرة المشاركين فيه، وأقيم بكل جلالة وعظمة. وهكذا كان الأمر في مدن النجف الأشرف، والكاظمية المقدّسة، وسامراء المشرّفة، وبغداد، ولم يستثنى من ذلك حتى قرى وأرياف العراق، في شماله وجنوبه. وقد قرأت في خبر، أنّ عزاء ركضة طويريج للسنة الجارية، سوف لا يقام، وقد أغلقت الحدود الجويّة والبريّة، وسوف لا يدخل العراق أي مسافر، وربما سيكون نسبة المسافرين من الخارج في العزاء عشرة بالمئة. ومع كل تلك الظروف والقيود، أقيم العزاء في العراق، بهمّة عالية، وبكل جلالة، وهذا هو وعد رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله: (فلا يزداد إلاّ علوّاً). وبالنتيجة لم يتمكّن بنو أميّة من فعل أي شيء في هذا المجال.

خير كتاب

إنّ للمرحوم العلاّمة الشيخ محمّد جواد البلاغي، كتابين قيّمين، وقد ذكروا أن الألوف من مثقّفي اليهود والمسيح قد صاروا شيعة بسبب قرائتهما للكتابين، وهما (الرحلة المدرسية) و(الهداة). وقد تم ترجمة الكتابين إلى عدّة لغات. وكان البلاغي من أساتذة المرحوم الوالد آية الله العظمى السيّد ميرزا مهدي الشيرازي قدّس سرّه، وتلميذ صاحب فتوى التبغ المشهورة، أي الميرزا المجدّد الشيرازي الكبير قدّس سرّه. وقد ذكر البلاغي عن أستاذه المجدّد الشيرازي الكبير وقال: جاء المجدّد إلى مدينة سامراء، واشترى فيها ثلاثة بيوت، وجعل واحداً منها مدرسة علمية لطلبة الحوزة، والثاني جعله حسينية، والثالث جعله بيت سكن له ولعائلته وذويه. وفي أيّام عشرة محرّم، كانت مواكب الزنجيل واللطم تخرج من حسينية المجدّد صوب الروضة العسكرية وتقيم العزاء فيها. وقد فجّروا هذه الحسينية في سنوات دكتاتورية صدام وجلاوزته، بأمر من صدام، وقد اُعيد بناؤها مؤخّراً. ولا يزال بيت المجّدد قائماً. وكذلك كان طلبة العلوم الدينية يخرجون في ليالي عاشواء في مسيرة عزاء من المدرسة، ويقصدون الحسينية.

كتب المرحوم البلاغي في كتابه: كان الوضع يختلف حول عزاء صباح عاشوراء، حيث كان هذا العزاء يخرج من بيت المجدّد، وكان المجدّد بنفسه يهيئ الكفن للمعزّين. ومن المسلّم به أنّ عدد الشيعة في سامراء ذلك الوقت، كان قرابة واحد أو اثنان بالمئة من سكّان سامراء، والأكثرية كانوا غير شيعة. وكان المجدّد يقوم بذلك حتى لا يُمنع العزاء، فباقي مراسيم العزاء كانت تقام في حسينية المجدّد سوى عزاء صباح عاشوراء. ويقولون انّ هذا العزاء يقام لحد اليوم. ومما لا شكّ فيه، أنّ بني أمية لم يفلحوا بل خابوا في محاولاتهم ومساعيهم لإطفاء نور القضية والشعائر الحسينيتين المقدّستين، علماً أنّ ما نشهده من مراسيم إحياء وتعظيم القضية والشعائر الحسينيتين المقدّستين هي قليلة.

شاهد معاصر

كان المرحوم آية الله الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء، من مراجع التقليد، ورحل عن الدنيا قبل قرابة ستين سنّة. وقد رأيته كراراً في النجف الأشرف وكربلاء المقدّسة. وقد كتب في إحدى مؤلّفاته التي طبعت في مدينة قم: (قال لي أحد علماء المسيح في بغداد: أنتم الشيعة لا تعرفون كيف تستفيدون من الإمام الحسين صلوات الله عليه في نشر الإسلام والتشيّع، ولو كان لنا مثل الإمام الحسين صلوات الله عليه، لنصبنا ورفعنا له في كل شبر من الأرض علماً، وجمعنا الناس حوله ودعوناهم إليه). وبلطف من الله تعالى نشهد وجود هذه الحالة والإمكانية في العالم، ولكنّها لازالت قليلة. فلا يقصّر في خدمة الشعائر الحسينية المقدّسة وتعميمها كل من له القدرة على الفعالية في هذا المجال، فهي في الظروف الحالية واجب عيني، ويجب على الجميع أن يهتمّوا في إقامتها وتعميمها. فاليوم الأرضية مهيّأة للقيام بفعاليات في مجال الشعائر الحسينية المقدّسة وبين يدي الجميع. فعلى سبيل المثال: يمكن الاستفادة من جهاز الهاتف المحمول. فالذين يسعون إلى تعميم الشعائر الحسينية المقدّسة، وتحقيق أهدافها، يمكنهم الاستفادة من هذه الوسيلة الجديدة في مكان عيشهم، عبر الارتباط مع معارفهم والمواطنين الساكنين في الدول الإسلامية وغير الإسلامية، ويشجّعونهم على القيام بالفعاليات بالخصوص المذكور.

علماً بأنّه يوجد في الكثير من الدول، مئات الكنائس، ولكن لا خبر عن وجود حتى حسينية واحدة! فهل يوجد في تلك الدول حسينيات بما فيه الكفاية؟ ولماذا؟ والمسؤول في هذا الصدد هم الجميع، كل حسب قدرته واستطاعته، فعليه وبواسطة إمكانيته المالية، والثقافية، والخطابية، أن يسعى إلى القيام بفعاليات، للارتقاء فيما يخص العمل لأجل القضية الحسينية المقدّسة، ولأهداف الإمام الحسين صلوات الله عليه المقدّسة والرفيعة، ويعرّفها للعالم والعالمين أجمع.

متاع الكفر والدين

أشكر كل الذين عظّموا وأحيوا الشعائر الحسينية المقدّسة، في الأيّام العشرة الأولى من محرّم، وبالأخص في ليلة ويوم عاشوراء، في كل نقطة من نقاط العالم، بأي نوع من أنواعها، كالإطعام في المساجد والحسينيات والبيوت، وبإقامتهم لمجالس العزاء، وبإطلاقهم لمسيرات العزاء والزنجيل واللطم، وبطبعهم للكتب والكراريس، ولفعالياتهم في العالم الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي.

لا شكّ، أنّ الاستفادة من العالم الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي، هي من طرق تعريف التشيّع وثقافة عاشوراء وأبطال ملحمة عاشوراء، وهذه الاستفادة ممكنة اليوم بالجهود والهمم العالية والمخلصة والواسعة. ولا يشترط للعمل في هذا المجال امتلاك ثروة طائلة، وليس من الضروري، بل يتمكّن الأخوة بمقدار من الأموال والإمكانيات التي بحوزتهم أن يقوموا بتأسيس فضائية. فلِمَ نرى عدم وجود أو قلّة وجود قنوات فضائية باسم الإمام الحسين صلوات الله عليه، مع وجود الآلاف من القنوات التي تروّج لقضايا بعيدة عن الأخلاق، وفيها الحقد والفساد؟ فمع الأسف، أنّ المفسدين في الدنيا، وللوصول إلى أهدافهم المشؤومة والمخزية، تراهم في فعالية دائمة، وينفّذون رغباتهم، وقد ابتلي الشباب المسلم اليوم في الدول الإسلامية بالتأثير السلبي والهدّام لأصحاب الفساد. فتوعية الشباب المسلم هي مسؤولية وتكليف على الجميع، ولا يظنّن أحد أنّه لا يمكنه وحده أن يقوم بعمل ما، فالقطرات إذا تجمّعت تصبح بحراً، كما يتكّون السيل من قطرات صغيرة.

همم الشيعة

إنّ نسمة أو عدد أتباع ومحبّي أهل البيت صلوات الله عليهم في العالم هي بالملايين، وتعاون كل واحد منهم يصنع سيلاً عظيماً، يسقي الأراضي القاحلة الفارغة من الإيمان والعقائد للشباب، ويبدّلها إلى أرض مثمرة، فيجب الاستفادة من الفرص، لأجل تحقيق الأهداف الراقية والرفيعة المقدّسة. والشعائر الحسينية مقدّسة كلّها وتمامها، ولا يضرّها أي شبهة أو تشكيك. فخلال خمسة وستة عقود الماضية، شكّك الأعداء والمغرضين وأثاروا الشبهات، ولكن الشعائر الحسينية المقدّسة ازدادت نموّاً وسعة.

هنا، أعرب عن تقديري لكل الذين أحيوا وأقاموا عزاء صباح عاشوراء وعزاء ركضة طويريج، بالأخص أهل العراق الغيارى، وبعنوان الواجب الشرعي عليّ، دعوت لهم جميعاً وأدعو لهم. وبرأي هذا واحد من الوظائف الشرعية. وهذا ليس مبالغة في القول أو عبث، بل لو راجعنا كتاب (الكامل في الزيارات) القيّم، نجد أنّ المعصومين صلوات الله عليهم قد دعوا للخَدَمَة والمعزّين الحسينيين، ولا شكّ انّ عمل المعصوم حجّة، وفي بعض الموارد واجب، وأحياناً يكون من المستحبّ. وكذلك أشكر كل الذين أقاموا مجالس العزاء والرثاء، وكل أنواع العزاء، وأطعموا.

العزم والإرادة الحديدية للخدمة

كما أأكد، وأدعو الجميع، إلى عدم التقصير بالنسبة لشعيرة الأربعين الحسيني المقدّسة أو التهاون فيها. فاليوم نرى الفراغ في عدم توفّر الطائرات للنقل المجاني إلى مدينة كربلاء المقدّسة في الأربعين. وهذا الأمر يمكن تحقيقه. فإذا تقوم الحكومات بالعرقلة في هذا الخصوص، وهي تقوم به فعلاً وتوجد موانع كثيرة بهذا الخصوص، فليهتمّ أصحاب الثروات ويوفّروا بأموالهم وسائط النقل الجويّة للسفر إلى كربلاء، حتى يشارك الناس في مراسيم الأربعين، كما نرى توفير وسائط النقل والسفر البرّي لنقل الزائرين في العراق وإيران وبعض دول الخليج. فلتتعاون دولة وحكومة العراق ودول الجوار بهذا الخصوص، ويرفعوا العراقيل، ويكفّوا عن أخذ ضرائب السفر، ولا يطالبوا بجوازات السفر، حتى يشارك الكثير من الزائرين في التجمّع الفريد والجليل بالأربعين الحسيني، وينالوا فيض المشاركة في هذه المراسيم المقدّسة. فإيجاد حتى أقل صعوبة في هذا المجال، بنسبتها سيقلّ عدد الزائرين في مناسبة الأربعين الحسيني، وهذا التقليل أو هذه القلّة هي بصالح التيار الأموي وبني أميّة. فحذاري من أن يصطف المرء في صف يزيد وهو بإمكانه أن يكون مع الإمام الحسين صلوات الله عليه. واعلموا انّ هذه المعاملة مضرّة جدّاً، وكل من يضع العراقيل في مسير القضية الحسينية، فهو بمثابة نصرة ليزيد.

شيعة أسوأ من المشركين والكافرين!

في تفسير الإمام الحسن العسكري صلوات الله عليه، نقلاً عن الإمام المعصوم صلوات الله عليه أنّ بعض الذين يدّعون بأنهّم شيعة، هم أسوأ من المشركين والكافرين. فما سببه؟ فلا قيمّة للدنيا حيث يكون الإنسان بسببها، نادماً وخجلاً في ساحة يوم القيامة أمام الإمام الحسين صلوات الله عليه، الذي سيلي هو صلوات الله عليه حساب الخلق، كما صرّحت الرواية التالية: (إنّ الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة الحسين بن علي عليهما السلام). وهكذا إنسان سيعجز عن الجواب لمنكر ونكير في الليلة الأولى من القبر. ولذا يجب رفع وإزالة كل ما من شأنه عرقلة ومنع السفر للمشاركة في الأربعين الحسيني.

أوصي الشباب الغيارى في الدول غير الإسلامية بأن يطالبوا حكومات البلدان التي يقطنون فيها، أن يلغوا أخذ ضرائب السفر لأجل مناسبة الأربعين الحسيني، ويخصّصوا طائرات بأسعار رخيصة أو بالمجان، لمن يقصد زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه. فإنّ بني أميّة قد قتلوا الإمام الحسين صلوات الله عليه، ولكن لم تُقتل كربلاء، ولا تقتل، كما وعد النبي الأعظم صلى الله عليه وآله بقوله حول الإمام الحسين صلوات الله عليه: (فلا يزداد إلاّ علوّاً). وقد قرأت قبل قرابة ثلاثين أو أربعين سنة مقالة في مجلة لإحدى الدول العربية، أنّه سنوياً يجتمع كفّار العالم في تجمّع بفلان البلد، وقد حضره كاتب المقالة المذكورة، وكتب أنّ أسعار وأجور كل الطائرات والفنادق والسيارات وسائر وباقي الخدمات، بل وكما ذكره صاحب المقالة، حتى المشروبات الغازية، تقلّ أسعارها وترخص أو يقلّلون منها في مكان إقامة ذلك التجمّع. وحتى المشاركون في ذلك التجمّع، لدى رجوعهم إلى أوطانهم، يشترون الهدايا لأهاليهم من بلد ذلك التجمّع بأسعار رخيصة أو مع حسم. وكتب صاحب المقالة أيضاً أنّه في إحدى الدول غير الإسلامية، إنّ الشخص المديون إن منع من السفر بسبب عدم تسديد ديونه، عليه أن يعرّف إلى الحكومة من يضمنه لأجل سفره، ووفقاً لقانون تلك الدولة تسمح الحكومة بسفره.

لماذا؟ ولم؟

كما ذكرنا، أنّ الكفّار، هكذا يدعمون شعائرهم ومراسيمهم، فلماذا لا يقوم المسلمون بدعم وحماية الشعائر الحسينية المقدّسة؟ هل لا يقدورن عليه؟ بلى يقدرون. فلذا، على كل واحد من الشباب، بالأخص القاطنين في الدول الغربية، ويتمتّعون بنسبة من الحرية فيها، عليهم أن يضغطوا على حكومات الدول التي تستضيفهم، ويكتبوا الرسائل وأمثالها ويلاقوا نوّاب المجالس، ويرّغبوهم على إصدار التراخيص وتهيأة الإمكانيات، ورفع وإزالة الموانع والعراقيل القانوينة والإدارية. فاعلموا انّ محبّي وأتباع الإمام الحسين صلوات الله عليهم في العالم هم كثرة، ويريدون جواز السفر إلى كربلاء المقدّسة، كما إنّ نسبة محبّي الإمام الحسين صلوات الله عليه من الشيعة والسنّة وغير المسلمين هم كثيرون في كربلاء والعراق.

كلنّا رأينا وكذلك رأى غيرنا، الأفلام والصور عن مشاركة اليهود والمسيحيين والمشركين والملحدين في الشعائر الحسينية المقدّسة، وفي زيارتهم للإمام الحسين صلوات الله عليه. فلذا، وكأربعين السنة الماضية، ليسع الجميع بالقيام بالفعاليات، كل حسب قدرته واستطاعته، وبأن يجعل نفسه ضمن إطار (فلا يزداد إلاّ علوّاً).

أسأل الله تبارك وتعالى، بحرمة محمّد وآل محمّد صلى الله عليه وعليهم أجمعين، أن يزيد في توفيق من وفّقوا لخدمة القضية الحسينية المقدّسة، وأن يوفّق من حرم التوفيق. وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.