LOGIN
الجلسات العلمية
alshirazi.org
"التقرير الكامل للجلسات العلمية الرمضانية لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله"
الجلسة السابعة ـ 7 شهر رمضان العظيم 1443للهجرة
رمز 27676
نسخة للطبع استنساخ الخبر رابط قصير ‏ 10 رمضان العظيم 1443 - 12 أبريل 2022

في ليالي شهر رمضان العظيم يتوافد العلماء والفضلاء وطلاب الحوزة العلمية ومختلف الشخصيات على بيت المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في مدينة قم المقدسة. وخلال لقائهم بسماحته دام ظله يدور الحديث حول المباحث العلمية والمسائل الفقهية والتاريخية والثقافية، إضافة إلى ما يتفضل به سماحته من وصايا وتوجيهات.

في بدء الجلسة طرحت بعض المسائل الإعتقادية حول صحة أو عدم صحة إطلاق لفظ الفياض المطلق على الذات الإلهية، وما هو نوع الرابطة التي تربط أهل البيت عليهم السلام مع الله تعالى؟

 فقال سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: إصطلاح لفظ الفياض على الإطلاق الذي يستعمله الفلاسفة في خصوص ذات الله تعالى ليس بصحيح، وإن كان مفردة «المطلق» خاصةً بمعناها الحقيقي بالله تعالى.

ثم ذكر سماحته: إن السنخية إنما تكون فيما بين المخلوقات، وليس بينه تعالى وبين أي من مخلوقاته سنخية؛ لأن السنخية إنما تطلق على العلة المجبورة، ولا تطلق على الفاعل المختار، والقائل بالسنخية هم الذين يقولون بوحدة الوجود والموجود والذي هو معنى باطلٌ وغير صحيح.

والمعصومون الأربعة عشر عليهم السلام الذين هم أشرف المخلوقات عند الله تعالى ومع أن لهم ولايةٌ تكونية وتشريعية، والتي ثبتت لهم بأدلة متواترة ومن جملة تلك الأدلة عبارة جاءت في إحدى زيارات الإمام الحسين عليه السلام المطلقة، والتي يعبّر عنها الشيخ الصدوق رحمه الله بأنها أصح زيارة من بين زياراته عليه السلام، ونص العبارة هو: «إِرَادَةُ الرَّبِّ فِي‌ مَقَادِيرِ أُمُورِهِ تَهْبِطُ إِلَيكُمْ وَتَصْدُرُ مِنْ بُيوتِكُمْ وَالصَّادِرُ عَمَّا فُصّلَ مِنْ أَحْكَامِ الْعِبَادِ» وكذا، نحن نقرأ في بعض الأدعية الرجبية: «لا فرق بينك وبينها إلا أنهم عبادك وخلقك». ولكن مع هذا كله فإن حضرات آل الله الأطهار عليهم السلام محدودون لجهة كونهم مخلوقين، وهم محدودون بحدودٍ جعلها الله تعالى لهم، وإن كانت حدودهم وقابلياتهم واسعة وليست قابلة للقياس مع الآخرين مع المخلوقات.

 ثم سئل سماحته عن أزلية أهل البيت عليهم السلام، أ هم أزليون أم أن الأزلي هو ذات الباري سبحانه وتعالى فقط؟

 فأجاب دام ظله: كلا، فالأزلية تختصّ بذاته تعالى فحسب. وقد جاء في الروايات الشريفة: «كَانَ اَللَّهُ ولَمْ يكُنْ مَعَهُ شَيءٌ»، فأهل البيت الطاهرون صلوات الله عليهم مخلوقون مثل سائر المخلوقات وغير أزليين؛ لأن الأزلي يعني من لا أول له، وأهل البيت عليهم السلام لهم إبتداء في خلقتهم، وإن كانوا قد خلقوا سابقين على جميع المخلوقات.

 عدم تجرد الملائكة

 ومن ضمن ما سئل عنه في هذه الجلسة، هل أن الملائكة مجرّدون أو لا؟

 أجاب سماحته دام ظله: أن المجرّد بمعناه الحقيقي هو الله تعالى فقط، وإطلاقه على وجه الحقيقة في خصوص الملائكة باطلٌ، ولكن ربما يطلق عليهم مجازاً.

 الإشارة إلى المعاد في القرآن الكريم

 ثم سئل عن الآية الشريفة: «كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ» والآية الشريفة الأخرى: «كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ» ما هو المراد من «تَعُودُونَ» و«نُعِيدُهُ»؟ فهل هو إشارة إلى مراتب العود كما كان للخلقة مراتب؟

 فأجاب سماحته مُدّ ظله: لقد تعرض العلامة المجلسى رضوان الله تعالى عليه في مواضع من بحار الأنوار لشرح هذه الآيات الشريفة، والمقصود ظاهراً أنه جوابٌ للمشركين المنكرين لأصل المعاد، كما جاء في الآية الشريفة أنه أتى شخصٌ من المشركين إلى النبي صلى الله عليه وآله وبيده عظمُ ميتٍ وقال: «مَنْ يحْيي الْعِظَامَ وَهِي رَمِيمٌ»، وقال تعالى جواباً عنه: «قُلْ يحْييهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ». وهنا قد أثبت الله تعالى المعاد على خلاف جمع من الفلاسفة الذين أنكروا إمكانه.

 الاستقرار في الصلاة

 ثم سأل أحد الفضلاء عن الإستقرار في الصلاة، وقد تتحرك الجبهة أحيانا على تربة الصلاة من غير إختيار فهل تجب إعادة ذكر السجدة في هذه الصورة؟

 فقال سماحته في الجواب عن هذا السؤال: لو لم تنفصل الجبهة عن تربة الصلاة، وقد تحركت التربة فقط وهو مشتغل بالذكر الواجب فيجب عليه إعادة الذكر إجماعاً، وأما لوكان مشتغلاً بالذكر المستحب كذكر الصلوات فبناء على قول جماعة من الفقهاء تجب إعادته.

 وبعد ذلك سئل سماحته هل يجوز المشي في الصلاة؟

 فقال دام ظله: لو كان المشي بنحو لا ينافي صورة الصلاة فلا إشكال فيه كما جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله رأى في حال الصلاة نخامة على جدار المسجد فمشي إليها وأزالها بشمراخ كان هناك، وألقاها خارج المسجد فرجع مكانه قهقرى واستمر في الصلاة وقد أشار المرحوم السيد بحر العلوم في منظومته إلى هذه الرواية وقال:

ومشي خير الخلق بابن طاب

يُفتح منه أكثر الابواب.

 مفطرية الغبار الغليظ

 ثم سأل أحد الحاضرين عن حكم صوم شخص معتاد على التدخين ولا يتمكن من تركه؟

 فأجاب دامت بركاته: إن المشهور بين الفقهاء استناداً إلى هذه الرواية: «أو كنس بيتا فدخل في أنفه وحلقه غبار» وبإلغاء الخصوصية عن الغبار قالوا بمفطرية الدخان الغليظ وقد أفتى نادرٌ من الفقهاء بعدم مفطرية الدخان الغليظ.

وأما إذا كان الصوم ضرريا أو حرجياً له فيجري فيه «لا ضرر» و«لا حرج» مثل سائر التكاليف الأُخر، ويجوز له الإفطار حينئذ، إلا أنه يجب على المعتاد أن يعالج إعتياده حتى يتمكن من الصيام، وأما في صورة عدم دخول الدخان إلى الحلق بل يكون في فضاء الفم فقط فلا إشكال فيه، مثل تذوّق المرق إذا لم يدخل الحلق فلا إشكال فيه ولا مانع منه.

 وجوب دفع المنكر

 وعلى صعيد آخر سئل: هل يجوز إيذاء قاصد المنكر لدفع المنكر؟

 فقال سماحته: بالنسبة إلى دفع المنكر وكونه كرفعه واجباً قد أشار الشيخ رحمه الله في المكاسب إليه إشارة ما ومضى، وقال: «دفع المنكر كرفعه واجب».

وأما إيذاء قاصد المنكر فليس بجائز، وكما قيل: «لا يطاع الله من حيث يعصى».

وفي موارد من رواية تحف العقول الشريفة التي ذكرها الشيخ في أول كتاب المكاسب جاء تعبير: «التي يجيء منها الفساد محضاً»، ففي مثل هذه الموارد يجوز ذلك بإذن الفقيه الجامع للشرائط فقط.

 استحقاق الأجرة لعمل الصغير

 وسئل أيضا عمّا إذا أمر الوالدان الولد الصغير لهما بعمل؛ فهل يستحق الأجرة عليهما؟

 فتفضل سماحته قائلاً: لقد ذكر السيد المرحوم الأخ في كتاب الفقه: أنه بمقدارٍ ما كان متداولاً في زمن المعصومين عليهم السلام  ومتعارفاً أن الوالدين يأمران أولادهم ببعض الأعمال، وبالنظر إلى قاعدة «لو كان لبان» والتي لها شروط ثلاثة:

١ـ أن تكون المسألة مبتلى بها إبتلاءً عامّاً.

٢ـ أن يكون الناس غافلين عنها عادةً.

3ـ أن لا يوجد في المسألة دليل خاص.

 وعلى هذا فالولد الصغير لا يستحق الأجرة على والديه، وأما الولد البالغ فلو قصد التبرّع في العمل فلا يستحق الأجرة.

 شرعية عبادات الصبي

 في ختام الجلسة سئل سماحته عن عبادات الصبي هل هي صحيحة وهل يجوز أخذ الأجرة عليها؟

 فأجاب دام ظله الشريف: قال جماعة من الفقهاء بشرعية عبادات الصبي، ولذا قالوا بجواز أخذ الصبي الأجرة على عباداته، وقد استشكل آخرون صريحاً في ذلك.