LOGIN
الجلسات العلمية
alshirazi.org
"التقرير الكامل للجلسات العلمية الرمضانية لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله"
الجلسة التاسعة ـ 9 شهر رمضان العظيم 1443للهجرة
رمز 27790
نسخة للطبع استنساخ الخبر رابط قصير ‏ 14 رمضان العظيم 1443 - 16 أبريل 2022

في ليالي شهر رمضان العظيم يتوافد العلماء والفضلاء وطلاب الحوزة العلمية ومختلف الشخصيات على بيت المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في مدينة قم المقدسة. وخلال لقائهم بسماحته دام ظله يدور الحديث حول المباحث العلمية والمسائل الفقهية والتاريخية والثقافية، إضافة إلى ما يتفضل به سماحته من وصايا وتوجيهات.

 في بدء الجلسة التاسعة تحدّث سماحة المرجع الشيرازي دام ظله عن ولاية المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام المبحوثة في الليالي الماضية قائلاً: بحسب العبارة التي وردت في إحدى زيارات الإمام الحسين عليه السلام، والتي قد قال الشيخ الصدوق رحمه الله: أنني أوردت في من يحضره الفقيه هذه الزيارة من بين زياراته عليه السلام؛ لأنها أصحّ زياراته من طريق الرواية والعبارة هذه: «إِرَادَةُ الرَّبِّ فِي‌ مَقَادِيرِ أُمُورِهِ تَهْبِطُ إِلَيكُمْ وَتَصْدُرُ مِنْ بُيوتِكُمْ وَالصَّادِرُ عَمَّا فُصِّلَ مِنْ أَحْكَامِ الْعِبَادِ».

 في هذه العبارة كلمة «مقادير» بصيغة الجمع أُضيفت إلى كلمة «أمور » و«أمور» أُضيفت إلى ضميرٍ مرجعه «الرب»، وواضح لدى أهل العلم أن الجمع المضاف يفيد العموم، يعني كل تقديرات الأمور من خلق الإنسان، الجن، الملك، الحيوان، النبات، الجماد، تقدير العمر، الرق، الإحياء، الإماتة، البعث، الجنة، الجحيم، وظائف الملائكة وحاملي العرش وغير ذلك من الأمور التي هي من مقولة «مقادير أموره»، وبعبارة أخرى كل ما يريده الله ويقدّره بعلمه وقدرته وحكمته يصل إلى الجميع عن طريق المعصومين عليهم السلام فقط، وهذه العبارة فيها إشارة إلى الولاية التكوينية لهؤلاء الذوات المقدسة.

كما ذكر سماحته: أن عبارة: «وَالصَّادِرُ عَمَّا فُصِّلَ مِنْ أَحْكامِ العِبادِ» فيها إشارة إلى الولاية التشريعية لهم عليهم السلام أجمعين، والولاية التكوينية والتشريعية فيها روايات متواترة وبتعابير مختلفة، تدل على أن هاتين الولايتين لهم عليهم السلام مطلقة، إلا أنهما بالنسبة إلى الله عزوجل ولاية مطلقه ذاتية، وأما بالنسبة إلى المعصومين عليهم السلام فهي إفاضيّة موهوبةٌ من قبل الله تعالى، وليس لأحد غير المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام مثل هذه الولاية.

ومن ضمن العبارات التى تدل على هذا القسم من الولاية للمعصومين عليهم السلام هي عبارة الدعاء الشريف في شهر رجب التي صدرت من الناحية المقدسة: «لا فرق بينك وبينها إلا أنهم عبادك وخلقك».

وقد أوضح سماحته: أن المعصومين عليهم السلام لهم ولاية على ثلاثة أمور ليس لأحد غيرهم مثل هذه الولاية عليها، وهي: 1ـ الدماء 2ـ الأموال 3ـ الأعراض.

حيث روي أن أميرالمؤمنين عليه السلام قال: في بعض الشباب الذين فعلوا ما فيه أذى للمسلمين «من يشتري مني هؤلاء الأعبد؟!». مع أن هؤلاء الشباب كانوا أحراراً ولكن الإمام عليه السلام له الولاية أن يجعل العبد حرّا والحرّ عبداً.

واما ولاية الفقيه فهي محدودة وليست مطلقة والشيخ الأنصاري لا يقبل الولاية المطلقة للفقيه، ويقبل ولايته في أمور الحسبة، وفي المقابل هناك فقهاءُ يقبلون من الولاية ما هو أوسع من أمور الحسبة، مثل صاحب الجواهر فإنه عبر فيها بالولاية العامة لا الولاية المطلقة وقد بُيّن هذا المطلب في الشروح المفصلة على كتاب المكاسب.

 ثم سئل: أنه جاء في الأدلة: الطلاق بيد من أخذ بالساق، فهل للفقيه ولاية على أن يطلق الزوجة من زوجها؟

 فقال سماحته دام ظله: كلا، ليس للفقيه ولايةٌ على هذا العمل، ولكن لأهل البيت عليهم السلام ولايةُ على طلاق الزوجة، وإن لم يستفد خارجاً أحدٌ من المعصومين عليهم السلام من حقهم هذا أبداً.

 تحديد وقت صلاة المغرب

 ثم سئل عن إختلاف الفقهاء في وقت الأفطار وتحديد أول وقت صلاة المغرب، لماذا قال جمع بكفاية إستتار القرص؟ وذهب آخرون إلى لزوم ذهاب الحمرة المشرقية؟

 فأجاب سماحته دام ظله الوارف: إختلاف الآراء هذه نشأت من إختلاف الروايات.

بالنسبة إلى كفاية إستتار قرص الشمس في دخول وقت صلاة المغرب هناك روايةٌ صحيحةٌ وظاهرةُ الدلالة، وهكذا في كون الملاك في وقت صلاة المغرب ووقت الإفطار هو ذهاب الحمرة المشرقية، هناك رواية معتبرة السند وظاهرةُ الدلالة، ومقتضى الجمع الدلالي بين الطائفتين من الروايات أن نقول: إن إستتار القرص يكفي لدخول الوقت للصلاة والإفطار ولكن الأفضل التأخير الى أن تذهب الحمرة المشرقية، لأن الجمع الدلالي مقدم على لحاظ جهة الصدور، ولكن الشهرة العظيمة القريبة من الإجماع بسبب ظهور روايات إستتار الشمس في التقية حُملت على التقية وعملوا بالطائفة الثانية من الروايات التي جعلت الملاك غياب كرسي الشمس « مسّوا بالمغرب قليلاً» وأعرضوا من الطائفة الأولى.

 نسيان غسل الجنابة في شهر رمضان

 وفي الضمن سئل لو أن شخصاً جنباً نسي غسل الجنابة فما هو حكم صومه؟

 أجاب دام ظله: في النسيان وبسبب الدليل الخاص الذي هو أخص من حديث الرفع عليه أن يقضي الصوم، ولذا قال الفقهاء أيضاً بعدم وجوب القضاء في الجهل.

ثم سئل: في العقد الموقت قبل إنتهاء المدة هل للزوج أن يتزوجها دائماً من دون هبة المدة؟

 فقال سماحته: كلا، هنا دليل خاص لا يصح الزواج الدائم قبل إنتهاء المدة أو قبل بذل المدة، وإلا فلو لم يكن هنا دليل خاص لم نقل بلزوم بذل المدة قبيل العقد الدائم.

ثم قال دام ظله: أما في تحقق البذل هل يلزم القول والتلفظ أو يكفي العمل أيضاً؟ يبدو للنظر أنه لا يلزم خصوص القول، بل يكفي العمل الذي يدل على بذل المدة وهبتها.

 الملاك في الشيخ والشيخة

 ثم سئل عن ملاك الشيخ والشيخة في الصوم حيث لا يجب الصوم عليهما؟

 فأجاب سماحته دامت بركاته: قد طرحت كبرى هذه المسألة في كتب الأصول لجملة من معاصري الشيخ الأنصاري، ومَن قبله مثل كتاب مفاتيح الأصول للسيد المجاهد، وبشارة الأصول للشيخ محمد حسن المامقاني، وإشارات الأصول للمرحوم الكلباسي وحواشي الرسائل للشيخ رحمة الله عليه، أنه عند التعارض بين العرف واللغة أي منهما مقدم؟ وهذه المسألة من مصاديق هذا البحث، حيث أنه في اللغة يطلق الشيخ والشيخة على من جاوز الأربعين ، وأما في العرف يطلق على شخص له كهولة السن، وفي مسألتنا قدّم الفقهاء المعنى العرفي، مع أن في هذه المسألة خلافاً في أنه في باب الصوم هل الشيخ والشيخة هو من لا يتمكن من الصوم لجهة الكهولة أو هو من يقع في الحرج؟ وعنوان الشيخ والشيخة عنوان مستقل في جواز الإفطار غير عنوان المريض، والمريض لا يدفع الفدية بسبب الإفطار في شهر رمضان ويقضي الصوم فقط ولكن الشيخ والشيخة تجب عليهما الفدية.

كما تجب الفدية على ذي العطاش والحامل المقرب والمرضعة قليلة اللبن، ولا يجب القضاء لبعض هؤلاء الأصناف مثل ذي العطاش على قول، ويجب القضاء على غيره من العناوين الأخرى، وأيضاً في ذي العطاش هذا البحث هل يجوز له شرب الماء بقدر الضرورة أو له أن يشرب بقدر ما شاء؟

وجمع قالوا بالثاني لإطلاق الدليل كما إخترناه أيضاً.

ثم قال دام ظله: يقول تعالى في القرآن الكريم: «وَعَلَى الَّذِينَ يطِيقُونَهُ فِدْيةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ» وقد فسّرت هذه الآية الشريفة بالشيخ والشيخة، وهنا خلاف في أن الآية هل يقدر فيها «لا» النافية كما قال به بعض، أو من لا حاجة لتقدير «لا»، بمعنى أنهما يتمكنان على الصوم إلا أن هذه القدرة منتهى قدرتهما وطاقتهما على الصوم وهذا المعنى الأخير أقرب.

والبحث الآخر حول الشيخ والشيخة أن جواز الإفطار لهما هل هو عزيمة أو رخصة؟ قال سماحته: الظاهر أن الإجماع قائم على أنه رخصة لا عزيمة لأن ظاهر لسان الدليل هو الرخصة.

 كراهة إنشاد وإنشاء الشعر حال الصوم

 ثم سئل: قال الفقهاء بكراهة إنشاد الشعر للصائم، فهل يكره إنشاؤه أيضاً له؟

 فقال سماحته: الظاهر أن حكمهما واحد، ولكن إنشاء وإنشاد أشعار الحكمة التي تبين المطالب الدينية الحقة، وكذا الأشعار المرتبطة بأهل البيت عليهم السلام للصائم ليس بمكروه.

 حجية قول الثقة في الموضوعات

 ومسألة أخرى طرحت في خصوص شخص نظر في طلوع الفجر أو إعتمد على قول الثقة وتناول أحد المفطرات ثم إنكشف له الخلاف فهل يجب عليه القضاء؟

 فأجاب سماحته مد ظله: لا يجب عليه القضاء في الصورتين ولكن الإعتماد على قول الثقة، مبني على القول بحجية خبره في الموضوعات مطلقاً، كما قال به جماعة من الفقهاء المعاصرين ونحن سلمنا بهذا المبنى أيضاً، كما أن قوله حجة في الأحكام بفارق أنه في الأحكام لا بد أن يكون الثقة مسلماً، ولكن في الموضوعات قول الثقة غير المسلم أيضاً حجة.

ثم قال دام ظله الشريف: وإذا غفل شخص عن مراعاة الوقت وبعد طلوع الفجر إرتكب مفطراً فعليه القضاء.

 حكم النكاح المعاطاتي

 طرح أحد الحاضرين مسألة النكاح المعاطاتي بمعنى أنه لو عاش رجل وإمرأة معاً بدون إجراء صيغة النكاح وبعنوان الزوجية فهل يحكم عليهما بأنهما يرتكبان الزنا؟

 فقال سماحته: هذا النكاح ليس شرعياً ولكن ليس بزنا أيضاً، بل نكاح شبهة لأن لنا ثلاثة عناوين: 1ـ النكاح 2ـ الزنا 3ـ الشبهة. ونكاح الشبهة جميع أحكام النكاح الصحيح والولد الحاصل من نكاح الشبهة ولد شبهة وتترتب عليه جميع أحكام ولد الحلال، ويلزم عليهما أن يجريا العقد بمجرد علمهما بالمسألة.

نعم لو عاشرا معاً لا بقصد الزوجية بل لجهة إرضاء الغريزة والشهوة فيجري على فعلهما حكم الزنا.

ثم سئل هل لولد الزنا أيضا أحكام ولد الحلال؟

 فقال سماحته: نعم، له جميع أحكام ولد الحلال، غير أنه لا يرث، ولا يصح تقليده لو صار فقيهاً ولا يصلى خلفه ولا يقضي بين الناس، ولا يجوز له أن يتصدى لهذه المناصب وهذا ليس لجهة أنه إرتكب معصيةً، بل لجهة أن ولد الزنا لا يليق بهذه المناصب، وإلا فيمكن أن يكون هذا الشخص شخصاً صالحاً ويدخل الجنة.

 وسئل أخيراً: لو أُكرهت وأجبرت إمرأة على الزنا فما هو حكم الولد الذي يلد منها؟

 قال دام ظله: له حكم ولد الحلال.

  • لا يوجد تعليق لهذا الخبر