LOGIN
الجلسات العلمية
alshirazi.org
"بين يدي المرجع"
المطارحة العلمية السادسة لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله في شهر رمضان العظيم 1444 للهجرة
رمز 35644
نسخة للطبع استنساخ الخبر رابط قصير ‏ 12 رمضان العظيم 1444 - 3 أبريل 2023

نصّ المطارحة العلمية السادسة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1444 للهجرة، في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، بحضور ومشاركة الشخصيات العلمية، ووكلاء مراجع التقليد الأعلام، وناشطين دينيين وثقافيين، وطلبة العلوم الدينية، مساء يوم الثلاثاء 6 شهر رمضان العظيم1444 للهجرة (28/3/2023م):

بسم الله الرحمن الرحيم

1ـ هل يجب التخليل في شهر رمضان المبارك وذلك بعد السحور؟

ج ـ التخليل مستحب مطلقاً وهو آكد بعد أكل السحور، فإن حصل له العلم أو احتمل احتمالاً عقلائياً بخروج متبقى الطعام من بين اسنانه وبلع بعض اقسام ذلك لا اختياراً وجب التخليل حينئذٍ، وكلّما كان مصداقاً لما بالاختيار لا ينافي الاختيار فهو كذلك، فالتخليل واجب عقلاً للمقدمة الوجودية وفي خصوص هذه المسألة وإن لم يرد فيها دليل خاص الّا أن الدليل العام يدل عليه.

قال صاحب العروة: «لا يجب التخليل بعد الأكل لمن يريد الصوم وإن احتمل أن تركه يؤدي الى دخول البقايا بين الاسنان في حلقه، ولا يبطل صومه لو دخل بعد ذلك سهواً، نعم لو علم أنَّ تركه يؤدّي إلى دخول البقايا بين الاسنان في حلقه، ولا يبطل صومه لو دخل بعد ذلك سهواً، نعم لو علم أن تركه يؤدي إلى ذلك وجب عليه وبطل صومه على فرض الدخول» (العروة الوثقى والتعليقات عليها، ج 3، ص 17، م 1) ويظهر أنه يجب وضع الحاشية على كلمة «بطل صومه» بانه: «وعلى الاحوط إن لم يدخل».

2ـ ما هو حكم النوم لمن يعلم بحصول الاحتلام؟

ج ـ كما ذكرنا في المجلس السابق من أنَّ صاحب العروة يحتاط استحباباً في خصوص هذه المسألة بقوله: «إذا علم من نفسه أنه لو نام في نهار رمضان يحتلم فالأحوط تركه وإن كان الظاهر جوازه خصوصاً إذا كان الترك موجباً للحرج» (العروة الوثقى والتعليقات عليها، ج 3، ص 20، م 15) ويظهر أن القول هذا هو الصحيح. وقد ذهب بعضهم كالمرحوم الوالد (آية الله العظمى ميرزا مهدى الشيرازي) والمرحوم آية الله العظمى البروجردى إلى الاحتياط الوجوبي في هذه المسألة وقد عدّ المرحوم آقا ضياء الدين العراقي ذلك من الاستمناء الاختياري في صورة واحدة (راجع العروة الوثقى والتعليقات عليها، ج 10، ص 74).

ومن عدّ ذلك مفطراً للصوم استند إلى القاعدة المسلم عليها أنَّ ما بالاختيار لا ينافي الاختيار وقد جعلوه كالذي تثار  شهوته عند رؤية صورة ما بالخصوص، فيعلم بحصول الاحتلام إذا نام وحصوله ما لم ينم، فيصدق على عمله هذا عنوان الاستمناء الاختياري لحصول مقدماته اختياراً. بعبارة اُخرى يظهر من الاحتياط الاستحبابي الذي ذكره صاحب العروة، صورة عدم إخلال بصومه.

3ـ ما هو المراد من الآية الشريفة: «وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا»؟ (مريم، 71)

ج ـ الآية المباركة هذه تشير إلى الصراط الممدّد على جهنم، فالكل، ومنهم من أراد الدخول إلى الجنة لا ضير أنّه يعبر على هذا الجسر. نعم يكون مرور بعضهم على الصراط كالبرق الخاطف فلا يضره المرور على جهنّم شيئاً.

4ـ ما هو المراد من الآية الشريفة: «وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا ينْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي» (ص، 35) وهو قول نبي الله سليمان الذي حكاه الله في الكتاب؟

ج ـ نبي الله سليمان على نبينا وآله وعليه السلام هو من أسّس حكومة العدل، فطلب من الله أن يعطيه ملكاً لا يكون لغيره ليتمكّن من نشر العدل بين عباده. فلا يجوز حمل هذا الدعاء على البخل، لأنَّ البُخل هو أن يملك شخص شيئاً يكون ذلك اكثر من حاجته ومع هذا يمتنع من اعطائه لشخص آخر يحتاج اليه، أما لو كان جار الشخص مثلاً متمكناً والشخص يملك حاجة لا حاجة للجار إليها فيطلب من الله الزيادة فلا يعدّ الطلب هذا بُخلاً لعدم وجود امتناع العطاء لمن يحتاجه.

5ـ ما حكم الطهارة والحدث مع عدم العلم بسبق أحدهما على الآخر؟

ج ـ هذه المسألة تعدّ من المسائل المجهولة في التاريخ، وقد وقع الخلاف بين الفقهاء فقهاً واصولاً في خصوصها ويظهر لي استصحاب الحدث والطهارة معاً فيتساقطان للتعارض بينهما، ثم يرجع الى الاصل العام أو الخاص في المسألة.

لابد من ملاحظة هذا الأمر أن الاستصحاب الذي يعد من الأصول العملية إنما هو مستفاد من الأدلة الشرعية ولا محل لجريان الاستصحاب الأزلي أو الاستصحاب النعتي في خصوص ما نحن فيه.

6ـ ما هو حكم سقط الجنين ما لو قال الطبيب: إنّه يولد مشوّهاً؟

ج ـ قال صاحب العروة: «...ولو خيف مع حياتهما على كل منهما انتظر حتى يقضى» (العروة الوثقى والتعليقات عليها، ج 1، ص 416، م 15).

وقد ذكر المرحوم الاخ (آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي) رضوان الله عليه في حاشية العروة وفي موسوعته الفقهية قائلاً: «بل حياة الأم مقدّمة على الأحوط».

الذي يظهر لي أنّ الملاك فيه هو خوف الولي الشرعي أي الأب أو الجد للأب أو خوف الأم أو الطبيب المعتمد عليه. وفي صورة دوران الأمر بين حياة الأُم والجنين يجب حفظ الأم على الاحوط وجوبا  بل لا يبعد وجوب انقاذ الأُمّ.

أما الذي يظهر من كلام صاحب العروة عدم جواز سقط الجنين إن لم يعرف البقاء للأم أو الجنين بل لابد من الانتظار والتسليم لما يحدث.

نعم المرتكز لدى المتشرعة هو أنه لو كان بقاء الجنين سبباً لموت الاُمّ ففي هذه الحالة تقدّم الأُمّ لأنها أهم من الجنين وكذا لو كان عدم سقط الجنين ضررياً للأم فيصاب الجنين أيضاً بأعراض ، فالمتعين حينئذٍ سقط الجنين. نعم ذهب بعضهم كالمرحوم الأخ أنَّ حفظ حياة الأم هو الأهم في كل الصور المذكورة.

ما يقال من أنه بعد ولوج الروح في الجنين يتساوى هو وامه في وجوب الابقاء فمع احتمال حصول الضرر للام، لا يجوز للطبيب اسقاط الجنين وإن كانت الام قادرة من اسقاط الجنين حفظاً على حياتها، فهذا القول غير تام. فما ذكره المرحوم الاخ من أنَّ حفظ حياة الام هو الأهم على جميع الصور، هو الرأي الصحيح فإنّ مرتكز المتشرعة أيضاً كذلك حيث يرى المتشرعة حفظ حياة الام أهم من حفظ حياة الجنين عند التزاحم، بخلاف ما إن ولد الطفل فان الارتكاز المذكور غير حاصل في هذه الصورة بل الاجماع على خلافه.

اكثر هذه الموارد وصور المسألة يرجع فيها إلى ارتكاز المتشرعة ولم يرد فيها دليل خاص وإن كان الموافق والمخالف من الفقهاء يستندون إلى ارتكاز المتشرعة اثباتاً ونفياً. وما ذكرناه هو الموافق لارتكاز المتشرعة ظاهراً.

ثم إنّه لو كان تشخيص الطبيب أنَّ الجنين سيولد مشوّه الخلقة فان الموارد فيها مختلفة فلا يمكن الحكم بجواز اسقاط الجنين في كل الصور.

7ـ لو صب المكلف الماء من اناء غصبي في اناء مباح وتوضأ منه، فهل يصحّ هذا الوضوء؟

ج ـ وضوءه صحيح لكنه ارتكب حراماً في هذا المقدار من التصرف في الاناء الغصبي . فالمكف قبل ان يريق الماء من الاناء الغصبي لم يكن واجداً للماء ـ ذلك مع فرض عدم وجود ماء آخر ـ وكان حكمه وجوب التيمّم، لكنه بعد ارتكاب العمل المحرم والتصرّف في الاناء الغصبي يكون واجداً للماء فتكون وظيفته شرعاً الوضوء وإن كان قد ارتكب المحرّم.

إن كان مالك الماء هو الشخص نفسه فقد ارتكب الغصب في إراقته في الاناء غير المباح ولأجل التخلّص من الغصب ارتكب غصباً آخر فإنَّ عمله كان اختيارياً وما بالاختيار لا ينافي الاختيار وإن كان وظيفته التخلّص من الغصب واستلزم ذلك تصرفاً غصبياً آخر فهو حرام إلّا أنه أخف من الصورة الاولى التي ذكرناها. ومثال ذلك ما لو دخل شخص بيتا غصباً فالشارع المقدس يأمره بالخروج من هذا البيت الغصبي فإنَّ خروجه من البيت وإن استلزم تصرفاً غصبياً آخر إلّا أنه أخف من الصورة الاولى وهو التصرف الغصبي في مال غيره والدخول في ملكه.

قال الله تعالى: «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيهِ»(البقرة، 173) فهذا الشخص الذي يريد التخلص من الغصب لا يعد غير باغ ولا عاد. فالخروج لازم وفي الوقت نفسه قد ارتكب المحرّم وكل ذلك متفرع على سوء اختياره.

إنَّ المحكي عن الشيخ الانصاري في اصوله أنه لم يعد هذا العمل محرماً وإن كان مكرراً في الفقه ذهب إلى خلاف ذلك. والمحكي عن المحقق الخراساني عدم وجوب وعدم حرمة هذا الفعل و يرى الشخص مستحقاً للعقاب، ورأي كليهما غير صحيح. ونظيره ما لو أن شخصاً رمى بنفسه من أعلى السطح إلى الارض وإن كان اصابته للأرض لا اختيارياً لكنه معاقب لكون المقدمة وهو الرمي اختياريّة فيكون الشخص قد ارتكب محرماً وإن كانت النتيجة لا إرادية. وفي النهاية وإن كان الخروج والتخلص من الغصب واجباً لكنه مبغوض لدى الشارع إلا أنّ مبغضيته أخف من الغصب نفسه.

كذلك لو دخل الجنب مسجداً فإنّه قد ارتكب حراماً واللحظات التي يصرفها في المسجد الى ان ىخرج منه حرام أيضاً وإن كان ذلك لابد منه.

نعم لو تاب المكلّف من ذلك في الاثناء فـ«التائب من الذنب كمن لا ذنب له» (وسائل الشيعة، ج 16، ص 74، ح21016) وبمقتضى هذه الرواية لو تاب الغاصب وكذلك الجنب الخارج من المسجد لم يرتكبا المحرّم.

8ـ ما هو حكم الكحول نجاسةً أو طهارة؟

ج ـ ذهب الفقهاء إلى نجاسة كل مسكر مائع بالأصالة والكحول ـ كما يصرّح به الاطباء ـ وإن كان مائعاً إلّا أنه غير مسكر بل هي مادة سامة وتكون مسكراً ما لو أضيف إليها الماء ومثاله ماء العنب لم يكن حراماً ولا نجساً لكنه يعمل منه المسكر بطرق خاصة فيكون شربها حراماً حىنئذ .

الظاهر طهارة الكحول لدى المشهور من الفقهاء وإن كان شربه حراماً ولا دليل على وجوب توخّي لباس المصلي منه.

ثم إذا شك في مسكرية مائع  أنه مائع بالاصل أو جامد فالاصل عدم نجاسته .

9ـ ما هو حكم إجارة الرحم؟

اجارة الرحم لوضع النطفة أو الجنين لم يكن جائزاً إلّا إذا كانت المرأة صاحبة الرحم حين وضع النطفة أو الجنين مَحرماً للرجل بالعقد الدائم أو الموقت، وعليه فإنَّ وضع النطفة أو الجنين في رحم امرأة متزوجة أو من كانت مَحرماً لصاحب النطفة أو من لا يجوز عقدها لصاحب النطفة فهو غير جائز.

إنَّ الحكم المذكور لوضع الجنين في رحم غيرها مأخوذ من دليل حرمة وضع النطفة في رحم الاجنبية.

10ـ ما هو حكم اللعب بآلات القمار من غير قصد القمار عليها؟

ج ـ إن حرمة القمار ينقسم إلى قسمين:

اولاً: الآلة التي تستعمل للقمار عادة وإن كان القصد من اللعب بها الترفيه.

ثانياً: الآلة التي لا تستعمل للقمار عادة إلا أن المكلف يريد القمار منها. وعليه فالآلة التي تستعمل للقمار في بلد يعد اللعب بها محرماً ، وإن كانت الآلة غير مستعملة في القمار في بلد آخر فإن اللعب بها لا للقمار جائز.

 كذلك لو تُرك استعمال آلة للقمار في بلد ما فاستخدامه من غير قمار جائز، ذلك أنَّ الحكم تابع للموضوع.

نعم الشطرنج لم يكن جائزاً على جميع الاحتمالات لتشديد النهي عنه، وإن كان بعض الفقهاء (كالمرحوم آية الله العظمى السيد احمد الخوانساري في جامع المدارك) اشترط في عدم حرمته خروجه من آلات القمار في بلدٍ ما. لكن القمار هو علة جعل الحرمة للشطرنج لا علة للمجعول.

كذلك السُكر الذي اعتبر علة لجعل الحرمة للخمر لا علة للمجعول، وعليه فشرب قطرات من المسكر وإن لم يوجب السكر فهو حرام.

11ـ إن الآية الشريفة: «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ» (البقرة، 256) تدل على الحرية في الاسلام، فكيف يمكن توجيه سلب الحرية من الأشخاص في الدول الاسلامية؟

ج ـ ليس الملاك في الاحكام تصرّف الحكّام باسم الاسلام في بعض البلاد، بل الملاك في ذلك قول الله تعالى وقول المعصومين الاربعة عشر عليهم السلام وعملهم وتقريرهم.

لم يرد في نقل صحيح ولارواية واحدة أنَّ النبي صلى الله عليه وآله أو أمير المؤمنين صلوات الله عليه سلبوا حرية شخص أو أجبروه على شيء في ظل دولتهما الاسلامية. نعم قد نسب المنافقون بعض ذلك إلى النبي إلّا أنَّ النسبة غير صحيحة وهو كذب مفترى عليه صلى الله علىه وآله .

لقد ورد في سيرة النبي وأمير المؤمنين عليهما السلام أنهما كانا يأمران عامل الزكاة بامور منها: أن يقبلوا قول المسلم في عدم تعلق الزكاة بماله وأن لا يراجعوه مرة ثانية. كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: «فإن قال قائل لا فلا تراجعه».

لقد ورد في نهج البلاغة مجموعة من هذه التوصيات لعمّال الزكاة، مثل قوله عليه السلام: «اِنْطَلِقْ عَلَى تَقْوَى اَللَّهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَلاَ تُرَوِّعَنَّ مُسْلِماً وَلاَ تَجْتَازَنَّ عَلَيهِ كَارِهاً وَلاَ تَأْخُذَنَّ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّ اَللَّهِ فِي مَالِهِ فَإِذَا قَدِمْتَ عَلَى اَلْحَي فَانْزِلْ بِمَائِهِمْ مِنْ غَيرِ أَنْ تُخَالِطَ أَبْياتَهُمْ ثُمَّ اِمْضِ إِلَيهِمْ بِالسَّكِينَةِ وَاَلْوَقَارِ حَتَّى تَقُومَ بَينَهُمْ فَتُسَلِّمَ عَلَيهِمْ وَلاَ تُخْدِجْ بِالتَّحِيةِ لَهُمْ ثُمَّ تَقُولَ عِبَادَ اَللَّهِ أَرْسَلَنِي إِلَيكُمْ وَلِي اَللَّهِ وَ خَلِيفَتُهُ لِآخُذَ مِنْكُمْ حَقَّ اَللَّهِ فِي أَمْوَالِكُمْ فَهَلْ لِلَّهِ فِي أَمْوَالِكُمْ مِنْ حَقٍّ فَتُؤَدُّوهُ إِلَى وَلِيهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ لاَ فَلاَ تُرَاجِعْهُ وَإِنْ أَنْعَمَ لَكَ مُنْعِمٌ فَانْطَلِقْ مَعَهُ مِنْ غَيرِ أَنْ تُخِيفَهُ أَوْ تُوعِدَهُ أَوْ تَعْسِفَهُ أَوْ تُرْهِقَهُ...» (نهج البلاغة، الكتاب رقم 25).

  • لا يوجد تعليق لهذا الخبر