LOGIN
الجلسات العلمية
alshirazi.org
"بين يدي المرجع"
المطارحة العلمية السابعة عشرة لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله في شهر رمضان العظيم 1444 للهجرة
رمز 35957
نسخة للطبع استنساخ الخبر رابط قصير ‏ 20 رمضان العظيم 1444 - 11 أبريل 2023

نصّ المطارحة العلمية السابعة عشرة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1444 للهجرة، في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، بحضور ومشاركة الشخصيات العلمية، ووكلاء مراجع التقليد الأعلام، وناشطين دينيين وثقافيين، وطلبة العلوم الدينية، مساء يوم السبت 17 شهر رمضان العظيم1444 للهجرة (8/4/2023م):

بسم الله الرحمن الرحيم

1ـ ما حكم صلاة وصوم المسافر الذي يرجع إلى وطنه وقد بلغ حدّ الترخص؟

ج ـ قال صاحب العروة: «وفي العود عن السفر أيضاً ينقطع حكم القصر إذا وصل إلى حدّ الترخّص من وطنه أو محلّ إقامته، وإن كان الأحوط تأخير الصلاة إلى الدخول في منزله، أو الجمع بين القصر والتمام إذا صلّى قبله بعد الوصول إلى الحدّ» (العروة الوثقى والتعليقات عليها، ج2، ص439، الثامن: الوصول إلى حدّ الترخّص).

إذا بلغ المسافر الخارج من بلده حدّ الترخص يجب عليه القصر في الصلاة اجماعاً وإذا كان قبل الزوال يمكنه الافطار عن صومه لكن إذا رجع المسافر إلى وطنه وبلغ حدّ الترخص فقد وقع الخلاف بين الفقهاء في حكم صلاته وصومه، فقد جعل بعض الفقهاء حدّ الترخص ملاكاً عند الخروج من بلده دون الرجوع إليه وجعلوا البلد نفسه ملاكاً في ذلك، لأنَّ موضوع الروايات هو خصوص حدّ الترخص إذا كان المكلف مسافراً إلى مكان آخر، وبمقتضى صناعة الفقه فإنَّ الحكم دائر بين الاقل والاكثر فنتمسك بالقدر المتيقن وهو الاقل، فيكون الخروج من البلد هو الملاك. وفي المقابل ذهب كثير من الفقهاء إلى اعتبار حدّ الترخص ذاهباً وراجعاً وأنَّ الخروج من البلد انما هو مورد الروايات الواردة في بيان حدّ الترخص وليس موضوعها، وعليه إذا بلغ حدّ الترخص راجعاً إلى بلده يتم الصلاة ويأتي بالصوم إذا بلغ حدّ الترخص قبل الزوال، ويظهر لي أنّ الرأي هذا هو الصواب. وبالنتيجة فإنَّ حدّ الترخص ملاك ذهاباً ورجوعاً موافقة لما استظهره جماعة من الفقهاء.

2ـ هل هناك تناف بين الآيتين المباركتين: «وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا» (سورة البقرة، الآية 31) و«فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيهِ»(سورة البقرة، الآية 37)؟

ج ـ كلّا، لا تنافي بين الآيتين، لأنَّ الله تعالى قد علَّمَ آدمَ على نبينا وآله وعليه السلام جميع الاسماء، وحين التوبة ألقى الله تعالى في روع آدم أن يقسم بالاسماء وهي اسماء الخمسة الطاهرة النجباء عليهم السلام ويجعلهم وسطاء للتوبة عليه، وآدم أيضاً طلب التوبة من الله تعالى بتلك الاسماء فتاب الله عليه. فلا تنافي بين تعليم تلك الاسماء وبين تلقين آدم أن يجعل تلك الاسماء واسطة لقبول التوبة، بل الآية الاولى تشير إلى الجانب الفاعلي والآية الثانية تشير إلى الجانب المفعولي.

3ـ هل تجب الكفّارة على البنات اللّاتي بلغن سنّ التكليف ولكن لايطِقنَ الصيام؟

ج ـ إنَّ البنت إذا اتمّت التاسعة من عمرها ودخلت في العاشرة بحسب التاريخ القمري، تكون مكلفة ولا فرق بينها وبين الكبار من جهة التكليف والاحكام. فإذا كان الصوم لها ضررياً أو حرجياً يرتفع عنها الوجوب لذلك فإذا لم تتمكن من القضاء الى السنة القادمة يجب عليها الفدية فقط وإن لم تتمكن من الفدية يجب عليها الاستغفار فقد ورد «الاستغفار كفارة من لا كفارة له».

لابد من ملاحظة هذا الامر أنَّ الكفّارة هنا ليست لاجل المعصية وانما وجبت لعدم التمكن من قضاء الصوم سواءٌ كانت معذورة أو عاصية.

4ـ هل المراد من «الاستغفار كفّارة من لا كفّارة له» هو عدم التمكن من إعطاء الكفّارة في تلك السنة فقط أم إلى آخر حياتها؟

ج ـ الظاهر من الكلام هذا هو بدلية الاستغفار عن الكفّارة ولكن ذلك لمن لم يتمكن من اعطاء الكفّارة إلى آخر حياته. فالشخص الذي لا أمل له أن يحصل على ما يكفّر به عن قضاء صومه إلى آخر حياته تكون وظيفته الفعلية هو الاستغفار ولكن إن تحسّن وضعه الاقتصادي وحصل له التمكن من دفع الكفّارة أو الدية وجبت عليه، ذلك أنَّ حرف «لا» الوارد في «لا كفّارة له» يظهر منها أنها نفي الجنس وتشمل من لا يتمكن من دفع الكفّارة إلى آخر حياته. فإذا استغفر المكلف وبعد ذلك تحسنت أوضاعه الاقتصادية، هذا يكشف أنَّ ظنّه بعدم حصول القدرة على دفع الكفارة كانت خطأً وأنه ليس من مصاديق «لا كفّارة له» والظاهر أنَّ الاستظهار هذا موافق لفهم العرف أيضاً. فإذا لم يتمكن المكلّف من اعطاء الفدية أو الكفارة ولكنه يأمل أن تتحسن أوضاعه بعد هذا، لم تكن وظيفته الفعلية هو الاستغفار فعليه الانتظار إلى آخر حياته فإن ظهرت آثار وعلامات قرب الموت منه ولم يتمكن من دفع الكفارة إلى ذاك الوقت، يجب عليه الاستغفار حينئذٍ، كما يجب عليه قضاء صلواته الفائته التي كانت موسعة إلى حلول آثار الموت فيه وبعد حلولها تكون واجبة مضيقة .

نعم، إذا ثبت أن الظهور العرفي لِـ«لا كفارة له» هو السنة نفسها كما ذهب إليه المرحوم الأخ (آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي رضوان الله عليه) في كتابه الفقه فذلك الاستظهار هو المتَّبع، نعم لم يكن المرحوم الأخ ملتزماً بما تقدم في مقام الفتوی.

ما يقال من أنَّ العاجز عن الكفارة تسقط عنه الكفارة ويؤخّر الاستغفار إلى آخر حياته للكشف عن تمكنه من اعطاء الكفارة أو لا، فانه من مصاديق حبس الحقوق الّذي هو من الكبائر، فهذا ليس بواضح، لأنه لم يجب على المكلّف فعلاً حق يكون اداؤه مضيّقا فحبسه، انما هو من جهة الزمان يكون في سعة، ويظهر لي أنه ليس حبس أي حق يكون من الكبائر بل حبس الحقوق الواجبة أداؤها معينة يكون من المحرمات، ونظيره ما إذا وجبت الدية على المكلف إلّا أنَّ المستحق للدية يقول له: لا أطالبك بالدية فعلاً، فتأخير دفعه الدية وإن كانت من الحقوق الواجبة إلّا أنه لا إشكال فيه قطعاً.

5ـ إذا وقعت الزلزلة في بلد ما ولم يشعر بها الكثير من أهل ذلك البلد وشعر بها عدة منهم، فهل تجب صلاة الآيات على مَن لم يشعر بها أيضاً؟

ج ـ لقد وردت المسألة هذه في الجواهر والعروة وعدد من الكتب الفقهية وهي محلّ خلاف بين الفقهاء، ويظهر لي أنه إن لم يشعر بها معظم أهل البلد أو أن معظمهم لم تحصل لهم الخوف من الآيات السماوية كالطوفان أو معظمهم لم يشعر بالخسوف فإنَّ صلاة الآيات لم تجب على من شعر أو خاف من ذلك ناهيك عن من لم يشعر أو لم يخف منه، لأنَّ الملاك في وجوب صلاة الآيات هو شعور أو خوف معظم الناس.

6ـ إذا أمر الرجل زوجته بارتكاب منكر وهدّدها بالطلاق إن أَبَت ذلك، فما هي وظيفة الزوجة في هذه الصورة؟

ج ـ لا يجوز لها الاتيان بأمور كشرب الخمر أو الذنوب التي تنافي العفة، وإن كان عدم ارتكابها ضرريّاً لها، وفي غير هذه الامور اذا كان الطلاق لها ضررياً أو حرجياً يرتفع حرمة ارتكاب تلك المحرمات بسبب التزاحم وتكون معذورة، ولا شك أنَّ الزوج قد ارتكب الكبيرة في اجبارها على ذلك.

7ـ ما هو حكم الرقص؟

ج ـ ذهب المشهور إلى عدم جواز ذلك تمسّكاً بنهي النبي صلى الله عليه وآله عن الزفن وهو الرقص.

روى الشيخ الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلى عن السكوني عن الامام الصادق عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله في ضمن رواية أنه قال: «أنهاكم عن الزفن» (وسائل الشيعة، ج7، ص313، ح22631) وسند الرواية على الاصح معتبر وإن كان قد خدش جماعة في صحتها، لكن المشهور عمل بها فتكون الشهرة جابرة وتكون الرواية حجة.

8ـ بعض الرواديد يكرر اسماء المعصومين عليهم السلام بسرعة شديدة، فهل هذا الفعل جائز؟

ج ـ إن لم يعده العرف اهانة للمعصومين عليهم السلام فلا إشكال فيه ولكن إن عده العرف هتكاً لهم عليهم السلام يجب التجنّب عنه.

في مثل هذه الموارد حيث لم يكن هنالك تعيين للموضوع من قبل الشارع نرجع فيها إلى العرف والاهانة ليست من العناوين القصدية فإذا عدّه العرف إهانة يكون حراماً. نعم إذا قصد من كلامه ذلك ورآه العرف اهانة أيضاً تكون حرمته أشد.

9ـ ما هي حدود حجية العقل في الاحكام الشرعية؟

ج ـ إذا كان العقل في سلسلة العلل كان حجة، ولكن إذا كان في سلسلة المعاليل، فليس بحجة.

10ـ لقد ورد في بعض الروايات استحباب استعمال الخضاب، ولكن العرف يعد ذلك من القبائح لكبار السن، فما هي الوظيفة في هذه الصورة؟

ج ـ ان الجمع بين روايات الشهرة وغيرها تقتضى الكراهة والعرف یراه قبيحاً. لقد ذكر صاحب الجواهر عدداً من المستحبات ثمّ اشكل عليها ما لو أتى المكلّف بها مجتمعة، مستنداً في ذلك إلى أدلة الشهرة.

11ـ لو صلّى المكلّف بكفنه صلاة الليل أو أحرم بذلك في حجه فهل يسقط الخمس عنه؟

ج ـ في مثل زماننا حيث إنّ لبس الكفن ليس متعارفاً فاذا استعمل الكفن في ذلك لم يعد صرفاً في المؤونة فيجب عليه الخمس لانه ليس كل استعمال يعدّ صرفاً في المؤونة، نعم إذا لبسه بعنوان لباس الاحرام يصدق عليه أنه صرف في المؤونة فلا يجب تخميسه حينئذٍ.

12ـ إذا قصد المسافر الراجع إلى بلده الافطار قبل الزوال فهل يجوز له الصوم إذا بلغ وطنه في ذلك الوقت؟

ج ـ هذه المسألة محل خلاف بين الفقهاء، ويظهر لي أنه إن لم يقصد الافطار يجوز له الصوم وإن قصده فلا يجوز.

13ـ المتعارف في زماننا أن يطول بناء البيت أو شراؤه عدّة سنوات، فهل يكون البيت كاثاث البيت للعرس فلا خمس فيه أم حكمه يختلف عن ذلك؟

ج ـ نظراً إلى ما ذهب إليه بعض الفقهاء من عدم وجوب الخمس في شراء اثاث البيت للعرس، فلا يجب الخمس مع توفّر شرطين: 1ـ إن لم يتمكن الوالدان من شراء الاثاث دفعة واحدة 2ـ إن كان شراء ذلك في سنوات عديدة متعارفاً لدى العرف. ولكن في شراء البيت أو بنائه فقد ذهب اعاظم الفقهاء كصاحب الجواهر، والشيخ الانصاري، والميرزا الشيرازي، والميرزا محمد تقي الشيرازي، وصاحب العروة، والمحقق الخراساني، والشيخ عبدالكريم الحائري، والميرزا النائيني وآغا ضياء الدين العراقي إلى وجوب الخمس.

14ـ هل آية التطهير تشمل المعصومين الاربعة عشر عليهم السلام أم تختص برسول الله وأمير المؤمنين والزهراء والامام الحسن والامام الحسين عليهم السلام؟

ج ـ إنَّ المراد من اهل البيت عليهم السلام في آية التطهير هم المعصومون الاربعة عشر عليهم السلام ويشمل جميعهم ولا تختص الآية بالخمسة النجباء عليهم السلام.

15ـ لقد وردت اكثر مناهي رسول الله صلى الله عليه وآله في الكراهة، ففي موارد الشك هل يحمل النهي على الحرمة أم الكراهة؟

ج _ لقد وردت أوامر ونواهي كثيرة في الاستحباب والكراهة إلّا أنَّ كثرة الاستعمال لا يوجب صرف ظهور الاوامر في الوجوب والنواهي في الحرمة ولهذا صرّح الفقهاء بأن الاوامر ظاهرة في الوجوب والنواهي ظاهرة في الحرمة وذلك للتبادر الذي هو من علامات الحقيقة، إلّا إذا ورد في المقام قرينة تدل على استعمال الامر في الاستحباب او النهي في الكراهة. نعم ذهب صاحب المعالم إلى أن الظاهر من الامر هو الاستحباب لكثرة استعماله في ذلك وكذا النهي، إلّا أنَّ الفقهاء لم يقبلوا كلامه وخالفوه.

في الموالي والعبيد العرفيين كذلك، فإنَّ العبد يستظهر من أمر مولاه الوجوب إلّا اذا قامت القرينة على خلافه وكذا في النهي.

16ـ قال الله تعالی: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ والْبَحْرِ ورَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيبَاتِ وفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا» (سورة الاسراء، الآية 70) فما هو المراد من بني آدم في هذه الآية الشريفة؟

ج ـ نظراً إلى أنَّ أهل البيت عليهم السلام هم الافضل من جميع المخلوقات على الاطلاق، فإنَّ المراد من بني آدم في الآية الشريفة حيث عدّتهم الآية الافضل من كثير من المخلوقات من الجن والملائكة فهم أناس غير أهل البيت عليهم السلام حيث يختلفون عنهم في الطينة والخلق وهم الاستثناء في عالم الوجود.

قال الله تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه وآله: «قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يوحَى إِلَي أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ» (سورة الكهف، الآية 110) فإنَّ الآية وإن عدت رسول الله صلى الله عليه وآله كغيره من البشر إلا أنها بقيد «يوحَى إِلَي» قد أفرزته عن باقي البشر وجعلته أفضل من باقي المخلوقات.