LOGIN
الجلسات العلمية
alshirazi.org
"بين يدي المرجع"
المطارحة العلمية الثانية والعشرون لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله في شهر رمضان العظيم 1444 للهجرة
رمز 36341
نسخة للطبع استنساخ الخبر رابط قصير ‏ 30 رمضان العظيم 1444 - 21 أبريل 2023

نصّ المطارحة العلمية الثانية والعشرون للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1444 للهجرة، في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، بحضور ومشاركة الشخصيات العلمية، ووكلاء مراجع التقليد الأعلام، وناشطين دينيين وثقافيين، وطلبة العلوم الدينية، مساء يوم الثلاثاء 27 شهر رمضان العظيم1444 للهجرة (18/4/2023م):

بسم الله الرحمن الرحيم

1ـ لقد ذكرتم في الجلسة السابقة أنَّ الامور المالية الشرعية التعبّدية غير متوقفة على قصد القربة بل لو جاء بها المكلف رئاءً لا يوجب الحرمة الوضعية وفيه حرمة تكليفية فقط، والله عزّ وجلّ يقول في كتابه المنزل: «يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ والْأَذَى كَالَّذِي ينْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ ولَا يؤْمِنُ بِاللَّهِ والْيوْمِ الْآخِرِ» (سورة البقرة:الآية 264) ويقول تعالى: «وَالَّذِينَ ينْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ ولَا يؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولَا بِالْيوْمِ الْآخِرِ» (سورة النساء: الآية 38) ويؤيدهما الآية الشريفة الدالة على بطلان العمل في صورة عدم اطاعة الله ورسوله قال تعالى: «يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ ولَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ» (سورة محمّد صلى الله عليه وآله: الآية 33).

ج ـ إنَّ الآية الشريفة: «لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ والْأَذَى» تشير إلى أعمّ من زكاة الواجب وتشمل الصدقات المستحبة أيضاً.

إن الرئاء حرام إلّا أنه لا يمكن استنباط بطلان الامور العبادية المالية مع الرئاء أو من غير قصد القربة من الآيات الشريفة، فالبطلان يأتي بمعنيين: 1ـ بطلان العمل، 2ـ بطلان الأجر. فاذا كان المقصود من البطلان هو المعنى الاول تبعه بطلان الاجر أيضاً، وإذا كان البطلان بمعنى بطلان الأجر فانه لا يستلزم منه المعنى الاول وهو بطلان العمل ففي الفرض المذكور لم يحرز بطلان العمل، وفي صورة الشك وعدم احراز بطلان العمل من الكلام نتمسك بالقدر المتيقن وهو بطلان الاجر والثواب فقط.

2ـ ما هو الفارق بين الصوم، والحج، والاعتكاف وما شابهها من العبادات غير المالية وبين الزكاة، والخمس، والكفارة، وزكاة الفطرة، والفدية وما شابهها من العبادات المالية، ليكون الرئاء في القسم الاول مبطلاً للعبادة ولكن في القسم الثاني لم يكن مبطلاً للعبادة؟

ج ـ لا يوجد هنالك دليل على بطلان كل عبادة إن أتى به المكلف رئاءً وفي الفرض المذكور فإنَّ الفارق هو وجود الاجماع في الاول وعدم وجود الدليل في الثاني بل لم يتعرض له عدد كبير من الفقهاء في كتبهم . لانه قد أجمع الفقهاء على بطلان العمل والاجر ما لو أتى بالاعمال العبادية غير الماليّة كالصلاة، والصوم، والحج، والاعتكاف وغيرها ما لو أتى بها رئاءً، ولكن في مثل الأعمال العبادية المالية كالزكاة، وزكاة الفطرة، والخمس، والكفارة والفدية، لا يوجد دليل على بطلان العمل ما لو أتى به رئاءً، ويدل الدليل على بطلان الاجر فقط.

أما ما قيل من أنَّ موثقة السكوني عن الامام الصادق عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: «إنَّ الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجاً به فاذا صعد بحسناته يقول الله عزّ وجلّ: اجعلوها في سجِّينٍ انه ليس إياي أراد بها» إنَّ الرواية ظاهرة في الحرمة التكليفية والوضعية معاً ما لو أتى المكلف بالعمل رئاءً. فنقول، لا إشكال في الحرمة التكليفية للعمل ما لو أتى به المكلف رئاءً ولكن لا يمكن استظهار الحرمة الوضعية وبطلان العمل الرئائي من هذه الرواية ولا غيرها وما ذكرت الرواية من جعل العمل في سجين أو جهنم لا تدل على البطلان بل يمكن استظهار بطلان الاجر والثواب منها، وكم من روايات دلت على المكروهات من الاعمال التی صدرت بهذا النمط .

 لقد ورد في رواية أنّه: «إذا قام العبد إلى الصلاة أقبل الله عليه بوجهه فلا يزال مقبلاً عليه حتى يلتفت ثلاث مرات فإذا التفت ثلاث مرات أعرض عنه» (المحاسن، ج1، ص81، ح9) فإن عدم الالتفات لا يوجب بطلان الصلاة وليس بحرام أيضاً ولم يذهب فقيه إلى بطلان ذلك ولكنه مكروه إن لم يكن ملتفتاً في الصلاة ولا يأتى بها بحضور القلب ومع هذا ورد في الرواية أنَّ الله عزّ وجلّ «أعرض عنه». وقد تمسك بعضهم بالرواية التي تقول: «لا عمل إلا بنية» (دعائم الاسلام، ج1، ص105) بأنَّ النية من لوازم العمل فإن لم ينو كان عمله باطلاً، لكنه يقال في ردّ هذا القول: إنَّ الرواية تشمل جميع الاعمال لا خصوص العبادات والشرط المذكور لا يمكن استظهاره من الرواية.

لقد نوقش في المباحث الاصولية، أنَّ بعضهم تمسك بالآية الشريفة لاثبات الأصالة العبادية وهي «وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ» (سورة البيّنة: الآية 5) فإنّ الاصل في جميع الأعمال هو العبادية وأنه يشترط قصد القربة والاخلاص في جميع الاعمال، ولكن غالب الفقهاء أعرضوا عن هذا الاستدلال وأجابوا عنه. وبالنتيجة، ظهر أنَّ اصل عبادية الأعمال غير صحيحة وأنَّ الاستدلالات المذكورة في المقام ليست تامة فيظهر لي أنّه إن ورد الدليل في بطلان وحرمة العمل الرئائي كالصلاة والصوم وغيرهما، فهو والّا، فلا دليل على بطلان العمل، مضافاً إلى أنَّ حرمة الرئاء لم يكن قطعياً.

3ـ لو اشتغل المكلف ببيع وشراء الخمر مدة وبعد ذلك ندم على فعله وتاب فإنَّ الاموال الموجودة عنده لابد من ارجاعها إلى مالكها لكنه إمّا أن لا يعرف مالكها أو من ايصالها إلى مالكها معذور، فما هو وظيفته في الفرض المذكور؟

ج ـ إن كان لا يعرف أصحاب الاموال ففي هذه الصورة تكون الاموال مجهولة المالك وكذا لو كان معذوراً من إيصال الاموال إلى أصحابها، تكون في حكم مجهول المالك ويرجع أمرها إلى الفقيه الجامع للشرائط ولاجل التصرف في تلك الاموال يحتاج إلى إذن الفقيه الجامع للشرائط.

4ـ ما هو رأي سماحتكم في الرواية التي تتكلّم عن الاعتكاف عند أبي عبد الله الحسين عليه السلام التي ذكرها السيد ابن طاووس في الاقبال (الإقبال، ج1، ص358)؟

ج ـ قال السيد ابن طاووس: «ذكر ما نختار روايته من فضل المهاجرة إِلى الحسين صلوات اللَّه عليه في العشر الأواخر من شهر رمضان: روّينا ذلك بإسنادنا إِلى أَبي المفضّل، قال: أَخبرنا علي بن محمّد بن بندار القمّي إِجازة، قال: حدّثني يحيى بن عمران الأشعري، عن أَبيه، عن أَحمد بن محمّد بن أَبي نصر، قال: سمعت الرّضا علي بن موسى عليهما السلام يقول: عمرة في شهر رمضان تعدل حجّة، واعتكاف ليلة في شهر رمضان يعدل حجة، واعتكاف ليلة في مسجد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وعند قبره يعدل حجّة وعمرة، ومن زار الحسين عليه السلام يعتكف عنده العشر الغوابر (الأواخر/خ) من شهر رمضان فكأنّما اعتكف عند قبر النبي صلّى اللَّه عليه وآله، ومن اعتكف عند قبر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله كان ذلك أَفضل له من حجّة وعمرة بعد حجّة الإسلام. قال الرّضا عليه السلام: وليحرص من زار الحسين عليه السلام في شهر رمضان أَلّا يفوته ليلة الجهني عنده، وهي ليلة ثلاث وعشرين، فإنّها اللّيلة المرجوّة، قال: وأَدنى الاعتكاف ساعة بين العشاءين، فمن اعتكفها فقد أَدرك حظّه ـ أَو قال: نصيبه ـ من ليلة القدر» (الاقبال، ج1، ص358).

يجري البحث في سند هذه الرواية عن ثلاث شخصيات من رجالها: فقد صرّح الرجاليون بضعف أبي المفضّل الشيباني ولكن توجد هنالك قرائن على وثاقته.  وجرى البحث في تمييز علي بن محمد بن بندار فقد ذهب بعض المعاصرين إلى أنَّ علي بن محمد بن بندار هو علي بن محمد بن أبي القاسم الثقة. (معجم رجال الحديث، ج13، ص141، رقم8414). وأما والد يحيى بن عمران الأشعري فهو مهمل لم يذكر في كتب الرجاليين.

نعم العمل بهذه الرواية من باب التسامح في أدلة السنن لا إشكال فيه ولكن بقرائن داخلية ثلاث يعرف أن الاعتكاف في الرواية ليس هو الاعتكاف الاصطلاحي: 1ـ «واعتكاف ليلة في شهر رمضان يعدل حجة» 2ـ «واعتكاف ليلة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله» 3ـ «وأدنى الاعتكاف ساعة بين العشاءين» فمن مجموع هذه القرائن يعرف أنَّ الاعتكاف الوارد في الرواية هو الاعتكاف بالمعنى اللغوي وهو اللبث والبقاء المستمر في مكان ما، لا المعنى الاصطلاحي.

5ـ أرجو أن توضحوا لنا مكانة وفضيلة مسجد بُراثا؟

ج ـ عندما كنت ساكناً في العراق زرتُ هذا المسجد كراراً وفي ذلك الزمان كان بين الكاظمین وبغداد صحراء وكان المسجد هناك، ثم التحقت الكاظمین ببغداد واتّصلا معاً. في ذلك الزمان كانت تقام صلاة الجماعة إلّا أنَّ زوار المسجد كانوا قليلين وغالباً لم يزدحم بأهله وكان الزوار قليلين. لقد ورد ذكر فضل هذا المسجد في كتاب مفاتيح الجنان کتب والدعاء والزيارة.

ذكر المرحوم الشيخ عباس القمي رضوان الله عليه 12 فضيلة لهذا المسجد وردت في روايات مختلفة فيقول: «1ـ شاء الله أن لا ينزل بها قائد مع عسكره إلّا أن يكون نبياً أو وصي نبي. 2ـ إنه بيت مريم ابنة عمران عليها السلام. 3ـ أرض عيسى بن مريم على نبينا وآله وعليه السلام. 4ـ فيه العين التي خرجت ونبعت لمريم ابنة عمران سلام الله عليها. 5ـ أظهر العينَ أمير المؤمنين عليه السلام بإعجاز منه. 6ـ يوجد فيه حجر أبيض قد وضعت مريم ولدها عيسى عليه فهو متبرك بهما. 7ـ أخرج أمير المؤمنين عليه السلام ذلك الحجر باعجاز منه ونصبه في جهة القبلة وصلّى إليه. 8ـ صلّى فيه أمير المؤمنين علیه السلام مع ابنيه الحسن والحسين عليهما السلام . 9ـ بات أمير المؤمنين علیه السلام أربعة أيام في هذا المسجد لمكانته وقداسته. 10ـ لقد صلّى فيه جميع الانبياء عليهم السلام ومنهم ابراهيم خليل الرحمن . 11ـ يوجد فيه قبر نبي من الانبياء عليهم السلام ويحتمل أن يكون هو يوشع لما ذكره الشيخ أنه مدفون خارج الكاظمين في جهة قبلة مسجد براثا. 12ـ ردّت الشمس لأمير المؤمنين عليه السلام في ذلك المكان (مفاتيح الجنان، تاريخ وفضيلة مسجد براثا).

6ـ ما هو حكم الاعتكاف في مسجد براثا؟

ج ـ الاعتكاف في مسجد براثا لم يكن صحيحاً، لأنَّ المسجد هذا لم يعد مسجداً جامعاً وقد اشترط الفقهاء في الاعتكاف أن يكون المسجد جامعاً وذهبوا إلى عدم صحة الاعتكاف في مسجد السوق أو مسجد المنطقة فانهم عرّفوا المسجد الجامع بانه مسجد يجتمع فيه الناس من أطرافه ويقيمون الصلاة فيه. نعم ذهب النادر من الفقهاء إلى عدم اشتراط الجامعية للمسجد وأنَّ الاعتكاف جائز في كل مسجد.

من المساجد التي يصح فيها الاعتكاف هو المسجد خلف ضريح الامام الحسين عليه السلام والمسجد الذي من جهة رأس السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام ومسجد الجامع في مدينة قم المقدّسة والمسجد المجاور لضريح أمير المؤمنين عليه السلام فانّه يجوز الاعتكاف به.

7ـ هل البكاء على مصائب أهل البيت عليهم السلام جائز في الصلاة أم لا؟

ج ـ لقد ذهب صاحب العروة إلى مبطلية البكاء العمدي إذا كان مشتملاً على الصوت (العروة الوثقى مع التعليقات عليها، ج2، ص231، السابع) ويظهر لي وفاقاً أو تبعاً لجماعة من الفقهاء عدم مبطلية البكاء على مصائب اهل البيت عليهم السلام في اثناء الصلاة.

8ـ هل قول أهل الخبرة في رؤية الهلال معتبر أم لا؟

ج ـ قول أهل الخبرة معتبر في أوقات الصلاة فانه معتبر في رؤية الهلال أيضاً بشرط عدم حصول التعارض بين أقوالهم وإلّا تعارضت وتساقطت ويقدّم اصالة العدم والاستصحاب حينئذٍ. نعم في ثبوت هلال شهر رمضان المبارك وشهر شوال انما الرؤية هي الملاك كما يستفاد ذلك من الروايات المستفيضة بل المتواترة الواردة في المقام. وعليه يمكن الاعتماد على قول أهل الخبرة في غيرهما من أشهر السنة.

9ـ ما هو رأي سماحتكم في اذن الاب في زواج البالغة الباكرة الرشيدة؟

قال صاحب العروة: «و اختلفوا في ثبوتها على البكر الرشيدة على أقوال: وهي استقلال الولي واستقلالها والتفصيل بين الدوام والانقطاع باستقلالها في الأول دون الثاني والعكس، والتشريك بمعنى اعتبار إذنهما معاً والمسألة مشكلة فلا يترك مراعاة الاحتياط بالاستئذان منهما. ولو تزوجت من دون إذن الأب، أو زوجها الأب من دون إذنها، وجب إما إجازة الآخر أو الفراق بالطلاق. نعم إذا عضلها الولي أي: منعها من التزويج بالكفؤ مع ميلها سقط اعتبار إذنه، وأما إذا منعها من التزويج بغير الكفؤ شرعاً فلا يكون عضلا. بل وكذا لو منعها من التزويج بغير الكفؤ عرفاً ممن في تزويجه غضاضة وعار عليهم وإن كان كفوا شرعياً. وكذا لو منعها من التزويج بكفو معين مع وجود كفو آخر. وكذا يسقط اعتبار إذنه إذا كان غائباً لا يمكن الاستئذان منه مع حاجتها إلى التزويج» (راجع العروة الوثقى مع التعليقات عليها، ج4، ص354، م1).

لقد وردت روايات مختلفة في هذا الباب وعليه اختلفت اقوال العلماء فيه. فإنهم انقسموا إلى ستة أقوال في المسألة فقد قال بعضهم بوجوب الاستيذان مطلقاً في الزواج الدائم والمنقطع للبالغة الباكرة الرشيدة وقال بعضهم ومنهم السيد عبد الله الشيرازي إلى عدم وجوب الاستيذان في الدائم والمنقطع وذهب بعضهم إلى اشتراطه في الدائم وعدمه في المنقطع وذهب غيرهم إلى اشتراطه في المنقطع دون الدائم. وذهب أغلب الفقهاء إلى الاحتياط الوجوبي في المسألة ويظهر لى أنَّ على الاحوط وجوباً يشترط اذن الولي في زواج الباكرة البالغة الرشيدة دائماً ومنقطعاً نعم هذا الوجوب تكليفي وليس وضعياً.

10ـ ما هو رأي سماحتكم في الذين اعتبروا مرتدّين من بعد استشهاد النبي الاكرم صلى الله عليه وآله؟

ج ـ الحرب من غير اذن الامام عليه السلام لا تكون حرباً شرعية، والحروب التي جرت من بعد استشهاد النبي صلى الله عليه وآله على يد اهل السقيفة واتباعهم التي عرفت باسم الفتوحات الاسلامية لم تكن بإذن من الامام عليه السلام وفي النتيجة لم تكن مشروعة. نعم تجد عدداً كبيراً ممن اتّهم بالارتداد من قبل اهل السقيفة إنما هم من خيار شيعة أمير المؤمنين علیه السلام كمالك بن نويرة رحمة الله عليه.

11ـ ما المراد من العيلولة في زكاة الفطرة؟

ج ـ لقد ورد ذلك في روايات اهل البيت عليهم السلام تحت عنوان العيلولة أي الذي يصرف على الآخرين سواءٌ كانوا من واجبي النفقة عليه كالزوجة والوالدين الفقيرين أم لم يكن من واجبي النفقة كالأخ والأخت وكل من يصرف عليه لتوفير الطعام واللباس والسكن له.

نعم اشترط بعض الفقهاء في صدق عنوان العيلولة أن يصرف المكلف المال لتوفير جميع ما يحتاج إليه من الموارد الثلاثة المذكورة . والذي يظهر لي من التوسعة العرفيه في المقام أنه إذا كان يصرف عليه المال لتوفير معظم حاجاته تصدق العيلولة حينئذٍ وتجب عليه زكاة فطرته. ومن هذه الجهة تجد التسالم بين الفقهاء في وجوب زكاة فطرة المحبوس على الحابس فانه يصدق عليه أنه عيال الحابس.

 قال صاحب العروة: «يجب اخراجها ـ بعد تحقق شرائطها ـ عن نفسه وعن... المحبوس عندهم ولو على وجه محرّم» (العروة الوثقى مع التعليقات عليها، ج3، ص209).

12ـ ما هي مدى صحة الاختلاف في قراءات القرآن الكريم؟

ج ـ إنَّ القراءات المختلفة ـ غير القراءة المتداولة بين الناس ـ وجوه مختلفة لقراءة القرآن وقد ذكرها القراء في محلها فلا يجوز قراءتها بعنوان القرآن في الصلاة وأمثالها بل القراءة المعتمدة لدی الشيعة هي القراءة المتداولة للمصحف الموجود من دون زيادة أو نقصان في كلمة أو حرف.

لقد نشرت بعض الجرائد سابقاً أنَّ شخصاً (أسقطوه بعدها بانقلاب) حذف كل كلمات «قل» في القرآن الكريم مستنداً إلی أنَّ المخاطب بها هو النبي صلی الله عليه وآله فقط وبعد رحيل النبي لا وجه لهذه الكلمات، فكل هذه التصرفات وأمثالها في القرآن باطل.

13ـ اعطاء 3 كغم من الحنطة للفقير بعنوان زكاة الفطرة أفضل أم اعطاء قيمتها؟

ج ـ لقد ورد في بعض الروايات أنّ اعطاء التمر بعنوان زكاة الفطرة افضل، وقد استفاد الفقهاء من عموم الروايات أن اعطاء ما يكون احسن بحال الفقير هو الافضل.

لقد ورد في بعض روايات زكاة الفطرة اعطاء الخبز، في أيامنا حيث إنّ اكثر الناس من الفقراء فيظهر ـ كما قال به بعض الفقهاء ـ أنّ اعطاء الخبز أفضل من اعطاء الحنطة والشعير لأنَّ الخبز أرخص وأوفر للجميع، ولا يجب اعطاء العين بل إذا اعطى قيمتها أجزأه ذلك ونظير ذلك ما في الخمس وإن تعلق بالعين إلّا أن الفقهاء أجازوا اعطاء قيمتها لاجل التسهيل.

كذلك في زكاة الفطرة لا يجب اعطاء العين من القمح والشعير والرزّ والخبز وغيرها بل يكفي اعطاء قيمتها للفقير فيتمكن الفقير من صرفها في أي مجال شاء، خلافاً للفدية، فإنَّ المستفاد من الأدلة وجوب اعطاء العين من القمح والشعير والخبز إلى الفقير فيجوز للفقير أن يستعملها في مأكله أو أن يبيعها ويحصل على قيمتها.

قال الله تعالى في الفدية: «وَعَلَى الَّذِينَ يطِيقُونَهُ فِدْيةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ» (سورة البقرة: الآية 184) والمراد من الطعام هنا القمح والشعير وليس المقصود هو الطعام وإن ذكر بعضهم في ذيل الآية المباركة: «وَ طَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ» (سورة المائدة: الآية 5) قد ارتكبوا المغالطة وذكروا الطعام بانه حلٌ للمسلمين إن كان من قبل أهل الكتاب مع أنَّ المقصود من الطعام في هذه الآية هو القمح والشعير لا مطلق الطعام.

14ـ ما هو حكم الركوع والسجود أمام أضرحة المعصومين عليهم السلام تعظيماً واحتراماً لهم؟

ج ـ لقد ورد في الدعاء بعد صلاة زيارة الامام الحسين علیه السلام ما نصه: «اللهم لك صليت وركعت وسجدت، لك وحدك لا شريك لك، لأن الصلاة والركوع والسجود لا يكون إلّا لك» (الاقبال، ج2، ص65) فإن الركوع والسجود نوع من التعظيم سواء كان لله تعالى أو لغيره، ولكن يستفاد من مجموع الادلة أنَّ الركوع والسجود لأهل البيت عليهم السلام وإن كان من باب التعظیم والاحترام، فهو غير جائز. نعم ذهب الفقهاء إلى جواز الانحناء دون حدّ الركوع وكذا السجدة بعنوان الشكر في مقابل اضرحتهم .

قال صاحب العروة: «يحرم السجود لغير الله تعالى، فإنه غاية الخضوع فيختص بمن هو غاية الكبرياء والعظمة، وسجدة الملائكة لم تكن لآدم بل كان قبلة لهم، كما أن سجدة يعقوب وولده لم تكن ليوسف بل لله تعالى شكراً حيث رأوا ما أعطاه الله من الملك، فما يفعله سواد الشيعة من صورة السجدة عند قبر أمير المؤمنين وغيره من الأئمة عليهم السلام مشكل إلّا أن يقصدوا به سجدة الشكر لتوفيق الله تعالى لهم لإدراك الزيارة، نعم لا يبعد جواز تقبيل العتبة الشريفة» (العروة الوثقى مع التعليقات عليها، ج3، ص198، م24) بل يظهر لي أنَّ تقبيل العتبة مستحب.