LOGIN
المحاضرات
alshirazi.org
"كلمة سماحة المرجع الشيرازي دام ظله بالتجمّع النسوي السنوي في شهر رمضان العظيم 1439للهجرة"
أمران للموفقيّة
رمز 36677
نسخة للطبع استنساخ الخبر رابط قصير ‏ 16 شوال المكرّم 1444 - 7 مايو 2023

كلمة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، بالتجمّع النسوي السنوي في شهر رمضان العظيم لسنة 1439 للهجرة، في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة.

تعريب: علاء الكاظمي

بسم الله الرحمن الرحيم

الكنز المعنوي

أسأل الله تبارك وتعالى، ببركة نبيّه الكريم صلى الله عليه وآله، والعترة الطاهرة صلوات الله عليهم، بالأخص مولانا بقيّة الله الأعظم الإمام المهدي الموعود عجّل الله تعالى فرجه الشريف، أن يمنّ علينا جميعاً بعنايته، كباراً وصغاراً وشباباً ورجالاً ونساء وطالبات وربّات البيوت، وأن يوفّقنا جميعاً لمعرفة واجباتنا ومسؤولياتنا وأدائهما، أكثر وأكثر.

إنّ الأدعية الواردة عن المعصومين صلوات الله عليهم، هي بحر عميق من المعارف الإلهية، ولا يمكن الوصول إلى أعماقها أبداً حتى من قبل المحقّقين البارعین. فهذا الكنز المعنوي، ميراث خالد من الأئمة صلوات الله عليهم، لنا نحن الشيعة، الذين ننتهل من مأدبة المعارف والكرم لهم صلوات الله عليهم، جيل بعد جيل.

دعاء السعادة

يقول مولانا الإمام الجواد صلوات الله عليه في دعاء له خاص بالليلة الأولى من شهر رمضان العظيم، وهو كنز من المعرفة، وقراءته تفيض بالسعادة الخالدة، وهنيئاً لمن يوفّق لقراءة هذا الدعاء وفهمه: (اللهم لا تجعلنا... ممن هو على غير عمل يتّكل). أي اللهم لا تجعلنا من اولئك الذين يتوكلون عليك بلا عمل. وكما قلنا، أنّ أدعية المعصومين صلوات الله عليهم هي كنز من المعارف والأخلاق والفضائل المعنوية، بالخصوص الأدعية الخاصّة بشهر رمضان العظيم، سواء كانت الأدعية المشتركة في كل ليالي الشهر الفضيل، كدعاء الافتتاح، وكذلك دعاء مولانا الإمام زين العابدين صلوات الله عليه المعروف بدعاء أبي حمزة الثمالي، والأدعية الخاصّة ببعض ليالي شهر رمضان العظيم، كليالي القدر المباركة المملوءة بالمعارف الإلهية. ومنها دعاء مولانا الإمام الجواد صلوات الله عليه الذي مرّ ذكره، حيث يتضمّن على العشرات من النكات البديعة والمعارف الرفيعة والراقية. وهو دعاء يطلب الإمام الجواد صلوات الله عليه فيه من الله تعالى بأن لا نكون ممن يكتفي بالتوكّل على الله فقط، لطلب السعادة في الدنيا والآخرة، وأن يقعد عن السعي والعمل لنيل السعادة.

شروط سلامة البدن

لا شكّ أنّ نيل كل شيء له شروط ومقدّمات. فكثيرة هي شروط سلامة البدن، ومن الضروري رعاية كل الشروط الصحية والوقائية لتحصيل سلامة البدن وسعادته. فيجب التدقيق في الأكل، والامتناع عن أكل ما يضرّ بسلامة البدن، أي يجب أكل القليل لا بحدّ التخمة، والأكل بصورة جيّدة، وممارسة الرياضة، وغيرها الكثير من النكات المهمّة. ولا سمح الله، إن تمرّضنا وراجعنا الطبيب، يجب علينا العمل بما يأمر به الطبيب. فما يكتبه ويقرّره الطبيب لنا فيه الشفاء، ولا يمكننا استرجاع السلامة بعدم المبالاة أو بعدم اجتناب ما يضرّنا من الطعام.

بلى، لكل شيء شروط. والتوكّل على الله تعالى هو أمر محمود، بل ولازم، ولكن بمحلّه وشرطه، وبحاجة إلى رعاية ما يرافق ويصاحب التوكّل. يقول عزّ وجلّ في القرآن الكريم: «وَمَنْ یَتَوَکَّلْ عَلَی اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ». (سورة الطلاق: الآية3).

من شروط (لا إله إلاّ الله)

عندما اُجبر مولانا الإمام الرضا صلوات الله عليه على ترك المدينة المنوّرة بأمر من المأمون العباسي، وكان في طريقه إلى خراسان، جعل المأمون من جلاوزته من يراقب الإمام بشدّة في الطريق. وفي طول الطريق كان الإمام صلوات الله عليه يلتقي ببعض المحبّين والأصدقاء، رغم انّ المأمون أمر بأن يسيروا بالإمام في طريق غير معروف وغير متعارف، حتى يمر على أقل ما يمكن من المدن، ولا يلتقي به أهاليها ولا المحبّين. ولذلك لم يتمكّن الإمام الرضا صلوات الله عليه أن يفيض بأقواله الشريفة على محبّي أهل البيت صلوات الله علهيم في طول المسير. فآلاف الأحاديث نقلت عن الإمام صلوات الله عليه في المدينة المنوّرة وفي مدينة طوس، ولكن قلّ ما ذكر التاريخ من روايات وأحاديث الإمام صلوات الله عليه في طول مسيره إلى طوس. ومع ذلك، عندما حطّ الإمام الرضا صلوات الله عليه الرحال في مدينة نيشابور، اجتمع حوله الكثير من علمائها، وأصرّوا على الإمام وأقسموا عليه بأجداده الطاهرين صلوات الله عليهم، أن يذكر لهم أحاديث. فنيشابور كانت مهداّ للعلم والثقافة وربّت الكثير من العلماء. وكان علماء تلك البقعة عطاشاً للارتواء من أقوال الإمام الرضا صلوات الله عليه. فاستعدتّ أقلامهم لتكتب ما يقوله الإمام صلوات الله عليه، فذكر الإمام الرضا صلوات الله عليه الحديث الشريف المشهور بحديث سلسلة الذهب. وسمّي بذلك الاسم لجهة الإنساب الذهبي الموجود في الحديث، وهي سلسلة الأسماء الطاهرة للأئمة المعصومين صلوات الله عليه، إلى النبي الخاتم صلى الله عليه وآله، وينقله الإمام الرضا صلوات الله عليه. فعشرات الألوف من الأحاديث الشريفة منقولة عن الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم، وكلّها ثمينة وقيّمة، وهي قليلة بالنسبة إلى الكم الهائل من الأحاديث الشريفة عن المعصومين صلوات الله عليهم التي اُحرق الكثير منها، أو اُتلفت، أو لم تصلنا بأيّ سبب ودليل.

بعد توقّفه قليلاً في مدينة نيشابور، عزم الإمام الرضا صلوات الله عليه على إدامة المسير، لكن احتشد حوله علماء نيشابور، وقالوا: يا ابن‌ رسول ِالله‌! ترحلُ عنّا ولا تحدّثنا بحديث‌ فنستفيده‌ منك‌؟ وبعد إصرار علماء نيشابور، ذكر الإمام الرضا صلوات الله عليه حديثاً واحداً فقط، واشتهر فيما بعد في الكتب بحديث سلسلة الذهب.

أهل البيت شرط التوحيد

كان الإمام الرضا صلوات الله عليه قد قعد في‌ العُمارية‌، فأطلع‌ رأسه‌ وقال: سمعتُ أبي‌ موسي‌ بن‌ جعفر يقول‌: سمعتُ أبي‌ جعفر بن‌ محمّد يقول‌: سمعتُ أبي‌ محمّد بن‌ علي‌ّ يقول‌: سمعتُ أبي‌ علي‌ّ بن‌ الحسين‌ يقول‌: سمعتُ أبي‌ الحسين‌ بن‌ علي بن‌ أبي‌ طالب‌ يقول‌: سمعتُ أبي‌ أميرالمؤمنين‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ علیهم‌ السلام‌ يقول‌: سمعتُ رسول‌الله‌ صلّى ‌الله‌ علیه‌ وآله‌ يقول‌: سمعتُ جبرئيل‌ علیه‌ السلام‌ يقول‌:  سَمِعْتُ اللَهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: «لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَهُ حِصْنِي‌، فَمَنْ دَخَلَ حِصْنِي‌ أَمِنَ مِنْ عَذَابِي‌». فَلَمَّا مَرَّت‌ الرَّاحلةُ نَادانَا (أي نادى الإمام علماء نيشابور): بِشُرُوطِهَا وَأَنَا مِنْ شُرُوطِهَا. ويعني أنّ: قول (لا إله إلاّ الله) لوحدها لا يكفي لنجاة المرء. فلا فائدة من (لا إله إلاّ الله) بلا (محمّد رسول الله صلى الله عليه وآله). وكذلك لا فائدة من قول (لا إله إلاّ الله) لمن لا يقبل ولا يرضى بـ(علي وليّ الله صلوات الله عليه). وهكذا لمن لا يرضى ولا يقبل بولاية الإمام الحسن المجتبى والإمام الحسين والإمام زين العابدين والإمام الباقر والإمام الصادق والإمام الكاظم والإمام الرضا والإمام الجواد والإمام الهادي والإمام العسكري صلوات الله عليهم أجمعين، وإمامة مولانا الإمام المهدي الموعود عجّل الله تعالى في فرجه الشريف. فكلّهم صلوات الله عليهم، شروط الفلاح والنجاة المتوجّب من قول (لا إله إلاّ الله)، بحيث لا فائدة منها أصلاً إن لم يقبل قائلها أو لم يرضى حتى بواحد منهم صلوات الله عليهم.

الحسرة في الآخرة

لا فائدة من التوكّل بلا عمل. وهذا ما يطلبه مولانا الإمام الجواد صلوات الله عليه من الله تبارك وتعالى في أول شهر رمضان العظيم، بأن لا يجعل فيه هذه الحالة «اَللّهُمَّ وَلا تَجْعَلْنا ... مِمَّنْ هُوَ عَلی غَیْرِ عَمَل یَتَّکِلُ».  ولذا علينا على أن لا نبتلى بهكذا توكّل. وحقّاً أن هذه الأدعية هي كنوز خالدة سرمدية، فعلينا ونحن في شهر رمضان العظيم أن ندرك ذلك ونعرفه جيّداً. فأوصي جميع السيّدات، بالأخص البنات والفتيات والشابّات منهنّ اللاتي لهنّ الاستعداد الأكثر، بأن يعلمن ويعرفن قدر أيّام وليالي هذا الشهر الفضيل، وحذاري من أن ينتهي الشهر ولن يستفدن منه بالشكل الكامل، أو من كان بإمكانهنّ أن يستفدن أكثر ولم يسعين إلى ذلك. فهي ستكون الحسرة التي لا يمكن جبرها في الآخرة. فهكذا حسرات تؤخّر المرء وتجعله إلى الوراء، ويتبعها الهم والحزن في الدنيا والآخرة. وطريق الأمان من هكذا حسرات وللتوفيق للعمل، تلقين النفس بأمرين، يجب أن يختلطا مع جلودنا ومع لحم أبداننا ولا ننفصل عنهما. ونحن في الدنيا بحاجة إلى هذين الأمرين الأساسيين، اللذين يوجبان الموفقيّة الأكثر.

أمران للموفقيّة

الأول: تزكية النفس. يقول القرآن الكريم: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَکَّاهَا». (سورة الشمس: الآية9). وهذه الآية الكريمة، إلى جانب البلاغة العربية فيها، لها الظهور في الحصر. فالعارفين بالبلاغة العربية يعرفون أنّ تعابير القرآن الكريم، رفيعة ولا نظير لها في البلاغة. ويبيّن الله تبارك وتعالى في الآية الكريمة بأنّ الطريق والسبيل الوحيد للفلاح والصلاح، تزكية النفس. أي تنظيف النفس وتصفيتها من التلوّث بالذنوب والمعاصي، وهذه كلها تأتي من طريق محاسبة النفس فقط. فمحاسبة النفس، توجب النظر إلى الأعمال أكثر، وتجعل الإنسان يدقّق بأن لا يترك أي واجب، ولا يرضخ لأي ذنب وإثم، ولا سمح الله، إن تلوّث بذنب، يتوب فوراً، فالله تبارك وتعالى يقبل التوبة ويعفو عن الذنب بالاستغفار، وإلاّ فإنّ الذنوب المتتالية، تزيد من تلوّث الإنسان، وتسدّ عليه باب تزكية نفسه. وكذلك إن اقترق الذنب والإثم، فلا حيلة له إلاّ التوبة أيضاً. حتى لو أذنب مئات المرّات وكرّر الذنب، فباب التوبة والندم مفتوح دائماً، ولا يصحّ اليأس أبداً. فالذي يسعى إلى تزكية نفسه وتنظيفها، يوفّق ويفلح: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَکَّاهَا».

بلى، تزكية النفس واجب عيني، أي ليس بواجب كفائي حتى لو قام به الآخرين، فهو لا يسقط عنّا. وتزكية النفس واجب على الجميع، كصلاة الصبح، أو صوم شهر رمضان العظيم. فإن كان من الواجب على المكلّفين أن يصلّوا صلاة الصبح ويصوموا شهر رمضان العظيم، كذلك يجب علينا نحن أيضاً أن نصلّي فريضة الصبح ونصوم الشهر الفضيل. وهذا معنى الواجب العيني، وتزكية النفس واجب عيني. فمن الواجب على الجميع أن يؤدّي واجباته ويجتنب المحرّمات. والمداومة على هكذا أعمال، تسمّى بتزكية النفس.

آلية تزكية النفس

تزكية النفس مقدّمة للإنسان بأن لا يترك واجباً، لا سمح الله، وأن لا يبتلى بالذنب، بل يكون القادر على ضبط نفسه. وكما قلنا، أنّ من آليات تزكية النفس هي التوبة. فالإنسان بطبيعته معرّض للخطأ، ومعرّض في كل لحظة إلى تأثّره بالنفس الأمّارة بالسوء وإلى مكائد الشيطان، وهو العدو الذي أقسم على معاداته للإنسان. ولهذا كثيرة هي في الإنسان احتمالات خطئه واقترافه للذنب. ولكن يمكنه وسط هذه المعمعة أن يتسلّط على نفسه الأمّارة بالسوء وعلى الشيطان، بتزكية نفسه عبر التوبة. فإذا تلوّث الإنسان بالذنب، يجب عليه التوبة فوراً، لأنّ الذنب يؤثّر سلبياً على معنويات وروح الإنسان، إن لم ينظّف نفسه من أثر الذنب. فإن لم يقم بذلك ستتبعه آثاراً سلبية تمنع من رقيّه ومن توفيقه المعنوي. فيجب الإسراع في التوبة، في كل لحظة ودقيقة. وأكّد العلماء كثيراً على التوبة الآنية، أي إن اقترف المرء الذنب في الساعة الخامسة، فلا يؤخّر التوبة منه إلى الساعة الخامسة ودقيقة واحدة أو دقيقتين، بل يندم على ما فعله باللحظة، ويعاهد الله تعالى على أن لا يعود للذنب.

لذا، تزكية النفس واجب عيني، وعلى الإنسان، طالما على قيد الحياة، أن يزكّي نفسه، وإلاّ فلا أحد يؤدّي عنه هذا الواجب بعد وفاته. فآثار الصلاة والصيام التي يمكن الإتيان بهما بعد وفاة الشخص بالنيابة عنه، هي أقلّ بمرّات من إتيانه هو شخصياً وفي حياته بهما. بلى النيابة عنه لها التأثير، ولكنه ليس كالتأثير الذي يحصل عليه هو شخصياً عندما يقوم بهما حين حياته وقبل وفاته.

ارتقاء سلّم الموفقيّة

إذن، من الخطأ التوكّل على الله بلا تزكية النفس: «اَللّهُمَّ وَلا تَجْعَلْنا ... مِمَّنْ هُوَ عَلی غَیْرِ عَمَل یَتَّکِلُ». وتكمن في هذه العبارة من الإمام الجواد صلوات الله عليها، عالم من العلم والمعرفة والتعلّم، وهي مفتاح الموفقيّة الذي يصلح كل وقت، بالأخص في شهر رمضان العظيم، ربيع الموفقية، حيث يصلح ويجدر فيه أكثر وأكثر. فالكثير ينالون التوفيق اللازم في هذا الشهر الفضيل، وعندما ينتهي الشهر، يشعرون بالتغيير ويلمسونه في أنفسهم. فيجدر بنا أن لا نتأخّر عن هذا الركب، وإلاّ تنتابنا الحسرة الكبيرة وتبقى في قلوبنا. فيجب على المرء في شهر رمضان العظيم أن يتوسّل بالله تعالى وبأهل البيت صلوات الله عليهم، ويدعو كثيراً، ويلقّن نفسه بتزكيتها بشكل يجعله ينال التوفيق في آخر الشهر. علماً بأنّ لتزكية النفس درجات كثيرة، ومراحل كثيرة يجب طيّها، حتى يتم تزكية النفس بشكل كامل من كل الملوّثات، وكل موفقيّة تبدأ بأول مرحلة من مراحلها. فكل مسير يتم بالخطوة الأولى، وكل مرتفع وإن كان بآلاف الدرجات، يصعد إليه بدرجة ودرجة. فليس بإمكان الإنسان أن يصل إلى السطح بخطوة واحدة، بل لابد أن يخطو الخطوات المتعدّدة ويصعد الدرجات، واحدة بعد الأخرى.

الإرشاد واجب كفائي

الأمر الثاني المهم كثيراً، إرشاد الآخرين. فلقد أعطى الله تعالى للبشر قوة الفهم والإدراك، حتى ينقذ نفسه وينجيها، وينجي الآخرين. وإرشاد الآخرين مسؤولية على عاتقنا. فعلاوة على إنقاذ أنفسنا، يقع على عاتقنا كلّنا مسؤولية إنقاذ الآخرين أيضاً. وإرشاد الآخرين واجب كفائي، بخلاف الأمر الأول الذي هو واجب عيني. فيجب علينا، أن لا نقصّر في إرشاد الآخرين ولا نحرمهم من الإرشاد، كالزوج والأبناء، والوالدين، والأصدقاء والمعارف والأقارب وأبنائهم، وكل من لنا معه علاقة أو ارتباط بشكل ما. ويجب علينا أن لا نقصّر في هذا الأمر كعدم تقصيرنا في أية فريضة، وأن نمارس الإرشاد بالإقناع، سواء قبل منّا الطرف المقابل وعمل بإرشادنا أو لم يقبل، فعلينا أداء مسؤولية الإرشاد والإقناع فقط، ولا ضير علينا: «فَمَنْ شَاءَ فَلْیُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْیَکْفُرْ» (سورة الكهف: الآية29). فمسؤوليتنا أن لا نقصّر في حقّ الآخرين، ولكن هذا العمل ليس بواجب عيني. ويعني إن قام بهذا العمل غيرنا، يسقط عنّا. فإن قام الزوج بإرشاد الأخ أو الأخت أو الابن أو الأب، فإرشادهم يسقط عن الزوجة. ولكن هل يوجد دائماً (من فيه الكفاية)؟ وهل توجد النسبة الكافية من الذين يمكنهم أن يرشدوا الآخرين عند الضرورة؟ فذلك لو كان فعلاً لما رأينا الفساد الكبير الموجود اليوم في العالم، ولما رأينا الظلم والفساد يغطّي العالم كلّه، ولما رأينا انتشار المحرّمات. فمن المؤسف له، نرى عالم اليوم مملوءاً بالظلم والذنوب والمعاصي والتعدّي، وسببه عدم إرشاد الناس. فمن المسؤول عن إنقاذ الأشخاص الملوّثين بالذنوب أو المعرّضين للذنوب والآثام؟ لا شكّ هي مسؤولية على عاتقنا جميعاً. فجميعنا، رجالاً ونساءً، وكباراً وشباباً، مسؤولون لإنقاذ الآخرين، لأنّه لا يوجد من فيه الكفاية، ولا يوجد الكافي ممن ينفّذ هذه المسؤولية والفريضة في العالم. فعلينا أن نشمّر عن سواعدنا لأجل إرشاد الآخرين وهدايتهم.

انتشار الفساد وخمود الإرشاد

يقول القرآن الكريم: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِی الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا کَسَبَتْ أَیْدِی النَّاسِ» (سورة الروم: الآية41). والمقصود من القول البليغ والراقي للقرآن الكريم (بما كسبت أيدي الناس) ليست عضو اليد بالذات قبال الرجل أو الرأس فقط، بل المقصود الإرادة والعزم، والمقصود هي القوّة والقدرة أيضاً. فكل البشر، في أي مقام كانوا، يمتازون بقدر من القدرة والقوة. فالذي على رأس الحكم والحكومة، تجرّه القدرة والأموال الكثيرة إلى ظلم من تحت يده، وصاحب القوّة البدنية يغترّ بقوّته ويستعملها ضد الآخرين، وظلم الزوج بحقّ زوجته، وبالعكس، وظلم الأبناء لآبائهم وأمّهاتهم، وغيرها من الكثير من المظالم، سببها هي إرادة الشخص الظالم نفسه وبيده هو «بِمَا کَسَبَتْ أَیْدِی النَّاسِ». ولو لم يقصّر كل واحد منّا بمسؤوليته بالنسبة إلى إرشاد نظرائنا، لما رأينا رواج كل الظلم والفساد في العالم. بلى فهذا الأمر واجب كفائي، فإن اهتدى شخص واحد من بين الملايين، فسيقط عنك مسؤولية إرشاده. فالمهم أن يكون لكل واحد، مرشداً وهادياً.

شرط الفلاح

إذن، هداية النفس واجب عيني، وهداية الآخرين واجب كفائي، ولكن لكليهما توجد الشروط. فقد ذكرت الروايات الشريفة، أنّ من ينطق بشهادة (لا إله إلاّ الله) عند اللحظات الأخيرة من عمره، يدخل الجنّة. فهل لا يوجد الشرط لمن يقول (لا إله إلاّ الله) عند الاحتضار؟ ألم يقل الإمام الرضا صلوات الله عليه: (بشرطها وشروطها وأنا من شروطها)؟ فشرط الفلاح مع (لا إله إلاّ الله) هو النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وعترته الطاهرة صلوات الله عليهم. فإن لم تك هذه الشروط، فلا نجاة في قول (لا إله إلاّ الله) فقط، ولا فائدة منها. فأعداء الله، كمعاوية ويزيد وحرمله وشمر وسنان بن أنس، قالوا في حياتهم كثيراً (لا إله إلاّ الله) ولكن ذلك لم ينفعهم، لأنّهم فقدوا شروطها.

رواية أو دراية؟

ثمينة جدّاً هي الأدعية الواردة عن الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم، ولكن لا فائدة من الاكتفاء بقراءة تلك الأدعية بلا فهم معناها ومعارفها. وبهذا الصدد يقول مولانا الإمام الصادق صلوات الله عليه: «حدیث تدریه خیر من ألفٍ ترویه». (بحارالانوار، ج2، ص185). فـ(تدري) من (دراية) ويعني الفهم والإدراك. و(تروي) مأخوذة من (رواية) وتعني النقل وقراءة الرواية. ويقصد الإمام الصادق صلوات الله عليه في حديثه، أفضلية دراية حديث واحد على رواية ألف حديث. والمراد الفائدة التي تتحصّل من فهم وإدراك الحديث، ويكفي الفائدة الكثيرة والمؤثّرة حتى من دراية حديث واحد فقط، وهي خير من رواية ألف من الأحاديث التي لا نفهم معانيها ولا نفهمها. وهكذا هي قراءة الأدعية، كفهم الحديث. فقراءة الدعاء بتأمّل، أفضل بكثير وأنفع من قراءة الدعاء فقط، ومن عدم الانتباه إلى مضامينه.

الاستعداد لعالم الخلود

كل الناس في هذه الدنيا، لهم حياة ومعيشة، ولا فرق بين أن يكون رجلاً أو امرأة، أو أباً أو أمّاً أو ابناً أو بائعاً أو مشترياً، وفي أي مقام كان فهو ينشغل بالدنيا، ولكن بالنتيجة عليه أن يترك هذه الدنيا وهذه المعيشة، ويذهب إلى العالم الآخر والحياة الأبدية الخالدة. ومع قصر الحياة في الدنيا، ووجودنا القصير فيها، كم يجب أن نصرف من أوقاتنا للدنيا؟ فكم يريد أن يعيش المرء في الدنيا؟ وحتى لو عاش كثيراً، كمئة عام مثلاً، لكن الحياة في الآخرة هي ملايين السنين وأكثر، ولا شكّ بحاجة إلى الاستعداد، فيجب أن نصرف مقداراً من أوقاتنا لأمور آخرتنا. وإلاّ سيأتي اليوم الذي نندم فيه ونتحسّر: «وَأَنْذِرْهُمْ یَوْمَ الْحَسْرَةِ». (سورة مریم: الآية 39). فالحقيقة أنّ الدنيا مع زيادتها ونقصانها، وبانقضائها بأي شكل من الأشكال، لا توجب الحسرة والندم. فلا يتأذّى المرء إن أصيب بمرض في الدنيا، أو إذا افتقر، أو إذا أريق ماء وجهه أو حدث له ما يؤلمه، لأنّ الدنيا محلّ المرور، لا البقاء، والآخرة هي القرار والخلود. فالحياة بالآخرة هي الحياة الحقيقية لنا، ويجب أن نعدّ أنفسنا لها. وإذا لا نوجد الاستعداد في أنفسها، فسيكون أمامنا الحسرات الكبيرة، ولهذا سمّيت الآخرة بـ(يوم الحسرة). فمهما كبرت هموم وأذى الدنيا، فهي لا شيء ولا أهمية لها قبال الحسرات المؤلمة المحزنة في عالم الآخرة.

نموذج من يروي فقط

إنّ أدعية أهل البيت صلوات الله عليهم إرشاداً لتزكية النفوس التي هي واجب عيني، وتصلح في هداية الآخرين. فقبل أن نعلّم الآخرين شيئاً، علينا أن نتعلّمه نحن بشكل جيّد. ففي إحدى الجلسات العلمية التي نقيمها بهذا الشهر الفضيل، طُرحت مسألة في جواب لأحد السادة من أهل العلم، وهي مسألة أجمع عليها كل العلماء، وهي: عندما يولد الطفل ويأتي إلى الدنيا يكون الوليّ له هو والده. ومن مسؤولية الأب أن يؤمّن له الطعام واللباس وغيرها من ضروريات الحياة، فالأب عليه أن يصرف على الطفل الذي يكون ممن تجب  عليه النفقة من قبل أبيه. ومن اللحظات الأولى من ولادته يكون الطفل بحاجة ماسّة إلى لبن أمّه، لكنّ الإرضاع مع كل ما فيه من التأكيد، ليس بواجب على الأمّ، ويجدر بالأمّ أن لا تأخذ أجرة الإرضاع من زوجها، وتقبل بهذا العمل تبرّعاً. وهذا العمل فضيلة للأمّ، ولكن بالنسبة للأب فهو مسؤولية. فإن امتنعت الأم عن إرضاع الطفل، لا تك مذنبة. بل يمكنها أن تقوم بالإرضاع قبال استلامها المال كأجرة على الإرضاع. فالذي يجب عليه أن ينفق هو الأب، لا الأمّ، ولكن إن افتقد المال لأجل إرضاع ابنه، سيكون من الواجب على الأّم أن تنفق، وعندها يكون إرضاع الطفل واجباً عليها.

كانت المسألة المطروحة هي: إن صار المولود الجديد صاحب أموال، بأية طريقة، ومنها مثلاً، ولا سمح الله، إن فَقَدَ أحد عائلته ووصله الإرث، أو أهدى له أحدهم هدية تكون خاصّة بتملّك المولود لها، كقرط أو مال صرّح به أنّه للبنت المولودة أو الولد المولود، مثل الهدايا التي تعطى من قبل الأقارب قبال الهدايا التي تعطى لهم، كالعائلة التي تهدي هدية إلى مولود عائلة أخرى فتهدي هي هدية إلى العائلة التي أهدت لها هدية أيضاً، أي الهدايا المتقابلة، أو مثل هدايا الأصدقاء وردّ الهدايا لهم. فهكذا هدايا تكون متعلّقة بالمولود هو. وكذلك لا يجب على الأب النفقة على المولود الذي صار صاحب مال، أي لا يجب عليه أن يصرف على المولود، فيمكنه في هذه الحالة أن يبيع القرط أو أن يشتري للمولود بالمال الذي حاز عليه المولود، الألبسة والطعام وغيرها مما يحتاجه الطفل.

يروي لكنه يجهل!

كان محل مورد البحث هو: هل هذه أموال المولود يجري عليها حكم الأموال كالخمس أم لا؟ فالسنة الخمسية للطفل، تبدأ من تملّكه للشيء، سواء كانت قطعة من ذهب أو مال أهدي له. وإن كان الأب من المتديّنين فعليه أن يجعل السنة الخمسية للطفل من يوم حصول الربح، ويدفع الحقوق الشرعية عن الطفل. وهذا الرأي مورد إجماع العلماء. ويوجد قول آخر وهو: يجب الخمس قبل هذه المدّة أيضاً، فالمشهور هو تعلّق الخمس بكل ما يحصل عليه الطفل وتمرّ سنة ولم يصرفه أو لم يستعمله وكان زائداً على حاجته. ولكن إن جعلوا القرط في إذن البنت الطفل أو وضعوا السوار في يدها، فهذه تحسب من المؤونة ولا خمس عليها. ولكن المصكوكة الذهبية أو المال المعطى للطفل لا تحسب من المؤونة. وتبدأ السنة الخمسية للطفل من ولادته، وإن بقي شيئاً من أمواله، يتعلّقها بها الخمس. ومن جانب آخر، لا تكليف على الطفل وهذا الأمر بذمّة والده بأن يفصل خمس أموال الطفل ويسدّدها. فمما حصل في الجلسة العلمية، وهو من الطريف، أنّ أحد حضّار الجلسة توجّه إليّ وقال: أنا أروي المسائل منذ ثلاثين سنة، فكيف لم أسمع بهذه المسألة. فقلت له: المسألة هي مورد إجماع لعمدة العلماء، وموجودة في أكثر الكتب الفقهية، كالعروة الوثقى، وأشار إليها في رسائلهم العملية الشيخ الأنصاري والميرزا الشيرازي وكذلك صاحب الجواهر وغيرهم من باقي العلماء.

مثل تلك المسائل، هل هي من شروط الفلاح أم لا؟ علماً بأنّ الشخص السائل المشار إليه أعلاه، لم يسمع بها ولم تخطر على باله، ولم يسأل من أحد، ولم يرشده أحداً، فكما هو قاصر، معذور أيضاً، ونأمل أن لا يكون مقصّراً. فالجاهل المقصّر بالخصوص، إن كان من المتدّينين فهو عند الله تعالى غير معذور. فالذي يقول أنا أروي المسائل منذ ثلاثين سنة ولكن لم أسمع بهكذا مسألة لحد اليوم، أليس بمقصّر؟ وحتى لو لم يك مقصّراً، كان يجب أن يخبره بها أحداً، ولكن ذلك لم يحدث، فمن القطع هم من المقصّرين، لأنّه وكما قلنا، إرشاد الآخرين واجب كفائي.

تكلفة إرشاد الآخرين

ماذا بالنسبة إلى إرشاد غير الشيعة؟ أليس من الواجب الكفائي هداية الناس؟ فمئات الملايين من الناس من غير المسلمين بالعالم، بحاجة إلى إرشاد. فوفقاً لبعض الإحصائيات، فإنّ عدد نفوس ونسمة النساء بالعالم ما يقارب أربعة مليار، أي يعيش اليوم على الكرة الأرضية أربعة مليار من النساء، فمن المسؤول بإرشادهنّ؟ والجواب: الكل تقع عليهم المسؤولية، ويعذر من ذلك من لا قدرة له ولا استطاعة.

يجب أن نعرّف للناس، التوحيد والصفات الثبوتية والسلبية لله جلّ وعلا، وكذلك معرفة النبي ومعرفة الإمام، والمعاد وباقي الحقائق الدينية، بحيث يستحكم في نفوس الناس، الإيمان بتلك الحقائق. وقد قال القرآن الكريم كراراً: «الْبَلَاغُ الْمُبِینُ». ويعني الإيصال، فيجب العمل كثيراً على إيصاله للآخرين حتى يؤمنوا بالحقيقة ويقتنعوا بها.

تزكية النفس واجب عيني، ولا يحتاج إلى كثير من الوقت، سوى العزم والتصميم، بعكس إرشاد الآخرين الذي هو بحاجة إلى وقت وزمان. ففي أي مجال صرف الأنبياء عليهم السلام أعمارهم؟ ألم يصرفوأ أعمارهم في إرشاد الناس؟ فكل الأنبياء عليهم السلام صرفوا أعمارهم في إرشاد الناس، سوى بعضهم ومنهم النبي داود وسليمان، على نبيّنا وآله وعليهما الصلاة السلام. وقد قام الأنبياء بممارسة الإرشاد لأنّه كان لديهم الوقت والزمان لأجله. وكان المبنى أن لا يقوموا بأي عمل سوى إرشاد الناس.

إمكانيات واسعة

كان في السابق، يصعب إرشاد الآخرين، ولكنه اليوم بات سهل جدّاً. فمع وجود الآليات والإمكانيات الواسعة اليوم، ومنها ما موجود في أجهزة الهواتف المحمولة والعالم الافتراضي، إن استفيد منها بشكل صحيح وجيّد واكتشفنا آلياتها وما يمكننا القيام عبرها، لوجدنا أنّه فيها القابليات الكثيرة لهداية الآخرين. فالواجب الكفائي، طالما لم يتحقّق له (من فيه الكفاية) فهو واجب عيني. ومن هذا المنطلق، ومع وسعة وكثرة الإمكانيات الموجودة اليوم ووسعها وهي في متناول الجميع، ومع وجوبها، يجب أن نهتمّ بإرشاد الآخرين أكثر وأكثر. فتبيين المسائل الشرعية واجب، كالغسل والوضوء والتيمّم والصلاة والصوم، وباقي العبادات وإلى الحجّ، وكيفية المعاملات الصحيحة والسليمة، وكل ما يصبّ في تبيين ما أحلّه الله تعالى وما حرّمه، ومعرفة الواجبات والمحرّمات.

الفرائض هي الأولى

من الأمور التي يتم الابتلاء بها عن جهل، هو تقديم المستحبّات على الواجبات. ويقول مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه: (لا قربة بالنوافل إلاّ أضرّت بالفرائض). نهج البلاغة: باب الحكم، الحكمة39. والنوافل يعني المستحبّات، أي الأعمال غير الواجبة، ولكنها توجب القرب إلى الله تعالى. ويبيّن الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه في حديثه الشريف، أنّه إذا أضرّت النوافل، أي المستحبّات، بالفرائض الواجبات، فهذا عمل غير محمود، ولا يعتبرها الإمام صلوات الله عليه من المقرّبات إلى الله تعالى. ولذا، يجب العمل بالفرائض أولاً وقبل كل شيء، أي الواجبات، وترك المحرّمات، التي أساسها العقائد وأصول الدين، ومن ثمّ أحكام الواجب والحرام، وبعدها الأخلاق الواجبة والمحرّمة. فبعد الفرائض تأتي مرحلة النوافل. علماً بأنّه أحياناً بعض الأمور المستحبّة تمتاز بالوجوب في موارد ما. فمثلاً لا يستحبّ الصبر دائماً، بل يجب. وهكذا يكون من الواجب التعامل مع الآخرين بالحسنى.

واجبات الحياة الزوجية

إذاً، يجب عدم تقديم المستحبّات على الواجبات، والانشغال بالمستحبّات والتغافل عن الواجبات. فالزوجة التي يترتّب عليها واجبات تجاه وبالنسبة إلى زوجها، ولا تقوم بها، فلا فائدة لها بأن تصرف أوقاتها بأمور مستحبّة كأن تقرأ دعاء أبو حمزة الثمالي مع ما له من الأهمية الكثيرة، لأنّ الإمام صلوات الله عليه قد قال: (لا قربة بالنوافل إذا أضرّت بالفرائض).

بلى، المداومة على قراءة دعاء أبو حمزة الثمالي يزكّي النفس، ولصلاة الليل بركات وفوائد كثيرة وتم التأكيد عليها كثيراً، ولكن مع ذلك كلهّ، هذه الفوائد تنحصر في دائرة المستحبّات، وإن صارت سبباً في تضييع واجب، كعدم رعاية حقوق الزوج، فهي لا تقرّب إلى الله تعالى. ولذا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أنّه أولاً الواجبات، وبعدها المستحبّات. وكالمعارف الدينية الأخرى، يجب أن نعوّد أنفسنا على مثل هذه التعاليم، ونرشد الآخرين لها.

تزكية وإرشاد

خلاصة القول: أوصي الجميع، بالأخص الشابات والنساء المكرّمات، ونحن في أحسن فرصة وأثمنها، وهو شهر رمضان العظيم: بأمرين: تزكية النفس، وإرشاد الآخرين.

أسأل الله عزّ وجلّ أن يوفّق الجميع، وأن لا يدعنا وأعمالنا ومساعينا، بل أن يقبلها منّا، وأن تشملنا العناية والرعاية الخاصّتين من مولانا بقيّة الله الأعظم الإمام المهدي الموعود عجّل الله تعالى فرجه الشريف. وكذلك نتضرّع بكل خشوع وخضوع إلى البارئ تبارك وتعالى ونسأله التعجيل في الظهور الشريف لمولانا المهدي صلوات الله عليه، حتى تحلّ المشاكل كافّة على يديه الكفوءة والمباركة.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.