نصّ المطارحة العلمية الخامسة عشرة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1445 للهجرة، في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، بحضور ومشاركة الشخصيات العلمية، ووكلاء مراجع التقليد الأعلام، وناشطين دينيين وثقافيين، وطلبة العلوم الدينية، مساء يوم الثلاثاء 15 شهر رمضان العظيم 1445 للهجرة (26/3/2024م):
س1ـ ما هو تكليف المسلوس والمبطون في الطواف؟
ج: الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر شرط في الطواف الواجب. ويبدو أنّه بالنسبة إلى المسلوس والمبطون، مادام يقدر هو بنفسه على أن يطوف ولو بالتيمّم فليس تكليفه الاستنابة. علماً بأنّه إذا علم بأنّه يقدر أن يطوف من دون عروض عذر من السلس والبطن حين الطواف فيطوف، وإلّا يتوضّأ لطوافه وضوءاً ولصلاة الطواف وضوءاً آخر ويشتغل بالطواف وصلاته، وإذا كان عذره متّصلاً ومستمرّاً فيكفي لطوافه ولصلاة طوافه وضوء واحد وإن كان تعدّد الوضوء أو التيمّم مستحبّاً احتياطاً حال العذر إذا نقضت طهارته إن لم يكن ذلك حرجياً له البتّة.
كما بيّن ذلك في مناسك الحجّ: «الظاهر أنّ المسلوس والمبطون ومتواتر الريح والمني والنوم يطوف بنفسه ولا يستنيب ما دام يمكنه الإتيان بنفسه ولو بطهارة اضطرارية ـ أي: التيمّم ـ فإن كان له فترة ينقطع فيها عذره طاف فيها، وإن لم يكن له فترة واسعة يكفيه أن يتوضّأ وضوءاً واحداً للطواف ووضوءاً واحداً لصلاته، وإن كان متّصلاً وباستمرار فيكفيه وضوء واحد للطواف والصلاة معا وإن كان الأحوط استحبابا تعدّد الوضوءات أو التيمّم مع العذر كلّما انتقضت طهارته مع عدم الحرج» (جامع أحكام الحج والعمرة، ص135، م866).
س2ـ ما هو رأي الإماميّة في تحريف القرآن الكريم؟
ج: عدم تحريف القرآن الكريم بالزيادة والنقيصة هو مورد تسالم فقهاء الإمامية فلم يزد حرف على القرآن الكريم ولم ينقص منه حرف وهذا هي عقيدة الشيعة من أوّل يوم نزل القرآن إلى يومنا هذا وهم على عقيدتهم مستمرّون، علماً بأنّ القرآن الكريم قد جمع ورتّب في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله والقرآن الذي بين أيدينا اليوم هو الذي جمعه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله كما صرّح الشيخ الصدوق أيضاً بذلك حيث قال: «اعتقادنا أنّ القرآن الذي أنزله اللّه تعالى على نبيّه محمّد صلّى اللّه عليه وآله هو ما بين الدفّتين، وهو ما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة» (اعتقادات الإمامية، ص84).
نعم قام أعداء أهل البيت عليهم السلام ومخالفوهم في تفسير القرآن الكريم وتأويله بالتحريف، والروايات المعتبرة التي تشير إلى التحريف هي مبيّنة لهذا النوع من التحريف.
س3ـ هل يوجد دليل من القرآن الكريم على أنّ نزول القرآن كان على نوعين: تدريجيّ ودفعيّ؟
ج: جاء في الروايات الشريفة أنّ القرآن الكريم نزل نجوماً وتدريجاً ونزل أيضاً دفعيّاً أكثر من مرّة.
يقول القرآن الكريم: «إِنَّا أَنْزَلْناهُ في لَيلَةٍ مُبارَكَةٍ» (الدخان: 3) و«إِنَّا أَنْزَلْناهُ في لَيلَةِ الْقَدْرِ» (القدر: 1)، هاتان الآيتان الكريمتان تبيّنان نزول دفعيّ للقرآن. وأمّا الآية الشريفة: «وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يقْضى إِلَيكَ وَحْيهُ» (طه: 114) تبيّن أنّ القرآن كان قد نزل على القلب الطاهر لرسول الله صلى الله عليه وآله أوّلا. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله عالماً بتمامه عند النزول عليه صلى الله عليه وآله نجوماً. وهكذا تلا أمير المؤمنين عليه السلام سورة المؤمنون عند ولادته المباركة قبل نزول القرآن الكريم. (بحار الأنوار، ج35، ص18 وص37).
س4ـ ما هو حكم قصد القطع أو القاطع حين هو صائم؟
ج: قال صاحب العروة: «لو نوى القطع أو القاطع في الصوم الواجب المعيّن بطل صومه، سواء نواهما من حينه أو فيما يأتي، وكذا لو تردّد، نعم لو كان تردّده من جهة الشكّ في بطلان صومه وعدمه لعروض عارض لم يبطل وإن استمرّ ذلك إلى أن يسأل، ولا فرق في البطلان بنيّة القطع أو القاطع أو التردّد بين أن يرجع إلى نيّة الصوم قبل الزوال أم لا، وأمّا في غير الواجب المعيّن فيصحّ لو رجع قبل الزوال» (العروة الوثقى مع التعليقات، ج3، ص15، فصل في النية، م22).
يبدو، ألبتّة، قول صاحب العروة: «بطل صومه» في جميع فروع المسألة، أنّه إنّما يبطل صومه إذا كان ملتفتا بالمفطرية على الاحتياط الواجب وإذا لا يكون ملتفتاً بها فيبطل صومه احتياطاً مستحبّاً.
س5ـ في أيّ صورة ترون المعاملة غرريّة؟
ج: قاعدة نفي الغرر ناظرة إلى معاملة ما كان هو يعلم أنّها ضرريّة، ولكن إذا كان يعلم أنّ سلعته غالية وباعها رخيصاً أو كان يعلم أنّ سلعة هي رخيصة، واشتراها غالية في البيع المهاباتي فلا يطلق عليه الغرر.
أمّا الغبن فهو فيما إذا لم يطلع الشخص على عيب الثمن أو المثمن فيطّلع عليه بعد ذلك، فله أن يفسخ المعاملة أو يأخذ ما به فرق السعر أو القيمة من الطرف المقابل، هذا إذا لم يسقط خيار الغبن.
س6ـ ما هو العرفان الصحيح؟ وهل التصوّف باطل؟
ج: العرفان الصحيح هو معرفة الله بصفاته الثبوتية والسلبية ومعرفة أنبياء الله عليهم السلام ومعرفة رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم ومعرفة المعاد حسب الأدلة الواردة عن أهل البيت عليهم السلام بناءً على حديث الثقلين. وأمّا التصوّف فهو مخالف طريق أهل البيت عليهم السلام وهو باطل.
س7ـ لو عقد شخص على سيّدة بشرط كونها باكرة فانكشف أنّها ليست باكرة، فهل تستحقّ مهر المثل أو مهر المسمّى؟
ج: إذا كان مهر المثل أدون من المهر المسمّى فهي تستحق مهر المثل وإلّا فتستحقّ المهر المسمّى لأنها رضيت بمهر المسمّى الذي هو أقلّ من مهر المثل.
س8ـ إذا جرح أو مات ركّاب السيارة حين الاصطدام فعلى من ديتهم؟ وفي حال القتل هل يكون السائق قاتلاً؟
هذا منوط بنظر العرف، فلينظر ـ فارغاً من القانون ـ ماذا يصدق عليه عرفاً: القتل العمدي، أو القتل الخطائي أو شبه العمد، فأي منها صدق عليه عرفاً يعمل بمقتضى ذلك، وكذلك في مورد الجرح يلاحظ الصدق العرفي ويعمل عليه.
س9ـ هل المعاطاة تختصّ بالبيع أم هي تجري في سائر العقود أيضاً؟
ج: لا يختصّ المعاطاة بالبيع، ومن قبل من الفقهاء المعاطاة في البيع فقد قِبَل في سائر العقود أيضاً، علما بأنّ المستفاد من الأدلّة أنّ المعاطاة لا تصحّ في النكاح ولا بدّ من إجراء العقد فيه. فيمكن أن يجري المعاطاة في الإجارة، الرهن وسائر العقود، والمعاطاة فيها صحيحة.
س10ـ ما هو الجواب عن شبهة كون الإمام الحسن عليه السلام مطلاقاً؟
ج: ذمّت الروايات الشريفة ادّعاء (مطلاقاً). وقد روى الشيخ الكليني رحمه الله: عَلِي بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيرٍ، عَنْ غَيرِ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: «مَا مِنْ شَيءٍ مِمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ أَبْغَضَ إِلَيهِ مِنَ الطَّلَاقِ وإِنَّ اللَّهَ يبْغِضُ الْمِطْلَاقَ الذَّوَّاقَ» (الكافي، ج6، ص54، ح2).
مُحَمَّدُ بْنُ يحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يحْيى، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي عليه السلام يقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ يبْغِضُ كُلَّ مِطْلَاقٍ ذَوَّاقٍ» (الكافي، ج6، ص55، ح4). وأمّا رواية كون الإمام الحسن عليه السلام مطلاقاً فقد رواها أيضاً الكليني رحمه الله:
حُمَيدُ بْنُ زِيادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: «إِنَّ عَلِياً قَالَ وهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ لَا تُزَوِّجُوا الْحَسَنَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ مِطْلَاقٌ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ فَقَالَ: بَلَى واللَّهِ لَنُزَوِّجَنَّهُ وهُوَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وآله وابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وإِنْ شَاءَ طَلَّقَ» (الكافي، ج6، ص56، ح4).
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ يحْيى بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: «إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِي عليهما السلام طَلَّقَ خَمْسِينَ امْرَأَةً فَقَامَ عَلِي عليه السلام بِالْكُوفَةِ فَقَالَ: يا مَعَاشِرَ أَهْلِ الْكُوفَةِ لَا تُنْكِحُوا الْحَسَنَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ مِطْلَاقٌ فَقَامَ إِلَيهِ رَجُلٌ فَقَالَ: بَلَى واللَّهِ لَنُنْكِحَنَّهُ فَإِنَّهُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وآله وابْنُ فَاطِمَةَ عليها السلام فَإِنْ أَعْجَبَتْهُ أَمْسَكَ وإِنْ كَرِهَ طَلَّقَ» (الكافي، ج6، ص56، ح5). وإن وردت الرواية في الكافي الشريف ولكنها صدرت عن تقيّة ولا توافق الواقع، ويوجد قرائن أيضاً لصدورها تقيّة فمن جملتها أنّها لو كانت قضية واقعية لانتشرت قطعاً وصارت معروفة، فلو كان لبان واشتهر والحال أنّه ليس كذلك. هذه الكلمات كانت تنتشر غالباً من قبل بني اُمية وبني العبّاس، وأهل البيت عليهم السلام لا يستطيعون إنكارها لجهة التقية ومن جملة ذلك جاء في رواية نقلها الكليني رحمه الله أنّ الإمام الصادق عليه السلام يقول في قضية: «أَمَّا قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيلَى فَلَا أَسْتَطِيعُ رَدَّهُ»، ولفظ الرواية هذا:
عَلِي بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ بُكَيرٍ الطَّوِيلِ قَالَ: دَعَانِي أَبِي حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَقَالَ: يا بُنَي اقْبِضْ مَالَ إِخْوَتِكَ الصِّغَارِ فَاعْمَلْ بِهِ وخُذْ نِصْفَ الرِّبْحِ وأَعْطِهِمُ النِّصْفَ ولَيسَ عَلَيكَ ضَمَانٌ، فَقَدَّمَتْنِي أُمُّ وَلَدٍ لِأَبِي بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي إِلَى ابْنِ أَبِي لَيلَى فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّ هَذَا يأْكُلُ أَمْوَالَ وَلَدِي، قَالَ فَقَصَصْتُ عَلَيهِ مَا أَمَرَنِي بِهِ أَبِي، فَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيلَى: إِنْ كَانَ أَبُوكَ أَمَرَكَ بِالْبَاطِلِ لَمْ أُجِزْهُ، ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَي ابْنُ أَبِي لَيلَى إِنْ أَنَا حَرَّكْتُهُ فَأَنَا لَهُ ضَامِنٌ، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام بَعْدُ فَقَصَصْتُ عَلَيهِ قِصَّتِي، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: مَا تَرَى؟ فَقَالَ: «أَمَّا قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيلَى فَلَا أَسْتَطِيعُ رَدَّهُ، وأَمَّا فِيمَا بَينَكَ وبَينَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ فَلَيسَ عَلَيكَ ضَمَانٌ» (الكافي، ج7، ص61، ح16). وفي عدّة من مصادر المخالفين أيضاً يوجد قرائن على صدور حديث كون الإمام الحسن عليه السلام مطلاقا عن تقيّة انظر (مروج الذهب، ج3، ص313, وفي طبعة اُخرى: ج2، ص482؛ وقُوت القلوب، ج2، ص412؛ وكذا نقل ذلك بحار الأنوار، ج44، ص158، وص169 عنه).
س11ـ ما هو حكم زرق الدم وحقن المغذّي حال الصوم؟
ج: كان جماعة من الفقهاء مثل والدي المرحوم (آية الله العظمى السيّد الميرزا مهدي الحسيني الشيرازي قدّس سرّه) يشكلون في جوازه ولكن يبدو أنّ ضخ الدم وكذلك حقن المغذّي لا يرد تحت أيّ عنوان من عناوين المفطرات، فلا إشكال فيه. ومن حيث إنّ مناط الأحكام لا يعلم إلّا من طريق أهل البيت عليهم السلام ـ ولم يبيّن المناط في مثل هذه المسألة ـ لا نعلم أنّ المناط في مفطرية الأكل والشرب ما هو حتّی نتعدّى منه إلى حقن المغذّي أيضا ونلحقه به.
هذه المسألة نظير صوم شخص في الحرّ الشديد وهو يستريح تمام اليوم تحت جهاز التكييف فلا يحسّ بالعطش، ومع ذلك لا يورد أحدٌ على صومه.
نعم ورد في روايات: «لِيجِدَ الْغَنِي مَضَضَ الْجُوعِ فَيحِنَّ عَلَى الْفَقِيرِ» (الكافي، ج4، ص181، باب النوادر، ح6) وأيضاً: «لِيجِدَ الْغَنِي مَسَّ الْجُوعِ فَيمُنَّ عَلَى الْفَقِيرِ» (من لا يحضره الفقيه، ج2، ص73، ح1768)، وأيضاً: «لِيسْتَوِي بِهِ الْغَنِي والْفَقِيرُ وذَلِكَ أَنَّ الْغَنِي لَمْ يكُنْ لِيجِدَ مَسَّ الْجُوعِ فَيرْحَمَ الْفَقِيرَ لِأَنَّ الْغَنِي كُلَّمَا أَرَادَ شَيئاً قَدَرَ عَلَيهِ فَأَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ أَنْ يسَوِّي بَينَ خَلْقِهِ وأَنْ يذِيقَ الْغَنِي مَسَّ الْجُوعِ والْأَلَمِ لِيرِقَّ عَلَى الضَّعِيفِ فَيرْحَمَ الْجَائِعَ» (من لا يحضره الفقيه، ج2، ص73، ح1766)، ولكن هذه الروايات هي من قبيل الحكمة لا العلّة، فحقن المغذّي أو زرق الدم حالة الصوم هو على خلاف الاحتياط الاستحبابي.
علما بأنّ من الممكن أن يستفيد فقيه من هذه الطائفة من الروايات وأمثالها المناط والعلّية ويلحق هذه الموارد أيضا إلى مفطرات الصوم، ولكن يبدو أنّ لسان هذه الروايات لسان بيان الحكمة لا بيان العلّة.
س12ـ ما هو حكم صوم من يُدخل الغذاء إلى معدته من طريق غير معهود؟
ج: طرح صاحب العروة هذه المسألة وقال: «المدار صدق الأكل والشرب وإن كان بالنحو غير المتعارف، فلا يضرّ مجرّد الوصول إلى الجوف إذا لم يصدق الأكل أو الشرب، كما إذا صبّ دواءاً في جرحه، أو شيئا في أُذنه، أو إحليله فوصل إلى جوفه، نعم إذا وصل من طريق أنفه فالظاهر أنّه موجب للبطلان إن كان متعمّداً، لصدق الأكل والشرب حينئذ» (العروة الوثقى والتعليقات عليها، ج10، ص63، م4).
كما بيّن مكرّراً كلّ مورد صدق عليه الأكل والشرب سواء كان متعارفاً أو غير متعارف فهو مفطر للصوم على خلاف ما عليه بناء الفقه من أنّ الإطلاقات تنصرف إلى مصاديقها المتعارفة، ولكن يبدو في مورد السؤال المذكور، بشرط أن لا يصدق عليه الأكل والشرب غير المتعارف.