نصّ المطارحة العلمية السادسة عشرة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1445 للهجرة، في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، بحضور ومشاركة الشخصيات العلمية، ووكلاء مراجع التقليد الأعلام، وناشطين دينيين وثقافيين، وطلبة العلوم الدينية، مساء يوم الأربعاء 16 شهر رمضان العظيم 1445 للهجرة (27/3/2024م):
س1ـ هل يجوز لشخص أجير للصوم أن يستأجر آخر باُجرة أقلّ؟
ج: لا إشكال فيه بشرطين:
1ـ من استأجره لهذا العمل يرضى بأن يعمله آخر، وربما يكون الشخص الأجير نفسه له خصوصّية عند الذي استأجره لأداء صلاة ميّته أو صومه.
2ـ أن يعمل مقداراً من العمل ويأخذ مقداراً من الأجرة في مقابل ذلك المقدار من العمل حتى يقع ذلك المبلغ في قبال عمل.
س2ـ ما هو حكم ارتكاب المفطرات اضطراراً، إكراهاً وإجباراً؟
ج: كما طرح صاحب العروة في مسائل مختلفة وقبله مشهور الفقهاء (العروة الوثقى والتعليقات عليها، ج10، ص69 م9، وص87 م26، وص158، وص160 م2)، في موارد ينسب الإفطار إلى الشخص نفسه فصومه باطل، وفي موارد لا ينسب الإفطار إليه فصومه ليس بباطل.
مثلاً إذا يهدّدون الشخص بالسلاح لأن يرتكب المفطر، فقد ارتكب هو المفطر وصومه باطل، لأنّ الإفطار ينسب إليه وإن لم يكن عاصياً بعمله بخلاف المورد الذي يسكب الماء فيه حلقه أو يصبّ الشربت في فيه فلا يطلق عليه ارتكاب المفطر ولا ينسب إليه العمل فلا يكون صومه باطلاً.
كذلك قال صاحب العروة: «لا يجوز للصائم أن يذهب إلى المكان الذي يعلم اضطراره فيه إلى الإفطار بإكراه أو إيجار في حلقه أو نحو ذلك، ويبطل صومه لو ذهب وصار مضطرّا ولو كان بنحو الإيجار، بل لا يبعد بطلانه بمجرّد القصد إلى ذلك، فإنّه كالقصد للإفطار» (العروة الوثقى والتعليقات عليها، ص164، م6).
س3ـ من هو المراد من الشهيد الذي لا يجب غسله ولا تكفينه؟
ج: الشهيد له حقيقة شرعيّة، والشهيد الذي لا غسل له ولا كفن هو شهيد الحرب الذي اشترك فيها بأمر الإمام عليه السلام أو بأمر نائبه الخاصّ أو نائبه العامّ فاستشهد في المعركة. وسائر الشهداء يجب غسلهم وتكفينهم. واُطلق في الروايات الشريفة عنوان الشهيد لمن قتل لجهة التظلّم في مظلمته أو قتل دون عياله ودون ماله أيضاً.
يقول في رواية: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» (وسائل الشيعة، ج15، ص49، ح19962). و: «مَنْ قُتِلَ دُونَ عِيالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» (وسائل الشيعة، ج15، ص120، ح20114). و: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلِمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» (وسائل الشيعة، ج15، ص121، ح20117).
س4ـ هل يجوز إطلاق واجب الوجود على الله تعالى؟
ج: المراد من واجب الوجود هو الذي لم يسبق بالعدم ولا يعدم أيضاً، وهذه الخصوصيّة تطلق على الله تعالى فقط، وهو بيان خصوصيّة ذات الباري تعالى وليس اسماً من أسماء الله تبارك وتعالى التي لا يجوز اختراع اسم له تعالى سوى الأسماء التي وردت في القرآن الكريم والروايات الشريفة. علماً بأنّه يمكن استفادة اصطلاح واجب الوجود من أسامي الله تعالى.
س5ـ المعصومون عليهم السلام أيضاً كانوا يعملون بالتقيّة؟
ج: نعم جاء بتقريرات كثيرة في التاريخ وهكذا في الروايات الشريفة أنّ المعصومين عليهم السلام أيضاً كانوا يتّقون في موارد.
من جملة روايات التقيّة أنّ الأئمّة المعصومين عليهم السلام خاطبوا بعض غاصبي الخلافة بلقب أمير المؤمنين (عيون أخبار الرضا، ج2، ص145، الباب40، ح15)، والحال أنّ هذا اللقب يختصّ بأمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام.
س6ـ إذا قال الطبيب لشخص: يضرّك الصوم، فهل يحرم عليه الصوم؟
ج: تشخيص الموضوعات غير المستنبطة على عهدة المكلّف نفسه، فإذا لا يتيقّن شخص أنّ الصوم لا يضرّه، فقول الطبيب المعتمد عليه حجّة له من باب حجيّة قول أهل الخبرة الثقة، فلا يجوز له أنّ يخالفه، فإذا كان وثاقته أو خبرويّته مخدوشة فليس قوله حجّة له.
س7ـ ما هو حكم إقامة مجلس الفاتحة في اليوم الثالث من وفات الميّت واليوم السابع منه والأربعين وذكرى السنوية؟
ج: كما سبق البيان بخصوصه في الجلسات المتقدّمة أنّ إقامة مجلس الفاتحة هي من باب عمومات الخيرات والمبرّات للميّت، والعرف في ذلك في كلّ منطقة مختلف بأن يقيموا الفاتحة للميّت في أيّ زمان، وإقامة مجالس الفاتحة بنفسها عمل حسن ومطلوب. وبالتأكيد أنّ أياً من هذه الأيام ليس لها دليل شرعي بالخصوص، وقد ورد في الروايات أربعين الإمام الحسين عليه السلام بالخصوص فقط.
س8ـ ما هو حكم شراء الكتب التي عليها ختم الوقف؟
ج: قاعدة اليد مقدّمة على كل شيء فيجوز شراؤها، نعم إذا اطمأنّ شخص على أنّ الكتاب موقوف وليس في البين مسوّغ البيع أيضاً فالاطمئنان مقدّم على قاعدة اليد.
س9ـ ما هو المراد من «الكتاب» في الآية الكريمة: «وَيعَلِّمُهُ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ والتَّوْراةَ والْإِنْجيلَ» (آل عمران: 48)؟
ج: قيل: إنّ المراد من الكتاب في هذه الآية الشريفة هي الكتابة (بحار الأنوار، ج14، ص258؛ وسفينة البحار، ج6، ص252) ومن الممكن أن يكون المراد من الكتاب، الإنجيل وسائر الكتب السماويّة بعنوان الذكر العامّ، ثم ذكر التوراة والإنجيل بعنوان خاصّ.
س10ـ هل تختلف العدالة في إمام الجماعة وشاهد الطلاق والقاضي؟
ج: وإن يوجد قول على الاختلاف بين عدالة إمام الجماعة والقاضي وشاهد الطلاق، ولكن كما بيّنا في الجلسات الماضية، بناءً على التحقيق المفصّل في الأدلّة أنّ العدالة في جميع هذه الموارد بمعنى واحد وهي ملكة إتيان الواجبات وترك المحرّمات التي لها الشدّة والضعف، فبعضهم عادل وبعض أعدل، وحسن الظاهر مُظهر عدالة الشخص ومبيّنه (بيان الفقه، الاجتهاد والتقليد، ج3، ص196 ـ ص487).
في بعض الروايات يسأل عن طريق معرفة العدالة: «بِمَ تُعْرَفُ عَدَالَةُ الرَّجُلِ» يقول الإمام الصادق عليه السلام في ابتداء كلماته: «أَنْ تَعْرِفُوهُ بِالسَّتْرِ والْعَفَافِ» (وسائل الشيعة، ج27، ص391، ح34032).
س11ـ إذا علمنا أنّ الطبيب يخالف الصوم ويعاند الدين ولهذه الجهة يجوّز الإفطار للمرضى، فما هو التكليف؟
ج: في أهل الخبرة الوثاقة كافية ولا يعتبر فيهم العدالة، بل لا يشترط الإسلام أيضاً ولكن فرض السؤال مبيّن عدم وثاقته، فلا يعتمد على قوله، وكذلك لو تعارض قول خبيرين تساقط كلا القولين.
س12ـ نظراً إلى ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله: «صَلُّوا كَمَا رَأَيتُمُونِي أُصَلِّي» (عوالي اللئالي، ج3، ص85، ح76)، كيف تصلّي السيّدات مثل رسول الله صلى الله عليه وآله؟
ج: قاعدة الاشتراك تبيّن أنّ جميع أحكام الرجال والنساء من أوّل أبواب الفقه إلى آخرها سواء، إلّا أن يُثبت الدليل حكما خاصّاً للنساء أو للرجال، فالسيّدات أيضاً يتأسّين برسول الله صلى الله عليه وآله في صلاتهنّ إلّا في موارد عدّ أهل البيت عليهم السلام أنفسهم وظيفتهنّ غير وظائف الرجال.
س13ـ هل تجري قاعدة الإلزام على من يقلّد مرجعي تقليد؟
ج: كلا، تجري قاعدة الإلزام في خصوص غير شيعة أمير المؤمنين عليه السلام.
س14ـ ما وجه عدم فهمنا للارتباط بين آيات القرآن الكريم؟
ج: القرآن الكريم له فصاحته الخاصّة، لا هو نثر ولا هو شعر، وهذا الأمر حيّر فصحاء العرب وبلغاءه، وخضع الكلّ أمام القرآن الكريم ولم يكن لهم قدرة المقابلة معه. أخي المرحوم (آية الله العظمى السيّد محمد الحسيني الشيرازي قدّس سرّه) بيّن في تفسيره شطرا من ارتباط الآيات.
س15ـ ما هو حكم بيع وشراء المخدّرات (أفيون)؟
ج: زرع الترياق واقتناءه وبيعه وشرائه واستعماله لا يجوز من حيث إنّه يعتبر في الوقت الحالي وسيلة من وسائل فساد المجتمع ـ ويندرج تحت عنوان «الَّتِي يجِيءُ مِنْهَا الْفَسَادُ مَحْضًا» (وسائل الشيعة، ج17، ص85، ح22047) ـ .
علماً بأنّ مقدار ما يستفاد منه للدواء جائز كما بيّنه العلماء الماضون في رسائلهم العملية.
س16ـ إذا ظنّ شخص بأن الفتوى المنقولة عن المجتهد خطأ، فما تكليفه؟
ج: صرّح جمع من العلماء بأنّ عليه التحقيق وتحصيل فتوى مرجع التقليد من طريق صحيح.
س17ـ إذا ظنّ الشخص الذي هو من أهل العلم ولكن ليس بمجتهد، بكون فتوى مرجع تقليده خطأ فما عليه؟
ج: لا فرق بين الشخص العامي وبين أهل العلم غير المجتهد في هذه المسألة، فإذا لم يتيقّنوا أنّ فتوى مرجع التقليد خطأ فتكليفهم العمل بفتواه وأمّا الظنّ فـ«إِنَّ الظَّنَّ لا يغْني مِنَ الْحَقِّ شَيئًا» (يونس: 36؛ والنجم: 28).