LOGIN
الجلسات العلمية
alshirazi.org
"بين يدي المرجع"
المطارحة العلمية السابعة عشرة لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله في شهر رمضان العظيم 1445 للهجرة
رمز 44182
نسخة للطبع استنساخ الخبر رابط قصير ‏ 20 رمضان العظيم 1445 - 31 مارس 2024

نصّ المطارحة العلمية السابعة عشرة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1445 للهجرة، في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، بحضور ومشاركة الشخصيات العلمية، ووكلاء مراجع التقليد الأعلام، وناشطين دينيين وثقافيين، وطلبة العلوم الدينية، مساء يوم الخميس 17 شهر رمضان العظيم 1445 للهجرة (28/3/2024م):

س1ـ ما المراد من قول الإمام صلوات الله عليه (قد أعطاك من جراب النورة) المذكور في بعض الروايات؟

ج: جاء في بعض الروايات أنّه إذا نقل شخص عن الإمام عليه السلام شيئاً كان يقول له الأصحاب: «أَعْطَاكَ مِنْ جِرَابِ النُّورَةِ» (تهذيب الأحكام، ج9، ص333؛ والاستبصار، ج4، ص175؛ كمال الدين، ج2، ص361، وص367).

الجراب هو بمعنى الكيس أو القربة، ففي الزمن القديم كانوا يستفيدون من القربة لحفظ الماء، واللبن الرائب، والزبدة وأمثالها من الأشياء الثمينة وفي المقابل لحفظ بعض الأشياء قليلة القيمة كانوا يستفيدون من القربة (الجراب) أيضاً وكان مراد الأصحاب أنّ الإمام عليه السلام أعطاك من جرابٍ قليل القيمة بل أعطاك من قربة لا قيمة لها، وهذا كان يبيّن تقيّة الإمام منه، أو له.

قال العلاّمة المجلسي رحمه الله: «المراد أنه اتقاك وأعطاك من جراب النورة بدل الدقيق، وكان هذا مثلا بينهم»‏ (ملاذ الأخيار، ج15، ص330).

س2ـ ما هو الملاك في تشخيص سفر المعصية؟

ج: المعاصي على طائفيتن: صغيرة وكبيرة، وعبّر القرآن الكريم عن المعاصي الكبيرة بقوله تعالى: «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيئاتِكُمْ ونُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَريمًا» (النساء: 31).

ملاك سفر المعصية أن يسافر لارتكاب معصية كبيرة، مثل أن يسافر ـ والعياذ بالله ـ لقتل شخص، أو لشرب المسكر (الخمر) أو إتيان أعمال تنافي العفّة، لا أن يسافر للسياحة ولكن يرتكب في ضمنه حراماً صدفةً. فإذا سافر أحد بقصد عمل المعصية الكبيرة فصلاته تامّة في طول السفر ويجب عليه أيضاً أن يصوم.

س3ـ ما حكم استعمال الموادّ المخدّرة الصناعيّة أو المحليّة؟

ج: كما بيّنا في الجلسة الماضية أنه في الوقت الحالي تندرج أنواع الموادّ المخدّرة تحت عنوان: «الَّتِي يجِي‏ءُ مِنْهَا الْفَسَادُ مَحْضاً» (وسائل الشيعة، ج17، ص85) فلا يجوز زرعها وادّخارها وبيعها وشراؤها وصرفها.

س4ـ إذا كان المقلّد نفسه من أهل العلم أو كان مجتهداً متجّزياً أو قريباً من الاجتهاد فتيقّن أنّ فتوى مرجع التقليد خطأ فما هو وظيفته؟

ج: إذا ظنّ أحد بكون فتوى مرجع التقليد خطأً لا يعتني بظنّه، بدليل: «إِنَّ الظَّنَّ لا يغْني‏ مِنَ الْحَقِّ شَيئاً» (يونس: 36؛ والنجم: 28).

أمّا إذا علم شخص أو اطمأن ـ الذي هي حجّة مسلّمة وعلم عرفي ـ بخطأ مجتهد في فتواه فلا يحقّ له أن يتّبع مرجع التقليد في تلك المسألة وهذا من باب حجّية العلم.

علماً بأنّ فتوى المجتهد ليست ظنيّة، بل المجتهد في فتواه له الظنّ بالواقع ولكن له القطع في الحجيّة، فلا يفتي هو بعنوان اتباع الظنّ حتى يكون ظنّه متّحداً مع ظنّ مقلّده.

حجيّة فتوى الفقيه الجامع للشرائط مثل حجّية قول الطبيب الأخصّائي الثقة ـ الذي له الأماريّة. فهي حجّة في ظرف الشك وعدم العلم، ولكن إذا كان للشخص نفسه علم بالمسألة فلا يبقى موضوع للتقليد في تلك المسألة، وإذا ظنّ بخطأ الطبيب لا يعتني بظنّه، لأنّ الأمارة ظرفها الشكّ، وأصل موضوعها الشكّ.

س5ـ ما هو حكم اشتراط الرجوع في الإحرام والاعتكاف؟

ج: مشهور العلماء ذكروا اشتراط الخروج من الإحرام في ضمن نيّة الإحرام عملاً مستحبّاً صرفاً ولا يقولون بترتّب نتيجة عملية عليه. (العروة الوثقى مع التعليقات، ج3، ص484، فصل في كيفية الاحرام، م13)، ولكن اشتراط الرجوع في الاعتكاف لا بدّ وأن يقارن مع نيّة الاعتكاف حتى يمكن الخروج عن الاعتكاف في صورة وقوع العذر. (العروة الوثقى والتعليقات عليها، ج10، ص404، فصل في شرائط الاعتكاف، م40).

س6ـ هل يجب إطاعة الوالدين؟

ج: قال القرآن الكريم: «يا أَيهَا الَّذينَ آمَنُوا أَطيعُوا اللَّهَ وأَطيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» (النساء: 59)، يجب إطاعة الله تعالى وإطاعة رسوله صلى الله عليه وآله وإطاعة أهل البيت الطاهرين عليهم السلام، ولكن قال بالنسبة إلى الوالدين: «أَنِ اشْكُرْ لي‏ ولِوالِدَيكَ» (لقمان: 14)، وأيضاً: «وَبِالْوالِدَينِ إِحْساناً» (البقرة: 83)، وأيضاً: «وَوَصَّينَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيهِ حُسْناً» (العنكبوت: 8)، وأيضاً: «وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً» (لقمان: 15) فهذه الآيات تبيّن المعاشرة الحسنة مع الوالدين لا لزوم إطاعتهما.

أمّا الآية الكريمة: «وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بي‏ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما» (العنكبوت: 8)، و«وَإِنْ جاهَداكَ عَلى‏ أَنْ تُشْرِكَ بي‏ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما» (لقمان: 15)، تبيّن حرمة التبعيّة منهما في المعتقدات الانحرافية وحيث إنّ مفهوم الآية مفهوم اللقب وهو غير مقبول فلا ظهور له في لزوم إطاعة الوالدين في غير المعتقدات الانحرافية.

بل بناءً على إجماع الفقهاء يحرم إيذاء الوالدين وهكذا وقع التسالم بين الفقهاء على عدم وجوب إطاعة الوالدين، وأمّا تأذّي الوالدين فهو محلّ اختلاف بين الفقهاء ويبدو أنّه ليس حراماً.

س7ـ هل الشخص مختار في جميع حالات البيع الغرري بين فسخ العقد وأخذ الأرش؟

ج: في البيع الغرري حالات مختلفة. في بعضها له أخذ الأرش فقط، وفي بعضها هو مخيّر بين فسخ العقد وأخذ الأرش.

س8ـ إذا استصحب الليل شخص حين أكل السحور واستمر بالأكل فانكشف الخلاف بعدُ، فما هو التكليف؟

ج: طرح صاحب العروة هذه المسألة وقال: «يجوز له فعل المفطر ولو قبل الفحص ما لم يعلم طلوع الفجر ولم يشهد به البيّنة ولا يجوز له ذلك إذا شكّ في الغروب عملا بالاستصحاب في الطرفين، ولو شهد عدل واحد بالطلوع أو الغروب فالأحوط ترك المفطر عملا بالاحتياط للإشكال في حجيّة خبر العدل الواحد وعدم حجّيته إلّا أنّ الاحتياط في الغروب إلزامي وفي الطلوع استحبابي نظرا للاستصحاب» (العروة الوثقى والتعليقات عليها، ج10، ص222، فصل في ما يوجب القضاء دون الكفارة، م2).

قوله: «ولو قبل الفحص» ولكن يبدو أن هذا على خلاف الاحتياط اللازم. قوله: «فالأحوط ترك المفطر»، بل الأظهر في إخبار العدل والثقة ترك المفطر عند الطلوع وجواز الإفطار في المغرب.

س9ـ هل يوجد في روايات المعصومين عليهم السلام إشارة إلى أنّ المراد من ليلة القدر هي الزهراء الطاهرة عليها السلام؟

ج: في تفسير فرات بن إبراهيم: مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ عُبَيدٍ مُعَنْعَناً عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيلَةِ الْقَدْرِ، اللَّيلَةُ فَاطِمَةُ، وَالْقَدْرُ اللَّهُ، فَمَنْ عَرَفَ فَاطِمَةَ حَقَّ مَعْرِفَتِهَا فَقَدْ أَدْرَكَ لَيلَةَ الْقَدْرِ، وَإِنَّمَا سُمِّيتْ فَاطِمَةَ لِأَنَّ الْخَلْقَ فُطِمُوا عَنْ مَعْرِفَتِهَا» (بحار الأنوار، ج43، ص65، ح58).

س10ـ الروايات التي لها إشارة إلى الاعتماد على أخبار الأشخاص الموثّقين، هل المراد هم الأشخاص بأنفسهم أم خبرهم؟

ج: المراد من رواياتٍ مثل: «الْعَمْرِي ثِقَتِي فَمَا أَدَّى إِلَيكَ عَنِّي فَعَنِّي يؤَدِّي ومَا قَالَ لَكَ عَنِّي فَعَنِّي يقُولُ فَاسْمَعْ لَهُ وأَطِعْ فَإِنَّهُ الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ» (الكافي، ج1، ص330)، هي وثاقة نفس الشخص التي يقال لها الوثاقة المخبرية، وأمّا الوثاقة الخبريّة اصطلاحاً تطلق على الاعتماد بالروايات لجهة قرائن خارجيّة وداخليّة.

س11ـ ما حكم صلاة طلبة العلوم الدينية وصومهم وكذلك طلاّب الجامعات في مكان دراستهم؟

ج: إذا أراد شخص أن يعيش في مكان مدّة، مثل الطلبة أو الطالب ومثلاً يعيش فيها مدّة خمس سنوات ولا يصدق عليه المسافر عرفاً فهو من أوّل يوم يستقرّ في ذلك البلد صلاته تامّة وعليه أن يصوم.

س12ـ ما حكم التشبيب وما هو المراد منه؟

ج: بيّن الشيخ الأنصاري في المكاسب المحرّمة التشبيب وحكمه وقال: التشبيب بالمرأة المعروفة المؤمنة المحترمة وهو كما في جامع المقاصد: ذكر محاسنها وإظهار شدّة حبِّها بالشعر حرام» (كتاب المكاسب، ج1، ص177، م3).

س13ـ الملاك في حدّ الترخّص هي جدران المنازل أو جدران البلد؟

ج: الملاك جدران منازل متعارفة في زمن صدور الرواية يعنى منازل ذات طابق واحد أو طابقين، وهكذا شخص يُبصرها أن يكون له بصر متعارف لا ضعيف ولا قويّ بكثير. وأمّا سور البلد، فما كان لجميع البلدان من سور، وما جُعل ذلك ملاكا في الروايات أيضاً. وحَسَن أن نشير بالمناسبة إلى أنّ النجف الأشرف كان له سور بخلاف كربلاء المقدّسة التي ما كان لها سور، ولهذه الجهة وبقي فيها التهديم الكثير عند الهجمة بخلاف النجف.

س14ـ ما حدّ أماكن التخيير وما هو حكم الصلاة والصوم فيها؟

ج: يبدو أنّه ـ كما قاله جماعة من الفقهاء مثل صاحب العروة رحمه الله وأخي المرحوم (آية الله العظمى السيّد محمّد الحسيني الشيرازي قدّس سرّه) ـ أنّ في كلّ من مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة وكربلاء المقدّسة والكوفة المشرّفة، المسافر مخيّر بين التمام والقصر، والإتمام أفضل (العروة الوثقى مع التعليقات، ج2، ص468، فصل في أحكام صلاة المسافر، م11).

مهما اتّسع البلد أو تضيّق فالملاك في محدودة إتمام الصلاة وهو الصدق العرفي لعنوان ذلك البلد. وأمّا مسجد السهلة فهو اليوم جزء بلدة الكوفة ولكن النجف الأشرف له عنوان مستقلّ بنفسه وحكمه يختلف مع حكم الكوفة.

س15ـ أي البلاد كبيرة؟

ج: البلاد القريبة معا اتّسعت بمرور الزمن واتّصلت وشكّلت بلاداً كبيرة وهذه البلاد كانت في زمن الأئمة المعصومين عليهم السلام أيضاً مثل سامرّاء، والبصرة وأمثالهما ولكن لم يأت في أيّ رواية الفرق بين حكمها مع سائر البلاد.

س16ـ إذا لا نعلم الحالة السابقة لحوض ماء أنّه كان كرّا أم لا فهل يجري عليه حكم الكرّ؟

ج: إذا لا نعلم الحالة السابقة لحوض ماء حتى نستصحب كريّته أو قلّته، ونغسل مثلاً قميصاً متنجّساً فيه لا يحكم بنجاسة الحوض لأنّه لا نعلم أنّه كرّ أو قليل ولكن بالنسبة إلى القميص نحكم على نجاسته لأنّا نعلم حالته السابقة.