في ليالي شهر رمضان العظيم يتوافد العلماء والفضلاء وطلاب الحوزة العلمية ومختلف الشخصيات على بيت المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في مدينة قم المقدسة. وخلال لقائهم بسماحته دام ظله يدور الحديث حول المباحث العلمية والمسائل الفقهية والتاريخية والثقافية، إضافة إلى ما يتفضل به سماحته من وصايا وتوجيهات.

التلقيح الصناعي

سئل في بدء الجلسة عن حكم التلقيح الصناعي بين الرجل الأجنبي والمرأة الأجنبية في الأنابيب المختبرية؟

فقال المرجع الشيرازي دام ظله: بالإشارة إلى ما بحثه صاحب الجواهر حول وضع النطفة في رحم المرأة الأجنبية: استفاد الفقهاء من مجموع الأدلة أن التلقيح لابد أن يكون بين الزوجين وإن كان الزواج مؤقتا في مدة اللقاح ويمكن أن يكون إرتكاز المتشرعة دليلا على هذه المسألة.

ثم قال سماحته: وفي التلقيح الصناعي أيضا ً يكون الرجل والمرأة اللذان يولد الولد منهما أبوين لهذا الولد وإن وقع التلقيح الصناعي بصورة محرمة، ولا يكون محكوما بأنه زنا.

 عتاب النبي في القرآن

 ثم سئل: أنه في القرآن الكريم خوطب الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بخطابات مختلفة مثل يا أيها الرسول ويا أيها النبي وهذه الخطابات تكريم له صلى الله عليه وآله ظاهراً، ولكن الخطاب بمثل يا أيها المدثر ويا أيها المزمل الذي ظاهره العتاب ما هو وجهه؟

 فقال سماحته: بلاغة القرآن الكريم بلاغة خاصة وقد حيرت أهل البلاغة، وجاء في رواية شريفة الإشارة إلى مثل معروف في لغة العرب: «نَزَلَ اَلْقُرْآنُ بِإِياكِ أَعْنِي واِسْمَعِي يا جَارَةُ» هذه الخطابات وأشد منها مثل الآية الشريفة «لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ» تكون من هذا الباب، فظاهر الآية الكريمة عتاب لرسول الله صلى الله عليه وآله ولكنها في الحقيقة أسلوب كنائي لتفهيم الآخرين.

 مدّة العدة لمن لا تحيض

 وسؤال آخر سئل عن امرأة في سن من تحيض ولكنها لا تحيض إلا في كل ثلاثة أو أربعة أشهر، فكيف تكون عدتها؟

 فأجاب سماحته: عدة الطلاق في العقد الدائم ثلاثة قروء في من تحيض كل شهر، وفي من لا تحيض في كل شهر تكون عدتها ثلاثة أشهر، وبمناسبة الحكم والموضوع لا تكون عدتها في العقد المؤقت أكثر من العدة في العقد الدائم، ولذا في العقد الموقت بعدما انتهى المدة أو وهب الزوج المدة فعدتها حيضتان إذا تحيض هي في كل شهر وإن كان غير بعيد ـ لوجود رواية صحيحة ـ أنه يكفي في عدتها حيضة واحدة ايضاً، وأما إذا لم تكن تحيض في كل شهر ـ كما في فرض السؤال ـ فقد ذكر جمع أن عدتها ثلاثة شهور، ولكن يبدو بناءً على الإحتياط الواجب يكفي خمسة وأربعون يوما أيضاً، لأن في الشك بين الأقل والأكثر لجهة اختلاف الأدلة يؤخذ بالقدر المتقين وهو الأقل وتجري البراءة في الأكثر.

 زواج المسلمة بالكافر وبالعكس

 بعد ذلك سئل: إذا تزوجت امرأة مسلمة من رجل كافر فما هو حكم من يتولد منهما؟

 فقال دام ظله: ليس للمرأة المسلمة أن تتزوج من الكافر، كتابياً كان أم غير كتابي وليس لرجل مسلم أيضاً أن يتزوج من كافرة من غير أهل الكتاب.

ثم قال دام ظله العالي: في فرض السؤال عدة صور، ونحن نشير إلى موردين منها:

1ـ لو تزوج امرأة مسلمة مع كافر جهلا بالحكم فولدهما ولد شبهة ويجري فيه جميع احكام الولد الحلال وحيث إن أمه مسلمة وأشرف الأبوين فينتسب إليها وله شرف الإسلام وله تمام احكام الاسلام مثل الإرث وكذا إذا مات في صغره فيدفن في مقابر المسلمين.

2ـ وإذا كانت عالمة بحرمة الزواج بغير المسلم، فالولد ولد حرام، وللولد الحرام جميع احكام الولد الحلال غير الإرث.

 وسؤال آخر طرحه أحد الفضلاء حول حكم الزواج بنساء اهل الكتاب.

 فقال دامت بركاته: هذه المسألة محل خلاف بين الفقهاء، فقد قال جمع بعدم الجواز مطلقا مؤقتا كان أو دائما وقال آخرون بالجواز مطلقا ويبدو أن هذا القول هو الأقرب وقال جمع أيضاً بالتفصيل.

 لا جبر في الإسلام  

 ثم سأل أحد من الفضلاء عن الآية الشريفة «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ».

 فقال دام ظله: ما كانت سيرة رسول الله وأهل البيت عليهم السلام على إجبار أحد لقبول الاسلام، وفتوحات الحكام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله التي يسمونها فتوحات اسلامية بادعاء ترويج الاسلام ودخول الناس في الاسلام، ليست مورد تأييد الإسلام لأنه في الاسلام لا يحق لأحد أن يجبر أحداً لقبول الإسلام، نعم لو قبل أحد الإسلام باختياره فعليه أن يلتزم بأحكامه وقوانينه ويقبل الإطار الذي جعل لدين الاسلام وهذا متطابق مع سيرة العقلاء.

 نسبة كتاب الإرشاد إلى الشيخ المفيد

 ثم سئل عن صحة انتساب كتاب الارشاد إلى الشيخ المفيد وعن بعض الشبهات الواردة عليها؟

 فقال مد ظله: انتساب كتاب الارشاد إلى الشيخ المفيد مشهور، وتكفي الشهرة في انتساب كتاب إلى شخص او انتساب شخص إلى عشيرة او انتساب قبر إلى ميت و... والإيرادات التي تطرح لا تقاوم شهرة الإنتساب.

 النيابة في العبادات عن الحي

 ثم سئل: في الصلاة والصوم لا يجوز الاستنابة حال حياة المكلف والحال أنها يجوز في الحج أن يستنيب عنه إذا كان معذوراً فما هو وجهه؟

فأجاب سماحته دام ظله: احكام الشرع تابعة لمجموعة من الحكم والمصالح التي ربما لا تدركها عقولنا كما ورد في الحديث الشريف «ليس شيءٌ أبعد عن عقول الرجال...» وقد ذكرت بعض الحِكم في بعض الاحكام في الادلة مثل العلل التي اوردها الصدوق ره في العلل، وعلى أي حال الأحكام تابعة للدليل في الصلاة والصوم ليس لنا دليل على جواز وصحة الاستنابة بخلاف الحج فإن فيه دليلاً خاصاً.

 حكم صلاة وصوم المغشي عليه

 ثم سئل: لوكان شخص مغشيا عليه فهل يجب عليه قضاء الصلوات والصيام الفائتة في تلك الفترة؟

 فقال دام ظله: في بعض الحالات تسقط الصلاة والصوم عن الشخص مثل ما إذا كان الشخص مغشيا عليه ولا يفيق تمام الوقت فتسقط عنه الصلاة وإذا فاتته الصلاة في تلك المدة لا يجب عليه قضاؤها، مثل النساء فإن الصلاة ساقطة عنهن في ايام العادة وليس عليهن القضاء ولكن عليهن قضاء الصوم.

 زواج الصغيرة

 ثم سئل عن زواج الصغيرة، إذا لا ترضى بعد بلوغها بالزواج فهل يبقى هذا الزواج على صحته ام لا؟

 قال دام ظله العالي: المرحوم الأخ رضوان الله عليه كان يقول: لو لم ترض الصغيرة بالزواج بعد بلوغها ورشدها فالعقد باطل فصحة العقد الجاري بتوسط الولي في صغرها منوط برضا البنت، ووجه كلامه رحمه الله هو أن الإطلاقات القائلة ببقاء صحة العقد بعد البلوغ أيضا، منصرفة عن مثل هذا المورد، والانصراف يعنى عدم ظهور الدليل في الإطلاق.

 قراءة دعاء «إلهي عظم البلاء» في الصلاة

 في الختام سئل عن حكم قراءة دعاء «الهي عظم البلاء» في الصلاة.

فأجاب سماحته: يستفاد من الأدلة أن الصلاة هي دعاء وذكر وقرآن،والذكر منصرف إلى ذكر الله تعالى واما الخطاب إلى غير الله تعالى في الصلاة ففيه استثناء واحد وهو «السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته» واما الخطابات مثل «ياعلي يا محمد» في الصلاة فهي خطابات لغير الله تعالى، ومشهور الفقهاء لا يجوزون في الصلاة خطاب غير الله تعالى وحتى في مسألة تسميت العاطس في الصلاة بـ«يرحمك الله» والتي جوزها صاحب العروة من باب الدعاء قد رد عليه في ذلك إكثر المحشين.