LOGIN
الجلسات العلمية
alshirazi.org
"بين يدي المرجع"
المطارحة العلمية الثامنة عشرة لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله في شهر رمضان العظيم 1445 للهجرة
رمز 44342
نسخة للطبع استنساخ الخبر رابط قصير ‏ 26 رمضان العظيم 1445 - 6 أبريل 2024

نصّ المطارحة العلمية الثامنة عشرة للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1445 للهجرة، في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، بحضور ومشاركة الشخصيات العلمية، ووكلاء مراجع التقليد الأعلام، وناشطين دينيين وثقافيين، وطلبة العلوم الدينية، مساء يوم الأربعاء 23 شهر رمضان العظيم 1445 للهجرة (3/4/2024م):

س1ـ إذا وقع التعارض بين استصحاب الكلّي القسم الثاني وبين جريان البراءة في الأقل والأكثر فأيّهما يقدّم؟

ج: يلزم في الاستصحاب وجود التيقّن السابق والفعلية المتعارفة من اليقين ولكن في موارد الأقل والأكثر التي يجري فيها البراءة لا وجود لليقين السابق، وإلّا كان يعمل بذلك اليقين السابق عند الشك فيقدّم استصحاب الكلّي القسم الثاني ـ الّذي مثّل له الشيخ الأنصاري بمثال الفيل والبقّة (فرائد الأصول، ج3، ص191) ـ على البراءة إذا كان يقين سابق في البين.

س2ـ ما جاء من النقل في تعيير بعض أولاد الأئمّة عليهم السلام ببعض المكتوبات، ما مدى صحّتها؟

ج: لا شك أنّه تقولوا بتعييرات بحقّ أهل البيت عليهم السلام من قبل النواصب ولكن كانت مرفوضة عند أكثر الناس، ولهذه الجهة ومع توفر الدواعي صاروا يمارسون جعل الأكاذيب والنِسب الكاذبة إلى أصحابهم.

علماً بأنّه في مورد ذلك النقل أنّه كما لا تقبل الدعاوي المستهجنة في شخص مؤمن في المحكمة العادلة إلّا بشهادة عدلين، لا يصحّ قبول تلك النسب بالنقل التاريخي غير المعتبر، وفي حالة صحة السند أيضاً يحتمل التقيّة، غير ما جاء في مورد جعفر عمّ مولانا إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، وفيه أيضاً كان أخي المرحوم (آية الله العظمى السيد محمّد الحسيني الشيرازي قدّس سرّه) يقول بالقطع: إنّ ذمّه أيضاً كان من هذا القبيل، ولكن يتبادر بالنظر ـ نظراً إلى قرائن مختلفة ـ إنّ ذمّه ونسبة هذا الإدّعاء إليه صحيحة.

س3ـ ما هو وجه طهارة النجس أو المتنجّس بعد الاستحالة والانقلاب والانتقال؟

ج: عدّ صاحب العروة الاستحالة والانقلاب والانتقال في ضمن المطهّرات. (العروة الوثقى مع التعليقات، ج1، ص136، الرابع؛ وص137، الخامس؛ وص143، السابع).

ذكر الفقهاء العظام في شروح العروة وكذلك أخي المرحوم (آية الله العظمى السيّد محمّد الحسيني الشيرازي قدّس سرّه) في كتاب الفقه أدلة ذلك، إحدى دلائله الرئيسية هو تغيير الموضوع، فلا يجري الاستصحاب في تلك الموارد. وأمّا أنهم فصّلوا بين النجس والمتنجّس فقالوا بطاهرة النجس بالاستحالة ومثلها، وبعدم طهارة المتنجّس بها، فهذا على خلاف متفاهم العرف بمفهوم الموافقة (الأولويّة) ولا فرق بينهما. فعلى سبيل المثال إذا تبّدل الكلب وكذلك قطعة من اللحم التي وقع عليها لعاب الكلب ملحا في المملحة يطهران.

قد يقال: مفهوم الأولوية هو القياس نفسه، فيجاب عنه أنّ مفهوم الأولوية صار مستند الفقهاء في الفقه مكرّراً فإذا كان عرفيا ولا يكون من جزئي بجزئي لا يعدّ قياساً وليس بباطل.

س4ـ أيّ مقدار من النجاسة معفوّ في لباس المصلّي؟

ج: يقول صاحب العروة: «الثاني ممّا يعفى عنه في الصلاة: الدم الأقلّ من الدرهم، سواء كان في البدن أو اللباس، من نفسه أو غيره، عدا الدماء الثلاثة من الحيض والنفاس والاستحاضة، أو من نجس العين أو الميتة، بل أو غير المأكول ممّا عدا الإنسان على الأحوط، بل لا يخلو عن قوّة، وإذا كان متفرّقاً في البدن أو اللباس أو فيهما وكان المجموع بقدر الدرهم فالأحوط عدم العفو، والمناط: سعة الدرهم لا وزنه. وحدّه: سعة أخمص الراحة، ولمّا حدّه بعضهم بسعة عقد الإبهام من اليد، وآخر بعقد الوسطى، وآخر بعقد السبّابة فالأحوط الاقتصار على الأقلّ، وهو الأخير» (العروة الوثقى مع التعليقات، ج1، ص108، فصل فيما يعفى عنه في الصلاة).

كذلك قال: «الدم الأقلّ إذا وصل إليه رطوبة من الخارج فصار المجموع بقدر الدرهم أو أزيد لا إشكال في عدم العفو عنه. وإن لم يبلغ الدرهم: فإن لم يتنجّس بها شي‏ء من المحل بأن لم تتعدّ عن محلّ الدم فالظاهر بقاء العفو، وإن تعدّى عنه ولكن لم يكن المجموع بقدر الدرهم ففيه إشكال، والأحوط عدم العفو» (العروة الوثقى مع التعليقات، ج1، ص109، فصل فيما يعفى عنه في الصلاة، م2). وقال أيضاً: «المتنجّس بالدم ليس كالدم في العفو عنه إذا كان أقلّ من الدرهم» (العروة الوثقى مع التعليقات، ج1، ص109، فصل فيما يعفى عنه في الصلاة، م2).

علما بأنّ ما قاله: «ليس كالدم» يبدوأنّه يجتنب عنه على الاحتياط الاستحبابي.

يقول المرحوم كاشف الغطاء مع الاستدلال بمفهوم الموافقة (الأولوية) ـ ويبدو أنّه متين ـ : «ولكنّ العفو أقوى، والمتنجّس بالدم أولى بالعفو من الدم» (العروة الوثقى، ج1، ص209).

خلاصة الكلام: أنّ الدم بمقدار الدرهم البغلي أو بُرجمة الإصبع الإبهام معفوّ في الصلاة، قال الفقهاء غالباً: إنّ هذا الحكم يختصّ بالنجس وليس للمتنجّس هذا الحكم. ولكن يبدو بأنّ متنجّس الدم أيضاً له الحكم نفسه كما صرّح به الشيخ حسين الحلّي رحمه الله والشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء رحمه الله، ووجه الإلحاق هو مفهوم الموافقة أو مفهوم الأولويّة.

س5ـ ما حكم الصوم المندوب في السفر؟

ج: قال صاحب العروة رحمه الله: «الأقوى عدم جواز الصوم المندوب في السفر أيضا إلا ثلاثة أيّام للحاجة في المدينة» (العروة الوثقى مع التعليقات، ج3، ص57). ولكن يبدو أنّ الاحتياط الأولوي هو في تركه.

س6ـ إذا انكشف بعد العقد أنّ أحد الزوجين هو فاقد إحدى القوى الخمس، فهل يحقّ للآخر الفسخ؟

ج: حقّ فسخ العقد على خلاف الأصل، ولم يقبل الفقهاء حقّ الفسخ إلّا في سبعة موارد التي صُرّح بها في الرسائل العملية أيضاً (رسالة توضيح المسائل، ص289، م2740). ولكن إذا كانت العيوب على خلاف الشرط الارتكازي أو الملفوظ في العقد فللطرف المقابل حقّ الطلاق، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» (تهذيب الأحكام، ج7، ص371؛ والاستبصار، ج3، ص232).

س7ـ في بعض كتب المخالفين نسب الفحشاء إلى بعض رؤساء أعداء أهل البيت عليهم السلام فهل في نقله إشكال؟

ج: خصّ الشيخ الأنصاري في المكاسب المحرّمة في مسألة حرمة السبّ (المكاسب، ج1، ص253، م9)، وحرمة الغيبة (المكاسب، ج1، ص315، م14) ذلك بالمؤمن، ونقل رواية صحيحة أيضاً وهي هذه: «إذا رأيتم أهل البدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبّهم والوقيعة فيهم» (المكاسب، ج1، ص255). وهذه الرواية رواها الشيخ الكليني بسند صحيح عن داود بن سرحان عن الإمام الصادق عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله هكذا: «إِذَا رَأَيتُمْ أَهْلَ الرَّيبِ والْبِدَعِ مِنْ بَعْدِي فَأَظْهِرُوا الْبَرَاءَةَ مِنْهُمْ وأَكْثِرُوا مِنْ سَبِّهِمْ والْقَوْلَ فِيهِمْ والْوَقِيعَةَ وبَاهِتُوهُمْ كَيلَا يطْمَعُوا فِي الْفَسَادِ فِي الْإِسْلَامِ ويحْذَرَهُمُ النَّاسُ ولَا يتَعَلَّمُوا مِنْ بِدَعِهِمْ يكْتُبِ اللَّهُ لَكُمْ بِذَلِكَ الْحَسَنَاتِ ويرْفَعْ لَكُمْ بِهِ الدَّرَجَاتِ فِي الْآخِرَةِ» (الكافي، ج2، ص375، باب مجالسة أهل المعاصي، ح4).

س8ـ علم القاضي واطمئنانه هل هو حجّة له؟

ج: قال المحقّق الحلّي رحمه الله: «الإمام عليه السلام يقضي بعلمه مطلقا، وغيره من القضاة يقضي بعلمه في حقوق الناس، وفي حقوق الله سبحانه على قولين، أصحّهما القضاء، ويجوز أن يحكم في ذلك كلّه من غير حضور شاهد يشهد الحكم» (شرائع الإسلام، ج2، ص369).

علما بأن هذه المسألة محلّ الخلاف بين الفقهاء، ولكن بناءً على رواية صحيحة عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله فيه: «إِنَّمَا أَقْضِي بَينَكُمْ بِالْبَينَاتِ والْأَيمَانِ وبَعْضُكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَيمَا رَجُلٍ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيئاً فَإِنَّمَا قَطَعْتُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ» (الكافي، ج7، ص414، ح1)، هنا أتى رسول الله صلى الله عليه وآله بأداة الحصر، ويبدو أنّ الحصر حصر حقيقي، وهكذا لجهة وجوب التأسي برسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال الله تعالى في القرآن الكريم: «لَقَدْ كانَ لَكُمْ في‏ رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» (الأحزاب: 21)، ولا يجوز أن يعمل بغير ما عمل به رسول الله صلى الله عليه وآله.

كان منهج رسول الله صلى الله عليه وآله كذلك، مع أنّه كان له علم الغيب وكان يعلم الواقع ولكن كان يحكم بالاستناد إلى البيّنة والقسم، وقال مشهور الفقهاء أيضاً: إنّ علم القاضي ليس حجّة في الحكم.

يذكر، أنّه في حال حصول الاطمئنان أو العلم للقاضي أو لأي شخص آخر من أي طريق كان سواء كان من طريق الاختبار والتحليل الطبّي أو الفِلم وغيرها، فعليه أن يعمل بمقتضى علمه، مثلاً إذا علم أنّ سيدة هي في العدّة ولكن كانت البينة على خلافه فلا يجوز له أن يتزوّجها في ذلك الزمان.