LOGIN
الجلسات العلمية
alshirazi.org
"بين يدي المرجع"
المطارحة العلمية العشرون لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله في شهر رمضان العظيم 1445 للهجرة
رمز 44388
نسخة للطبع استنساخ الخبر رابط قصير ‏ 28 رمضان العظيم 1445 - 8 أبريل 2024

نصّ المطارحة العلمية العشرون للمرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في ليالي شهر رمضان العظيم 1445 للهجرة، في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، بحضور ومشاركة الشخصيات العلمية، ووكلاء مراجع التقليد الأعلام، وناشطين دينيين وثقافيين، وطلبة العلوم الدينية، مساء يوم الجمعة 25 شهر رمضان العظيم 1445 للهجرة (5/4/2024م):

س1ـ ما حكم صوم المغمى عليه؟

ج: يقول المحقّق الحلّي: «فلا يصحّ صوم الكافر وإن وجب عليه، ولا المجنون، ولا المغمى عليه، وقيل: إذا سبقت من المغمى عليه النيّة كان بحكم الصائم، والأوّل أشبه» (شرائع الإسلام، ج1، ص152). ويقول صاحب الجواهر في تبيين كون بطلان صوم المغمى عليه أشبه «أشبه بأصول المذهب وقواعده، إذ لا ريب في عدم صدق الصائم على المجنون والمغمى عليه والسكران، بخلاف النائم ونحوه» (جواهر الكلام، ج16، ص329). فهو ذهب إلى بطلان المغمى عليه بدليل عدم صدق الصائم عليه.

في المقابل قال جمع من الفقهاء المعاصرين: «وعلى الجملة فحال السكران والمغمى عليه حال النائم من هذه الناحية، فإن تمَّ إجماع على بطلان صومهما ـ ولم يتمّ ـ فهو، وإلّا فمقتضى الإطلاقات شمول التكليف لهما، وصحّة العمل منهما كمن غلب عليه النوم، فالحكم بالبطلان فيهما مبنيّ على الاحتياط، وإلا فلا يبعد صحّة صومهما من غير فرق بين المستمرّ وغيره» (مستند العروة الوثقى، الصوم، ج1، ص428).

وإن قال هو: إنّ الإجماع في هذه المسألة غير تامّ ولكن كما قال الأخ المرحوم (آية الله العظمى السيّد محمّد الحسيني الشيرازي قدّس سرّه): «وكذا لا يصحّ الصوم من المغمى عليه ولو في بعض النهار ـ وإن سبقت منه النيّة ـ على الأصحّ، وهو المحكي عن الأكثر كما عن التذكرة، أو المشهور كما عن المستند، بل هو المشهور كما يظهر من تتّبع كلماتهم، خلافا للمحكيّ عن المفيد في المقنعة، والشيخ في الخلاف والمبسوط، وعلم الهدى، وسلّار، والقاضي، بل إليه مال بعض متأخري المتأخرين» (الفقه، ج35، ص354).

أما صاحب العروة فقد قال في ضمن شروط صحّة الصوم: «الثاني العقل، فلا يصحّ من المجنون ولو أدوارا وإن كان جنونه في جزء من النهار، ولا من السكران، ولا من المغمى عليه ولو في بعض النهار وإن سبقت منه النيّة على الأصحّ» (العروة الوثقى مع التعليقات، ج3، ص56، فصل في شرائط صحة الصوم). ولكن يبدو أنّ بطلان صوم المغمى عليه ينحصر في حال إذا يكون الإغماء ـ ولو بدقائق ـ قبل الزوال ويدوم إلى بعد الزوال ولو بدقائق، وفي غير هذه الحالة صومه صحيح.

س2ـ ما المراد من الفائدة في الخمس؟

ج: بُيّن في الروايات: «هِي ـ وَاللَّهِ ـ الْإِفَادَةُ يوْماً بِيوْمٍ» (وسائل الشيعة، ج9، ص546، ح12682)، والمراد منها كلّ شيء يعدّ عرفاً ربحا وفائدة. فإذا عاش شخص في بلد تكون العملة الرائجة فيه بقيمة نازلة وادّخر عملة بلدٍ لها قيمة ثابتة بل وتتصاعد قيمتها، فيجب الخمس عليه في ذلك المال الذي ادّخره، عرفا، بل فيما إذا حسب خمس ماله بعملة بلد آخر، يحسب مخمّسه بذلك المقدار من العملة الرائجة في منطقته.

س3ـ هل يثبت الهلال بشهادة عدل واحد؟

ج: جاء في روايات کثيرة اشتراط شهادة عدلين في ثبوت الهلال، مثل صحيح منصور بن حازم وصحيح الحلبي:

1ـ صحيح منصور بن حازم عن الإمام الصادق عليه السلام: «صُمْ لِرُؤْيةِ الْهِلَالِ وأَفْطِرْ لِرُؤْيتِهِ، فَإِنْ شَهِدَ عِنْدَكَ شَاهِدَانِ مَرْضِيانِ بِأَنَّهُمَا رَأَياهُ فَاقْضِهِ» (وسائل الشيعة، ج10، ص254، ح13346).

2ـ صحيح الحلبي عن الإمام الصادق عليه السلام: «أَنَّ عَلِياً كَانَ يقُولُ: لَا أُجِيزُ فِي الْهِلَالِ إِلَّا شَهَادَةَ رَجُلَينِ عَدْلَينِ» (وسائل الشيعة، ج10، ص286، ح13430).

يقول صاحب العروة: «ولا بعدلٍ واحد ولو مع ضمّ اليمين» (العروة الوثقى مع التعليقات، ج3، ص66، فصل في طرق ثبوت هلال رمضان وشوال)، وسلّم أكثر المحشّين هذا الرأي (العروة الوثقى والتعليقات عليها، ج10، ص268). وقال صاحب الجواهر: «ولا يثبت الهلال بشهادة الواحد على الأصحّ، خلافا لسلّار فاجتزأ في هلال شهر رمضان بالنسبة إلى الصوم دون حلول الأجل ونحوه بشهادة العدل الواحد، لقول أبي جعفر عليه السلام في خبر محمد بن قيس ... لكن مع ندرة خلافه، بل يمكن دعوى استقرار الإجماع بعده بل وقبله على ذلك» (جواهر الكلام، ج16، ص362) ثم أجاب عن هذا القول بأجوبة أخرى أيضاً. ولعلّ وجه ما بيّن صاحب العروة من عدم ثبوت الهلال بشهادة عدل واحد مع ضمّ قسمه إلى شهادته، أنّه حيث يقوم عادل واحد وقسمه مقام عدلين في الأمور المالية، يمكن أن يظنّ بعض أنّ ما نحن فيه (ثبوت الهلال) أيضاً كذلك فهو رحمه الله دفع دخلا مقدّرا بهذا البيان.

يذكر، أنّ صاحب العروة عنون أنّ هذا الحكم يختصّ بثبوت هلال شهر رمضان وشوّال (العروة الوثقى والتعليقات عليها، ج10، ص265). ولكن يبدو أنّ في طريق ثبوت الهلال لا فرق بين هذا الشهر وبين سائر الشهور (العروة الوثقى مع التعليقات، ج3، ص65).

هكذا بحاجة إلى الدقّة أنّ الملاك في رؤية الهلال هي رؤية عين يكون بصرها متعارفاً، فمن كانت عينه ضعيفة جدّا أو قوية كثيراً فليست هذه الرؤية ملاكا. وهكذا الرؤية بالراصدة الفلكية ليست حجّة في ثبوت أوّل الشهر، بالتأكيد يبدو أنه كما نقل الوالد المرحوم (آية الله العظمى الميرزا السيّد مهدي الحسيني الشيرازي قدّس سرّه) عن المرحوم الميرزا محمد تقي الشيرازي قدّس سرّه: إذا عيّن مكان الهلال بالراصدة الفلكية ثم شاهدوا الهلال بعين مجرّدة فهذا لا إشكال فيه، وإن كان الهلال في غاية الدقّة بحيث ما كان يوجد في السماء لو لا الراصدة الفلكية، ولكن هذا فيما إذا كان رؤيته ممكناً بعين غير مسلّحة. وهذه النقطة سارية في جميع الموارد، كما أنّ أعاظم الفقهاء مثل صاحب الجواهر والشيخ الأنصاري رحمهما الله أشاروا من أوّل الفقه إلى آخره إلى أنّ المطلقات منصرفة إلى المصاديق المتعارفة. ففي رؤية جدران البيوت واستماع صوت الأذان في حدّ الترخّص، وهكذا في مقدار غسل الصورة في الوضوء، وكذا في رؤية الهلال وسائر الموارد يعتمد على المصاديق المتعارفة في جميع ذلك. فإذا كان شخص له إبصار قويّ أكثر من الحدّ فرأى الهلال ولم ير الآخرون لا يعتنى بشهادته لا لنفسه ولا لآخرين وهكذا لو كان كفّ احد أكبر من المتعارف ويبلغ إصبعاه الإبهام والوسطى إلى وراء اُذنيه فيجب عليه أن يغسل المقدار المتعارف في الوضوء لا أزيد. وفي تعيين حدّ الترخّص أيضاً يعتمد على المصاديق المتعارفة.

س4ـ كيف كانت سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام في مواجهة المنكرات؟

ج: ما نقل في طول حكومة رسول الله وأمير المؤمنين عليهما وآلهما الصلاة والسلام أنهما تعاملا بالحكمة والموعظة الحسنة، بل لم يجريا آلافاً من الحدود. واُشير في رواية أيضاً إلى أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: «لَوْ لَا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ يقَالَ إِنَّ مُحَمَّداً اسْتَعَانَ بِقَوْمٍ حَتَّى إِذَا ظَفِرَ بِعَدُوِّهِ قَتَلَهُمْ لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَ قَوْمٍ كَثِيرٍ» (الكافي، ج8، ص345، ح544). وهكذا اُشير في بعض التواريخ إلى أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ما صلّى على جنازة عبد الله بن أبيّ بن سلول تاب آلاف من المنافقين ورجعوا. حتى أنّ جمعاً من العامة نقلوا: «فأسلم وتاب لهذه الفعلة من رسول الله صلى الله عليه وآله ألف رجل من الخزرج» (تفسير القرطبى، ج7-8، ص202)، مع أنّ أحد رؤساء المنافقين اعترض على رسول الله صلى الله عليه وآله: لِمَ صلّيت على جنازة هذا المنافق؟ (الكافي، ج3، ص188، ح1؛ وتهذيب الأحكام، ج3، ص196، ح24).

س5ـ إذا اشترط ضمن العقد لو ندم المشتري في المعاملة بأن يتملّك المالك العربون، فهل هذا مشروع؟

يبدو أنّ من باب «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» (تهذيب الأحكام، ج7، ص371) لا إشكال في هذا الشرط، ويلزم الالتزام بهذا الشرط الذي اشترط في ضمن عقد لازم.

س6ـ ما حكم التقيّة؟

ج: كما أنّ الشيخ الأنصاري رحمه الله بيّن في رسالة التقيّة: للتقيّة أحكام خمسة، فهي منوطة بالشرائط، فيمكن أن تكون حراماً، أو واجباً، أو مستحباً، أو مكروهاً، أو مباحاً.

س7ـ لو سقطت قطرة دم في الماء الكرّ أو القليل ولا تدرك بالعين، أو سقطت على قماش فما هو الحكم؟

ج: صرّح صاحب العروة في مورد الماء القليل بأن: «الراكد بلا مادّة إن كان دون الكرّ ينجس بالملاقاة من غير فرق بين النجاسات حتى برأس إبرة من الدم الذي لا يدركه الطرف» (العروة الوثقى مع التعليقات، ج1، ص44). وأمّا بالنسبة إلى الماء الكرّ فهو طاهر بعد استحالة الدم وإن كان أجزاء ذلك الدم باقية في الماء وتفرّقت فيه ولم تنعدم، لأن الملاك هي الدقّة العرفية لا العقليّة، فمع أنّها ترى بالمجهر لكنّها في حكم العدم. وأمّا بالنسبة إلى القماش فكما أنّ الماء القليل يتنجّس به قالقماش أيضاً يتنجّس به وبالتأكيد إذا بقي لون الدم بعد تطهير القماش أو يرى بالمجهر أنّ الدم باق بعدُ، يحكم بطهارته لجهة الأدلّة ولأنّ الدقّة العرفيّة تكفي في التطهير.