لم تمرّ الأمّة الإسلامية بمرحلة أو فترة أخطر وأهم من الاسبوع الذي تلى استشهاد الرسول الأكرم صل الله عليه وآله.
ذلك الاسبوع جرت به أحداث يعاني من تأثيراتها المسلمون بل البشرية إلى يومنا هذا. ففي الاسبوع المذكور تغيّر مبدأ تأسيس الخلافة بعد أن كان تنصيباً إلهياً، وأصبح تنصيباً بشرياً تغيّرت طريقته مع تغيّر تفكير الحكّام حتى أصبح وراثياً وليس له قواعد وشروط شرعية بل شعار يجب تولّي وليّ الأمر، إن كان فاسقاً أو فاجراً، فأصبح شعار الحكّام والمحكومين.
ذلك كان نتاج اجتماع السقيفة المشؤوم الذي عقده الأنصار وخطف منه الخلافة أبو بكر، وبذلك أبعد من نصّبه الله سبحانه وتعالى ورسوله صل الله عليه وآله وبايعه جميع المسلمين للخلافة والإمارة في يوم الغدير، وقد بخ بخ عمر بن الخطاب له عندما قال بخ بخ لك يا أبا الحسن، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. وأفضل وصف وصف به ذلك الاجتماع وما نتج عنه عندما قال عمر ابن الخطاب (كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرّها فمن أعاد لمثلها فاقتلوه). فسيطر على قيادة الأمة من هو ليس أهلٌ للقيادة مما جلب الويلات لكافة المسلمين في العالم بل البشرية قاطبةً وهم الآن يحصدون ما زرعه الإنقلابيون.
بعد الإنقلاب الخطير والجرأة العظيمة على منصب الخلافة أصبح عند الانقلابيين حماية انقلابهم بأي ثمن كان ، فكان الهجوم المروّع على بيت النبوّة والخلافة والعصمة، واُحرقت بابه وكسرت، فكانت أول ضحيّة سيّدة النساء عليها السلام التي كسر ضلعها وسقط جنينها المحسن عليه السلام نتيجة حصرها ما بين الحائط والباب، وكان أول شهيد يسقط من أجل الدفاع عن الولاية هو السقط المحسن عليه السلام، وأول معتقل بعد رسول الله صل الله عليه وآله كان أمير المؤمنين عليه السلام نتيجة رفضه لبيعة من خطف الخلافة في ضوضاء السقيفة.
بعد السيطرة على الحكم والهجوم على بيت أصحاب الحقّ الشرعي والعرفي في الحكم وهم آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين، قامت السلطة الحاكمة بمصادرة فدك لأنّها أهم المصادر الاقتصادية للمعارضة كما تعتقد السلطة، وقد شرعنة السلطة الاستحواذ على مزارع فدك من خلال خلق حديث لم يسمعه إلاّ أبي بكر، وقد بيّن القرآن الكريم والسنّة النبوية هذه المسألة بعشرات الأدلّة، إذ اعتبرت فدك ملك لفاطمة عليها السلام لأنّها ملكتها في زمان أبيها صلى الله عليه وآله، أو ورث باعتبار فاطمة عليها السلام البنت الوحيدة لرسول الله صلى الله عليه وآله. وكاد الإسلام أن ينطمس بسبب ذلك الاسبوع الأخطر الذي مرّت به الأمّة الإسلامية لولا صبر أبي الحسن عليه السلام وتصدّيه للأمور المستعصية على الحكّام من أجل المصلحة العليا وتثبيت دين الله القويم.
لكن بالرغم من ذلك بقى المسلمون يعانون ويدفعون الثمن نتيجة الابتعاد عن أوامر الله سبحانه وتعالى وتعدّيهم على مقدّسات الولاية الحقّة، فخرجت البدع وانتشرت الفتن وكثرت المذاهب والفرق والانقسامات والتشتت نتيجة تعدّد من ادّعى العلم والتفقّه ومعرفته بمصادر التشريع بعد أن حصرها الله سبحانه وتعالى بمحمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين، حتى أصبحت الأمة تسبح بالجهل وتتمرّغ بالبدع وتتسلّى بالقتل والدمار، وأصبح طريق الرحمن للوصول للجنان هو ما يأمر به الشيطان من عصيان وفساد.
لذلك يجب أن نبيّن ونوضّح للمسلمين بل البشرية قاطبةُ بما جرى في أخطر اسبوع بالتاريخ الإسلامي حتى يعرفوا السبب الحقيقي وراء هذا القتل والدمار والجرائم البشعة وهتك الحرمات، لأنّ القاعدة والنصرة وداعش والحكومات الفاسدة ما هي إلاّ ثمرة من ثمار ذلك الاسبوع وما جرى فيه من أحداث .
خضير العواد