LOGIN
المقالات
alshirazi.org
"في عيدها العالمي: "
حقوق المرأة من منظور إسلامي
رمز 122
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 7 مارس 2013
شبكة النبأ: احتفل العالم قبل أيام قلائل بالمرأة واحتفى بها، كونها تمثّل الرديف المجاور للرجل في صناعة الحياة، بأشكالها وصورها المتنوّعة، ولا شكّ في أن هذا الكائن الحيوي يستحقّ الاحتفاء والتكريم، لأن المرأة تتقاسم مع الرجل كل المسؤوليات الصعبة التي تتخلّل حياة البشرية جمعاء، وليس صحيحاً أن يدّعي الرجل بأنه هو وحده صانع الحياة، وليس صحيحاً أن يتم إقصاء المرأة والتجاوز على حقوقها بحجّة أنها الحلقة الأضعف، أو أن دورها في الحياة البشرية هامشي ولا يساوي أهمية دور الرجل.

ومن المفارقات التي نعيشها في عالم اليوم، تلك الادّعاءات التي ترفع من شأن المرأة، في الوقت الذي تهد حقوقها، ويتمّ التجاوز على حقوقها، ويتمّ المتاجرة بها، ويتمّ إقصاؤها، لاسيما في بعض المجتمعات المتقدّمة التي تعلن ليلاً نهاراً انها تصون حقوق المرأة، ولكن ثمة وقائع كثيرة تؤكّد أن حقوق المرأة ليست مصانة ولا محفوظة، وأن الإسلام وتعاليمه أعطى للمرأة حقوقاً كاملة تحفظ لها كرامتها، والدليل أن المرأة في عالم المجتمعات التي تدّعي العلم والتطوّر تتعرّض للامتهان وسحق الكرامة وسلب الحقوق، والسبب أنهم غالباً ما يخطئون في المهام التي ينبغي أن تُسنَد للمرأة.

المرأة في عالم اليوم
إنّ المضامين الواردة بحقّ المرأة في تعاليم الإسلام، تضمن لها حقوقها الإنسانية وتصون كرامتها، على العكس من المضامين الوضعية التي وضعتها بعض المجتمعات الغربية المتطوّرة في العلم، ولكنها لم تراعِ قدرات المرأة وأوضاعها البدنية، أو الفكرية أو حتى العائلية، لقد أخطأ هؤلاء في المهام التي أسندوها للمرأة، فتولّدت مشكلات كبيرة في حياتها، وجعلتها تعاني كثيراً من هذه الأخطاء وعدم التوازن.

يقول سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في كتاب (من عبق المرجعية)، في هذا المجال: (لقد صعدوا بالمرأة من جانب، ونزلوا بها من جانب آخر فتولّدت المشاكل).

وقد أدّى هذا التناقض بين طبيعة المرأة الجسمانية والتكوينية، وبين المهام التي تُسند إليها وتضطر أن تأخذ منها مهنة ومصدر رزق لها، إلى تعرّضها إلى الفشل في الحفاظ على قيمتها الإنسانية، فضلاً عن دورها الكبير في صناعة مجتمع واعي متطوّر قادر على مواكبة مستجّدات العصر، لذلك أدّى التناقض المذكور إلى إشكالات كثيرة منها زيادة نسبة الطلاق، والتفكّك الأسري وغير ذلك مما يعرّض حياة المرأة للخطر.

لذا يؤكّد سماحة المرجع الشيرازي، في الكتاب المذكور نفسه على أنّ: (العلم يتقدّم بالبشر إلى الفضاء، ولكن مشاكله تتقدّم به إلى الطلاق، وانهدام الأسرة، وتفكّك العائلة، والمشاكل الزوجية، لماذا؟ لأن كلاً من الرجل والمرأة تخلّى عن بعض واجباته وقام بواجبات الآخر، مع انه ليس كفئاً لها، والحياة حياة الأكفّاء).

أما المرأة في المنظور الإسلامي فإنها كائن حرّ له الحقّ في العلم والعمل، مع ضمان الحقوق كاملة، والحفاظ على الذات الأنثوية من خطر التميّع والخلاعة والتبرّج، وهي مؤشرات خطيرة تنتهك كرامة المرأة، حيث تتحوّل إلى سلعة كما هو الحال مع مافيات وعصابات الداعرة في الغرب وسواه، لذا فإن مطالبة التعاليم الإسلامية المرأة بصيانة جسدها يأتي لصالحها بالدرجة الأولى.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الجانب بالكتاب المذكور نفسه: (لم يحرّم الإسلام على المرأة علماً ولا عملاً، بل فرض عليها أحياناً العلم والعمل، وحبّذهما لها أحياناً اُخرى، وإنّما حرّم عليها التبذّل والميوعة، والتبرّج والخلاعة، كما حرّم عليها أن تقوم بأعمال تنافي عفّتها وشأنها).

الضمان الاجتماعي للمرأة
من الواضح أن الطبيعة التكوينية للمرأة تجعلها عاطفية أكثر من الرجل، فحينما تتحرّك المرأة وتتّخذ قراراتها، فإن العاطفة غالباً ما تكون حاضرة بل ومتحكّمة في هذه القرارات ومضامينها، على العكس من الرجل الذي يعتمد عقله وتجاربه كمعيار لاتّخاذ القرارات وتنفيذها، لذا يؤكّد سماحة المرجع الشيرازي في هذا الجانب على أن: (المرأة مثال العاطفة في الحياة، فالأمور التي تحتاج إلى العاطفة مخوّلة للمرأة، بينما الرجل مثال العقل ولذلك أوكلت إليه الأمور التي تحتاج إلى عزم وتصميم).

ولهذا حرص الإسلام على أن يكون قرار اتّخاذ الطلاق بيد الرجل، والسبب هو الميول العاطفية للمرأة، حيث يؤثّر ذلك في سرعة اتّخاذ القرار، وفي سرعة تغييره أيضاً، أما الرجل فإنه في الغالب لا يتعجّل في اتّخاذ القرار كونه يعتمد على العقل أكثر من العاطفة، لذا نقرأ قول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الخصوص قائلاً: (إنّ المرأة عاطفية أكثر من الرجل، وهذا التكوين العاطفي للمرأة قد يدفعها لاتّخاذ قرار مستعجل بالطلاق وسرعان ما تندم عليه بعد زوال أسباب الإثارة، على العكس من الرجل، فطبيعته في الغالب، لا تجعله يثور بسرعة، وإذا ثار واتّخذ قراراً فلا يتراجع عنه بسرعة).

ومن الجوانب الأساسية التي وفّرها الإسلام للمرأة وفقاً للتعاليم الواردة في هذا الجانب، الضمان الاجتماعي والتكفّل الاقتصادي، فقد وردت تشريعات واضحة في هذا الشأن، تحفظ للمرأة حقوقها بوضوح تام، يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الصدد: لقد وفّر الإسلام للمرأة (الضمان الاجتماعي والتكفّل الاقتصادي وبهذا الشمول الذي فرضه الإسلام للمرأة يوفّر لها أكبر قدر من الراحة والدعة، والشعور بالسعادة والكرامة، لا يكاد يوجد في أيّ قانون من قوانين الأرض القديمة والحديثة).

وهكذا تشكّل البنود التشريعية في الإسلام بشأن حقوق المرأة، قاعدة ضمان أكيدة لحياة سعيدة، تأخذ فيها المرأة دورها الكبير في صناعة الحياة الأفضل والأجمل والأكثر استقراراً وتقدّماً، وهي بذلك تثبت بأنها العنصر المقابل للرجل والمتعاون معه في تربية النشء، وفي القيام بالمهام العلمية والعملية التي تحفظ الكيان الأنثوي من الامتهان والمتاجرة والإذلال، فضلاً عن كونها الأمّ والمربّية التي تسهم في إشاعة روح الاستقرار والسعادة في المجتمع.

وبهذا تكون حقوق المرأة في المنظور الإسلامي، هي الأكثر وضوحاً وضماناً من بين كل المدّعين بحريّتها وتحرّرها، لذلك يؤكّد سماحة المرجع الشيرازي قائلاً: (لم تُحترَم المرأة في شيء من القوانين الوضعية، الغابرة والمعاصرة في عالم اليوم كما احترمها الإسلام).