LOGIN
المقالات
alshirazi.org
بيانات مجهولة، وماذا بعد؟
رمز 124
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 14 مارس 2013
كتب: ياسر محمد
اتّسمت الساحة الاجتماعية خلال ما يقارب من عقد مضى من الزمان بنشاطها الفكري والاجتماعي المتتالي ونسبة كبيرة من التجاذبات والرؤى الفكرية والدينية في عدّة مواضيع انشغل بها المجتمع برمّته كان أثرها مزيداً من الوعي والاطّلاع.
فتتالت الخطابات والتصريحات غير محسوبة النتائج, والكتابات الداعية لفرض نفسها على الواقع، متصادمةً مع مسلك الناس وفطرتهم وضاربةً عرض الحائط بالدليل والإجماع الذي يعملون ويسيرون وفقه.
وخلال تلك المرحلة أصبحت كثرة البيانات والدعوات الموجّهة للناس ترفاً فكرياً ودعوياً لا يخرج عن كونه إشعار الآخرين بـ(ها نحن هنا نرفض سلوك مجتمعنا) بحيث صار المجتمع يتوقّع البيانات قبل صدورها وبشكل فردي أحياناً أو عبر أسماء وشخصيات تنشط في جانب وتغيب في جوانب أخرى، بل إن حتى بعض متصدري البيانات غير معروفين فعلاً على أرض الواقع.
فعرف الآخرون من خارج دوائرنا نقطة ضعف بعضنا وصاروا يطالبون باتّخاذ موقف من هذا وذاك، شخصاً أو جماعةً أو سلوكاً، وما أغبانا في اتّخاذ المواقف السريعة بعيداً عن التدبير والحنكة والنظرة المستقبلية! ومنها احترف حتى الأفراد العاديون موضة صياغة البيانات والعمل الحثيث لاستحلاب بيان أو رأي يدعم موقف أو ينفيه، وليتنا قرأنا في صمت أهل البيت صلوات الله عليهم في بعض الظروف موقفاً وبياناً ومنهجاً.
مرحلة مضت واندثر تأثيرها إلاّ أن المواقف والكلمات تُخلد, سيّئة كانت أم جيدة، فانتقل النشاط من البيان العلني إلى البيان المجهول عن طريق الإشاعة والتهريج وهذا مؤشر لإفلاس كبير في مخاطبة الآخرين, فما إن تقرأ الكلمات وتدقّق السطور إلاّ ويرتسم أمامك كلمات معيّنة (لازمة كلامية) يتميّز بها بعض الأشخاص في كلامهم وأسلوبهم وليتك لا تعرف القراءة وكنت غبيّاً حتى لا تصلك تلك البيانات الخجولة التي ترسم أمامك بعض ممن يقفون وراء الترويج لها.
إذا كان البعض يلوم وينتقد من يحاولون سحب الكلام من الفقيه حول قضية ما وتجييرها نحو هدف أو فكرة معيّنة قد لا تكون إيجابية للأمة حسب ما يرون، فلماذا يقوم أولئك الرافضون لذلك المنهج بذات الأسلوب مع غيرهم ولكن بصورة أكثر بشاعة بالتستر خلف الكلمات ومن وراء الكواليس عبر سلسلة من التهريجات المريضة والأساليب غير الأخلاقية التي تحاول إشغال الساحة بعضها ببعض وتحاول جرّ الرموز الكبرى للقضايا التي ينأون بالدخول فيها؟
إنّ العمل بتأجيج الساحة بالبيانات الوهمية مجهولة المصدر سيفقد المصداقية الاجتماعية للجهات التي تدعو في بيانها لغرض ما ويبقى الناس هم الفرقان بين الحقّ والباطل، فإذا كانت الرؤية السديدة في البيان المجهول فالصمت هو الحكمة وهي البيان الصحيح وقد خاب من افترى.