LOGIN
المقالات
alshirazi.org
الطغاة الأمويون تفوّقوا على فرعون ونمرود
رمز 286
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 24 نوفمبر 2015
شبكة النبأ: لا يستطيع الحكّام الظالمون ومن يقف إلى جانبهم، مهما بلغوا من الذكاء والبطش، أن يمحوا جميع الأدلة التاريخية التي تثبت ظلمهم وتؤكّد طغيانهم ومحاولاتهم لخداع الآخرين، فقد ثبت ظلم فرعون والنمرود على الرغم من جهودهما الحثيثة لإخفاء ظلمهم، وسعيهم بالترغيب والترهيب لتلميع صورهم وذكرهم، أما الحكّام الأمويون، فقد تفوّقوا كثيراً على فرعون ونمرود وغيرهم من الظالمين، كما تؤكّد ذلك الأخبار التاريخية التي دوّنتها الأقلام الأمينة الصادقة، وليس أقلام السلاطين التي كانت تعتاش على الظلم والزيف والتدليس.

كذلك ينطبق هذا القول على حكّام بني مروان وبني العباس، فقد أثبت هؤلاء بأنهم من أكثر حكّام التاريخ ظلماً لشعوبهم وبطشاً بهم، وقد ذكر المؤرّخون من الخاصة والعامة هذا الأمر، ولم تنفع جميع المحاولات التي بذلها مرتزقة الكتابة لتلميع وجوه سادتهم وأفعالهم التي يندى لها جبين البشرية جمعاء، لذلك حتى ظلم فرعون ونمرود وغيرهما لم يبلغ ظلم هؤلاء.

يقول سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في إحدى كلماته التوجيهية القيّمة للمسلمين، حول هذا الموضوع: (لقد ظلم فرعون كثيراً وكذلك نمرود وشدّاد. وكذلك مارس الظلم كثيراً كل من أبي سفيان وأبي جهل، ومَن كان على شاكلتهم في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله، ولكن لا يبلغ ظلم هؤلاء ظلم الذين حكموا باسم الإسلام، أمثال بني أمية وبني مروان وبني العباس).

ومن الملاحظات التي نستطيع تأكيدها بدقة، أن التاريخ الأموي ترك لنا رمز في الطغيان لا أحد يجاريه أو يضاهيه في الطغيان، ألا وهو الحجّاج الثقفي، هذا الحاكم الذي بلغ ظلمه لشعبه ما لم يبلغه عتاة الطغاة، وهذا ما ذكره المؤرّخون في كتاباتهم لاسيما أولئك الذين لم يندرجوا ضمن الأقلام المأجورة، فقد ذكر المؤرّخون أن الطاغية الحجّاج كان يترك المساجين الأبرياء في السجون حتى الموت، وكانت السجون بلا سقوف في جميع الفصول، مع الجوع والتعذيب وحزّ الرقاب إذا لم يمت السجين من الجوع والمرض!

وقد ورد في كلمة سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الجانب: (ذكروا عن أحد حكّام بني مروان وهو عمر بن عبد العزيز، قوله: (لو جاءت كلّ أمّة بشقيّها وجئنا بالحجّاج لغلبناهم) البداية والنهاية: ج9، ص139. وهل تعلمون مَن كان الحجّاج؟ لقد كان ممثّل أو والي ما سمّي بخليفة المسلمين وهو عبد الملك بن مروان، الذي حكم باسم الإسلام!).

ماذا يعرف العالَم عن الإسلام؟
من المشكلات الكبيرة التي تواجه الإسلام والمسلمين، لاسيما في عصرنا الراهن، هي مشكلة عدم التعريف بالإسلام الحقيقي للأمم الأخرى من غير المسلمين، فهناك من يتعمَّد الإساءة للإسلام بشتّى الأفكار والأفعال الشائنة، وهناك من يسعى لتشويه الإسلام بأفكاره وأفعاله، ثم يعلن على الملأ العالمي أنه يمثّل الإسلام، ولأن الكثير من الشعوب في العالم لم تصل إليهم حقيقة الإسلام وجوهره المتمثّل بالإسلام المحمّدي الحسيني الإنساني، فإن أولئك الأجانب يظنون أن هؤلاء هم من يمثّل الإسلام وأن أفكارهم وأفعالهم هي الإسلام بعينه، وهذا يعني أن المتطرّفين الإرهابيين التكفيريين يُحسَبون على الإسلام وهو منهم براء.

لذا فقد وصل للعالم الإسلام الذي يمثّله سفاكو الدماء، وليس الإسلام العظيم الذي نقل البشرية من دهاليز الظلام إلى فضاءات النور، وهذا الأمر يثير الألم والأسف في القلوب وفي الوقت نفسه، يؤكّد أهمية أن نعمل بجهود حثيثة لنشر الإسلام المحمدي الحسيني الحقيقي القائم على العدالة والرحمة والتعاون والتراحم والتعايش، وتجد فيه جميع الخصال الإنسانية الراقية.

يقول سماحة المرجع الشيرازي عن هذا الموضوع في كلمته نفسها وهو يخاطب المسلمين: (مما يؤسف له ان العالم لا يعرف الإسلام الحقيقي الحسيني، وما يعرفه عن الإسلام من شيء فهو إسلام سفّاكي الدماء، ولهذا تراهم يبتعدون ومبتعدين عن الإسلام).

إنّ اولئك الذين لا يعرفون الإسلام الحقيقي بصورة صحيحة وتامة، حتما سوف يبتعدون عن الإسلام الذي يقدّمه الإرهابيون للعالم اليوم، ويسفكون باسمه دماء الأبرياء، من خلال التفجيرات التي يقومون بها هنا وهناك، كما يحدث في دول ومدن كثيرة من العالم بغضّ النظر عن الفقر والغنى والقوة والضعف، فالجميع ضعفاء وأقوياء مستهدَفون بهذا الإرهاب الذي يحمل اسم الإسلام زوراً وبهتاناً.

من هنا تقع علينا، ونعني بهم الحسينيين، أن ننهض برسالة التصحيح التي تقوم بنشر الإسلام الحقيقي (المحمدي الحسيني)، الذي يرفض الظلم، ويرفض الاعتداء على الأبرياء والضعفاء، لذلك فإن الإسلام الذي يقتل الأبرياء بصورة عشوائية لا يمثّلنا، إنّ إسلامنا معروف ومعلن من خلال الفكر الحسيني والنهضة الحسينية، فهي التي تمثّل الإسلام الحقيقي.

كما يؤكّد ذلك سماحة المرجع الشيرازي في قوله: (يجب أن نعرّف الإسلام الحقيقي وتعاليمه، وكذلك أهداف النهضة الحسينية المقدّسة، التي هي عين أهداف الإسلام الحقيقي، إلى الدنيا كلّها).

التعامل الصادق في السلوك
بعد هذه الزمن الطويل من التضليل وغياب العمل الإعلامي للتفريق بين الإسلام الحقيقي وإسلام التكفيريين المتطرّفين، باتت مهمة التعريف بالإسلام المحمّدي أكثر صعوبة، ولكن ليس هناك أمام المخلصين للإسلام ولآل بيت النبوّة صلوات الله عليهم، غير المضي بكشف الحقائق كما هي لكي يعرف الآخرون من الأمم الأخرى ما هو الإسلام، ومن يمثّله بصورة حقيقية، وهذه المهمة ليست سهلة، بسبب تراكم السنين التي حملت الكثير من التضليل والزيف وأساءت إلى جوهر الإسلام في عمقه.

وطالما أن الطرف المسيء للإسلام اختطّ لنفسه طريق الخداع والتضليل والكذب والتزييف، علينا أن نختطّ الطريق المناقض له تماماً ألا وهو طريق الصدق، فهو وحده الذي يمثّل حقيقة الإسلام، لذا على المعنيين بالتبليغ وتوضيح الرسالة المحمدية والمنهج الحسيني أن يعتمدوا الصدق في تبليغهم وفي كل نشاطاتهم الفكرية والعملية، لكي يطمئن الآخرون، كونهم عانوا من الكذب والتضليل كثيراً.

لهذا يوجّه سماحة المرجع الشيرازي حول هذه النقطة بالذات بما يلي: (يجب أن يكون عملنا وتعاملنا صادقاً وحسناً، أي مصداقاً لـ(لبلاغ المبين) حتى يطمئنّ الناس لنا. لأنه كذبوا وكذبوا على الإسلام في العالم، كثيراً وكثيراً. فقد كتبت إحدى الصحف الرسمية في أحد البلدان عن أحد مسؤوليها، عنواناً (مانشيت)، هكذا جاء: أربعة آلاف كذبة لفلان مسؤول)!

لذا ليس أمام من يقوم بمهمة التبليغ بالإسلام الحقيقي سوى اعتماد الصدق كوسيلة وهدف في الوقت نفسه، لأن الصدق هو الطريق الوحيد المتاح أمام المعنيّين بالتصحيح والتعريف بجوهر الإسلام، وفضح الطرف الآخر الذي حاول ولا يزال يحاول الإساءة للإسلام المحمدي والمنهج الحسيني، من خلال إبعاد الإسلام عن جوهره الإنساني الحقيقي، خدمة لأهدافهم المستقاة من المنهج الأموي الظالم وبقية الحكّام الطغاة الذين أساؤوا للإسلام في أقوالهم وأفعالهم واستخدامهم للسلطة باسم الإسلام، مع أنهم لم يعملوا بمنهج الإسلام قط، بل كان بالنسبة لهم الغطاء والوسيلة التي تصل بهم إلى مآربهم الدنيوية الزائلة، وها قد زالت بالفعل وانمحى معها الحكّام الظالمين، ولم يبق منهم سوى الذكر الكريه والخزي الذي لحق بهم وبمن يمت لهم بصلة قرابة أو سواها، لذا ليس أمام الصادقين لخدمة الإسلام المحمدي الحسيني سوى الصدق في التبليغ. كما يؤكّد ذلك سماحة المرجع الشيرازي في قوله: (إذن، لتبليغ الإسلام وأداء المسؤولية في هذا المجال، يجب أن يكون تعاملنا صادقاً حتى يصدّقنا الناس بالعالم).