LOGIN
المقالات
alshirazi.org
"في فكر سماحة المرجع الشيرازي دام ظله:"
السمات الرئيسية لحكومة الإمام علي عليه السلام
رمز 1273
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ 22 ذوالقعدة الحرام 1446 - 20 مايو 2025

نموذج العدالة والحريّة

كانت حكومة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام نموذجًا فريدًا للعدالة والحرية ورعاية شؤون الناس في تاريخ الحكومات الإسلامية. وقد تميّزت هذه الحكومة في فكر وكلمات المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، بعدم وجود أي سجين سياسي، ودعم الفقراء، وضمان الحريات العامة، وحماية كرامة الإنسان.

في هذا المقال، سنناقش السمات الرئيسية من وجهة نظر سماحته، مع مقارنة ذلك بحكومات أخرى، لا سيما تلك التي حكمت باسم الإسلام ولكنها خالفت مبادئه.

١. الحرية في حكومة أمير المؤمنين عليه السلام

إحدى أبرز ميزات حكومة الإمام علي عليه السلام كانت حرية التعبير والاعتقاد. وقد أكد سماحة المرجع الشيرازي دام ظله مرارًا على أن الإمام عليه السلام لم يسجن أي شخص بسبب رأيه، أو انتقاده، أو انتمائه السياسي. وقد قال سماحته في أحد خطاباته:

(إنّ ما يميّز حكومة أمير المؤمنين عليه السلام هو أنه طوال فترة حكمه، لم يكن هناك ولا سجين سياسي واحد، بينما الحكّام الآخرون الذين جاؤوا بعده وادّعوا الحكم باسم الإسلام، كان لديهم الآلاف بل عشرات الآلاف من السجناء السياسيين الذين سُجنوا بسبب مواقفهم وآرائهم).

في عصرنا الحالي، تدّعي بعض الدول الإسلامية وحتى غير الإسلامية أنها تحترم حرية التعبير، ولكن إذا قارنّا هذه الحريات بالحرية التي منحها الإمام علي عليه السلام لشعبه، سنجد أن هذه الحريات الحديثة محدودة جدًا وغير كافية.

(إذا كنا نرى اليوم بعض الحريات النسبية في بعض الدول الإسلامية وغير الإسلامية، فهي في الحقيقة ضئيلة جدًا مقارنة بالحريات الإسلامية التي نشرها أمير المؤمنين عليه السلام خلال فترة حكمه).

هذا يدل على أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن فقط ضد القمع، بل كان مؤمنًا بالحوار والنقاش العقلاني، وحتى عندما كان يواجه أشخاصًا عديمي الأخلاق، لم يكن يمنعهم من التعبير عن آرائهم.

٢. غياب السجناء السياسيين في حكومة الإمام علي عليه السلام

في حين أن تاريخ الحكومات الإسلامية بعد الإمام علي عليه السلام مليء بالاعتقالات، والنفي، والإعدام السياسي، إلا أن فترة حكمه عليه السلام لم تشهد أي سجين سياسي. وقد أكد آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله على أن (هذا هو أحد الفوارق الأساسية بين حكومة الإمام علي عليه السلام والحكومات الإسلامية الأخرى. ففي حكومة الإمام علي عليه السلام، التي استمرت أقل من خمس سنوات وشملت حوالي خمسين دولة وفقًا للتقسيمات الجغرافية الحديثة، لم يكن هناك ولا سجين سياسي واحد). وهذا يدل على النهج المختلف للإمام علي عليه السلام في السياسة والحكم، حيث كان يؤمن بالحوار، والعدل، والاحترام المتبادل بدلاً من القمع والاستبداد.

٣. السياسة والحكم الإسلامي في فكر الإمام علي عليه السلام

كانت السياسة في نظر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وسيلة لتحقيق العدالة وحل مشاكل الناس، وليست أداة للحفاظ على السلطة أو قمع المعارضين. ويؤكد سماحة المرجع الشيرازي دام ظله على أن الإمام علي عليه السلام، بالرغم من أنه كان الحاكم المطلق والمُعيَّن من قبل الله تعالى، إلا أنه لم يستخدم سلطته لممارسة الظلم أو الاستبداد. (لقد تعامل أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام مع أشخاص كانوا عديمي الأخلاق، يقاطعونه أثناء كلامه، ويجادلونه ويتجرؤون عليه، ومع ذلك، لم يُقدم على إعدامهم، رغم كونه الحاكم المطلق، وشخصية الأمة الأولى، وقد بايعه الجميع، وكان منصبًا بأمر من الله ورسوله). ففي الواقع، كانت سياسة أمير المؤمنين عليه السلام قائمة على العدالة، والحوار، واحترام كرامة الإنسان، وحماية حقوق المعارضين.

٤. العدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر

إحدى أهم أسس حكومة الإمام علي عليه السلام كانت محاربة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية. ويؤكد سماحة المرجع الشيرازي دام ظله بأنّ الإمام علي عليه السلام ظل حتى آخر لحظات حياته منشغلاً بمشاكل الفقراء والمحتاجين، بل استُشهد وهو مَدين، لأنه أنفق كل ما كان يملك لمساعدة المحتاجين. (استُشهد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وهو مديون، وذلك لأنه أنفق كل ما كان يملكه على الفقراء والمحتاجين، وكان يعيش حياة بسيطة مثل أضعف أفراد المجتمع، وبعد استشهاده، قام الإمام الحسن عليه السلام بسداد ديونه).

كما يقول سماحته:

(في أي مكان في العالم اليوم، سواء في الشرق أو الغرب، هل يوجد رئيس دولة يمكنه أن يدّعي أنه لا يوجد في بلاده فقير واحد؟ ولكن الإمام علي عليه السلام، من خلال برنامج شامل، استطاع القضاء على الفقر في دولته الإسلامية). وهذا يوضح أن الحكومة الإسلامية الحقيقية هي تلك التي يكون فيها القائد الديني والحاكم الإسلامي مسؤولاً عن ضمان رفاهية الناس، وليس التي يعيش فيها الحكام في رفاهية بينما يعاني الشعب من الفقر والحرمان.

٥. مقارنة حكومة الإمام علي عليه السلام بالحكومات الإسلامية الأخرى

إذا قمنا بمقارنة منهج الإمام أمير المؤمنين عليه السلام مع نهج الحكومات التي حكمت باسم الإسلام في العصور المختلفة، فسنجد أن الفرق شاسع وكبير للغاية.

يقول سماحة المرجع الشيرازي دام ظله في ذلك: (إذا اعتبرنا سيرة ونهج الإمام أمير المؤمنين عليه السلام معيارًا، وقارناه بأسلوب الحكّام الذين حكموا باسم الإسلام، فسنجد أن الفرق كالفرق بين السماء والأرض). وهذه المقارنة تُظهر أن الحكومة الدينية الحقيقية هي التي تقوم على مبادئ العدل، والحرية، ورفاهية الشعب، وكرامة الإنسان، وليس على الظلم والقمع والاستبداد.

الخاتمة

كانت حكومة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام مثالًا فريدًا للعدالة، والحرية، والسياسة العادلة، والقضاء على الفقر. فقد أكّد سماحة المرجع الشيرازي دام ظله مرارًا على أنّه لم تكن هناك أي حكومة في تاريخ الإسلام استطاعت أن تحقق مستوى العدالة الذي حققه الإمام علي عليه السلام.

إذا أردنا اليوم إنشاء حكومة إسلامية حقيقية، فعلينا أن نستلهم مبادئها من نهج أمير المؤمنين عليه السلام، وإلاّ فإن العدالة والحرية الحقيقية ستظل حلمًا بعيد المنال.