LOGIN
المقالات
alshirazi.org
اسبوع التعدّي على حرمات الله
رمز 175
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 7 يناير 2014
تعتبر الأيام الأولى أو الاسبوع الأول لاستشهاد الرسول صلى الله عليه وآله من أهم وأخطر الأيام في التاريخ الإسلامي.

هذه الأيام التي تأسّس عليها كل ما تعانيه الأمّة الإسلامية من شرّ وضعف وهوان وتمزّق.

في هذه الأيام انطلق الشرّ ليوقف الرسالة المحمّدية السمحاء، ويبطل كل العهود والمواثيق والبيعات التي أعطتها الأمّة لرسولها الكريم صلى الله عليه وآله، من ولاية أمير المؤمنين عليه السلام والمودّة لأهل بيته عليهم السلام والحفاظ على تعاليم الإسلام الحنيف والتمسّك بحبل أهل بيته عليهم السلام.

في هذه الأيام تركت الأمة جثمان نبيّها واتّجهت إلى حطام الدنيا، وهو أفضل الخلق وأطهرها، بل أكرمها على الله سبحانه تعالى، مسجّى بدون غسل وتكفين، وهو الذي أخرجها من الظلمات إلى النور، لولا الثلّة الطاهرة من أهل البيت عليهم السلام، يتقدّمهم سيّد الأوصياء عليّ بن أبي طالب عليه السلام وأصحابه الميامين رضوان الله عليهم كأبي ذر وسلمان وعمار والمقداد.

في هذه الأيام انقلبت الأمّة على أعقابها ونقضت أمر ربّها ورسوله الكريم صلوات الله عليه وآله عندما سرقت الخلافة من صاحبها الشرعي الذي نصّبه رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم الغدير وأعطت الأمة قاطبة البيعة له واعترفت بولايته وخلافته.

في هذه الأيام انطلق الانحراف من سقيفة بني ساعدة ليبعد الأمّة عن دين الله القويم الذي رسمه وبيّنه رسول الله صلى الله عليه وآله. ومن هذه الانطلاقة الانحرافية نتجت كل مآسي الأمّة من ظلم وانحطاط وتمزّق وضعف.

من هذا الانحراف استولى على منصّة القيادة لهذه الأمّة الطلقاء (بني أمية) وهم الذين دخلوا الإسلام خوفاً من السيف وطمعاً بالمال والجاه الذي جلبه الإسلام لهذه الأمة.

في هذه الأيام ظهرت الجرأة الشيطانية في بعض شخصيات الأمة التي نتجت منها التعدّي على بيت الرسالة، بل الهجوم على البيت الذي لم يدخله رسول الله صلى الله عليه وآله إلاّ بعد الاستذان، وهو صلى الله عليه وآله كان ـ كما في بعض الروايات ـ يقف لمدّة ستة أشهر، وبعضها تقول تسعة أشهر، على باب بيت فاطمة وعليّ عليهما السلام وهو يقول: (السلام عليكم ياأهل البيت (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً) أتأذنون لمحمد صلى الله عليه وآله بالدخول)، وهو الذي أظهر حقيقة موقع فاطمة عليها السلام المقدّس والحسّاس والخطر في كل مناسبة وظرف حينما كان يقول صلوات الله عليه وآله: (فاطمة بضعةٌ منّي فمن أغضبها أغضبني)، و:(ان الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضا فاطمة)، و: (إنما فاطمة بضعةٌ منّي يؤذيني ما آذاها). وعن مجاهد أنه قال: خرج النبيّ صلى الله عليه وآله وهو آخذ بيد فاطمة, فقال: (من عرف هذه فقد عرفها, ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد, وهي بضعة منّي وهي قلبي, وهي روحي التي بين جنبي, من آذاها فقد آذاني, ومن آذاني فقد آذى الله )...... .

لكن هذه الأمّة أدارت بظهرها لكل هذا وتركت بيت الرسالة وحيداً يواجه الحكومة الجديدة ومن دعمها من قبائل العرب كبني أمية وبني مخزوم وأسلم وبني زهرة وغيرها من القبائل التي فضّلت إغراءات الدنيا على تعاليم دينها وآخرتها، بل هذه الأمة سمحت لهؤلاء أن يحاصروا بيت الوحي ويضرموا النار في بابه ويحطّموها ويكسروا ضلع سيّدة النساء الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام ويسقطوا جنينها المحسن عليه السلام، وأخذوا سيّد الأوصياء مكتوفاً بحمائل سيفه لكي يرغموه على بيعة من سرق الخلافة وخالف الأوامر الإلهية.

في هذه الأيام اغتصبوا أرض فدك من الصدّيقة فاطمة عليها السلام التي أعطاها لها رسول الله صلى الله عليه وآله في أيام حياته، بل منعوها حتى من إرثها صلوات الله عليها.

في هذه الأيام أصبح بيت الرسالة وحيداً يعيش في غربة شديدة بين الأمة التي كانت تبذل المستحيل من أجل التقرّب لهم قبل أيام، أي في حياة سيد الرسل صلى الله عليه وآله.

هذه الأيام هي من أشدّ الأيام التي مرّت على سيدتنا فاطمة عليها السلام، وهي التي فقدت أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله، واغتصاب الخلافة من زوجها والتعدّي على بيتها وكسر ضلعها وإسقاط جنينها واغتصاب حقّها وإرثها.

في هذه الأيام أظهرت الأمّة حقدها وضغينتها وحسدها من أمير المؤمنين عليه السلام وهو الذي قتل أبطال وصناديد قريش والعرب واليهود.

هذه الأيام من أشدّ الأيام وأصعبها على أمير المؤمنين عليه السلام وهو الذي فقد حبيبه رسول الله صلى الله عليه وآله، واغتصب حقّه في الخلافة، وتعدّى المنافقون على بيته، وكسروا ضلع زوجته فاطمة عليها السلام، وغصبوا إرثها وحقّها في فدك.

لهذا يجب على الأمّة تذكّر هذه الأيام من كل سنة بالحزن واللوعة، لأنها الأيام التي جلبت لهم كل شرّ وظلم، وأبعدتهم عن كل خير وعدل.

هذه الأيام التي جرّأت من يدّعي الإسلام على ارتكاب الموبقات والكبائر، كقتل فاطمة عليها السلام وقتل جميع المعصومين عليهم السلام وفي مقدّمتهم سيّد شباب أهل الجنة الإمام الحسين عليه السلام وما جرى على أهل بيته وصحبه في كربلاء، وكل ما يعانيه الموالين لأهل البيت عليهم السلام كانت انطلاقته وبدايته من هذه الأيام السوداء الحزينة.

لهذا يجب على كل صاحب رأي أو كلمة أو خطيب أن يبيّن حقيقة هذه الأيام للأمة لكي تتعظ وتستيقظ من سباتها وظلمتها، لكي تلتحق بطريق الهدى.

هذه الأيام شملت بأحزانها الجميع، فمنهم من عانا الحزن والعذاب في دنياه وهم الموالين لأهل البيت عليهم السلام، والقسم الأكبر سيعاني في آخرته وهم من تبع الذي فعلوا كل هذه الموبقات.

لهذا فالجميع يجب أن يدرك خطورة هذه الأيام على الأمّة الإسلامية، وهذا يتم من خلال تبنّي أو اعتبار الأسبوع الأوّل من ربيع الأول (اسبوع التّعدّي على حرمات الله) من كل عام، ويكون اسبوع حزن ومأساة، ويتمّ فيه شرح وإظهار وتبيان الأحداث التي وقعت فيه على الأمّة وأبعدتها عن طريق الله القويم وهو طريق محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله.

خضير العواد