LOGIN
المقالات
alshirazi.org
مصاب الزهراء عليها السلام والمنبر الحسيني
رمز 185
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 1 أبريل 2014
لم ولن تشهد البشرية قاطبةً منذ أن خلق الله تعالى آدم عليه السلام إلى قيام الساعة ثورة كالثورة الفاطمية التي غرست مشاعل الهداية في أرض المدينة، وعلى سطور كتب التاريخ والسيرة.

هذه الثورة التي أظهرت وأثبتت بأدلة لا يمكن لأيّ إنسان دحضها أو تغافلها عدم مشروعية كل من تقمّص الخلافة.

هذه الثورة التي قادتها سيدة نساء العالمين وحيدة فريدة أمام عتاة العرب لتصحّح الإنحراف الكبير والخطير الذي ابتدؤوه في سقيفة بني ساعدة عن الإسلام الحق، الذي قال الله سبحانه وتعالى عنه: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً). فأخرستهم وأذهلتهم وجعلتهم في حيرة من أمرهم لما تملك من مقام قدسي عظيم الشأن، وكل ما يظهره هذا المقام من مواقف ترتبط مباشرة بالساحة القدسية الإلهية. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إنّ الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضا فاطمة) بالإضافة إلى الأدلّة القرآنية الواضحة الجليلة التي أثبتت بها عدم مشروعية حكمهم.

بالرغم مما تملكه الصدّيقة الكبرى صلوات الله عليها من مقامات عظيمة وأدلّة نورانية واضحة، لكن الأمّة، وفي مقدّمتها من تسلّط على الحكم، تغافلوا عن هذا كلّه، بل تناسوه، فقامت الزهراء عليها السلام بتقديم كل ما تملك من أجل تصحيح الانحراف وإرجاع الأمّة إلى طريق الله القويم وهو ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، فضحّت بالمحسن عليه السلام الذي سقط خلال مواجهة القوم الذين بغوا الاعتداء على ساحة الولاية المقدّسة، بل أعطت ضلوعها رخيصة من أجل قيام الولاية. وعندما شاهدت صلوات الله عليها الأمّة في سبات عميق حاولت إيقاظها بصوت بكاءها الحزين، وحتى هذا البكاء ارتعدت السلطات منه خوفاً وفزعاً لما يمثّل من تهديد ونذير لهم، فنفوها إلى خارج المدينة وبعيداً عن الناس ولكنها سلام الله عليها لم تترك وسيلة إلاّ واستعملتها من أجل إظهار ولاية أمير المؤمنين عليه السلام.

حتى تشييعها أرادته صلوات الله عليها أن يكون سرّاً لا علناً، وقبرها مخفياً ويصبح مكانه سرّاً من أسرار الكون، لتجعل من هذه التساؤلات علامات استفهام في جبين الأمّة، تسحبها إلى الساحة المقدّسة للولاية وهو طريق الله القويم الذي اختاره الله لعباده.

إنّ تخليد هذه الذكرى الأليمة للثورة الفاطمية والمصاب الجلل لسيدة نساء العالمين عليها السلام هو من أهم العوامل التي دعمت استمرار بقاء الرسالة المحمدية السمحاء في قلوب المؤمنين. فقيام الموالين بتعظيم الشعائر الفاطمية في كل عام شيء عظيم لإظهار المظلومية الكبرى في الإسلام. وتناول المنبر الحسيني لهذه المظلومية خلال الأيام الفاطمية شيء مهم لتذكير الأمّة بذلك الاعتداء الآثم على بيت الوحي وقتل الصديقة الكبرى عليها السلام الذي قال في حقّها سيّد الكائنات صلى الله عليه وآله: (فاطمة أمّ أبيها).

هذا المصاب الجلل الذي أحزن قلب الرسول صلى الله عليه وآله وأغضب العليّ القدير، هوالأكثر أهمية عندما يتم ربطه بالمصيبة العظمى، مصيبة إقصاء الولاية الكبرى، لأن ذكر المصاب بدون ربطه بالولاية الكبرى يعني تفريغ الثورة الفاطمية من أهدافها وغاياتها التي قامت من أجلها سيدة النساء عليها السلام وهي ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، فكل حركة وكلمة وموقف قامت به الصديقة الكبرى كان من أجل الولاية، وهي دين الله القويم. فاستثمار الأيام الفاطمية في توضيح هذا الأمر المهم (الولاية) هو من أهم الأهداف التي واجهت السيدة فاطمة عليها السلام من أجلها السلطة الغاصبة.

إذن فلنحيي الأيام الفاطمية بالطريقة الفاطمية الحقّة التي أرادت أن تبطل مشروعية كل من تقمّص الخلافة، وتوقظ الأمّة من الانحراف الكبير عن طريق الله القويم من خلال إبعاد وليّ الله الأكبر الإمام علي عليه السلام عن ولايته وخلافته التي نصّبه الله لها.

خضير العواد