LOGIN
المقالات
alshirazi.org
العالم يتصارع في العراق كي لا ينمو
رمز 223
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 25 أكتوبر 2014
شبكة النبأ: ليس أمراً عسيراً على المتابع والمتخصّص، أن يعرف طبيعة الصراع العالمي الدائر منذ عشر سنوات ولا يزال، فوق أرض العراق، فكثير من الدول الكبرى وسواها سال لعابها على خيرات العراق وثرواته، فضلاً عن الدول الإقليمية وحساباتها الواضحة، من الناحيتين السياسية والاقتصادية، وقد أظهرت الأدلة أن مخابرات دول عديدة تواجدت على أرض العراق، كي تضمن حصّتها من الكعكة العراقية بحسب تعبير الإعلاميين والمتابعين.

وهكذا يدور الصراع متواصلاً من دون توقّف بين دول العالم، مستثمرة ضعف الحكومات العراقية التي تتابعت في إدارة شؤونه بعد إزاحة النظام الدكتاتوري، وبذلت معظم هذه الدول ـ وهي معروفة للمتابع ـ جهوداً كبيرة ورسمت مخطّطات كثيرة، وعقدت فيما بينها ـ رغم الصراع بينها ـ صفقات مشبوهة، وغذّت دوّامة العنف على نحو مستمر ولا يمت للإنسانية بصلة، حتى لا يستطيع شعب العراق من النهوض والنمو ومواصلة البناء والتقدم، في مسار العمل السياسي الجديد والبناء الاقتصادي الرصين.

لذلك أكّد سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في إحدى كلماته القيمة الموجّهة للعراقيين، قائلاً سماحته في هذا المجال: إن (العراق لا صراع في داخله، ولكن العالم يتصارع على أرض العراق وذلك حتى لا ينمو شعبه). إذن ثمّة أهداف واضحة تقف وراء إلهاء شعب العراق، وزجّه في دوامة من العنف والاحتراب والانشغال بالتضاربات العرقية والدينية والطائفة، حتى لا يتمكّن هذا الشعب من النمو وبناء تجربة سياسية اقتصادية سليمة، تنقله إلى قائمة الدول المتقدّمة.

لهذا نبّهَ سماحة المرجع الشيرازي، إلى أهمية استثمار الأنشطة الفكرية والعملية للعراقيين، من أجل النهوض بهذا البلد الجريح، المستهدف في أرضه وخيراته وطاقاته كافّة، فالعالم يتصارع هنا فوق هذه الأرض، والكل يبحث عن حصّته من هذا البلد الجريح، متجاوزين بذلك كل القيم الإنسانية والأعراف الدولية، لذا لا يمكن أن ينهض العراق من دون استثمار طاقاته وقدراته، بأقصى ما يستطيع الشعب، بجميع مكوّناته وشرائحه.

لذلك يدعو سماحة المرجع الشيرازي كل العراقيين بوضوح تام قائلاً لهم في هذا المجال: (استفيدوا من فهمكم ونشاطكم أكثر وأكثر، خصوصاً وأنتم بالعراق الجريح المظلوم الصابر الصامد، عراق أهل البيت صلوات الله عليهم، عراق أمير المؤمنين صلوات الله عليه). ويربط سماحته هذه الدعوة الصريحة، بأهمية العودة إلى الإرث العراقي العظيم متمثّلاً بأئمة أهل البيت عليهم السلام.

إذا صلحَ العراق يصلح العالم
نظراً لأهمية العراق عالمياً، فيمكن أن يكون نقطة انطلاق لإصلاح المنطقة والعالم أجمع، فهناك ظروف وعوامل تساعد على تحقيق هذا الهدف الكبير، وثمّة دور كبير لشباب العراق وأهله عموماً، فإذا تمكّن هؤلاء من تحصيل الإصلاح كما ينبغي، فمنهم سوف يكونوا سبباً ليس في إصلاح العراق فحسب، وإنما العالم أجمع.

كما يؤكّد ذلك سماحة المرجع الشيرازي في كلمته نفسها قائلاً: (إنْ صلحَ العراق اليوم وصلحَ شباب العراق، فستصلح المنطقة والعالم بسبب العراق. فالعراق الآن نقطة عطف للعالم كلّه، وليس للعراق نفسه وللمنطقة فحسب). ولكن مثل هذه الأهداف العظيمة لا يتمكّن من تحقيقها غير العظماء، لذلك حثّ سماحته رجال العراق وشبابه ونسائه، على وجوب الاستفادة من أدقّ الأمور وأصغرها، ومن ثم استثمارها بطريقة محكمة من أجل البناء الأمثل، ولعلّ العظماء تخلقهم التجارب والمصاعب.

كما نقرأ في قول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال: إنّ (العظماء لم يولدوا عظماءً، بل استفادوا حتى من الذرّات الصغيرات من فهمهم وطاقاتهم، فصاروا عظماء). وأكّد سماحته على أهمية الاستفادة من إرث العراقيين العظيم، كما نقرأ في قول سماحته موجّها للجميع: (استفادوا من سيرة الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، ومن سيرة أهل البيت صلوات الله عليهم، في إصلاح العراق، وكل واحد منكم ـ كما بإمكان كل واحدة من النساء أيضاً ـ يمكنه أن يصلح عراق المستقبل).

إذن هناك فرص متاحة لجميع العراقيين كي يكونوا قادرين وعازمين على التصدّي لهذه المسؤولية الكبرى، وهي تتعلّق بالإرادة والإصرار المتواصل على النهوض بهذا البلد، علماً أن جميع مستلزمات النهوض والتقدّم والبناء متوافرة، على الصعيدين المادي والمعنوي، ولم يبق سوى التصميم والعمل والمثابرة واعتماد الإرادة الفولاذية التي يمكنها وحدها أن تجعل من العراق أرضاً وشعباً وثروات، يمضي في الطريق الصحيح، نحو بلوغ الأهداف المادية والفكرية التي تحمي كرامته وتصون وجوده وإنسانيته، ولو كان الأمر مستحيلاً، لما تقدّم سماحة المرجع الشيرازي لعموم العراقيين بهذا التوجيه الكبير الذي يدعو العراقيين جميعاً إلى توحيد الكلمة والعقول والجهد المتواصل لتحقيق عملية النهوض بهذا البلد الجريح الذي تكالبت عليه ذئاب العالم من كل حدب وصوب.

لا تلقوا المسؤولية على غيركم
لن تقوم قائمة لشعب، إذا كان بعضه يتّهم بعضه الآخر بالتقصير، أو التكاسل، أو عدم القيام بما ينبغي من جهود، ولا ينهض بلد شعبه منقسم على نفسه، بعضهم يلقي المسؤولية على الآخرين، فيما يقف متفرّجاً عاطلاً ومعطّلاً في الوقت نفسه، لذلك لا يصحّ أن نلقي المسؤولية على غيرنا، ونتّهم الآخرين بالتقاعس، ونحن لا نؤدّي واجباتنا أصلاً، لذلك ينبغي أن يتحرّك الشعب كلّه في اتجاه واحد، هو اتجاه البناء وتحمّل المسؤولية كاملة، بغض النظر عن حجمها أو مقدار ثقلها، فلا يجوز التفريط بأصغر فرصة تصب في مجال البناء والتطوير في بلد مثل العراق يحتاج إلى اصغر الجهود وأكبرها.

لذلك يقول سماحة المرجع الشيرازي للعراقيين في هذا المجال: (حاولوا أن تكونوا عند مسؤوليتكم، بأن تستفيدوا من الطاقات العظيمة لكل واحد منكم، ولكل واحدة منكنّ. فكل صغيرة وكبيرة من خير أو شرّ والعياذ بالله، لها تأثير يوم القيامة، ولها تأثير في نسبة ندم الإنسان على ما فرّط في الدنيا، فلا تفرّطوا، ولا تلقوا المسؤولية على الآخرين).

ولعل ظاهرة إلقاء المسؤولية على الآخرين، تعدّ من أكثر الظواهر إساءة للفرد والمجتمع، لأنها تؤكّد عدم القيام بما ينبغي من مسؤوليات لابدّ أن ينهض بها الجميع، بغضّ النظر عن الاختلاف في الجنس أو الانتماء أو الدين وما شابه، فالعراقيون اليوم يمرّون في أخطر المراحل، ولذلك هم بحاجة إلى الالتزام والعمل الجاد، والابتعاد بصورة كلية وجماعة عن التهرّب من الواجبات والمسؤوليات، إزاء الدولة والمجتمع.

لهذا يحذّر سماحة المرجع الشيرازي من خطورة إلقاء المسؤولية على الآخرين، فعلى الجميع أن يقوموا بعملهم ومسؤوليتهم ودورهم كما يجب، أما التقاعس والاتكال أو التعامل بأسلوب اللامبالاة، وإلقاء اللوم على الآخر، والوقوف بعيداً عن تحمّل المسؤولية، فإن هذا كلّه يجعل من مهمة بناء العراق في غاية الصعوبة، إن لم تكن مستحيلة!.

لذلك يخاطب سماحة المرجع الشيرازي جميع العراقيين قائلاً لهم: (لا يلقِ المثقّفون المسؤولية على الحوزة، ولا تلقِ الحوزة المسؤولية على المثقفين، ولا يلق الرجال المسؤولية على النساء، ولا تلقي النساء المسؤولية على الرجال، ولا يلق التجّار المسؤولية على المثقفين أو بالعكس، ولا يلق العشائر المسؤولية على غيرهم أو بالعكس، وهكذا بالنسبة للكل).