شبكة النبأ: يؤكّد سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، على أهمية المجالس الحسينية، ويوصي الجميع بتأكيد كبير على المواظبة في إقامتها اسبوعياً وحضورها بصورة دائمة، كونها تشكّل مدرسة أخلاقية عظيمة، تديم التزام الإنسان بمنظومة القيم التي تدعم الخير وتقف إلى جانب الإنسان، وتجعل من شخصيته قوية إزاء الأخطار الوافدة مع الثقافات المغرضة، التي تهدف إلى تدمير الإسلام من خلال تدمير شخصية الإنسان المسلم، ويتم التركيز في هذا الجانب، على شريحة الشباب لسببين أساسين:
الأول: أن الشباب يمثّلون الشريحة التي تُقاس على أساسها حيوية المجتمع، بمعنى كلما كانت هذه الشريحة قوية ملتزمة وذات بناء فكري عقائدي متين، كلما كان المجتمع مُصاناً من الانزلاق في مهاوي التقليد، والانحراف نحو أفكار وسلوكيات لا تمثّل روح الإسلام.
الثاني: تمثّل المرحلة العمرية للشاب، مشكلة كبيرة، كون الإنسان في هذه المرحلة خاضع للحماسة والعاطفة أكثر من العقل، ولذلك قد يكون الشاب غير المحصَّن عرضة للتدمير الأخلاقي والانحراف التام، وإذا حدث ذلك ـ وهذا ما يهدف إليه أعداء الإسلام ـ فإنّ النسيج المجتمعي كلّه يكون عرضة للاختراق والانحلال.
لهذا السبب يطالب سماحة المرجع الشيرازي بإقامة المجالس الحسينية اسبوعياً حتى تكون مدارس تكفل وتضمن الشخصية القوية للشباب وغيرهم، إذ يقول سماحة المرجع الشيرازي في الكتاب الموسوم بـ(من عبق المرجعية)، في هذا الخصوص: (أؤكد على وصية، هي: أقيموا مجالس اسبوعية باسم الإمام الحسين سلام الله عليه، في بيوتكم). ويركّز سماحته على فئة الشباب للأسباب التي تم ذكرها، إذ يضيف سماحته قائلاً في هذا المجال:
(لنحاول أن لا يحرم أيّ شاب في محلّتنا العزاء، وإذا كنّا نعرف شباباً كهؤلاء فلنشجّعهم على المشاركة في هذه المجالس). ومن الواضح هنا أن المجالس الحسينية تشكّل مدارس حياتية فكرية وعملية للجميع من دون استثناء، ولكن التركيز على شريحة الشباب، يأتي من باب كونهم يمثّلون المعيار الذي يمكن من خلاله أن تُقاس حيوية المجتمع كما سبق ذكر هذا الأمر، لذا لابد أن نبذل جميعاً محاولات حقيقية وجادة لاستقطاب الشباب وتشجيعهم على حضور المجالس الحسينية.
جهودكم لن تذهب سدى
تحتاج المجالس الحسينية لإقامتها، جهوداً مخلصة، على الصعيدين المادي والتنظيمي وما شابه، وقد تقف بعض العقبات المادية أمام من يريد إقامة مجلس حسيني في بيته، وربما هناك بعض الصعوبات تتعلّق بالوضع الاقتصادي والمالي وما شابه، لكن على العموم ينبغي أن لا يتذرّع المؤمنون بحجج يمكن تجاوزها من أجل إقامة المجالس الحسينية، لذلك يرى سماحة المرجع الشيرازي ان الجميع مطالبون بهذا الجانب، وعلى الجميع السعي لإقامة مثل هذه المجالس التي تمدّ العقل بقوة الوعي والفهم والتمحيص، وتمنح الإنسان قدرة كبيرة على اكتشاف الأفكار المنحرفة الوافدة مع الثقافات الأخرى بحجّة العولمة ومستلزمات العصر وما شابه من حجج لا تصمد أمام الحقائق.
لذلك لابدّ أن يتشبّث المسلمون بالمجالس الحسينية على مدار السنة، حتى يتمّ ضمان نسيج مجتمعي متماسك فكرياً وسلوكياً، علماً أن من يسعى في هذا الاتجاه، لن يذهب سعيه سدى.
كما أكّد ذلك سماحة المرجع الشيرازي قائلاً في الكتاب المذكور نفسه: (ينبغي أن يجتهد كل واحد منكم في إقامة مجالس العزاء الحسيني والمشاركة فيه على مدى السنة، فهذا الجهد المبارك، لن يذهب سدى). ويؤكّد سماحته على الثواب الكبير الذي يتحصّل عليه من يقيم المجالس الحسينية، كونه يساهم في توفير الثقافة والوعي للناس، حتى يصبحوا أكثر معرفة وثقافة ووعي من أجل مواجهة الأفكار الدخيلة المنحرفة، ومع ان إقامة المجالس الحسينية بالغة الأهمية للأسباب التي تمّ ذكرها، إلاّ أن واجب المسلم لا يتوقّف عند هذا الحدّ.
كما يؤكّد ذلك سماحة المرجع الشيرازي بقوله: إنّ (المشاركة والخدمة في المجالس الحسينية فيها ثواب عظيم، ولكن الأمر لا ينتهي عند هذا الحدّ). ويؤكّد سماحته أيضاً على أهمية توعية الجميع من خلال المواكبة في حضور هذه المجالس، ولكن هناك تأكدي دائم من لدنّ سماحة المرجع الشيرازي على الشباب، إذ يقول سماحته حول هذا الجانب:
(لندفع الشباب نحو المواكب الحسينية والتي هي حبل النجاة من الضلال والجهل بكل وسيلة متاحة، ولنكرّر محاولاتنا معهم مرة وثانية وثالثة...وهكذا). هذا يعني عدم الشعور باليأس من الشاب الذي يبتعد عن الفكري الحسيني ويتهرّب لهذا السبب أو ذاك من حضور المجالس الحسينية، بل يجب أن يكون هناك إصرار ومحاولات عديدة حتى يقتنع الشاب بأهمية حضور هذه المجالس، ولكن إذا حدث تهاون من لدنّ المعنيّين، فإنّ الشباب سوف يكونوا عرضة للسقوط في حواضن معادية وثقافات وافدة، وهذا هو الخطر الذي ينبغي أن لا نقع فيه.
الشعائر والأخلاق الإسلامية
كل المؤمنين يتّفقون على أن الشعائر الحسينية ومجالس الفكر الحسيني تبثّ الخير والحرية وتدعو إلى الفضائل وتصطف إلى جانب الخير، لذلك فإنّ تأدية هذه الشعائر والمشاركة فيها، لابد أن تكون بإطار أخلاقي إسلامي ينطبق على مجالات الحياة كافّة، ويعكس شخصية من يؤدّي هذه الشعائر ويقيمها، فما فائدة أن نحيي الشعائر ـ لاسمح الله ـ من دون التزام بالأخلاق الإسلامية!، لذلك لابد أن يتحلّى المؤمنون في هذا الجانب بالأخلاق المعروفة عن الحسينيين المؤمنين، حتى عندما يتعلّق الأمر بالتحاور مع المختلفين أو السلبيين.
كما يصفهم سماحة المرجع الشيرازي، إذ يقول سماحته في هذا المجال بالكتاب نفسه: (مما يرضي الإمام الحسين سلام الله عليه أن يرى الشعائر التي تقوم باسمه مصحوبة بالفضيلة والأخلاق الإسلامية في كافة المجالات، حتى في مقام المناقشة أو الردّ على السلبيين، والذين لا يراعون الفضيلة). هذا يعني ان الإنسان الحسيني عليه أن يعكس في سلوكه وأفكاره وأقواله، الأخلاق الإسلامية بصورة واضحة.
وهنا لابد أن يكون هناك تركيز على الشباب، لأنهم بسبب طبيعة المرحلة العمرية، قد تأخذهم حماستهم وعاطفتهم إلى مسارات أخرى، لا تمثّل الأخلاق الرفيعة، وهذا لا يتّفق مع شخصية من يحيي الشعائر الحسينية، ولا يمثّل من يواظب على إقامة المجالس الحسينية وحضورها، حتى لو كان في مرحلة الشباب، فجميع من يؤدّي الشعائر الحسينية ويقيم المجالس، لابد أن يمثّل صورة مشرّفة للمسلم الملتزم بالأخلاق الإسلامية، لذلك لابدّ من التركيز على شريحة الشباب، في هذا الجانب، وعدم اليأس من بذل المحاولات الكثيرة حتى يشارك الشباب في المجالس الحسينية ويؤدّون الشعائر بأخلاق رفيعة تمثّل الإسلام الحقيق.
وهذا يتطلّب مشاركة الشباب كافّة في المواظبة على حضور المجالس الحسينية من أجل تحصينهم من الانحراف والانزلاق في الأفكار الدخيلة المنحرفة، لكن هذا يتطلّب منّا إصرارا على تشجيع الشباب لضمان مشاركتهم في هذا الجانب. كما يؤكّد ذلك سماحة المرجع الشيرازي قائلاً: (ينبغي أن لا نيأس من عدم استجابة بعض الشباب للمشاركة في مجالس العزاء الحسيني، حتى ينضمّوا إلى الصفوف الحسينية).