شبكة النبأ المعلوماتية:
هناك مؤشّرات كثيرة وواضحة، على أن انتشار فكر أهل البيت عليهم السلام في عموم العالم يحقّق نسباً عالية، بل يؤكّد كثيرون أن العصر الراهن يشهد أعلى نسبة من الانتشار في عموم العالم لأفكار أهل بيت النبوّة، كونه يمثّل مبادئ الإسلام الحقيقي لأنه مأخوذ بصورة مباشرة من الفكر والسلوك النبويّ الشريف، والسبب أن أئمة أهل البيت يعود منبعهم إلى النبيّ صلى الله عليه وآله، لذلك ورثوا الأفكار والأفعال النبويّة بحذافيرها، فقد تربّى الأئمة في كنف النبوّة وأخذوا عنها العلم والأخلاق والإنسانية، وقدّموا للمسلمين وللعالم أجمع نماذج رائعة بل خالدة من الفكر والسلوك الإسلامي.
على العكس تماماً مما يقدّمه اليوم، أفراد وجماعات ومنظّمات من صور همجيّة إرهابية، ثم ينسبونها إلى الإسلام، لذلك عندما يطّلع العالم على الفكر الحقيقي للإسلام كما يجد ذلك في سيرة أئمة أهل البيت عليهم السلام، فإن الكثير من المثقّفين ومن عامة الناس في دول العالم يدخلون في الإسلام بسبب ما يقدّمه لهم فكر أهل بيت النبوّة وإنسانيتهم وأخلاقهم.
لذلك يقول سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في إحدى كلماته التوجيهية القيّمة: (كما تعلمون، وتسمعون وتقرأون، انه ومع وجود الضعف في نشر ثقافة أهل البيت صلوات الله عليهم في العالم، ان الألوف والألوف من المثقّفين يدخلون في الإسلام ويدخلون في ثقافة أهل البيت صلوات الله عليهم، في البلاد الإسلامية وغير الإسلامية، بالأخص).
نعم هناك ضعف في نشر وتوصيل ثقافة أهل البيت عليهم السلام، وهذا خلل يتحمّله الإعلام أولاً والمعنيون بالأمر من حيث الجانب الإداري والتخطيطي، ومع ذلك ينبغي أن نسعى بقوة وإرادة وإصرار وعلمية إلى تقديم فكر أهل البيت عليهم السلام وسيرتهم، على أدقّ وأفضل وجه، لأنه يمثّل الجوهر الحقيقي لإسلام محمّد صلى الله عليه وآله، ولابدّ من مراعاة مستويات الاستيعاب والفهم والاستقبال للوسط المستهدَف.
وهكذا ينبغي أن نقدّم عرضاً لأفكار وسيرة أهل البيت صلوات الله عليهم (يبلغ الجميع ويصل إلى الجميع، كل بمستواه. فللمثقّفين بمستواهم، ولعامة الناس بمستواهم، وللرجال في كل العالم بمستواهم، وللنساء بمستواهنّ، وللأطفال بمستواهم) كما يؤكّد على ذلك سماحة المرجع الشيرازي في كلمته المذكورة نفسها.
السيل البشري المتدفق
هناك عوامل مساعدة يمكن لنا استثمارها من أجل بثّ الفكر الإسلامي الأصيل، بين دول ومجتمعات العالم أجمع، ومن هذه العوامل والسبل والدلائل، تلك الزيارات المليونية التي تتدفّق فيها وخلالها ملايين البشر نحو مرقد الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء المقدّسة، فهذه الأعداد الهائلة التي تمثّل سيلاً بشرياً هائلاً، يمكن أن يؤثّر بقوة وصدق على الآخرين فيما لو اطّلعوا على مثل هذه الشواهد بدقّة، وهذه مهمة الفضائيات الشيعية تحديداً، إذ لابد أن تجعل العالم كلّه عارفاً بالهدف الذي تسعى إليه هذه الملايين وهي تتدفّق على المرقد الطاهر مشياً على الأقدام، ولذلك فإنّ هذه السيول البشرية المتدفّقة تمثّل درجة عالية من التّضحيات التي يقدّمها الناس، من دون البحث عن المردود المباشر أو المادي، فذروة ما يسعى إليه هؤلاء الزوّار القادمين من كل بقاع العالم وأقصاها، هو أن يسهموا بإظهار التعاليم الإسلامية الحقّة، وفضح الزيف الذي يحاول أن يلصقه آخرون بالإسلام الحقيقي.
يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال: (إن هذا السيل البشري الذي يحصل وحصل خلال السنوات الأخيرة في زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه في الأربعين، خصوصاً المشاة منهم، إذا ينعكس على العالم، ويفسَّر التفسير المناسب، ويرى العالم هذه الزيارة بأمّ عينه، ويرى هذا النوع من التضحية في الزيارة من الكل وبكل مجال، فسيؤثّر على معظم البشر).
ولابدّ أن تكون هناك جهات معيّنة مسؤولة على نشر هذه الأفكار والمبادئ العظيمة، فالعراق اليوم بشبابه خاصة يحتاج إلى تعميم وترسيخ أفكار أئمة أهل البيت، حتى تشكّل لهم دافعاً مضاعفاً لمحاربة الانحراف والظلم، والوقوف صفّاً واحداً لنشر ثقافة أهل البيت المستقّاة من جذورها النبوية حيث التعاليم الإسلامية والسلوك النبويّ الذي يمثّل جوهر الإسلام في التعاون والتكافل والتسامح والتقارب والتراحم بين المسلمين، وإعطاء الصورة المثلى للإسلام، حتى يفهمه الآخرون كما هو، لا كما يريد له المسيئون الإرهابيون.
إذن هناك جهات محدّدة تقع عليها مسؤوليات جسيمة لنشر وترسيخ الثقافة النبوية ومنها أو تتصدرها، المواكب والهيئات الحسينية. كما يؤكّد ذلك سماحة المرجع الشيرازي بقوله: (إنّ مسؤولية الهيئات والمواكب الحسينية في هذا المجال مسؤولية متميّزة. فهي بالذات لها قدرة متميّزة على تعميم هذه الثقافة، سواء في داخل العراق على مستوى المدارس والجامعات والعشائر الكريمة في العراق، وعلى المستويات المختلفة الأخرى، وعلى مستوى عامّة الناس، رجالاً ونساء).
لنبدأ من الصفر
يشكّل العراق بشعبه وتاريخه، الثقل الأساس في نشر مبادئ الإسلام الحقيقي، حيث الرحمة والإنسانية تظهر في أعلى مستوياتها من خلال التزام المسلمين بهذه المبادئ التي لا تسمح بالظلم أو الجريمة، أو إزهاق أرواح الأبرياء، كما تفعل الجماعات الإرهابية التي تنسب نفسها للإسلام زوراً وبهتاناً، لذلك يجب أن يشكّل العراق منطلقاً للتعريف بثقافة أهل البيت ونشرها في العالم أجمع.
كما يؤكّد ذلك سماحة المرجع الشيرازي، قائلاً في كلمته التوجيهية نفسها: (العراق يجب أن يكون منطلقاً للعالم كلّه في تعريف ونشر ثقافة أهل البيت صلوات الله عليهم، بالحماس الذي قدّمه ويقدّمه العراق، وبهذه التضحيات المختلفة التي أدّاها شعبه المظلوم، ولا يزال يؤدّيها وإن شاء الله تكون هذه آخر التضحيات).
وقد قدّم العراق بشعبه المؤمن تضحيات جسيمة، عبر تاريخه الطويل، حيث تحمّل العراقيون عبر الأزمنة المتعاقبة أنواعاً لا تحصى من حالات البطش والتشريد والتعذيب والإقصاء، بسبب تمسّكهم بأفكار أهل بيت النبوّة عليهم السلام، وقد أصبحوا هدفاً دائماً للقتل والبطش منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، حيث يتعرّض في العصر الراهن زوّار أهل البيت إلى التفجيرات والمفخّخات والذبح والقتل العشوائي بالرصاص، لا لشيء إلاّ لكونهم متمسّكون بالنهج الإسلامي المحمّدي الأصيل، ومع كل ما حصل ويحصل من جرائم واستهداف، يبقى العراقيون على نهجهم وتضحياتهم وتقديمهم أعلى ما يملكون من أجل نشر الفكر الإسلامي الحقّ، متمثّلاً بسيرة أئمة أهل البيت وأفكارهم التي استمدّوها من المنبع الأصل، ألا وهو نبيّ الرحمة محمّد صلى الله عليه وآله.
لذلك لابدّ أن يعمل الجميع بإصرار وإيمان وقوّة، من أجل تحقيق هذا الهدف العظيم الذي يسعى المسلمون العراقيون من خلاله إلى نشر ثقافة أهل البيت عليهم السلام، وليست هناك مشكلة حتى لو بدأنا من الصفر لغرض تحقيق أهدافنا، كما فعل عظماء المسلمين ومنهم نبيّنا الأكرم صلى الله عليه وآله الذي بدأ من الصفر، في رسالته النبوية الإسلامية العظيمة.
من هنا يركّز سماحة المرجع الشيرازي على هذه القضية، ويدعو الجميع إلى نشر ثقافة الإسلام الأصيلة، من خلال إطلاع العالم على ثقافة أهل البيت ورفض مناهج الانحراف التي تحاول نشرها الفضائيات المشبوهة عبر العالم، وهناك وصايا مهمة في هذا المجال، أوصى بها سماحة المرجع الشيرازي جميع المسلمين عندما قال سماحته: (لذا أوصي ـ المعنيين ـ وأوصي الجميع، بأن يفكّروا من اليوم، ويبدأوا من الصفر كما بدأ رسول الله صلى الله عليه وآله من الصفر، وكما يبدأ كل عظيم من الصفر. فاليوم توجد الألوف من الفضائيات في العالم، لكن معظمها تنشر الفساد والضلال والأخلاق الفاسدة وكل غثّ).