LOGIN
المقالات
alshirazi.org
لا يوجد أكرم وأثمن من دم الإمام الحسين عليه السلام
رمز 280
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 17 أكتوبر 2015
شبكة النبأ المعلوماتية: مطالعة التاريخ بدقّة، تكفل معرفة أفضل للمتابع والمتقصّي والإنسان البسيط أيضاً، لأن الجميع هم بحاجة إلى معرفة الحقائق كما هي، وإن كانت هذه الحاجة بدرجات، ولكن كلما كانت مسؤولية الإنسان أوسع وأكبر تأثيراً بالآخرين، وجب عليه الإطلاع أكثر من غيره على التاريخ وما يضمّه في بطونه، وخاصة تاريخنا الإسلامي الذي تعرّض لموجات من الدس والتغيير والتضليل، وحرف الحقائق وهندستها وفقاً لمصالح الحكّام الطغاة.

لهذا السبب دعا سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في إحدى كلماته التوجيهية، أهل العلم والمثقّفين إلى الاطلاع على التاريخ، كونهم أول من يتصدّى لمعرفة حقائق الأمور ومجرياتها ونشرها على الملأ، بما يثبت الحقيقة كما هي، لا كما يريدها الطغاة ومعاونوهم وحكوماتهم التي ولدت من رحم الضلال والخديعة.

فقد أكد سماحة المرجع الشيرازي، في كلمه توجيهية قيّمة، بمناسبة قرب ذكرى عاشوراء، وإحياء تضحية الإمام الحسين صلوات الله عليه الخالدة، قائلاً حول أهمية إطلاع المعنيّين وأهل العلم والمثقّفين على الحقائق: (أقول للعالمين، بالأخصّ العلماء والمثقّفين، وباقي فئات المجتمع، عليكم بمطالعة التاريخ بدقّة وتأمّل).

إنّ هذا التركيز على أهمية معرفة الحقائق وتمييزها عن الزيف، ونقلها لعموم الناس وفق حقيقتها وأصالتها، وليس وفق ما حصل لها من تضليل وتعديل يتوافق ومآرب الطغاة ومصالحهم، يأتي منسجماً ومتوافقاً مع المبدأ الحسيني الخالد، الذي يقوم على التصدّي للزيف والباطل والانحراف، وقد دفع الإمام الحسين صلوات الله عليه وذويه وصحبه الأطهار أرواحهم ودمائهم ثمناً لإثبات الحقيقة والتصدّي للزيف الأموي والجبروت القائمة على الخديعة والظلم.

فكانت دماء الحسين صلوات الله عليه، هي الثمن الذي أعاد للإسلام وجهه الناصع، بعد أن سعى الطغاة المنحرفون من الحكّام الأمويين، إلى تدمير الإسلام المحمّدي، وحرف مساره نحو الضلال.

لهذا أكّد سماحة المرجع الشيرازي هذا الأمر، عندما قال: (لقد كان ثمن خلود الإسلام هو دم مولانا الإمام سيد الشهداء صلوات الله عليه). وهذه الحقيقة التاريخية الناصعة، قد لا يعرفها كثيرون من شعوب المعمورة، كما هو الحال في الغرب، حيث ينظر كثير من الغربيين إلى الإسلام كما يقدّمه المتطرّفون الإرهابيون، وهي الصورة التي تشكّل امتداداً للانحراف الذي سعى له الطغاة الأمويون، لذلك وقف الإمام الحسين صلوات الله عليه بالضد من ذلك مضحّياً بأغلى ما يملك.

كما نقرأ في قول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الجانب: (إن الإمام سيد الشهداء صلوات الله عليه، بتضحياته، أحيى الإسلام الحقيقي وأبقاه خالداً).

أسطوات الطغيان الأموي
إنّ الصراع الذي خاضه الإمام الحسين صلوات الله عليه، وذووه وأصحابه وأتباعه كافة، كان نابعاً من إيمان تام برفض الظلم والطغيان، فقد قام الحكم الأموي على التضليل، وحرف مسار الإسلام، وكان الحكّام بأنفسهم يقودون هذه المهمة، فيقومون بخداع الأمة من خلال التزامهم الظاهري، حيث يقيمون الصلاة والصيام والفرائض الأخرى أمام الناس، ولكنهم في حقيقة الأمر يسيئون للإسلام ويسعون لحرفه عن مبادئه المحمدية التي أعلنها نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله إبّان إعلان الرسالة الإسلامية وترسيخها ونشرها كما أراد لها الله تعالى.

ولكن حاول الأمويون استثمار الظروف لصالحهم، معتمدين على الطغيان بأقصى صوره وأشكاله، كما أشار إلى ذلك سماحة المرجع الشيرازي، متسائلاً بكلمته هذه: (هل تعلمون مَن كان الحجّاج؟ لقد كان ممثّل أو والي ما سمّي بخليفة المسلمين وهو عبد الملك بن مروان، الذي حكم باسم الإسلام! فكان هذا الأخير يتظاهر بالإسلام وبالصلاة وبالصيام وبالحجّ. وهكذا كان مَن حكم قبله وبعده، ولكنهم لم يتوانوا عن ممارسة الظلم باسم الإسلام أبداً، وأظلموا كثيراً).

إنّ هذا المنهج الأموي لم ينتهِ بنهاية العصر الأموي، بل كان امتداده حاضراً في العصور اللاحقة، بل هو حاضر في يومنا هذا، وهدفه تدمير الإسلام، وإشعال الفتن بين المسلمين خدمة لأعداء الإسلام، وتشويهاً للمبادئ والتعاليم الإسلامية القائمة على نبذ العنف بكل صوره، لذلك ينبغي أن يطلع المثقّفون ومن ينتمي إلى أهل العلم ويسعى إليه، على التاريخ الأصيل لمن حاول ولا يزال أن يشوّه الدين ويعطي صورة مزيّفة عن الإسلام.

فمسؤولية أهل العلم والمثقّفين إثبات الحقائق، والتصدّي للضلال، وإظهار الأمور كما هي في حقيقتها للأمة، وليس كما يريدها الطغاة حسبما يصبّ في صالحهم.

وانطلاقاً من ذلك قال سماحة المرجع الشيرازي في كلمته هذه: (أنا لا أريد أن أشرح أو أن أبيّن لكم التاريخ، فأنتم أهل العلم والفضل والتحقيق لكم دراية بالتاريخ، ولكن الهدف من ذكري لهذه النماذج من التاريخ، ليعرف من يسمع كلامي أو من سيسمعه بالمستقبل، أن هذه الجماعة الظالمة وأتباعها ليسوا من الإسلام الحقيقي الذي أتى به النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله. ولذا عليكم أنتم أهل العلم، أن تسعوا إلى نجاة الناس كافّة).

دور المثقّفين وأهل العلم
كانت ولا تزال مسؤولية أهل العلم كبيرة، ومثلها مسؤولية المثقّفين والمفكّرين، فهؤلاء هم نخبة الأمة، وعليهم تقع مسؤولية التنوير، والفرز بين الصالح والطالح، وعزل الزيف عن الحقيقة، حتى لا يضيع دم الحسين عليه السلام، ولن يضيع قط، كونه أعاد للإسلام وجهه المضيء الحقيقي، بعد أن حاول الطغاة الأمويون واستماتوا في تزييف الحقائق، وتشويه الفكر الإسلامي، ولكنهم فشلوا وسيفشلون دائماً.

وهذه بالضبط مهمة أهل العلم والمثقّفين، حيث التصدّي الدائم للضلال والتشويه المستمر، والوقوف بقوة وصلابة لتعرية الخداع والظلم وأهله، لتخليص الإسلام والمسلمين من موجات التكفير والتطرّف التي زرعها الأمويون منذ أن استباحوا الخلافة عنوة وجوراً وظلماً، علماً ان هذه المهمة تستدعي اطّلاعاً دائماً على الحقائق، وتوضيحاً مستمرّاً لها، كي يفهمها الآخرون ومنهم الغرب على وجه التحديد، فضلاً عن الناس الآخرين حتى البسطاء منهم، فمسؤولية تنوير هؤلاء تقع على عاتقكم.

كما نقرأ ذلك في قول سماحة المرجع الشيرازي: (عليكم أنتم أهل العلم، أن تسعوا إلى نجاة الناس كافّة، حتى الناس في الغرب الذي يعتبرونه مهد الحرية، وأن تبيّنوا لهم الإسلام الأصيل والحقّ. وكذلك على المثقّفين وطلاّب العلم، أن يطالعوا التاريخ، لكي يضعوا حلاًّ لمستقبل البشرية، كل حسب قدرته).

وهكذا كان دم الحسين صلوات الله عليه ولا يزال وسيبقى، نوراً ساطعاً، يكشف كل محاولات التحريف التي يتعرّض لها الإسلام، وهذه هي مهمة الدم الحسيني الطاهر، منذ أن نذر نفسه فداءً على طريق حماية الفكر الإسلامي من موجات التضليل والانحراف والتشويه التي تعرّض لها ولا يزال، خدمة لأعداء الإسلام.

وقد قضت الحكمة الإلهية أن تكون التضحية التي بادر بها الإمام الحسين صلوات الله عليه، درعاً حصيناً وخالداً، تتصدّع وتتكسر على جداره نبال الحقد المسمومة التي حاولت ولا تزال تحاول وتسعى لتشويه الإسلام والنيل من المسلمين، وحرف مسارهم خدمة للضلال والطغيان، ولكن هيهات أن يحدث شيء من هذا القبيل.

فالإسلام محميّ بالدم الحسيني الطاهر، إلى أبد الآبدين، وهو كفيل بفضح المساعي الأموية المشبوهة التي تمثّلها خطوط التكفير والانحراف والتطرّف، وهي كانت ولا تزال تسعى لطمر حقيقة الإسلام، ولكن أين هي من هذا الهدف، ونقاء الإسلام ونصاعته ممزوج بدم سيد الشهداء، الإمام الحسين صلوات الله عليه، فهو كفيل بكشف الزيف والخداع، وفضح بؤر الانحراف، ما بقيت هذه الأرض قائمة على قيد الوجود.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في خلاصة كلمته هذه: (خلاصة القول: اقتضاء لحكمة الله تعالى، كان يجب صون الإسلام وحفظه من كل انحراف، وهذا الأمر لم يتحقّق إلاّ باستشهاد الإمام الحسين صلوات الله عليه وبإراقة دمه الطاهر في تلك الظروف، وهو دم لم يوجد أكرم وأثمن منه).