LOGIN
المقالات
alshirazi.org
الإسلام براء من الإرهاب والتطرّف
رمز 285
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 21 نوفمبر 2015
شبكة النبأ: موجة جديدة من الإرهاب تضرب العالم اليوم، ويتم إقرانها بالإسلام عمداً، فيما الإسلام المحمديّ منها براء، إنها أعمال إرهابية تسيء للإسلام أكثر مما تخدمه، وهي لا تمثّل العمق الحقيقي والفكر الإنساني الصادق للدين الإسلامي، ولا يُخفى على المتعمّق والباحث في جذور التطرّف والإرهاب، المنبع الأساس والجذور الأولى لما يحدث اليوم من موجة إرهاب يتم من خلالها تشويه الإسلام عندما يتعمّد أصحابها أن ينسبوها زوراً وبهتاناً للفكر الإسلامي.

إنّ المشكلة التي يواجهها المسلمون اليوم، أن الآخرين من الأديان والأمم الأخرى لا يعرفون الدين الإسلامي الحقيقي الحسيني، ونعني به الدين الذي أتى به محمد صلى الله عليه وآله، وليس دين التحريف والانحدار نحو البغضاء والتطرّف والحقد على الناس لمجرّد أنهم مختلفون في الرأي وما شابه، ولهذا يبتعد الآخرون عن الإسلام، بسبب موجات التشويه التي يتعرّض لها كنتيجة حتمية لما يقوم به الإرهابيون الذين يقتلون الناس الأبرياء، العزّل من السلاح، ثم يقولون إننا قتلناهم وفقاً لتعليمات الإسلام.

ولكن مثل هذه الإدّعاءات لا أساس لها من صحّة، فليس الإسلام هو الذي يبيح قتل الناس العزّل، وليس التعاليم الإسلامية هي التي تسمح باستهداف الأبرياء من دون ذنب أو جريمة يُستدل عليها بالأدلة القاطعة ويتم ذلك عبر القضاء المعترف به، لذلك ليس هناك أي ارتباط بين ما يحدث من استهداف للمدنين العزّل وبين الفكر الإسلامي الحقيقي، إنها أعمال إجرامية يقصد أصحابها تشويه الإسلام لكي لا يعرفه الآخرون بصورة صحيحة.

يقول سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، في إحدى كلماته التوجيهية حول هذا الموضوع: (مما يؤسف له ان العالم لا يعرف الإسلام الحقيقي الحسيني، وما يعرفه عن الإسلام من شيء فهو إسلام سفّاكي الدماء، ولهذا تراهم يبتعدون ومبتعدين عن الإسلام).

ولذا فإنّ من يقف وراء تشويه الإسلام بهذه الأفعال الإجرامية، هم جماعة (إسلام معاوية والحجّاج)، هؤلاء الذين يستهدفون الأبرياء ويقتلونهم بدم بارد باسم الإسلام، هم امتداد لأولئك الطغاة، وأخذوا عنهم الإجرام والتطرّف، أما الإسلام الحقيقي المحمدي الحسيني فهو دين الرحمة والاعتدال والإنصاف واحترام الإنسان، وهذا ليس إسلامنا الحقيقي.

كما نقرأ في قول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال: (مما يؤسف له، ان الدنيا اليوم عُرض ويُعرض عليها إسلام معاوية والحجّاج، وليس الإسلام الحقيقي المتمثّل بإسلام رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل البيت صلوات الله عليهم).

من الذي يتعمّد تشويه الإسلام؟
وعندما نبحث عمّن يتعمّد تشويه الجوهر الإنساني للإسلام، فإننا لن نتعب كثيراً من أجل العثور عليه، إنهم ببساطة أولئك الذين انحرفوا عن الإسلام المحمدي، بدءاً من الطغاة الأمويين، صعوداً إلى من لحق بهم ونهج نهجهم، ولابد أن يعرف العالم أجمع، وخاصة أولئك الذين يتم استهدافهم باسم الإسلام، أن هؤلاء الإرهابيين في الحاضر هم الامتداد الفعلي لطغاة الأمس الأمويين وغيرهم.

والدليل على أن الإسلام المحمدي مختلف عن نهجهم وتطرّفهم ودينهم، أن النبي محمد صلى الله عليه وآله خاض كثيراً من الحروب ضد أعداء الإسلام، ولكن هناك ميزة أساسية ميّزت تلك الحروب، وتدلّ على أن الإسلام مسالم، وتلك الميزة أن جميع تلك الحروب كانت دفاعاً عن النفس، ولم يحدث أن بادر النبي صلى الله عليه وآله أعداءه بالقتال مطلقاً.

وهؤلاء الذين يمتدّون من أولئك، يعرفون هذه الحقيقة ويقرّون يها، لذلك لابد أن يعرف العالم أجمع الفرق بين الإسلام الحقيقي المحمدي والإسلام المزيّف الأموي، ولدينا دليل قاطع يتمثّل بما قام به معاوية الذي قتل وذبح وأزهق (30.000) ألف نفس في يوم واحد، فأين هذا من الإسلام الرحيم المحمدي؟!!

يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال بكلمته نفسها: (إن كل حروب نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله كانت دفاعية، ولم يك صلى الله عليه وآله هو البادي بأيّة حرب أبداً. فيجب إيصال مثل هذه الحقائق إلى الدنيا كلّها، لكي تعرف إسلام رسول الله صلى الله عليه وآله، ولكي لا يستدّلوا على الإسلام بأمثال معاوية، الذي قتل وذبح في يوم واحد فقط، قرابة ثلاثين ألف من النساء والأطفال وكبار السن، وأمر بحرقهم).

لذلك هناك فرق كبير وبون شاسع بين إسلام محمّد صلى الله عليه وآله وآل بيته صلوات الله عليهم، وبين إسلام معاوية، وشتّان بين الخير والشرّ، وشتّان بين من يحيي الحياة ومن يضاعف أسباب الموت ويقف إلى جانب الشر، لذلك لابد من التفريق بين الإسلام الأصيل والإسلام المزيّف.

كما يؤكّد ذلك سماحة المرجع الشيرازي بقوله: (على الجميع أن يعلموا بأن الإسلام الحقيقي والأصيل هو إسلام رسول الله، وإسلام أمير المؤمنين، وإسلام الإمام الحسين، وإسلام سائر المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وليس إسلام معاوية ويزيد، حتى يتّضح للناس كافّة بأن الإسلام الحقيقي هو ثمرة دم الإمام الحسين صلوات الله عليه).

مسؤولية الحوزات العلمية والمثقّفين
إنّ مهمة التفريق بين الإسلام المحمدي الحسيني، وإسلام معاوية، لا يتحقّق من دون جهود كبيرة ومخطّط لها، وهي في الحقيقة تقع على عاتق العلماء والحوزات العلمية والمثقّفين، علماً أن مثل هذه الأهداف الضخمة لا يمكن تحقيقها إلاّ بجهود توازي قيمة الهدف المتحقّق، فالإسلام الحقيقي يتعرّض لهجمة شرسة من التشويه المتواصل، تقوم بها عصابات الإجرام العالمي، وتشترك فيها دول وقوى مشبوهة ومخابرات تغذّي التطرّف وتقوم بتمويلها من أجل تخريب الفكر الإسلامي.

لذلك يقع على النخب العلمية والمثقّفة مسؤولية التصدّي لهذا الانحراف وفضحه، وتوضيح الصورة الحقيقة للإسلام ونشر جوهره الإنساني بين عموم العالم، ولهذا السبب يركّز سماحة المرجع الشيرازي على أهمية إنشاء عدد كبير من القنوات الفضائية، يفوق الألف فضائية، لكي تسهم في تحقيق نشر الإسلام المحمدي الحسيني الذي يعكس الجوهر الحقيقي للإسلام، وذلك للحدّ من تأثير التطرّف والتزييف الذي يلحق بالإسلام بسبب الإرهاب.

يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذه المسؤولية الكبيرة: (طبقاً لقول مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. فإنّه وبلا شكّ يتحمّل العلماء، وتتحمّل الحوزات العلمية، مسؤولية إيصال تعاليم الإسلام إلى البشرية، وهو الإسلام الذي أحياه دم الإمام الحسين صلوات الله عليه).

ومع أن تحقيق هذا الهدف يعدّ من مسؤولية جميع المسلمين المؤمنين بإسلام محمد صلى الله عليه وآله وآل بيته، إلاّ أن هذه المسؤولية تتضاعف أكثر بأكثر، كلما ازداد وعي الإنسان وثقافته، لهذا تكون مسؤولية رجال الدين والعلماء أكبر من غيرهم، كذلك تكون مسؤولية المثقّفين كبيرة في هذا المجال، كونهم يمتلكون القدرة على الإقناع والتوضيح ولديهم إمكانية الفصل بين الحقيقي والمزيَّف من خلال اتقانهم للتاريخ الإسلامي بصورة صحيحة.

لذا ليس أمام المتعلّمين المؤمنين، والحوزات العلمية وذوي الاطّلاع سوى الشروع الفوري عبر وسائل الإعلام المتاحة كي يشرحوا للعالم أجمع حقيقة الإسلام، وحقيقة من يحاول تشويه الإسلام ممن يسير على خط معاوية، وعليهم أن يوضّحوا للعالم أجمع أن جماعات الإرهاب لا علاقة لهم بإسلام محمد صلى الله عليه وآله الذي يقوم على الاعتدال والإنصاف والرحمة والتعاون فيما بين الأمم كافّة، لصنع حياة أفضل للبشرية، تليق بكرامة الإنسان التي أوصى الإسلام الحقيقي بحفظها وحمايتها من التجاوز، وهذه هي مهمة النخب الأكثر وعياً من غيرهم.

يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الموضوع في كلمته نفسها: (بما أن رجال الدين لهم قدرة أكثر على العمل، فإنّ مسؤوليتهم أكبر. وكذلك كبيرة هي مسؤولية المثقّفين والمتعلّمين في إيصال تعاليم الإسلام إلى العالمين).