LOGIN
المقالات
alshirazi.org
الفكر الإسلامي والشروع في تغيير العالم
رمز 316
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 16 يوليو 2016
لماذا هذا الحقد على الإسلام، من بعض المسلمين؟؟ لماذا بذلوا ويبذلون ما بوسعهم لتشويه صورة الإسلام، ولماذا يظهرون المسلمين وكأنهم همج أمام العالم أجمع، من له مصلحة بالإساءة إلى الإسلام والمسلمين، إنّ الإسلام المحمدي واضح ومعروف، فهو إسلام الخير والعفو والجنوح إلى السلم والحافظ لحقوق الناس والحامي لحرياتهم، وهو دين المؤاخاة والتقارب والانسجام بين البشرية.
إنّ موجات التطرّف والهمجية والتكفير التي تنشر الرعب والإرهاب في العالم أجمع، تسعى للإساءة إلى الإسلام، فالذي لا يعرف منهج الإسلام المحمدي على حقيقته، ستكون الأمور غامضة لديه، ويعتقد أن الإسلام يحمل فكراً متطرّفاً بسبب هؤلاء، لذلك من أهم الأدوار التي تقع على عاتق المثقّفين والمفكّرين والعلماء، هو أن يوضّحوا للعالم الدين الحقيقي والمنهج الحقيقي للإسلام، وليس ما يقوم به التكفيريون المتطرّفون من أفعال وأعمال مرفوضة يمقتها الإسلام ولا يقبل بها جملة وتفصيلاً.
هذه هي مهمة القادرين على فكّ التداخل والالتباس بين ما يقوم به التكفيريون، وبين حقيقة الدين المحمدي الذي سعى الإمام الحسين عليه السلام لتثبيته وإنقاذه من الانحراف والموت.
فقد خاطب سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، جميع المثقّفين والمفكّرين والعلماء، وطلب منهم أن يقوم كل منهم بدوره في نشر الإسلام عبر العالم أجمع، والمقصود هنا إسلام محمد صلى الله عليه وآله، وليس اسلام التكفير والتطرّف الذي تعتمده الجماعات التكفيرية المتطرّفة وتحاول أن تجعل منه بديلاً عن دين النبي صلى الله عليه وآله.
قال سماحة المرجع الشيرازي: (أخاطب المثقّفين، وطلاّب العلم بالعالم كافّة، مهما كان دينهم ومذهبهم، وكذلك للمسلمين القاطنين في البلدان غير الإسلامية، وللهيئات الإسلامية، والأمناء للمساجد، وأصحاب الحسينيات، وللمجتمعات الإسلامية، والمؤسسات الثقافية، وأمثالهم، هو أن ما حفظه التاريخ في مصادره عن الإسلام الحقيقي الذي بقي خالداً بسبب تضحيات الإمام الحسين صلوات الله عليه، يجب إيصاله وتعريفه للعالمَين).
وطالب سماحته الشباب الواعين، أن يسهموا في تغيير العالم نحو الأفضل من خلال بيان وتوضيح حقيقة الإسلام للعالم، وتفنيد المحاولات التكفيرية المتواصلة التي تهدف إلى تشويه الإسلام المحمدي.
لذا طالب سماحته قائلاً: (على الشباب، والكبار، والجميع، أن يعبّئوا ويبذلوا كل ما لديهم من قدرات في سبيل إيصال الإسلام وتعريفه إلى العالم كلّه وإلى العالمين أجمع، أي الإسلام المحمّدي الوجود والحسيني البقاء).
الخلل الفكري وانتشار الجوع
في عهد الرسول صلى الله عليه وآله، طوال عشرة أعوام، وفي حكومة الإمام علي صلوات الله عليه لم يكن هناك شيئاً اسمه (جوع)، بل يستغرب القائد أو المسؤول إذا رأى شخصاً واحداً جائعاً، أو مدّعياً الجوع، والسبب أن الحكومة كانت تقوم بكل ما ينبغي القيام به من أجل توفير الحياة الحرّة الكريمة للأمة، لقد دأبت هاتان الحكومتان على القيام بما ينبغي القيام به من أجل القضاء التام على الجوع بكل أشكاله وأنواعه، وقد تم ذلك بالتوازي مع نشر الوعي والفكر القويم، مما جعل من الإنسان يعرف ما هو المطلوب منه في مجال العمل والفكر معاً.
في كلمته الموجّهة للمسلمين يقول سماحة المرجع الشيرازي: (مع وفور الثروات التي منّ الله تعالى بها على الكرة الأرضية، نرى اليوم موت المئات من الناس بسبب المجاعة والجوع، في حين لم نر في أي مصدر من المصادر التاريخية، أنه مات مسلم واحد من الجوع أو غير مسلم في طوال عشر سنين من حكومة رسول الله صلى الله عليه وآله، أو في حكومة الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه التي استمرت لخمس سنوات).
وآنذاك كانت حكومة النبي صلى الله عليه وآله تسعى لتوفير حقوق الشعب المادية والمعنوية، وعندما نقارن بين عالم الأمس وما يحدث الآن من مجاعات في العالم، سوف نصاب بخيبة أمل فعلاً، إذ ما الذي اختلف بين العهدين والزمنين، ولماذا كانت حكومة المسلمين آنذاك تحرص كل الحرص على أداء واجبها كما ينبغي، في حين أن عالمنا اليوم يغصّ بالجوع، وبالتجاوزات الخطيرة على حرمة الإنسان وحقوقه، من خلال إشاعة فكر فاشل هستيري، وأفعال لا ترقى مطلقاً إلى إنسانية الإنسان.
هناك أعداد كبيرة من الجائعين في عالم اليوم، بين المسلمين وغيرهم، لماذا؟ وما هو السبب ومن الذي يقف وراء ذلك، ثم لماذا تُثار بين المسلمين الفتن والأحقاد والضغائن، ولما تكون هناك حروب بين الدول الإسلامية مع بعضها، في وقت ينبغي أن تتحد وتتكاتف، كي تقضي على الجوع والعوز الذي يداهم العالم أجمع؟
ويتساءل سماحة المرجع الشيرازي في مضمون كلمته الموجّهة للمسلمين قائلاً: (إذن، على ماذا يدلّ وجود هذا الكمّ الهائل من الجوعى في العالم اليوم؟ ولماذا يمارس أكثر الظلم في الدول الإسلامية؟ فبين فترة وأخرى تشتعل نار الحرب بين بلدين مسلمين، أو بين شعب واحد لبلد إسلامي، ويزهق إثر ذلك أرواح الألوف من الأبرياء).
الحلّ يكمن في الإسلام الحقيقي
كيف يمكن للمسلمين أن يتخلّصوا من مثل هذه الحالات الاجتماعية والسياسية الفاشلة؟ إنّ المشكلة الأساسية كما يرى سماحة المرجع الشيرازي تكمن في عدم توصيل الإسلام الحقيقي إلى العالم خلال القرون التي مضت على ظهور الدعوة الإسلامية ومنهجها ومبادئها، وهو تشخيص دقيق بالفعل، فالفكر الإسلامي المثالي لم يصل إلى العالم كما يجب، ولم تتوافر القدرات والإمكانيات لتحقيق هذا الهدف.
أما اليوم فالأمر قد اختلف تماماً، أي ان الإمكانيات والوسائل والقدرات المادية والمعنوية باتت متوفّرة للمسلمين، لكي ينقلوا الإسلام الحقيقي إلى العالم، كي يتمّ القضاء على مظاهر الظلم والجوع والتناحر والتخلّف، ومن ثم تخليص المسلمين وسواهم في العالم أجمع، من الجوع بكافّة أشكاله وأنواعه ونعني هنا الجوع للطعام الجسدي والجوع الفكري وما شابه، فهناك جوع فكري ينتشر بين الناس بسبب عدم الاشتغال على الوعي ونشر المنهج الإسلامي القويم.
المطلوب إذن بعد أن توافرت القدرات والوسائل في عهدنا الراهن، أن نقوم بحملات جدية متواصلة لتوصيل المنهج المحمدي إلى العالم أجمع.
كما يؤكّد على ذلك سماحة المرجع الشيرازي قائلاً: (في القرون الثلاثة عشر الماضية، لم تتوفّر الإمكانات التي يمكن عبرها إيصال الإسلام الحقيقي إلى البشرية كلها. فيجب علينا في عالم اليوم الذي تتوفّر فيه الإمكانات، وتوجد فيه نسبة من الحريّات أيضاً، أن نعرّف الإسلام الرحيم المحمّدي الحسيني إلى الدنيا كلّها).
إنّ المهمة الأساسية للمسلمين اليوم، هو فضح مآرب الجماعات المتطرّفة التي تدّعي الانتماء للإسلام، وتسعى لتشويه الفكر الإسلامي عبر الأفعال المتطرّفة والفتاوى التي تقوم بتكفير الناس، وتسعى لنشر الموت والخراب في عموم العالم، لذا ينبغي التعريف المستمر للإسلام المحمدي الأصيل والذي بقي خالداً بسبب تقديم الإمام الحسين صلوات الله عليه نفسه ودمه وذويه قرباناً لخلود الإسلام ما بقيت الحياة قائمة ومستمرة.
مهمة التعريف هذه، تقع على عاتق العلماء، والمثقّفين، والشباب الواعين، لأننا اليوم بحاجة كبرى لتوضيح الإسلام الحقيقي كي نقوم بعزل الجماعات المتطرّفة التي تحمل فكراً تكفيرياً لا علاقة له له بإسلام النبي صلى الله عليه وآله. لذا يقول سماحة المرجع الشيرازي ضمن هذا المسعى: (يجب علينا أن نعرّف الإسلامي المحمّدي الأصيل إلى العالمين، وهو الإسلام الذي بقي خالداً بسبب الإمام الحسين صلوات الله عليه).