LOGIN
المقالات
alshirazi.org
ما هي مسؤوليتنا تجاه الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف؟
رمز 467
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 18 أبريل 2019
شبكة النبأ: بقلوب عامرة بالحبور والمسرّة ونفوس تملؤها البهجة والأمل يستقبل المسلمون ذكرى ولادة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، فهو الأمل للجميع في نشر العدل والسلام والمحبة في ربوع الأرض، وسيرته المعطّرة بالنور والإيمان تنعكس على تفاصيل أعمالنا، وفي حال عرفنا مسؤولياتنا جيدا، سوف تتزين حياتنا بأضواء العدل والحق والجمال والحرية المستمدة من قبس الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف والتي استمدها من سلالة الدوحة المحمدية وهي تضيء الكون كلّه بنورها ومباهجها ومحبتها وفكرها المشعّ في القلوب والنفوس.

وفي أجواء البهجة التي نعيشها هذه الأيام، مطلوب منّا جميعا أن نستذكر مسؤوليتنا تجاه الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، فهناك واجبات ومحرّمات في عالمنا الذي نعيش وننشط ونتحرك فيه، وهناك زلّات قد يقع فيها الإنسان الذي يجهل مسؤولياته، لهذا علينا جميعا حكّاماً ومحكومين، أن نفهم سيرة الإمام الحجة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف وهي لا تختلف عن سيرة جده رسول الله صلى الله عليه وآله، وبعد الإطلاع على السيرة الشريفة وفهم تفاصيلها ومعرفتها تمام المعرفة، علينا أن نطبّق الأحكام المطلوبة منا حتى نستلهم من السيرة المهدوية مبادئ الحق والعدل والتعايش والسلام وإنصاف الناس الذين يتقاسمون معنا المكان والزمان.

سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، يقول في كتاب (من عبق المرجعية):

(إن أقل المسؤولية علينا هو: أن يعرف الإنسان أحكام دينه ـ وعلى الأقلّ: الواجبات والمحرّمات ـ ثم يلتزم بها ويطبّقها. وعلى رأس الواجبات معرفة إمامنا صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه وعجّل الله تعالى فرجه الشريف).

إننا جميعا نحلم بلقاء إمامنا الحجة المنتظر عجل الله فرجه الشريف، لأن هذا اللقاء يأتي كشهادة بصلاح الإنسان والتزامه بالواجبات الملقاة على عاتقه، كما أنه دلالة على الرضا الإلهي، لهذا يحلم الجميع بمثل هذا اللقاء المشرّف، ولكن كيف ومتى يتحقق اللقاء؟، هناك شروط عظيمة يجب أن يتمسك بها الإنسان، وهناك مسؤوليات كبرى وواجبات يجب أن يؤديها، فهي بمثابة الاختبار العظيم الذي يمنح الإنسان تأشيرة اللقاء المبارك، لهذا يجب أن نكسب رضا إمامنا عجل الله فرجه الشريف وذلك بإتقان أعمالنا وأداء مسؤولياتنا تجاه أحكام الدين وتجاه الآخرين وتجاه أنفسنا أيضا.

سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) يقول:

(إذا أردنا أن نتشرّف بلقاء الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف، فعلينا أن نسعى في تقليل نقاط الضعف وإصلاح النفس، فلو أصلحنا أنفسنا فإن الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف هو الذي سيأتي إلينا قبل أن نذهب إليه).

ويضيف سماحته (دام ظله):

(إن أردنا ونحن في عصر الغيبة أن نكسب رضا مولانا الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف فعلينا أن نكون كما يحبّ صلوات الله عليه، وهذا الأمر يرتبط أولاً ارتباطاً وثيقاً بمدي معرفتنا لمسؤوليتنا والواجب الملقي علينا، وثانياً بتطبيقهما والعمل بهما).

رضا الإمام من رضا الله

إنّ جلّ ما نتمناه هو حيازة رضا الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، وهذا الهدف يتوقف على مدى تمسكنا بمسؤولياتنا والعمل بعقائدنا كونها تشذّب نفسونا وتطهّر قلوبنا، وتجعل بيننا وبين الحرام أسوارا شاهقة، فالإنسان المؤمن حقيقة يسعى إلى كسب رضا إمام العصر والزمان الذي يمثل الطريق إلى الرضا الإلهي، وهذا لن يتحقق إلا بالتزام الإنسان سواءً كان مسؤولا أو سائلا، بما يمليه عليه العدل والإنصاف والشعور بالآخرين والحفاظ على حقوقهم.

هذه هي مهمة الحاكم والوزير والموظف الكبير أن يرضي إمامه بأعماله وقراراته التي يتخذها بما يُنصف الناس ويحفظ كرامتهم وحقوقهم، حتى الإنسان البسيط ملزم بهذه الحقوق تجاه الآخرين، وإذا ما التزمنا بهذه القواعد والأحكام الدينية والعقائدية والأخلاقية بحذافيرها، سوف نجد الطريق الذي يوصلنا إلى رضا الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف علينا، ولا يكفي إعلان التمسك بالعقائد والأحكام، فهناك من يؤمن بها قولا وإعلانا، ويتناسها فعلا وعملا، وهذا النوع من الناس مسؤولين أو بسطاء لن ينالوا الرضا المهدوي قط حتى وإن قالوا ورددوا وأعلنوا أنهم من أتباعه.

ساحة العمل هي المحك الذي يثبت أقوال ومبادئ الإنسان، ومسؤوليتنا تجاه إمامنا الحجة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف هي العمل على أنفسنا وتشذيبها من الأدران، ووضع خريطة واضحة المعالم للمبادئ المهدوية القائمة على العدل والإنصاف والتعايش والمحبة وتطبيقها في تفاصيل حياتنا ونشاطاتنا، لأننا بالفوز برضا إمامنا سنفوز بالرضا الإلهي قطعاً.

يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):

(علينا أن نعمل بمسؤولياتنا وعقائدنا حتى نحصل علي رضا الإمام المهديّ المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، فإن رضاه صلوات الله عليه من رضا الله تعالى).

قراءة ما وراء السطور

في ذكرى ولادة الإمام العطرة لنبادر ونعاهد الله تعالى على أن نلتزم بسلوك طريق الحق، خصوصا أولئك الذين يتبوّؤون مناصبة كبيرة وحساسة يمكنها أن تحسّن حياة المجتمع أو تسيء له وتتجاوز على حقوقه وحرياته، ولنرسم لنا طريقا يقودنا إلى من نأمل ونريد، وإن كان الطريق طويلا، فإن من يضع له هدفا ويسعى إليه سوف يصل عاجلا أم آجلا، ولتكن أعمالنا وفق معيار ما يريده منا إمامنا المهدي عجلّ الله فرجه الشريف، ففي آخر المطاف لن يبقى للإنسان إلا أعماله، وفي ضوئها وتبعا لها سوف يكون الجزاء الإلهي، ومن يعي هذه الحقيقة ويؤمن بها ويسعى إلى تطبيقها، لابد أن يؤيَّد بتأييد الحجة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):

(لنعاهد الله في ذكرى مولد الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف على أن نبدأ بسلوك طريق الحقّ؛ فلعلنا نبلغ المقصود بعد زمان طال أو قصر، فإن من سلك الطريق لا بد وأن يصل).

ولا يخفى أن الروايات الشريفة تؤكد بأن الإمام المهدي عجل الله فرجه (مؤيّد بروح القدس، وهو على اتصال دائم من الله تعالى، فهو يرى أعمالنا ويسمع أقوالنا، ويعرف نوايانا ويقرأ سرائرنا، فهناك من يقول شيئا في الظاهر ويضمر أمرا آخر في الباطن لأهداف قد يخدع بها آخرين من البشر، ولكنها لا تمر على الإمام الحجة عجّل الله تعالى فرجه الشريف الذي يعرف ما يدور في دخائل الناس وما يضمرونه من نوايا واسرار.

لهذا على من يريد الفوز برضا الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف أن يكون نظيف الظاهر والجوهر، سليم القلب واللسان، نظيف اليد، لا يعتدي على حقوق الناس، يؤمن بمسؤوليته تجاه إمام العصر والزمان ويطبقها تطبيقا سليما يتيح له الحصول على الرضا الأعظم الذي سيمنحه الرضا الإلهي، وهذه هي غاية الغايات أجمعها.

يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):

(الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف، وكما في الروايات, مؤيّد بروح القدس، وبينه وبين الله عزّ وجلّ عمود من نور يرى فيه أعمال العباد، وكل ما يحتاج إليه، فهو يرى كلامنا وأجسامنا وكل ما يظهر منّا، ويرى كذلك ما وراء الكلام والسطور، ويرى الفكر والنوايا، فهو يرى الشيء الذي نفكّر فيها عندما نتكلّم أو نكتب).

فليضع الإنسان هذه الوصايا في ذهنه ويحكّم بها عقله، ويستثمر ذكرى ولادة الإمام الحجة المنتظر عجل الله فرجه الشريف لكي يحسن أداه وينظف سريرته وأعماله كي يصل في نهاية المطاف إلى ما يبتغيه كل إنسان مسؤول ونظيف السريرة واليد.