LOGIN
المقالات
alshirazi.org
"قبسات من فكر سماحة المرجع الشيرازي دام ظله"
الصحيفة السجادية منهج حقوقي متكامل
رمز 901
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ 28 محرّم الحرام 1444 - 27 أغسطس 2022

شبكة النبأ: (يجب علينا معرفة سيرة الإمام لنهتدي بها ونقتدي به سلام الله عليه) سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله)

الإمام السجاد (عليه السلام) ترك للمسلمين وللإنسانية إرثا حقوقيا من طراز خاص، ولو أنهم درسوه كما يجب وبحثوا في مضامينه وتفاصيله، وحرصوا على فهمه وتطبيقه، لعاشت البشرية في سلم ووئام إلى يوم يبعثون، وقد تضمنت (الصحيفة السجادية) هذا المنهج الحقوقي المتكامل، لكن المشكلة أن هناك من المسلمين وغيرهم لا يعرفون شيئا عن هذه الصحيفة، ولم يطلعوا على مضامينها.

وإذا عرفنا بأن جميع الأئمة المعصومين (عليهم السلام) أئمة مفترضي الطاعة، وهم جميعا من أولي الأمر كما وصفهم الله تعالى في كتابه الحكيم، لأدركنا المكانة العظيمة التي لكل إمام من أئمتنا المعصومين (عليهم السلام).

ولكن قد لا نختلف على أن معرفة الناس بالإمام علي والإمام الحسين (عليهما السلام) أكثر وأكبر من معرفتهم بسيرة الإمام السجاد (عليه السلام) وصحيفته الحقوقية، لذلك لابد من تذكير الجميع، بالأخص المسلمين، بأهمية المضامين الحقوقية الموجودة في الصحيفة السجادية، وقدرتها على تنظيم حقوق المسلمين والبشرية أجمع، كونها تقدم منهجا حقوقيا متكاملا ينقذ البشرية من أخطائها وانتهاكاتها في حال تم الالتزام بالصحيفة تطبيقيا.

سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) يقول في كتابه القيم (نفحات الهداية):

(لا شك أن الإمام زين العابدين سلام الله عليه هو من أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم، فلابد إذن أن نزيد من معرفتنا به. فنحن في الغالب نعرف الكثير عن الإمام علي بن أبي طالب سلام الله عليه؛ من خلال مواقفه وحروبه وشجاعته وخطبه ومختلف أدوار حياته، ونعرف الإمام الحسين سلام الله عليه بجهاده وتضحيته في سبيل الله والحق، وثورته من أجل الإسلام والإبقاء على أحكامه، ولكن بعضاً منا قد لا يعرف عن الإمام زين العابدين سلام الله عليه وسائر الأئمة من ولده شيئاً سوى أنهم أئمة مفترضو الطاعة).

لم يكن الإرث الحقوقي وحده الذي تميز به الإمام السجاد (عليه السلام)، بل هنالك منهجه الخاص في مقارعته للدكتاتورية الأموية، وفساد حكامها، فإذا كان أبوه (الإمام الحسين عليه السلام) أعلن الثورة ضد يزيد، وقدم نفسه وذويه وصحبه قربانا للإسلام، فإن أسلوب ولده الإمام السجاد (عليه السلام) جاء بطريقة أخرى وأسلوب مختلف كان له الأثر الكبير في زعزعة النظام السياسي الأموي وإسقاطه.

ما هو دور الإمام السجاد عليه السلام؟

فما هو هذا الدور الذي قام به الإمام السجاد (عليه السلام)، وكيف أمكنهُ خلخلة أسس عرش الطاغوت الأموي، لاسيما أن هناك من لا يعرف شيئا عن دور السجاد (عليه السلام)، وربما هناك من يتساءل أيضا، لماذا علينا أن نعرف دور الإمام زين العابدين في حياته، وما هي الأهداف التي خطط لها وأنجزها؟

إن الإجابة عن الشق الثاني من السؤال، توجب علينا القول بأن الاقتداء بإمامنا والائتمام به كونه إماما لنا، يفرض علينا معرفة سيرته، ومنهجه ودوره الكبير في مقارعة الطاغوت الأموي، وزلزلة عرشه.

يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):

(هناك تساؤل قد يختلج في القلوب، وهو: ماذا كان دور الإمام زين العابدين سلام الله عليه في حياته الشريفة؟ وقد يتبادر إلى الذهن سؤال آخر وهو: لماذا يجب أن نعرف أدوار الإمام سلام الله عليه وسيرته؟ والجواب: لأن الإمام يعني من ينبغي لنا الائتمام والاقتداء به).

إن عدم معرفة سيرة الإمام المعصوم، تعد من النواقص التي لا يجوز التغاضي عنها، لأنه سوف تسبب عدم فهم وعدم معرفة بدور الأئمة (عليهم السلام)، ومن الأمور المتفق عليها أن الناس إذا عرفوا الشيء سواءً كان فكرا أو دينا فإنهم يؤمنون به بعد القناعة به، أما عدم المعرفة فتعني إنهم لا يؤمنون به، لذلك وجب عليهم معرفة سيرة أئمتهم (عليهم السلام).

لذلك يتساءل سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) قائلا:

(ما الفائدة في أن يكون السجاد سلام الله عليه إماماً لي ولك ولا نعرف عن سيرته شيئاً؟! من الضروري إذن، أن نقرأ ولو مختصراً من سيرة أهل البيت سلام الله عليهم لتعلّق إسلامنا وإيماننا بمعرفة من أمرنا الله تعالى بطاعتهم).

لهذا يذكرنا سماحة المرجع الشيرازي كمسلمين وشيعة موالين بأهمية الاطلاع على الصحيفة السجادية، هذا الإرث الحقوقي الخالد الذي خلّفه لنا الإمام السجاد (عليه السلام)، ليرسم لنا منهجا حقوقيا متكاملا، هو عبارة عن خارطة طريق حقوقية، تحفظ العلاقات بين الناس مع بعضهم، وبين الحكام والمحكومين، وبين الإنسان ونفسه وذاته، وبين الأب وابنه وزوجه، فضلا عن التفصيلات الأخرى التي شملت شؤون الحياة بشكل تام.

كتاب صغير الحجم عظيم المحتوى

إن مضامين الحقوق السجادية كُتبت في كتاب صغير الحجم، لكنه عظيم المحتوى، لما له من رؤية ثاقبة ووضوح تام، وتفصيل دقيق يتعلق بالحقوق المتبادَلة، وأهمية مراعاتها، وعدم الاستخفاف بها، بل لا يجوز انتهاكها تحت أية مبررات، بعيد عن معايير القوة والضعف، أو الغنى والفقر، أو الجاه والسلطة وما شابه، فحقوق الجميع يجب أن تكون مصانة، وهناك تفاصيل في غاية الدقة والوضوح تحتويها الصحيفة السجادية وتفصّلها.

وإذا تم معرفة هذه الصحيفة بدقة من قبل الناس، فإنهم سوف يعرفون بوضوح من هو الإمام السجاد (عليه السلام)، وما هو دوره في حياته، وهو يواجه الطواغيت، وحالات الانحراف المتفشية في المجتمع آنذاك، كما أنهم سوف يعرفون جيدا من هم أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وما هي أدوارهم العظيمة، سواء في توعية البشر أو في التصدي للظالمين.

يقول سماحة المرجع الشيرازي:

(من الكتب الجدير قراءتها كتاب «الصحيفة السجادية» للإمام السجاد زين العابدين علي بن الحسين سلام الله عليهما - هذا الكتاب الصغير الحجم العظيم المحتوى الذي بذل العلماء أعمارهم من أجل سبر أغواره وكشف معانيه ومازالوا- حقيق بأن يقرأ بتدبر وإمعان ليُعرف من خلاله من هو الإمام زين العابدين سلام الله عليه، ومن هم أهل البيت سلام الله عليهم).

فيما يخص الشق الذي يتعلق بماهية دور الإمام السجاد (عليهم السلام) واعتماده أسلوبا غير مباشر في مواجهة الطاغوت الأموي، فإنه دور بالغ الأهمية وكان له الأثر الكبير في قلب موازين القوى ضد الفاسدين من الحكام، حيث بادر الإمام إلى اعتماد خطوات عملية أولها (شراء العبيد وعتقهم)، وهي خطوة كبيرة على طريق التحرر كما يريد الإسلام للناس، والخطوة المهمة الأخرى زيادة وعي الناس شرعيا وتعريفهم بأهمية الأدعية، والخطوة الثالثة تربية المقربين على الخط الجهادي، وقد أثرت هذه الخطوات كثيرا على النظام السياسي وخلخلت ركائزه وجعلته يضعف يوما بعد آخر.

يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):

(أما الجواب على السؤال عن دور الإمام السجاد فهو أنه سلام الله عليه قام بالأدوار الثلاثة التالية:1 ـ شراء العبيد وتربيتهم تربية إسلامية ثم عتقهم بعد ذلك. 2 ـ تعليم الناس المسائل الشرعية والأدعية.3 ـ تربية الخواص من أهل بيته وأصحابه على الخط الجهادي).

هذا هو دور الإمام السجاد (عليه السلام)، على المستوى العملي والعلمي، كما أن رسالته (عليه السلام) في الحقوق، كانت ولا تزال وستبقى، معْلَما حقوقيا بارزا يُشار له بالبنان، ويُسهم في تحسين أحوال المسلمين والبشرية، ويجعلهم أكثر قربا من العدالة والإنصاف، وأكثر رحمة وتقاربا من بعضهم البعض.