LOGIN
الجلسات العلمية
alshirazi.org
"التقرير الكامل للجلسات العلمية الرمضانية لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله"
الجلسة الحادية والعشرون ـ 26 شهر رمضان العظيم 1443للهجرة
رمز 28186
نسخة للطبع استنساخ الخبر رابط قصير ‏ 28 رمضان العظيم 1443 - 30 أبريل 2022

في ليالي شهر رمضان العظيم يتوافد العلماء والفضلاء وطلاب الحوزة العلمية ومختلف الشخصيات على بيت المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في مدينة قم المقدسة. وخلال لقائهم بسماحته دام ظله يدور الحديث حول المباحث العلمية والمسائل الفقهية والتاريخية والثقافية، إضافة إلى ما يتفضل به سماحته من وصايا وتوجيهات.

روايات ذم بعض البلاد أو مدحها

في بدء الجلسة سئل عن الروايات المادحة أو الذامة لبعض البلاد مثل رواية «سلام الله على أهل قم» هل هذه الروايات في مقام بيان قضايا خارجية أو قضايا حقيقية؟

فقال سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: هذه الروايات هي مراسيل غالبا ولذا غير معلوم أن المعصوم عليه السلام كيف تفوه بذلك، في بعض الأحيان يتفاوت المعنى بزيادة نقطة أو حرف ولذا قيل: «محرم» يصير «مجرماً» بنقطة واحدة، غير أن هذا القبيل من الروايات هي قضايا خارجية غالباً إلا أن يستفاد من القرائن أنها قضايا حقيقية ويوجد في الروايات مدح أو ذم للبلاد أو العشائر، مثلا جاء في شعر منسوب إلى أميرالمؤمنين عليه السلام في قبيلة همدان «إذا كنت بوابا على باب جنة / أقول لهمدان ادخلوا بسلام» والحال أن هذا التعبير في بني همدان لا يعدّ توثيقاً لجميعهم.

ثم قال دام ظله في بيان الروايات الذامة: بناءً على الآية الشريفة «وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» كل شخص مسؤولٌ عن عمله، إلا إذا رضوا بأعمال آبائهم والسابقين عليهم.

 الأصل في كون القضايا الشرعية قضايا حقيقية أو قضا يا خارجية

 ثم سئل عن موارد يشك في كونها قضايا شرعية حقيقية أو خارجية فما هو الأصل فيها؟

 فقال دام ظله: الأصل في القضايا الشرعية هو كونها حقيقية وأما كونها خارجية فهذا ما يحتاج إلى قرينة، إلا في الموارد التي يكون الحمل على كونها حقيقية مستلزما للمعارضة مع الأدلة الأخرى المسلمة.

 الوصية بما زاد عن الثلث

 ثم سئل لو أجاز الورثة الوصية بما زاد عن الثلث قبل موت المورث، فهل يجب عليهم الوفاء بذلك بعد وفاة المورث؟ وإذا لا يجب الوفاء فهل تبطل الوصية بالثلث؟

 فقال سماحته: خلف الوعد وإن كان عملا قبيحاً ولكن على المشهور بين الفقهاء لا يجب الوفاء به، وأصل الوصية والوصية بالثلث باقية على حالها، ولا خدشة فيها، وأما الوصية بما زاد عن الثلث فغير نافذة، لأن الورثة لم يكونوا مالكين للتركة قبل موت المورث وبناءً على ما ورد الأدلة، وصية المورث لا تنفذ في أكثر من الثلث بعد موته، وأما إذا أوصى بأمر لا يمكن فيه التبعيض، وكان أكثر من الثلث مثل الوصية بالحج فتسقط الوصية عند عدم رضا الورثة به، وأما إذا دخل تحت عنوان الهبة المعوضة فيلزم الوفاء به حينئذ.

 ثم سئل أ ليس هذا مصداق لقاعدة: «المشروط عدم عند عدم شرطه» فيقال ببطلان كل الوصية لكون متعلق الوصية ثلثاً مقيداً بما زاد عنه؟

 فأجاب دامت بركاته: الوصية بناءً على كونها عقداً فالعقود تابعة للقصود، وإذا كان العقد مبنياً على شرط، فلو كان للعقد ظهور في أن المشروط لم يطلب بدون الشرط، ففي هذه الصورة ينتفي المشروط بانتفاء الشرط أيضاً، وأما إذا لم يكن مثل هذا الظهور أو شُك في مثل هذا الظهور، والذي يكون الأصل في مورد الشك فيه هو عدم الظهور، ففي مثل هذه الصورة ينتفي المشروط بانتفاء الشرط، وفي المسألة المطروحة أيضاً لو أُحرز من القرائن أن الإرادة الجدية للموصي كانت على أنه طلب ثلثا مقيداً بما زاد، ففي هذه الصورة مع عدم قبول الورثة ما زاد، تكون الوصية بالثلث أيضا باطلةً، لأن العقد تابع القصد وأما اذا لم يحرز هذا المطلب فليس لنا دليل على بطلاان الوصية بالثلث.

 الملاك في فهم مقتضى الشروط في العقد

 بعد ذلك سئل عن الملاك في فهم مقتضى الشروط في العقد هل المرجع فيه هو العرف أو الشرع؟

 فقال سماحته: ما يجعل من الشروط بين المتعاملين معتبرٌ، وإذا أحرز أن الشخص لا يريد العقد بدون الشرط، فالعقد باطل بمقتضى المشروط عدم عند عدم شرطه، وأما إذا لم يحرز وحدة الشرط والمشروط عنده ولو عرفا، يبدو أن العقد في مثل هذه الصورة صحيح ولكن يثبت فيه حق الخيار وإن ذهب جمع من الفقهاء إلى بطلان العقد.

حكم المعذور عن الصوم إلى الحول القابل

 ثم سئل: لو أن أحداً لم يصم في شهر رمضان بسبب السفر، وبعد شهر رمضان صار مريضاً إلى رمضان آخر، ولم يتمكن من قضاء ما فات منه من الصوم فما هو الحكم؟

 فقال دام ظله: طرح صاحب العروة هذه المسألة ولها صور:

1ـ كان في شهر رمضان معذورا عن الصوم واستدام ذلك العذر إلى شهر رمضان الآخر فالقضاء ساقط عنه إجماعاً.

2ـ كان في شهر رمضان مريضاً وبعد شهر رمضان صار مريضاً بمرض آخر مدة أحد عشر شهراً قال جماعة: إنه يسقط عنه القضاء أيضاً.

3ـ كان في شهر رمضان معذوراً وبعده صار معذورا إلى السنة الآتية بأعذار مختلفة مستمراً، يبدو ـ كما ذهب إليه جماعة من الفقهاء مثل المرحوم النراقي بناءً على بعض الأدلة ـ القضاء ساقط عنه في هذه الصورة أيضاً.

الاستطاعة في الحج

 ثم سئل: لو أن أحداً استقرض وحج، فانكشف بعد الحج أنه كان مستطيعاً فهل يكفي حجه عن حجة الإسلام؟

 فقال المرجع الشيرازي مد ظله: يجب في العبادات قصد القربة والخلوص فقط ولا يجب غير هذا في النية. وقد طرح صاحب العروة هذه المسألة، وصححها من باب الإشتباه في التطبيق، فإذا كان أحد لم يطلع على استطاعته فحج ندباً ثم انكشفت له استطاعته، فيكفي ذلك عن حجة الإسلام، وكذا في صورة الغفلة عن الإستطاعة لو حج ندباً فيكفي عن حجة الإسلام إذا تذكر.

 مؤلف حديقة الشيعة

 ثم سئل عن مؤلف كتاب حديقة الشيعة.

 فقال سماحته: بناءً على بعض القرائن وكما هو المشهور مؤلفه هو المقدس الأردبيلي، وإن شكك بعض في إنتسابه إليه بسبب الطعن على الصوفية الموجود في قسم من هذا الكتاب.

 ما هو المراد من عدم الإتصال بالله تعالى وعدم الإنفصال منه تعالى؟

 ثم سئل عن معنى الرواية الشريفة: «من استفاد أخاً في الله على ايمان بالله ووفاء بإخائه طلباً لمرضاة الله فقد استفاد شعاعاً من نور الله، وأماناً من عذاب الله، وحجةً يفلج بها يوم القيامة وعزاً باقيا، وذكراً نامياً، لأن المؤمن من الله عزوجل لا موصول ولا مفصول، قيل له عليه السلام: ما معنى لا موصول ولا مفصول؟ قال: لا موصول به إنّه هو، ولا مفصول منه إنه من غيره» والسؤال هو كيف يمكن فهم هذا المعنى مع بينونة المخلوق مع الخالق؟

 فقال دام ظله: لابد في معرفة معنى هذه الرواية من ملاحظة الروايات الأخرى الصادرة عن المعصومين عليهم السلام، مثل ما يقال: إن أميرالمؤمنين عليه السلام ليس هو الله تعالى ولكنه ليس مفارقا لله تعالى ايضاً، فليس المراد من عدم المفارقة كونه عليه السلام قديماً مثل ذات الله تعالى بل المراد أنه عليه السلام ليس مفارقا لطاعة الله تعالى.

 الوصية بالدفن في الكربلاء المقدسة

 وسئل عن شخص  أوصى بالدفن في كربلاء المقدسة فمع كون نفقة نقل الميت لا تزيد على الثلث، فهل يجب العمل بالوصية مع إختلاف الورثة؟ وإذا كانت النفقة اكثر من مقدار الثلث فما هو التكليف؟

 فقال سماحته: يستفاد من الأدلة أن للميت حقاً في أمور: منها محل الدفن، ففي الفرض الأول يجب العمل بالوصية، وإختلاف الورثة لا يوجب سقوط الوجوب عن ذمتهم، وإذا امتنع الورثة عن العمل بالوصية فعلى الحاكم الشرعي أن يلزمهم على تنفيد الوصية لأنه ولي الممتنع، وأما في الفرض الثاني فليس على الورثة أن يصرفوا من مالهم، نعم يجب عليهم العمل بالوصية ونقله إلى كربلاء فيما لو تبرع شخص آخر بنفقة النقل.

 أحد مستثنيات الكذب

 وفي الختام سئل عن حكم الكذب مقابل الحاكم الجائر لإنقاذ المال؟

 فأجاب سماحته: مقتضى القاعدة هو الجواز لدليل «لا ضرر»، مضافاً إلى أنه في هذا المورد الخاص توجد رواية خاصة فقد سئل الإمام عليه السلام: كان لشخص مال عندي أمانة كي أوصله إلى شخص آخر وفي الطريق سألنى العشار هل معك مال؟ وأنا أجبته كذباً: كلا، صونا لماله من أن يأخذ العشار عُشراً منه، فما حكم عملى هذا؟ فقال الإمام عليه السلام: قل الكذب وانقذ المال من يد الظالم. وقد ذكر الفقهاء هذا المورد وأنه أحد مستثنيات حرمة الكذب لأجل هذه الرواية.