LOGIN
المقالات
alshirazi.org
جريمة سامراء علامة صارخة في سجل التكفير الإجرامي
رمز 32
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 22 ديسمبر 2011
شبكة النبأ: في الوقت الذي ينفتح فيه العالم أجمع على فضاءات الحرية الواسعة في الفكر والدين والاعتقاد، نلاحظ سجل التكفيريين المجرمين يزداد سواداً يوماً بعد آخر، وما الجريمة النكراء التي اقترفوها بحق الإمامين العسكريين في سامراء المشرّفة، إلاّ دليل قاطع على إيغال هذه الزمر الكافرة في التجاوز على المسلمين ومقدّساتهم وحرماتهم كافة، فقد دأب المصلحون في العالم إلى نشر ثقافة القبول بالآخر، والحفاظ على التراث الإنساني، لدوره الكبير في مساعدة الإنسان على تطوير سبل الحياة نحو الأفضل، ولكننا نلاحظ الجرائم النكراء التي تطال المراقد المقدّسة، من قبل التكفيريين متواصلة بل متصاعدة على الرغم من عدم مشروعيتها.

جريمة تنافي الشرع والعرف
فقد ورد في الكلمة التي وجّهها سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، إلى المسلمين في ذكرى جريمة سامراء: (إن جريمة التفجير تنافي كافة الأحكام الشرعية والإنسانية، وأنها تتعارض مع أبسط القوانين الدولية).

والمشكلة التي لا تزال قائمة، أن المسؤولين عن إعادة بناء المرقدين الشريفين، لم يتعاملوا مع هذا الواقع بالصورة الصحيحة والمطلوبة، فقد تلكّأ البناء واستمر عدة سنوات، ولا يزال الأمر كذلك وهذا دليل على الإهمال لقضية تعد من أهم القضايا التي تتعلّق بالمقدّس الإسلامي، لذا يقول سماحة المرجع الشيرازي في كلمته نفسها: (إنّ بقاء المرقدين الطاهرين من دون إعمار مأساة كبرى ومتعارضة مع قواعد الشرع والعرف وحقوق الإنسان).

ولعل هذه الجريمة البشعة، تشكل امتداداً لجرائم شبيهة بها، وهي جريمة هدم البقيع، وهكذا تتواصل جرائمهم في التطاول على التراث الإسلامي العظيم، الذي خلّفه لنا وللإنسانية جمعاً أئمة أهل البيت صلوات الله عليهم، إذ يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال: (إنّ سامراء المشرفة هي بقيع ثانية، حيث تذكّرنا بمراقد أهل البيت عليهم السلام المهدّمة منذ 90 عاماً ولا تزال في البقيع الغرقد حيث يضم أئمة المسلمين الإمام الحسن المجتبى والإمام عليّاً زين العابدين والإمام محمداً الباقر والإمام جعفراً الصادق صلوات الله عليهم).  
 
الإسلام منها ومنهم براء
والأمر الذي يضاعف الألم والخطورة التي تترتب على مثل هذه الأعمال الإجرامية، أنها تنفَّذ باسم الإسلام، كما يدّعي مرتكبو هذه الجرائم، لذا يقول سماحة المرجع الشيرازي في بياناته بهذه المناسبة: (إن ما يزيد جريمة سامراء، فاجعةً: هو التذرّع باسم الإسلام العظيم لتمرير عمل النواصب وأعداء الإسلام).

كما أن الألم والخطورة تتضاعف، بحالة اللامبالاة التي يتعامل بها المسؤولون مع هذه الجريمة النكراء، وهو ما يشجّع العناصر المارقة على التطاول أكثر فأكثر، على مقدّسات المسلمين، يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الخصوص: (إن ما يبعث بالأسى أكثر وأكثر هو موقف التفرّج واللامبالاة من أصحاب الشأن والنفوذ من حكومات ومنظمات وأفراد، دون أن يحرّكوا ساكناً لإنهاء مثل هذه الجريمة).

الظلم كبير وواضح
مع أن إعمار الروضة العسكرية المطهّرة، لا يعني زوال الظلم الذي ألحق بهما من قبل التكفيريين، ولا يعني وضع حد لمثل هذه الجرائم البشعة، لأنها تشكل إهانة لمشاعر المسلمين وإلى مقدّساتهم، كما يؤكد ذلك سماحة المرجع الشيرازي قائلاً: (إن هدم الروضة العسكرية المطهّرة فاجعة كبرى ولا انتهاء لها وإن أعيد إعمارها. فبعض المصائب لا يمكن جبرها ومنها توجيه ا?هانة إلى المقدّسات، وهذا أمر يقرّ به العقلاء جميعاً).

ولذلك فإن فاجعة سامراء، لايمكن معالجة تأثيراتها من خلال بناء المرقدين المطهرين، بل هناك مشاعر ملتهبة يبقى المسلمون يعيشونها إلى آماد طويلة، إذ يقول سماحة المرجع الشيرازي: (قد تكون بعض ا?شياء مقدّسة عند بعض الناس وغير مقدّسة عند غيرهم، ولكن ما كان مقدّساً عند أمة فإن التعرّض له وتوجيه ا?هانة إليه مهما كانت يُعدّ أمراً لا يمكن جبره. ومأساة سامراء من هذا القبيل، وستبقى إلى أبد الدهر فاجعة لا تجبر. وعمليات إعادة إعمارها لا تعني إنهاء الفاجعة وإنما تعني الحدّ من استمرار هذه الجريمة النكراء). 
 
الأحقاد المتجذّرة في تربة التاريخ
ولهذا السبب لا يمكن لجريمة من هذا النوع الخطير، أن تكون وليدة اليوم بل هي لابد أنها متجذّرة في أعماق ونفوس الذين قاموا بها، متطاولين بذلك على الإسلام والمسلمين معاً، لذا فهي امتداد لسياسة الظلم، التي بدأها أبو سفيان وبطانته مع الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وذويه وأصحابه الأكرمين، يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال: (إن جريمة هدم المرقد الطاهر للإمامين العسكريين صلوات الله عليهما لها جذور وليست وليدة اليوم، وجذورها هي ثقافة الظلم والغصب اللذين اتّصف بهما أعداء أهل البيت صلوات الله عليهم. وهذه الثقافة بدأت منذ ذلك اليوم الذي أعلن فيه أبو سفيان مع قريش حربه على مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله، وطالت اثنتين وعشرين سنة).

لذا لايصحّ تجاهل هذه الذكرى الأليمة، من أجل تذكير المسلمين بجرائم التكفيريين السلفيين، الذين يحاولون مصادرة آراء الآخرين وأفكارهم، وتدمير معتقداتهم ناهيك عن تجاوزهم على المراقد المقدّسة، لذا يقول سماحة المرجع الشيرازي: (إن يوم العدوان الآثم على الروضة العسكرية المطهّرة هو يوم ذكرى فاجعة تاريخية عظمى, ولكن من المؤسف جداً أنه لا أحد يذكرها ولا يتطرّق إليها، وإن ذكرت فإنها ليست بالمستوى المطلوب). 
 
تكليفات المؤمنين
لذلك هناك واجبات وتكليفات لابد أن يلتزم بها المؤمنون جميعاً، وهي تتعلّق بكيفية مكافحة الجرائم التي تطال المقدّسات الإسلامية، باسلوب قمة في الظلم والتجاوز والبشاعة، إذ يرى سماحة المرجع الشيرازي، أن هناك أمرين يقعان على عاتق أهل العلم وعلى المؤمنين كافّة أيضاً، تجاه فاجعة سامراء، وهما:

(ا?ول: وهو على المدى القصير، الاستمرارية في استنكار جريمة هدم الروضة العسكرية المطهرة وإعلان المظلومية للبشرية جمعاء وذلك با?يدي وا?لسن وبرفع الأعلام السود على أبواب البيوت وواجهات الدكاكين، وعبر الصحف وا?ذاعات والتلفاز والفضائيات، وهذا أقلّ ما يمكن فعله.

الثاني: وهو على المدى البعيد، إذا أردنا أن نقلّل من أمثال فاجعة سامراء فعلينا أن نغيّر تلك الثقافة السيّئة بأن نهدي الشباب ونعلمّهم. وأقلّ ما يمكن عمله في هذا المجال عقد جلسات تثقيفية للشباب نعرّفهم فيها على ثقافة أهل البيت صلوات الله عليهم ونعرض لهم نماذج من السيرة السيّئة للحكّام الظالمين الذين حكموا بلباس ا?سلام وباسم رسول الله صلى الله عليه وآله سواء من بني أمية أو بني العباس ومن سار على نهجهم).

وأخيراً يؤكد سماحته قائلاً: (أأمل من الله تعالى أن يقيّض في المسلمين من يصدّون أمثال ذلك بشتى الأساليب المشروعة وما تمليه المسؤولية الإسلامية في هذا المجال, ولاحول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم).