LOGIN
المقالات
alshirazi.org
الحسين عليه السلام رمز الوحدة البشرية
رمز 441
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ - 30 أكتوبر 2018
شبكة النبأ: يعجز اللسان، والأبجدية، وبطون قواميس اللغة، عن تقديم ما يكفي من الشكر والتقدير والإعجاب بزوّار سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام الذين قَدِموا إليه من أرجاء العالم لإحياء مراسيم زيارة الأربعين، فلا نبالغ إذا قلنا أن لكل زائر من هؤلاء الزوار الذين قصدوا كربلاء المقدسة وتجشموا وعثاء السفر، مكانةً كبيرةً وفريدة من نوعها عند أبي عبد الله الحسين عليه السلام، إنها نعمة ما بعدها نعمة، وتوفيق ما بعده توفيق.

سماحة المرجع الديني الكبير، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، يشكر جميع زوار الأربعين في بيان سماحته حول هذه الزيارة المقدسة قائلا:

(اللهم إنّي أشكرك شكراً كثيراً متواصلاً دائما ـ عاجزاً عن أداء شكرك ـ على هذه النعمة العظمى التي أنعمت بها على عشرات الملايين من عبادك هذا العام وفي كل عام حيث التوفيق لزيارة (الأربعين) المقدّسة).

ويقدم سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) التهنئة والتبريكات لجميع الزوّار الذين أحيوا هذه الشعيرة الخالدة، فحصلوا على سعادة الدار الأولى والأخرى على ما أنجزوه من منجز لا يُضاهى في إقدامهم على تأدية هذه المراسيم المباركة، ويستوي معهم من قدَّم لهم الخدمات بأروع وأرقى ما يستحقونه الزوار الكرام، فتساوى الزائر الكريم وخادمه من أهالي العراق وكربلاء المقدسة وغيرهم، في الثواب الإلهي وهو استحقاق لهم على ما بذلوه في إحياء هذه الزيارة الخالدة.

سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) يهنّئهم فيقول:

(هنيئاً للزوّار الكرام هذه السعادة والشرف والكرامة في الدنيا والآخرة، وهنيئاً لمن يخدمون الزوّار بأنواع الخدمات وتقديمهم ما يحتاجون إليه الذين لا تقلّ مثوباتهم عند الله عزّ وجلّ عن مثوبات الزوّار الأماجد).

الطغاة يقمعون زوّار الحسين

ومما يضاعف من ثواب الزوار الكرام، أنهم كانوا ولا يزالون عرضة للظلم السلطوي والإرهابي على مرّ التاريخ، ومع ذلك فإن أعدادهم في حالة تزايد متصاعدة ومستمرة، ما يعني أن الظلم والقمع والتعذيب والترهيب كانت وستبقى عوامل محفّزة للإصرار على زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه، وليست كابحة لهذا الجموح البشري لنصرة سيد الشهداء عليه السلام، ففي عهديّ بني أمية وبني العباس كان الطغيان والتعذيب للزوار على أشدّه وظلّ يتزايد وكان الطغاة وجلاوزتهم يتفننون بابتكار وسائل التعذيب وتطوير أنواعه ضد كل من يروم ويُقدِم على إحياء زيارة الأربعين من الزوار داخل أو من خارج العراق، ولكن ما هي النتيجة، إنها واضحة كل الوضوح فيما بلغه عدد الزوار بالسنوات الأخيرة، فلقت بلغت أعدادهم عشرات الملايين وسوف يستمر هذا العدد بالتصاعد عاماً بعد آخر، والسبب لا يحتاج إلى كبير عناء لاكتشافه، فقد حثّ أئمة أهل البيت عليهم السلام على مواصلة زيارة الإمام الحسين مهما بلغ الظلم والقمع والبطش والتعذيب.

جاء في بيان سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) بمناسبة الأربعين الحسيني:

(في أيّام بني أمية وبني العباس كان الزوّار المظلومون يتعرّضون لأنواع المخاطر وأصناف التعذيب والتنكيل وقطع الأيدي والأرجل وسمل العيون، والقتل، لكن ومع ذلك كان الأئمة المعصومون عليهم السلام ـ وهم أعدال القرآن الكريم ـ يشجّعون ويرغّبون عليه ويأمرون الناس بمواصلتها سنوياً وشهرياً واسبوعياً ويومياً ـ كما في متواتر الروايات الشريفة).

ولعل المثال الأقرب للعداوة المارقة التي يكنّها ويضمرها الطغاة والظالمين لزوار أبي عبد الله الحسين عليه السلام، ما تعرض له الزائرين القاصدين كربلاء المقدسة في أواخر القرن الماضي، فقد استنفر الطاغية قواته بكل صنوفها الضاربة كي يضرب الزوار كأنه دخل في حرب ضروس، وبالفعل هي حرب ضد الحسين عليه السلام وضد زواره، فليس هناك ما يدخل الرعب في قلوب الطغاة أكثر من ثائر كربلاء الأعظم عليه السلام.

يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله)، حول هذا الأمر:

(في أواخر القرن الماضي بلغت المظالم مبلغاً كبيراً، إذ قتلوا من زوّار الإمام الحسين عليه السلام بالمصفّحات والطيّارات عشرات الألوف من المشاة إلى كربلاء المقدّسة).

ولكن ما الذي قطفهُ الطغاة وأعداء الحسين عليه السلام، وما هي النتيجة؟ التي يجب أن يستوعبها جميع الحكام والطغاة، لقد ذهبوا إلى مزبلة التاريخ وضاعوا هباءً وبقي سيّد الشهداء صلوات الله عليه عالي الشأن شامخا عظيما ورمزا عالميا ينظر إليه العالم أجمع باعتزاز وإعجاب وشموخ، وهذا هو سر تدفق الزوار على مر التاريخ، فقد استلهموا الإصرار والمقاومة من نموذجهم الثائر الأعظم الحسين عليه السلام، مع تنوّع الزائرين سواء في الأعراق أو الانتماء، أو مستوى التعليم، ففيهم الكاسب وفيهم العالم والأكاديمي الكبير، وجمع كل الأعمار من كلا الجنسين، الرجال والنساء.

جاء في بيان سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله): (لكن الزوّار الكرام وفي مقدّمتهم الشعب العراقي المؤمن الصامد استمرّ متواصلاً مع مسيرة زيارة (الأربعين) الشجاعة والظافرة فتوافد الجميع بعشرات الملايين على كربلاء المقاومة مستلهمين من (سيّد الشهداء عليه السلام) الإباء والاستقامة والثبات رجالاً ونساءً، شباباً وشيباً، كباراً وصغاراً، وعلى شتى المستويات من العلماء الأعلام والأكاديميين، والموظّفين والتجّار والكسبة والعمال وهم ينادون بلسان واحد (لبيك ياحسين .. لبيك ياحسين) متّحدين جميعاً تحت الراية العالمية والخفّاقة للإمام الحسين عليه السلام).

زيارة الأربعين التجمع البشري الأكبر

ومما يُحسَب لهذه الشعيرة الخالدة أنها أنتجت وما زالت تنتج التجمع البشري الأكبر في العالم أجمع، فلم يذكر لنا التاريخ البعيد أو المنظور وحتى القريب عن تجمع بهذا الحجم حدث في دولة أو مدينة في عموم المعمورة، والميزة الأخرى أن هذا التجمع يضم في شعابه جميع الأديان والطوائف والقوميات من مشارق الأرض ومغاربها، مع ما يعنيه ذلك من تقارب وتماسك بشري عالمي يساعد على امتصاص موجات التطرف والاضطراب المتصاعد عالميا، فهذا التجمع البشري غير المسبوق يمكن استثماره للتعايش.

كما أشار سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) إلى ذلك بقوله:

(لم يسجّل التاريخ البشري ـ منذ العهد الأول وحتى اليوم ـ تجمّعاً بشرياً لعشرات الملايين في كل عام، يضمّ شتى المذاهب والأديان والشعوب والقوميات مثل هذه الشعيرة المقدّسة (الأربعين الحسيني عليه السلام) من جميع الجهات).

نظرا لهذه الأهمية البالغة للأربعين الحسيني المبارك، أهاب سماحة المرجع الشيرازي بكل ذي نفوذ وبجميع الحكومات الإسلامية وسواها أن يسهلوا كل العقبات التي يمكن أن تمنع الزائر عن أداء هذه الشعيرة العالمية المقدسة، وخصوصا تلك الوثائق الرسمية كالجواز والتأشيرة، وتوفير أسباب ووسائل الراحة حتى لا يكونوا ممن خذلوا الإمام الحسين عليه السلام، لأن من لم يزر كربلاء المقدسة ولا يحيي زيارة الأربعين سوف يعد من الخاذلين للإمام.

يؤكد ذلك سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله):

(أهيب بأصحاب النفوذ في الحكومات الإسلامية ـ وكذا غيرها ـ أن لا يقصّروا في ما يمكنهم من تأمين راحة الزوّار في الجواز والتأشيرة وغيرهما، كي لا يصنّفوا فيمن خذلوا الإمام الحسين عليه السلام).

وحري بالحكومات والأنظمة السياسية في عموم العالم، بالأخص الحكومات الإسلامية منها، أن تتعلم سيرة الحكم والإدارة السياسية وغيرها من حكومة الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله، وكيف كان يقود الدولة ويسوس الناس وفق مبادئ لو أن الحكومات التزمت بها لعاش العالم كله في نعيم، وكذلك الأمر مع حكومة الإمام علي عليه السلام التي انتفى فيها الجوع تماما، وتمت صيانة حق الرأي والمعارضة، والمحافظة على المال العام، وانتهاج العدل والمساواة والتعايش ورعاية المسؤول للناس جميعا بمسافة واحدة، وهكذا حكومة قائم أهل البيت الإمام الحجة المنتظر (عجل الله فرجه الشريف) الذي ينشر العدل في ربوع العالم أجمع، فما أحرى بحكومات العالم أن تتعلم من مدارس الحكم أعلاه لينعم العالم بالسلام والهدوء ورحاب العدل، والعيش الأكرم والحياة الأجمل والأفضل.

سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله) أكد على هذه الجنبة بقوله:

(لتتعلّم الحكومات والأنظمة في كل العالم وخصوصاً الحكومات الاسلامية ـ من رسول الله وأمير المؤمنين والمهدي الموعود (عجّل الله تعالى فرجه الشريف وصلوات الله عليهم) تلكم السيرة الإنسانية الفضيلة، لينعم الجميع، حكومات وشعوباً وعلى جميع الأصعدة وشتّى الأدوار، بأفضل حياة، وأكرم عيشة، وأحسن ما يمكن للبشر في الدنيا).